اكتئاب
منذ 8 سنوات أصبت بالاكتئاب. في فترة امتحانات الثانوية العامة تذكرت موقف حدث لي منذ أن كنت طفل صغير حوالي 6 سنوات موقف تحرش باليد من أحد الجيران وأنا ذكر.
ظل الموقف يتكرر أمام عيني ولا أستطيع نسيانه حتى أصبت بالاكتئاب وسط الضغط العصبي للامتحانات، كادت عيني تنفجر من البكاء وكاد صدري يتكسر من شدة الضيق والحزن والانكسار، ظللت على هذا لمدة أيام أدعو الله أن يفرج عني حتى هدأت قليلا، ولكن تدهورت حالتي في الدراسة حتى سنوات الجامعة نسيت موقف التحرش ولكن ظلت أعراض الاكتئاب موجودة سنوات طويلة وأنا أتعالج منها.
ذهبت لطبيب نفسي وأخذت علاج دوائي واستخدمت العلاج السلوكي حتى تحسنت إلى حد ما ولكن خلال الـ 8 سنوات الماضية تذكرت هذا الموقف الأليم حوالي 3 مرات وسؤالي لحضراتكم هو:
أني الآن عاد لي هذا الموقف يتكرر أمام عيني وكأنه حدث بالأمس لا أستطيع نسيانه ولا أستطيع المقاومة، أشعر بمشاعر الانكسار أمام نفسي، الفكرة تفسد علي كل لحظة سعيدة
أصبحت شارد الذهن طول النهار، أريد أن أبكي بكاءا شديدا، لا أجد وسيلة للتخلص من هذه الأفكار إلا النوم (أمارس الرياضة وأشترك في دورات وأمارس بعض الهوايات وأقرأ بعض الكتب... ولكن أثناء ممارستي لهذه الهوايات يأتيني موقف التحرش يمر على عقلي سريعا سرعة البرق فيصيبني بالإحباط الشديد والإحساس بالانكسار وضعف الثقة في النفس بعد أن كنت متحمسا ليفسد علي كل لحظة سعيدة)
حتى أني أظن أن عقلي يتخذ حيلة دفاعية عن طريق ضعف التركيز وبالتالي انعدام للمشاعر والحاجة للنوم كثيرا والبقاء ساكنا كأني في غيبوبة.............. أنا مكسور قدام نفسي
بحث كثيرا على النت لأجد طريقة للتخلص من هذه الفكرة وللأسف لم أجد، وأطلب من حضراتكم مساعدتي للتخلص من تذكر هذا الموقف.
ورجاء أرجو سرعة الرد لأني لا حيلة لي إلا أن أدعو الله الشفاء وأجلس منتظرا ردكم
وشكرا
31/3/2016
رد المستشار
ولدي، أنت في دوامة منذ ثمان سنوات؛ لأنك لم تسأل نفسك السؤال الأهم؛ فأنت فجأة تذكرت وقت ضغوط الامتحانات موقفا كان غائبا عن السطح لتتعطل!، وكلما تنفست ووجدت نفسك تتقدم للأمام تتذكره فتتعطل وتظل في حالة ألم وتوهة وكأنك مضروبا على رأسك!، فأنت تحتاج للإجابة على عدة أسئلة بصدق وقرب شديد من نفسك مثل:
هل هناك شخص، -أشخاص،- أو أمر يجعلك خائفا من المستقبل فتذهب لتجربة التحرش بلا وعي منك لتتعطل؟؟،
هل يريحك وضع الاكتئاب بألمه، وتخفيف التركيز الناتج عنه، عن رؤية حقيقة ما وراء ذلك؟، هل أعاني دون أن أهتم لمعاناة عميقة بداخلي وأظهر للسطح معاناة أقل فأختار ألم أخف من ألم دون أن أدري؟؛
أنا أعي تماما أن التحرش تجربة سيئة جدا على المستوى النفسي ولها أثار نفسية موجعة كفقدان الثقة بالنفس، والشعور بالقهر والمذلة، وإحساس الذنب، والحنق والغيظ والرغبة في الانتقام،الخ، ولكن تجربة التحرش يختلف أثرها باختلاف أمور كثيرة جدا منها: طبيعة التكوين النفسي للشخص الذي تعرض للتحرش، المناخ من حوله، صدق العلاقات القريبة منه، نوع، وشكل التحرش وتكراره، طريقة التحرش ومدته، الخ، وأنت لم تذكر شيئا عن هذا كله على الإطلاق، ربما لعدم إدراكك لقيمته، أو لأن تجربة تحرشك هذه هي مجرد الستارة التي ظهرت وورائها ما هو أهم بكثير وأنت لا ترغب عن وعي، أو بدون وعي في معرفته ومواجهته والتعامل معه،
وكأني أريد أن أقول لك: أن التحرش، والاكتئاب الذي تعاني منه هما عرض لحقيقة مشكلة أهم لديك تخفيها عن ناظريك بوعي، أو بدون وعي، قد تكون المشكلة هي "وجودك الحقيقي"، قد تكون في "مشاعرك التي قررت لسبب غائب عنك الآن أن توقف وجودها وتحتاج للبحث عنه"، قد تكون "إساءات أخرى نفسية حدثت لك في تربيتك عن جهل تربوي من والديك كالإهمال، أو القسوة، أو غيرها مسجون فيها"،- إيه اللي كسرك غير ده والتحرش هو بس الظاهر -فابحث لماذا تعطل نفسك بنفسك دون أن تدافع عن كلامي هذا، ودون أن ترفضه، فقط اسمح لنفسك أن تناقشه بصدق مع نفسك، لتكتشف ما وراء الستار،
وحافظ على متابعتك مع طبيبك دوائيا ومعرفيا وسلوكيا بجانب ما قلته لك وناقش معه ذلك، لعلك تجد بمساعدته أنك تحتاج لقبول ما حدث لك من تحرش قبولا بلا استسلام وتكيف، ولا هروب ولا شجار،فقط قبول أن هذا حدث وما حدث كان لك وأنت هناك في السادسة من عمرك وتراه وتقيمه الآن وأنت في العشرينات حتى تتحرر من حصر مشاعرك، ونفسك في تلك التجربة بسن السادسة وأنت في العشرين ولكن تحت إشرافه.... دمت بخير.
ويتبع >>>>>: الستارة م