هل سينتهي العذاب
بداية أشكركم على جهودكم، أرجو من الله أن يضاعف أجوركم ويجزيكم عنا وعن المسلمين خير الجزاء، الدكتور الفاضل وائل أبو هندي؛ حقيقة لقد ترددت كثيرا جدا في كتابة مشكلتي إليك لأنني لم أكن أتخيل أن أتكلم في موضوع كهذا وهي في الحقيقة ليست مشكلتي الأصلية إنما موقف فعلته وأنا صغيرة يعذبني الآن عذابا شديدا ولا أستطيع أن أتكلم به لأحد فما وجدت بعد الله سواك لأنك لا تعرفني ولأنني أثق فيك كثيرا وأطمئن إلى نصحك الذي أرجو أن تتكرم به علي وأن تغدقني به لأخرج مما أنا فيه من عذاب فأنا أصلا مصابة بالاكتئاب وهذا الموقف زاد الطين بلة عندما كنت أقرأ في موقعكم عن التحرش وفي الأصل هي ثلاثة مواقف التي تؤرقني الآن لكن هناك أحدها هو أشد من البقية وسأبدؤها لك بالترتيب.
عندما كنت صغيرة ربما كان عمري سبع أو ثمان سنين تعرضت لتحرش بسيط من أحد الجيران حيث أعطاني نقودا ووضع يده على المكان الحساس هذا فقط ما تم وبعدها تقريبا بدأت أمارس العادة السرية. والموقف الثاني أنني وأنا صغيرة وكان عمري تقريبا تسع سنين ولست متأكدة حقيقة من العمر فربما أكثر بقليل أو أقل بقليل ربما عشر سنين.
لا أدري كيف فعلت ذلك ولا كيف فكرت في أمر كهذا الأمر الشنيع الفظيع الذي أرتعب عندما أتذكره ولم أكرر هذا الموقف أبدا ولا غيره مع أنني كنت أنا التي أتولى رعاية أخي وتغسيله وتغيير ملابسه والحمد لله أولا وآخرا أنني لم أكرر ولم أقم بأي شيء بل على العكس كنت دائما أعلمه أمور الدين وأهتم بدراسته.
أنا خائفة جدا يا دكتور وائل خائفة مما فعلت وخائفة من أن يتذكر أخي شيئا لم أعد أستطيع النوم ولا حتى الأكل انعدمت شهيتي بشكل لا تتصوره لم أعد أقوى حتى على مجرد الابتسامة أشعر أن عقلي سيطير كرهت نفسي كرهت كل شيء تضاعفت حالة الاكتئاب لدي لدرجة كبيرة حتى وإن حاولت أن أهدئ نفسي بأن هناك من اقترف ما هو أكبر وأشد لكنني لا أقتنع أبدا أرى أنني أفضل منهم وأنني يجب أن لا أرتكب ما ارتكبوا من حماقات، أريد أن أكون مترفعة عن هذه الأشياء، أريد أن أكون طاهرة لا تشوبني من هذه الأمور شائبة أصبحت أرى نفسي حقيرة وقعت فيما لم يقع فيه إلا الحقراء.
لذلك أنا في عذاب دائم.. دكتور وائل ماذا أفعل ماذا أصنع هل انتهيت ماذا سأفعل إذا تذكر أخي شيئا سأنتهي عندها ربما أقتل نفسي فأنا الملتزمة المعروفة بالدعوة والالتزام، أرجوك يا دكتور وائل ساعدني.
