ما العمل؟
مساء الخير وشكراً على جهودكم الطيَّبة. حرصاً على التركيز، سأذكر التفاصيل المهمة فقط، وأكثر ما يعجبني في موقعكم، هو الردود العلميَّة، فربما يأتي الفرج عن طريقكم.
المشكل عائلي: أسرتي مفككة، ولم يربينا أهلنا على الحوار أو الانفتاح، كل واحد منا يعيش في جزيرة منعزلة تفريباً، ولو تقع لأحد مشكلة لا يبوح بها لأخيه، بل يعاني وحده, إلى أن يطفح الكيل، وتكون ردود الأبوين في قمة الدرامية وعدم النضج.
أخطاء كثيرة تربوية أرتكبها الأهل، جهلاً منهم، وهي تنعكس الآن على علاقاتنا، لا أريد اللوم فنحن الآن كبار ومسؤولين ولكن أريد وصف الوضع. أنا مثلاً عانيت من معاملة غير إنسانية من إخوتي الأكبر مني: ضرب، وشتم، ومقاطعة دون سبب، نعم والله دون سبب أفاجأ بواحد من إخوتي يتجنب الكلام معي، ويطول الأمر أشهراً، وممكن سنة، ثم يعود، ثم يقاطع وهكذا. وإن عاد فأنا لا أسمع إلا الشتائم مثلاً: بقرة / حمارة/ حيوانة. ونادراً جداً ما أجد موقف محبة، أو تعاون، تخيلو مثلاً هذا الموقف؛
وأنا صغيرة دخلت سوبرماركت، واشتريت تسالي، ولما جئت لأدفع كان أخي وهو مقاطعني حينها هناك، فوجئت به دفع بدل عني، وبقيت مندهشة ومستغربة معقولة، دفع عني، عجيب يعني هو لا يكرهني، وبقيت أستغرب رغم أنه موقف عادي جداً بين الأخوة الطبيعيين، ثم اهتديت إلى الجواب: فعل ذلك فقط لأنَّه أحرج من صاحب السوبرماركت الذي يعرفنا، والدليل أنه بالمساء حين رآني لم يكلمني، وباليوم الموالي صرخ بي يا بهيمة. هذا كله جعلني منطوية، وأعيش أحلام يقظة، أتخيل فيها أنني الكبرى بين إخوتي، فعندها لن يؤذيني أحد وسألت نفسي وأنت ستؤذيهم.
أجبت بصدق لا والله سأعطف عليهم، ولن أضربهم أبداً، وهو ما كان فقد ولد أخَوان لي توأم ولد وبنت، أنا أكبر منهما بـ8 سنوات، تعلمون جعلتهما ولدان لي, ولم أضربهما يوماً، بالعكس لهذه اللحظة أعطف عليهما، وأشعر أنهما عوضاني، فبفضلهما أخرجت مشاعر الحب المكبوتة داخلي، وتوازنت قليلاً، أحب أخوايَ كثيراً، وآثرهما على نفسي في كل شيء، وكل يوم أقول الحمد لله وشكراً لكما لانكما أتيتما إلى هذا العالم، طبعاً، أقول هذا في نفسي، فهما لا يعلمان شيء عن معاناة طفولتي.
الأبوان لا يحركان ساكناً، هذا الأمر انعكس عليَّ سلبياً، فأنا كبيرة الآن، لكن داخلي شعور بأنني غير مقبولة أبداً من الآخرين، وممكن هذا سبب عدم زواجي للآن عدم الثقة بالنفس، وممكن الصغيران ساعداني لكن بشكلٍ جزئي، فالتشوه داخلي كبيرة. هذه عينة فقط لا باس بها، أعتقد أني وعيت المشكلة، ومسؤوليتي ألا أدع الذكريات السيئة تؤثر عليَّ، وأحاول بناء ثقتي في نفسي، مرات أنجح وأخرى لا، لكن حسبي أنني أكافح.
وهنا عندي سؤال مهم: زيارة مختص نفسي صعبة عليَّ، لكن قرأت عن شيء اسمه العلاج بالكتابة، فهل تنصحوني بها. وجدت هذا الرابط http://bafree.net/alhisn/showthread.php?t=141565
فكرت أن أكتب عن ذكرياتي في الطفولة الأليمة، أن أكتب كل المشاعر السلبيَة التي أشعر بها، وبعدها أمزِّق الورق، أو أذيبه في الماء وأرميه، باعتبار هذا تعبير مجازي عن تخلصي من تلك الذكريات ما رأيكم؟ أرجو النصيحة فأخشى أن أمارس الكتابة بطريقة خاطئة، وتكون النتيجة عكسَّية.
سؤال2: صديقة لي تعاني كذلك من مكبوتات وغقد لكن شخصيتها مختلفة عني فهل تنفعها الكتابة؟ هل يصلح هذا العلاج لجميع أنواع الشخصيات؟ وإن كانت هناك محاذير فما هي لأنني صراحة لا أنفعها، ففاقد الشيء لا يعطيه.
