وسواس الكفر البشع يطاردني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
أنا فتاة متدينة أبلغ من العمر خمسة وعشرون عاما لي عشر سنوات تقريبا مواظبة على الصلاة كما أني ختمت القرآن سبع مرات في السنة الماضية وأنا حقا ملتزمة جدا. رأيت مرة فيديو عن نهاية الملحدين والكفار فأصبت بالرعب وأصبحت تأتيتني أفكار بشعة عن الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا في صورة سب وخيالات لا تمت للواقع بصلة.
أنا أكره تلك الوساوس وأقرف منها ومن نفسي حتى أني أمضي الساعات في البكاء وأعاقب نفسي بعدم الأكل أو النوم أو الضحك لأنها تأتيني فكرة أني إذا أكلت أو نمت أو قمت بأعمالي العادية فإني راضية بتلك الأفكار البشعة. ذهبت إلى طبيب نفساني وقال لي أنني أعاني من مرض الوسواس القهري ثم ذهبت إلى راقي فقال لي أني أعاني من مس.
لا أدري ماذا أفعل حقا لقد تعبت كثيرا من هذه الأفكار وزاد من تعبي إذا أتتني أثناء الصلاة أو القراءة أرجو المساعدة
وشكرا لكم
16/2/2016
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته أخت "ندى"
نعم، ما تعانين منه هو الوسواس القهري، ولم تذكري، هل وقفت عند معرفة الحالة فقط، أم بدأت بعلاج دوائي أو سلوكي؟ وبغض النظر هل الراقي الذي أخبرك بوجود المسّ صادق أم لا، إلا أنه لا تعارض بين الوسواس والمس في العلاجات، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستعاذة عند ورود وساوس الكفر، وهناك أدعية من القرآن والسنة لعلاج الوسواس أيضًا، وإياك أن تقرئي شيئًا لا تفهمين معناه، أو تتعالجي عند من لا يوثق بدينه وتقواه.
هناك خطوات لحل مشكلتك:
1- المتابعة مع طبيب تثقين فيه.
2- قراءة الأدعية الموجودة في مقال: منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري11.
3- العلم بأن ما يأتيك من أفكار خارجة عن إرادتك ولست مسؤولة عنها، فهي من الشيطان من جهة، ومرض من جهة أخرى، روي عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يأتي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ». [البخاري: بدء الخلق/باب صفة إبليس وجنوده، مسلم: الإيمان/باب بيان الوسوسة في الإيمان]. وطالما أنها تأتي إلى ذهنك دون اختيار فلا يكلف الله ولا يؤاخذ نفسًا إلا بما يدخل في وسعها.
4- اليقين بأن ما تشعرين به من كره هذه الأفكار دليل على خلوص إيمانك وقوته. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ»)). [مسلم: الإيمان/باب بيان الوسوسة في الإيمان]
5- تطبيق قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولْينته))، وإيقاف التفكير بمضمون الفكرة الوسواسية، وعدم الاسترسال فيها.221925
6- لا علاقة لك بهذه الأفكار لا من قريب ولا بعيد، ولست بمذنبة إن أحسست بها في ذهنك، فلا شيء يدعو للحزن والهم، وعقاب النفس بالامتناع عن الأكل والشرب والنوم...، حزنك هذا يفرح الشيطان ويضعفك أمامه. عيشي حياتك كأيّ مسلم حريص على ما ينفعه في دينه ودنياه. وإن حدثتك نفسك ألا تأكلي أحضري أحب الأكلات إلى قلبك وكليها، وإن حدثتك ألا تضحكي، اقرئي أو شاهدي ما يضحك... هذا أمر مهم فلا تتساهلي فيه.
وليس من المشروع أصلًا عقاب النفس عند اقتراف الذنوب، وإنما الذي شرعه الله لنا: الاستغفار والتوبة، وفعل الحسنات والطاعات. فلو فرضنا أن شخصًا ما نظر أو استمع إلى محرم، فليس عليه إلا أن يندم على فعلته، ويعزم على ألا يعود إلى هذا الفعل مرة أخرى، ويسارع إلى طاعة كصدقة، أو صلاة، أو صلة رحم، وغير ذلك من الطاعات..، قال صلى الله عليه وسلم: ((وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا))، أما الإضرار بالنفس فأمر محرم نهى الله تعالى عنه.
7- حبذا لو تقرئين برامج العلاج الذاتي للوسواس القهري الموجودة في الموقع كالتي كتبها د.محمد شريف سالم، وكذلك انظري في مقالات منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري.
ابدئي بعون الله تطبيق هذه الخطوات، وطمئنينا عن النتائج بعد شهر من الالتزام التام بها، عافاك الله وأثابك.