وأما الموقف الأخير وهو الذي أتأرجح بين الخوف منه والخوف من الموقف السابق أنني عند ممارستي للاسترجاز خفت من أن أكون قد فقدت عذريتي فقمت وقمت بفحصها وكان عمري حينها خمسة عشر عاما رغم أنني لا أفهم في هذه الأمور قمت بهذا التصرف والآن كلما أتذكر ذلك أخاف خوفا شديدا وتنتابني نفس الأعراض السابقة، أخاف من أن يحدث لها عقدة، أخاف من أن تتذكر، أخاف من أن تظن بي شيئا رغم عدم وجود أي نية أخرى مطلقا فبالي مشغول بعذريتي والتأكد منها. هذه هي المواقف التي ما زالت تكويني بنارها ماذا أصنع؟
أنا الآن أريد أن أقوم بعلاج الاكتئاب لكن ليس قبل أن أهدأ من هذه المخاوف التي لا أدري إن كانت وسواسا قهريا والتي أشعر بأعراضه بعض الأحيان لكنني كذلك أشعر أنها مزيج من الوسواس القهري والاكتئاب وسواء كان هذا أو ذاك فأنا أريد أن أطمئن فيما اقترفته، أرجو أن تفهمني لأنني لا أدري ما الذي سيطمئنني لذلك لجأت إليك يا دكتور وائل وكلي ثقة أن تكون لي نعم المعين فأنا لا أستطيع أن أحكي لأحد أبدا ما ذكرته لك فأرجوا أن لا تبخل علي بنصحك وإرشادك مع العلم أنني متزوجة الآن وعلاقتي بأخي عادية جدا ورائعة لكن الخوف ما زال مسيطر علي من أن يتذكر شيئا، أريد الأمان والاطمئنان الذي أتمنى أن أجده لديك ولن أنساك من الدعاء بإذن الله.
أرجو وبشدة حذف كل ما بين القوسين وأعتذر عن إرسالي الرسالة من هذه الصفحة غير المخصصة لإرسال المشاكل ولكن ما عدت أحتمل الصبر فأرجو قبول اعتذاري والتكرم بالإجابة علي
وجزاكم الله كل خير.
8/6/2004
وبعد قليل في نفس اليوم أرسلت صاحبة هذه المشكلة الاستدراك التالي:
هل سينتهي العذاب توضيح
أنا أرسلت إليكم مشكلتي والتي بعنوان (هل سينتهي العذاب) لكن فاتني توضيح وهو ربما لا يتضح من خلال الرسالة الأولى ممن أخاف التذكر هل من أخي الصغير أم من أخي الذي ظهر علينا وهو أنني أخاف من أن يتذكر أخي الصغير ما قمت به ولا أخاف من أن يتذكر ذلك أخي الذي ظهر علينا لأنه كان مشغولا بحديثه مع أحد الأشخاص الذي كانوا معه ولم ينتبه لكنني أخاف من أن يتذكر أخي الصغير ذلك
أرجو أن أكون قد وضحت ما أريد مع اعتذاري مرة أخرى على الإرسال من هذه الصفحة
مع تكرار طلبي بإخفاء بياناتي وما بين القوسين.
8/6/2004
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ وأبدأ بشكرك على دعائك لنا ولك مثله إن شاء الله، وأهلا بك معنا على موقعنا وبين قلوبنا، وأنا متأكدة أن الدكتور وائل بقلبه الكبير سيسامحك على إرسالك الرسالة مما يسميه البوابة الخلفية للموقع.
أختي في الله أعتقد أنك تتبعين طرقا غير صحيحة في التفكير نتج عنها أنك أصبحت ضحية لمجموعة من الأفكار التي تسمى أفكار لا منطقية أو غير عقلانية، وهي المسئولة عما تعانينه من قلق يزيد في اكتئابك.
بداية أود أن أسألك هل كنت قبل قراءتك لموضوع التحرش الجنسي تفكرين في هذه الأحداث التي ذكرتها في رسالتك، أم أنك تذكرتها وسيطرت على تفكيرك بعد قراءة الموضوع؟؟؟؟
تخافين أن يتذكر أخوك الصغير شيئا لم يحدث فعلا كما ذكرت، فهل هذا خوف مقبول ومنطقي؟؟
نعم أنت فكرت في فعل شيء ولكن لم يحدث بالفعل حيث سبق لطف الله، وإذا كان من نخافه جل جلاله لا يحاسبنا على ما توسوس به أو تحدثنا فيه نفوسنا أو نفكر في عمله من سيئات ما لم يتحول إلى عمل فعلي، كيف تجدين أن من المنطقي ألا تسامحي نفسك!!!
