أهاب نزع القناع
تحيّة طيبة وجليلة إلى جميع القراء وإلى الدكاترة الفضلاء... وبعد...
أراني وكأنني ذو شَمُوخٌ بل أشبه قائدا منفيا من بلده... أجدني وكأن لا مكان لي في هذه الحياة سوى الجلوس على العرش أو أقود جيوشاً أو حتى أرعى الأمم من الجاه في جناحي... نعم كل من القراء يستطيع أن يرسم من تلك المقولة ما يصدّقه ويتجاهل القلب الطيب. مع بداية الذات وما تتخللها من مراحل قوانين الضمير من الحب والعطف والمسامحة والمساعدة... هكذا أنا نشأت وعلى هذا المنوال قد كانت تربيتي... لا أريد أن أجنح إلى الجانب الأقسى من حياتي ولكن ربما أعود إليه في القريب العاجل....
أتنقّل بين الأشخاص، وما يدعى بالمظاهر يتجسّد بي إلى حد أقصى حتى أن من يراني أو يسمعني للوهلة الأولى أصبح بين مرآه وعلى مسمعه إنسان يقال عني (ليتني أتملّك صحبته)... لدى دخولي في فرد من المجتمع أتعامل معه على جميع الأنسقة والمحاور التي تتناور بين جميع الشئون من الاحترام إلى النقد إلى التسلّط إلى التفهّم للانتهاء بكلمة "إنشاء لله خير" ودائما ما يتصاحب مع هذه الكلمة "وعد" لربما لقاء آخر أو تقديم معونة أو بمعنى يقين "تمتين العلاقة" ولكن ما يخفى مع تلك الكلمة هو رفضي لهذا إذ لا أتشوّق كثيراً لمصاحبة من يقلّ مستواهم بنظري الخاص...
وأنا أصر وأوافق كل ادعاءاتي, إذ ذلك الجيل الصاعد أصبح اليوم يباح به وله جميع المرادفات وكأنه لا قانون ولا أعراف ولا شريعة تربطهم بالعالم سوى أنفسهم، ولكن إن بعدَ الإنسانُ عن نفسه ينجح، ومهما قرب منها فإن النفس ستقود إلى هلاكه...
المشكلة بحدّ ذاتها هي إنني لا أملك شخصيّتي حتىّ أنني لم أدركها يوماً، وكلما وقفت لأختار منهم شخصيّتي لا أرى إلا تلك الشخصيّة اللطيفة المحبّة والمتسامحة فيتسلّط الضوء عليها بوسط المجتمع السائد اليوم بأن أصبح مذلولا وكأن الكل ذئاب يريدون منك أكبر قطعة من اللحم... ولذلك أخفي زوايا تلك الشخصيّة بالنظرة الجديّة والكلام العميق، مع الإشارة إلى أنني ذو قوة في الإقناع ودائما ما أستخدمها لمطامعي ومصالحي وحتى أنني أحيانا أحاول أن أستخدمها لأقلب خطئي ليصبح خطأ الإنسان الذي أنا أخطأت بحقه...
أكره تلك الشخصيات التي أتمثل بها... فأنا أشعر عندما أبتدع تلك الشخصيات بأنني وحيد محتاج, وتجعلني تلك الشخصيات أخسر أشياء كثيرة مهمّة.. لأن بمعظم الشخصيات أكون غير محتاج إلى حاجة ما... ولا أستطيع نزع ذلك القناع خوفا من ذلك العالم إذ ستصبح الشفقة خلفي والضحك خلف مسامعي، فالإنسان الجيّد يصبح سيئا والسيئ يصبح جيّدا..
ما أريده أو أحتاجه هو ربط تلك الشخصيات ببعضها بحيث لا تصبح أي شخصيّة قناعا لي أخفي وراءه شخصيّتي... كيف لي أن أربط تلك الشخصيات مع بعضها البعض لأصبح على شخصي وذاتي وكياني ووجداني...
