الستارة
اكتئاب
لو سمحتم كنت قد أرسلت إليكم استشارة من قبل ولم يتم الرد علي. أنا في أمس الحاجة لسماع رأيكم، واستشارتي كانت بخصوص الاكتئاب، حيث كنت في امتحانات الثانوية العامة وأثناء الضغط العصبي تذكرت موقفا حدث لي وأنا صغير وكان عندي حوالي 6 سنوات موقف تحرش من أحد الجيران جردني من ملابسي وأدخل أصابعه بي. عذرا على الوصف.
ظل الموقف يتكرر أمامي طوال الوقت لا أستطيع نسيانه ومع الضغط العصبي أثناء الامتحانات أصبت بالاكتئاب وضاق صدري وكاد ينفجر من شدة الضيق وكادت عيني تنفجر من شدة البكاء. تأثرت نتيجتي في الامتحانات وتناسيت الموقف ولكن ظل الاكتئاب يلازمني طوال حياتي حتى الآن لمدة 8 سنوات.
تابعت مع طبيب نفسي واستخدمت العلاج السلوكي حتى تحسنت حالتي، ولكن الآن عاد لي تذكر ما حدث لي وأنا صغير يتكرر أمام عيني لا أستطيع النسيان حتى زاد علي الاكتئاب.
أنا في عذاب الموقف يتكرر أمامي كل لحظة وكأنه حدث بالأمس. ضعف تركيزي وذاكرتي ونشاطي وانعدمت الشهية، مع العلم أني أمارس الرياضة وبعض الهوايات.
تذكر الموقف يفسد علي كل لحظة سعيدة، أشعر بالانكسار والخجل أمام نفسي!!
أنا حاسس أني مش راجل وبتكسف من نفسي وضعفت ثقتي في نفسي.
رجاءً كيف أتعامل مع عقلي لكي أنسى تلك الحادثة وأوقف التفكير فيها حيث أن الفكرة تأتيني سريعة جدا وتكسرني كلما حاوت نسيانها!؟
11/4/2016
رد المستشار
الابن الفاضل "إسلام" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على الثقة والمتابعة، وإن جاءت متابعتك هذه متعجلة بعض الشيء فاستشارتك التي أرسلتها بتاريخ 31 مارس كانت ما تزال عند المستشارة، وأنت ترسل مستعجلا وتزيد على ما سبق مرة أخرى من الرجيعة الزمنية أي الرابعة خلال 8 سنوات..... ورغم أن هذا معدل ورود طفيف جدا إلا أنه ربما يكون هو سبب مقاومة اكتئابك للعلاج يا "إسلام"... ربما أنت بحاجة للتعامل مع ما لم يتطرق له العلاج.... فأنت تحدثت عن علاج عقاري وآخر سلوكي –غالبا غير متخصص- في حين أنك تحتاج علاجا مغرفيا سلوكيا خاصا هو العلاج بالتعرض للقصة التي تهرب من تذكرها وتحاول نسيانها ويسمى العلاج بالتعرض السردي Narrative Exposure Therapy .......
تحدثت عن الاكتئاب وركزت المستشارة في ردها عليه، محاولة مساعدتك على إعادة رسم صورة صحيحة لنفسك، كما نصحتك بالمتابعة مع طبيبك من أجل استكمال العلاج.... وأما سبب متابعتي لك هنا فهو أن تتعلم طرقا أخرى للتعامل مع الأفكار السلبية والمزعجة أهم ما فيها هو التدرب على إهمال الفكرة مع قبول وجودها وتوقع إمكانية تواردها وإنما يكون التدرب على أهمالها كلية ويفيدك في ذلك أن تقرأ عن:
نظرية العملية الساخرة Ironic Process Theory والتي وضعها ويجنر 1994 وتشير إلى أن محاولة السيطرة على محتوى العقل تؤدي إلى تفعيل نوعين من العمليات العقلية:
1- عملية تشغيل ذهني متعمدة تهدف إلى إيجاد محتويات عقلية لإحداث الحالة العقلية المطلوبة (ثلا عدم التفكير في الجنس)، وهذه العملية هي عملية واعية مرهقة تحتاج إلى طاقة معرفية كبيرة وهي أيضًا عملية متقطعة بسهولة.
2- عملية مراقبة ذهنية معاكسة تهدف للبحث عن محتويات عقلية تبين فشل عملية السيطرة على العقل، وهذه العملية عملية تلقائية لا واعية وغير متقطعة.
وعادة يلجأ المريض -أول ما يلجأ- استجابة لأي فكرة أو صورة مزعجة تقتحم وعيه إلى محاولة "قمع الفكرة"، وهو ما يؤدي إلى وقوعه في فخ محاولات عقلية تهدف للسيطرة على الفكرة لكنها تزيد من ضراوتها! وكلما كان محتوى الفكرة مزعجًا أو منفِّرًا أو مرفوضًا من قِبل الشخص (أي كلما كانت أكثر إزعاجًا أو إخافة له)؛ زادت تلك المحاولات، وزادت بالتالي ضراوة الفكرة.... ومثلا حين يحاول الإنسان أن يمتنع لمدة دقيقة مثلا عن التفكير في أو تخيل صورة محايدة ما، فإنه يكتشف أن ما يحدث هو على العكس زيادة في ورود الفكرة والصورة على وعيه.....
إذن فهذه هي الطريقة للتعامل مع أي محتوى فكري مزعج يقتحم الوعي، ولكن هذا يفيدك مع العلاج وإذا تكررت الرجائع الزمنية بشكل أكثر فإن العلاج المعرفي السلوكي بالتعرض السردي يبدو طريقا جديرا بالسير فيه للتعافي التام إن شاء الله.