وذكرت أنك كنت معتادة على العناية بجسد أخيك الصغير من غسيل وغيار وما شابه فإذا تذكر فلن يتذكر نيتك فهو لا يعرفها بل سيدخل ضمن ذكرياته عن عنايتك به، وينطبق هذا على تفكير أخيك الأكبر الذي كان من المنطقي أن تقلقي من شكه في سلوكك، ولكن حتى هو لم يستوقفه ما رأى بحكم تعوده على عنايتك بأخيك الأصغر. ثم أنت نفسك لم تكوني سوى طفلة وإن أكبر قليلا وبالتالي فأنت غير مسئولة عما يصدر منك من أفعال لا تنسجم وتفكيرك الحالي الملتزم والمتدين والذي يوافقني بكل تأكيد بأنك كنت دون سن التكليف، فاهدئي قليلا كي يمكنك التفكير بوضوح والتركيز على ما هو مهم بدل الوقوع فريسة لقلق غير مبرر.
ذكرت أنك كنت نفسك ضحية لموقف تحرش ولكن لم يترك أثرا واضحا في نفسيتك ولعل السبب أنه لم يتم بطريقة عنيفة ولم يتكرر، وهكذا سنفكر ونحلل الموقف مع قريبتك، فهل استخدمت معها الإقناع والحيلة أم أنك كنت شديدة وقاسية حين أجريت الكشف عليها؟؟؟
إذا حدث ما حدث بالإقناع على أنه لعبة أو ما شابه، أو تم بموافقتها (كما حدث معك) ولم تكرريه سوى مرة كما ذكرت فعلى الأغلب أن قريبتك لن تتذكر ما حدث ففي سن الخامسة لا تكون الذكراة طويلة المدى (المسئولة عن تذكر الأحداث البعيدة) نشيطة تماما فهي تبدأ حول هذا الوقت قبله أو بعده بقليل، وهكذا قد لا تتذكر ما حدث (وهو ما ندعو به).
لم تذكري شيئا عن طبيعة علاقتك بهذه الفتاة حين نضجت؟؟
انظري إلى علاقتك بها فإن كانت جيدة فهي لا تتذكر على الأغلب وإن كانت سيئة يأتي دورك للتكفير عن فعلك، فأنت حينها كنت بالغة عاقلة مكلفة، وطبعا لا أعني أن تفاتيحها في الموضوع مباشرة أبدا، ولكن عليك كجزء من تكفيرك عن ذنبك والتأكيد على توبتك أن تعملي بعض الشيء على نشر الوعي عن التحرش الجنسي بالأطفال بين أقاربك ومعارفك (وأنا جادة في هذا وذلك من باب نقل العلم والمعرفة والذي يندرج تحت باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فإذا كانت تذكر ستفهم ما حدث وتسامحك عليه وإن لم تذكر ستكونين ذهبت بأجر تعليمها شيئا ينفعها وأولادها بإذن الله.
ونأتي إلى الحاضر وهو الأهم وهو أنت، كيف عرفت أنك تعانين من اكتئاب؟ هل من خلال متابعتك ما يكتب على الصفحات النفسية أم أن هذا تشخيص طبيب نفسي ذهبت إليه؟؟
عزيزتي؛ أرجوك والآخرين ألا تنقصوا من أجر القائمين على نشر الثقافة النفسية بيننا كمجتمعات مغلقة ورافضة لمفهوم المرض والاضطراب النفسي فتجعلون من كتاباتهم مادة تفسد عليكم حياتكم، فتقومون بتبني الأعراض والأمراض التي تقرؤون عنها، لا يعاني الجميع من الوساوس القهرية مهما كتب عنها، وأنا أعتقد أنك تعانين من زيادة الشعور بالذنب بسبب إتباعك أحد أساليب التفكير غير الصحيحة والتي تسمى الحتمية وهي تظهر من خلال قولك" إذا تذكر أخي شيئا سأنتهي عندها"!!
ما الذي يفرض ويؤكد حتمية انتهائك إذا تذكر أخوك؟؟ فقط طريقة تفكيرك فالواقع يقول في أسوأ الحالات إذا تذكر ولامك " لما لم يحدث فعلا" ستقولين أنك كنت طفلة غير مسئولة وغير مكلفة وينتهي الموقف بهذه البساطة.