سؤال آخر يخص والدتي، وأنا لم أذكر نفسي قبلها من باب الأنانية، لا والله بل لأني لما أعالج نفسي سأكون قادرة على مساعدتها كما قلت: فاقد الشيء. هي شخصية ممكن أقول مازوشية، لا أدري بس استجابتها للألم أكثر من استجابتها للفرح، بالعكس لا تستجيب للفرح مهما حققنا، لا تبدو فرحة، لكن لو مشكلة أو مرض أو تتحفز، ويصبح شغلها اليومي، وتعذب نفسها، وتعذبنا، وتتوهم أخطار لا توجد، وتحذر من اشياء لا يمكن أن تقع بشكل وسواسي؛
مثلاً أخواي التوأم حصلا على نتائج ممتازة، لم تحرك ساكن، فقط احدهما وهو مرض قليلاً -مجرد التهاب اللوزتين- عملت مناحة في البيت، والمصيبة وقعت مشكلة من سنة لواحد من إخواني هي صح مشكلة صعبة واعذروني لا أريد ذكر التفاصيل. المهم هذه المشكلة جعلتها تكاد تقتل نفسها بالتفكير، وجلد الذات، ورغم مرور أكثر من سنة ما زالت على حالها، وكل يوم تفتح لي أسطوانة مملة من الشكوى والتوجع والكلام السلبي، حاولت وحاولت رفع معنوياتها دون جدوى، يعني لم تصدق، وكل من تلقاه من الاقارب، تعيد عليه الاسطوانة وهي تؤذي نفسها بشكل غير إنساني، وبصراحة لم أعد أطيق النظر كثيرً لها، فلا أجد إلا نظرات يائسة وألم، وحسرات وكأن الدنيا وقفت على هذه المشكلة، كيف هو حال الناس الذين فقدوا أبناءهم بالتفجيرات والقتل و....
أنت لم يحصل معك شيء فلم الفأل السيء، هي عندها نوع من إدمان الألم، أظن والله أعلم هذه مشكلتها من زمن ليس من الآن، مرات أتعاطف، ومرات أخرى أشعر أني دون فائدة، ومرات أشعر بالغضب عليها، وأثور وحاولت أطلب منها استشارة طبيب نفسي، وطبعا كأني كفرت. ما الحل معها، والله تعبت، وأنا أصلا تَعبة، ولا تسألوا عن دور الأب، وبقية الإخوة، فكل واحد طامر رأسه في الرمال مثل النعامة.
أنتظر الرد بلهفة
شكرا ًلكم.
16/7/2016
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
هناك ثلاثة جوانب لاستشارتك تتعلق بكتابة المذكرات أو العلاج بالكتابة، وبعد ذلك حالة الوالدة الصحية، وأخيراً حالتك النفسية؛
الكتابة والصحة النفسية:
بعد زيارة طبيب أو معالج نفسي يأتي الطلب بتدوين ما سيحدث، الحالة المزاجية، الأزمات، الكوابيس وغير ذلك. هذا الطلب من المعالج للمراجعة في غاية الشيوع والغرض منه مراجعة الأزمات في الجلسة القادمة وكذلك إعطاء الفسحة للمراجع بالتفكير بمفرده حول الأزمات ومعالجتها، الكثير من المراجعين يعود ويدعي أنه نسي مذكراته، والبعض منه يحرص على تدوين مشاعره وأزماته، ومنهم من يستمر في عمل ذلك حتى بعد انتهاء فترة العلاج الكلامي.
تساعد الكتابة على تصفية الأفكار والمشاعر والتخلص من البغيضة منها، الكتابة بحد ذاتها تساعد على التخلص من الضغط النفسي وهي خير وسيلة لحل المشاكل والخلافات عن طريق توفير الفسحة للمريض لاستعمال الفص الجبهي وتفعيل الوظائف الإدارية للمخ.
استعمال القلم هو ما يفعله الأديب والشاعر، والعالم والعلاج بالكتابة عادة أزلية عمرها أكثر من ألف عام، هناك البعض من يصرح بأن فائدتها تمتد أيضاً لعلاج الأمراض الجسدية وزيادة المناعة. ولكن أين هو الدليل؟
الدليل العلمي الذي يقطع الشك باليقين حول فعالية الكتابة لا يمكن الحصول عليه في البحوث العلمية، ولكن هذا لا يعني بأن الموقع لا ينصح به، فأنا على يقين بأن غالبية المستشارين يدونون يومياً أفكارهم ومشاعرهم في كتاب ما.
حالتك النفسية الاجتماعية:
ربما لا تتفقين معي في هذا الرأي، دخلت العقد الرابع من العمر ولا تزالين عازبة تعيشين في بيت الأهل وفي تفاعل مستمر مع الوالدين والأخوة، هذا الوضع الاجتماعي للمرأة في الكثير من بلاد العالم يدفعها إلى المعاناة من كثرة شدة وضوح وضعها الشخصي وشعورها بالاستضعاف، ومن جهة أخرى تشعر أيضاً أنها في حكم المختفية في المجتمع، ولا أحد يبالي بها، ومحجوبة عن الأنظار، ليس من السهل التعامل مع هذه الحالة النفسية، ولا يوجد غير ذكريات مؤلمة من العنف المنزلي تداهمك بين الحين والآخر؛
ولكنك في نفس الوقت لم تستعملي سواء دفاعات نفسية ناضجة في التعامل مع الذكريات، وفي علاقتك مع الإخوة الصغار، وهذا لا يبشر إلا بخير، تخلصي من التشوه النفسي الذي في داخلك، وليس هناك ما يمنعك من التفكير بالزواج، والبحث عن شريك حياتك فأنت لا تزالين في عمر تتزوج فيه النساء في الكثير من بلاد العالم.
حالة الوالدة النفسية:
والدتك امرأة غير سعيدة، وربما ذلك يعود لشخصيتها وتأقلمها مع ظروفها العائلية والشخصية، ولكن الاحتمال الآخر هو أنها تعاني من اكتئاب مزمن لم يتم علاجه، وخاصة إذا كان هناك تغيير في شخصيتها، كما هو واضح في رسالتك، زيارة واحدة لطبيب نفسي قد تساعد في حل مشاكلها.
وفقك الله.
ويتبع>>>>>>>: العلاج بالكتابة : اكتبي لمجانين م