وشكرا جزيلا لتخصيصكم لي من وقتكم...
أرجو الرد على الاستشارة من د. وائل أبو هندي المحترم .
2004/6/9
رد المستشار
الأخ العزيز؛ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته: هذا ردنا على تحيتك الطيبة وإطرائك المُهَذب، وتحية الإسلام أطيبُ من كل تحية، حين يبدأ بها النص الإليكتروني مثلما حين يستخدمها الناس فيما بينهم أهلا وسهلا بك يا أخي على مجانين، حللتَ أهلا ونزلت سهلا..... وبعد
نتمنى أن نكونَ قد وفيناك حقك من الترحيب، وأنت داخلٌ علينا دخلة الشاعر المفوه لكنك ينكسر من الوزن دون إكمال بيت أو حتى سطرٍ شعري، ما علينا، لكنك رغم ذلك تستمرُّ شاعر المشاعر كما توحي بذلك كلماتك، وإن صدمنا تعاليك وتكبرك الذي لم تتضح لنا بعد أسبابه ودواعيه وكأنك تقول: "يا أرض انهدي ما عليك قدي" مثلما يقول المثل العامي المصري، أسباب ذلك لا ندريها، إلا نظرياتٍ لكن العلم لله.
فقد تكونُ لظروف تشكل الذات لديك علاقة بالموضوع أشرت إليها بقولك: (لا أريد أن أجنح إلى الجانب الأقسى من حياتي ولكن لربما أعود إليه في القريب العاجل...)، المهم أن هذا أحد آليات التفسير التي قد نلجأ إليها يوما معك، إذا شاء الله أن نتابع الحوار حول حالتك لفترة كافية وبعد مزيد من المعلومات الواضحة.
إلا أن الذي لا جدال فيه أن الغرور والكبر صفتان قويتان في شخصيتك وغالبا واصلتان إلى حد السمات، وهي السمات التي نسميها بالسمات الزورانية "Paranoid Personality Traits" وبعيدًا عن ما يتوجب على المسلم فعله في مثل هذه الحالات وأظنك تعرف ما هو علاج الكبر؟، والغرور والتعالي على الناس، ولا تنسى أن من تواضع لله رفعه!
بعيدًا عن ذلك أقول لك أن ما تعاني منه من أفكار وسلوكيات لا نستطيع اعتبار ظهور أي منها عليك بمثابة الشخصية فصحيح أنها انعكاس لسمات الشخصية لكنها ليست شخصية كاملة، وإذا أردت أن تعرف معنى تعدد الشخصيات يمكنك أن تقرأ: تعدد الشخصية: أرجوك افهمني، ولكن الانطباع الذي تخلفه قراءة نصك الإليكتروني يا أخي الفاضل إنما يأخذنا في اتجاه آخر هو اتجاه: الشخصية الزورانية أو البارانوية Paranoid Personality، وهو اضطراب شخصية يتميز بالتالي:
-1- حساسية مفرطة تجاه الهزائم أو الرفض من الآخرين، وهو ما يتبدى واضحا من قولك: (ولا أستطيع نزع ذلك القناع خوفا من ذلك العالم إذ ستصبح الشفقة خلفي والضحك خلف مسامعي فالإنسان الجيّد يصبح سيئا والسيئ يصبح جيّدا..)
-2-عدم القدرة على غفران الإهانات والتجريح، وميلٌ نحو حمل الضغائن بشكل مستمر، وأنت لم تشر لنا إلى أي تفاصيل بهذا الخصوص وإن ألمحت بالإشارة إلى الجانب الأقسى في حياتك.
-3- تشككية وميل عام لتشويه الخبرات من خلال سوء تفسير الأفعال المحايدة أو الودودة للآخرين على أنها عدوان أو ازدراء، ويبدو أنك خائف من العلاقات مع الناس إلى حد أنك لم تختبر ذلك.
-4- إحساس قتالي ومتشبث بالحقوق الشخصية بما لا يتناسب مع الموقف الفعلي.
-5- قابلية عالية للغيرة المرضية.
-6- ميل إلى الإحساس بأهمية ذاتية مفرطة تتضح في التفسير المستمر للأشياء من خلال الذات، ولعل هذا واضح بما لا يدع مجالا للشك في كلماتك.
-7- الانشغال بالتفسيرات التآمرية غير المدعومة للأحداث التي تقع من حول الفرد أو للأحداث التي تقع في العالم بشكل عام، ولم تقدم لنا أنت ما يوضح ذلك في إفادتك.
لا أستطيع بالطبع أن أقول أنك تعاني من هذا الاضطراب لأن تشخيص اضطراب شخصية أمرٌ في منتهى الصعوبة ولو من خلال المقابلة النفسية المباشرة، فما بالك بالتأمل في نص إليكتروني، المهم أن لديك سمات في شخصيتك تأخذك في اتجاه الموقف الزوراني من الأشياء، والموقف الزوراني يعني شيئين متداخلين أحدهما هو الشعور بالفوقية والعظمة Grandiosity والآخر هو الشعور بالاضطهاد Persecution من الآخرين أو الخوف من ذلك الاضطهاد، وغالبا ما يكونُ تفسير الاضطهاد الذي يشتكي منه المريض هو محاولة الآخرين الحد من نجاحه أو تميزه أو تفوقه، وقد تكونُ مصابا باضطراب أعمق أو أخطر في نطاق الاضطرابات الزورانية Paranoid Disorders، والفيصل في ذلك بالطبع هو رأي الطبيب النفسي الذي يجري معك مقابلةً مباشرة أو أكثر.
وأنصحك أن تقرأ ما تجده على الروابط التالية لمشكلات سابقة على موقعنا مجانين:
الـزَّوَرُ (البارانويا) أنواع ، فأيّ الأنواع أنت ؟
وسواس أن المقصود أنا : وهام أم فكرةٌ مبالغٌ فيها ؟
اكتئاب أم فصام وهل هناك احتمالات بارانويا؟
الغيرة : منك تجاههم أم منهم تجاهك ؟
"الكبرياء...يقطع العلاقات"
ولكن المهم هو أن ذكاءك الذي يتضح من خلال أسلوبك وأيضًا من خلال ما تحكيه من قدرة على اكتساب ألباب وقلوب الناس، هذا الذكاء قد عصمك من الاصطدام بالآخرين في حدود ما قدمت لنا من معلومات، وأصبحت إقامة علاقة معك كما تقول هي مطمعُ ومطمح كثيرين، إلا أن ذلك الذكاء لم يستطع التقليل من معاناتك على المستوى الشخصي النفسي فأنت تشعر بأنك مختلف عن ما لا تستطيع إبداء غيره، وخوفك سببه بالطبع منطقي بالنسبة لك لكنه ليس كذلك بالنسبة للآخرين.
وأما كيف تكونُ نفسك وكيف تتصرف بين الناس بما يتوافق مع مشاعرك الحقيقية فإن الأمر سيحتاج منك إلى شوطٍ طويل من العلاج النفسي مع طبيب نفسي متخصص ولا أستطيع أن أخمن نوعية العلاج الذي قد تحتاجه لأن الفيصل في ذلك هو رأي الطبيب النفسي الذي يقابلك وجها لوجه ويسمعك وتسمعه، وأرجو ألا يكونَ ردي هذا صادما بالنسبة لك، فأنا أتعامل مع سطور إليكترونية قد لا تعبر عنك حقيقة.
وأهلا بك دائما على مجانين فتابعنا بالتطورات.
التعليق: غذي جنونك , هو مصدر القوة وهو الخلاص ’ لا تبحث عن علاج فتقفد عظمتك , البشر دون وأنت المصطفى ..
سأتفقد الموضوع يوميا لمدة عشرة أيام .. اترك لي وسيلة اتصال سأجعل منك مالم تطمح أبدا أن تكونه .. لأنك تستحق. b24b24