دور الثقافة النفسية أن توجهنا لما نحن غافلون عنه، وفي حال أثارت شكوكنا علينا أن نقطع الشك باليقين وذلك بالذهاب إلى الطبيب النفسي والذي وحده هو القادر على تشخيص ما نعاني منه ويكون هذا التشخيص دقيقا ومفيدا حيث يوصف بعده الدواء.
كما لديك فكرة غير منطقية أعتقد أنها تحمل المسئولية الأكبر عما تعانينه وهي "أرى أنني أفضل منهم وأنني يجب أن لا أرتكب ما ارتكبوا من حماقات أريد أن أكون مترفعة عن هذه الأشياء أريد أن أكون طاهرة لا تشوبني من هذه الأمور شائبة"
على أي أساس بنيت هذه الفكرة؟ ومن أعطاك هذه الدرجة المترفعة والمتميزة عن باقي البشر؟؟ أختي في الله كلنا بشر يصيب ويخطئ, فلسنا معصومين ولا أنبياء وحتى هؤلاء يروى عنهم وقوعهم في بعض الأخطاء البسيطة كي يعلمونا كيف يكون الاستغفار والتوبة من الذنب. وتقولين"هذه ليست مشكلتي الأصلية" فما هي يا ترى مشكلتك الأصلية؟؟؟ ولمَ لا تركزين عليها وتعملين على حلها بدل الانشغال في حبكات جانبية في الحياة (مثل ذكرياتك)؟؟؟
تمنيت لو أنك ذكرت شيئا عنها، وأعتقد أن السبب الأساسي وراء قلقك من هذه الأحداث هو إنكار وتجنب مشكلتك الحقيقة الحالية، وسيكون من الأجدى أن نوجه جهودنا ووجودنا معا في العمل على حلها، وأحيانا يكون مجرد كشف مخاوفنا كافيا لطردها والتخلص منها حين يكشفها نور المعرفة. وإذا لم تذهبي للمختص النفسي على الأقل ابقي قريبة منا.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وشكرا على ثقتك وعلى إطرائك، الحقيقة أنني لا إضافة لدي على ما قالته الأخت المستشارة الدكتورة حنان طقش، غير أنني أرى أن طريقتك في التفكير التي لمحتها مجيبتك هي مثالٌ جيدٌ على ما نسميه بالتفكير السحري عند الموسوسين، فأنت خائفة من أن يتذكرَ أخوك الصغير ما لم يحدثْ أصلا إلا في نيتك أنت ساعتها لكنه لم يكتمل في عالم الأحداث.
وفي ذلك ما يذكرني بالموسوس الذي يخاف من أن يحمل بنت أخته مثلا لكي لا يؤذيها جنسيا أو الذي يخاف من أن يكونَ قد دهس أحدا بسيارته بالأمس رغم أنه لم يركبها من أسبوع وهكذا....، وفي غياب أي معلومات منك عن مشكلتك الأصلية فإنني أجد احتمال أن تكوني بالفعل موسوسة ممكنا، وأحيلك بعد ذلك إلى عددٍ من الروابط التي قد تفيدك من على استشارات مجانين فانقري العناوين التالية:
كرات الزئبق والوسواس
الوسواس القهري والاكتئاب
الاعتداءُ على الوسادة، والسحاق والاسترجاز!
وسواس مجانين! متابعة لمشكلة ما!
الوسواس القهري في الأفكار، علاج / معرفي!
نتاج التحرشات القديمة: أيُّ وسواس؟
أعتقد أنه وسواس قهري؟!: جائز جدا!
وسواس واكتئاب شديد وعلاج الشيخ لا يفيد!
الخوف والوسواس أبناء القلق
لعبة الأسرة: عروس وعريس على الطريقة الخليجية!
وأتمنى أن تبادري بإرسال مشكلتك الأصلية لنا من خلال الطريق الطبيعي لإرسال المشكلات، وإن شاء الله سنقدم لك كل عون ممكن، وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين.