مشكلتي مع نفسي، ولا أدري هل أعود طبيعية من جديد..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
في البداية أود أن أشكر جهود موقعكم على رسالته النبيلة، وتقديمكم الدعم الهادف لكل من يحتاجه......
وأسأل الله أن يبارك لكم ويجزيكم كل الخير...
سأروي لكم مشكلتي والتي أرَّقتني كثيراً، وكنت قد ترددت من قبل أن أستشير أحداً بأمرها لأني كنت أحاول نسيان الكثير من الأمور، وكان من المؤلم لي الحفر فيها من جديد، وأتذكر تفاصيلها حتى أستطيع أن أرويها.. ولكني جمعت شجاعتي أخيراً... فأنا أطلب من أي شخص كحالتي أن يبحث عن المساعدة..! والآن جاء دوري لأبحث عن الدعم الذي أحتاجه... وأنا واثقة بأنكم ستسعفونني بكرمكم...
لأبدأ في سرد مشكلتي الآن:
أنا فتاة في الثالثة والعشرين، وضعي الاجتماعي والمادي جيد والحمد لله.. تخرجت من الجامعة قبل عام من الآن، مستوايَ الدراسي لم يكن جيداً لأسباب كثيرة، ولكني والحمد لله أؤمن بأن لولا ظروفي وقت الجامعة لكان أدائي أفضل... وهذه الظروف هي جزء من مشكلتي الآن... رغم أنها انتهت والحمد لله ومرت... ولكنني لازلت أعاني من آثارها...!
مشكلتي أيها الكرام معقدة... وسردها وترتيبها صعب جداً، تحمل الكثير من الحزن والمرارة عليَّ، لربما لا يكون الأمر بالضخامة التي أظنها ولكنه بالنسبة لي خطب جلل حقاً... مشكلتي حاليا هي أنني أعاني من الاكتئاب، لا أدري ما رجته بالضبط، لكنه تعدى مرحلة القلق الموسمي الذي يحدث عندما يمر المرء بمعضلة كبيرة في حياته، الأمر أصبح مزمناً، لدرجة أنني لا أنفك أحزن وأضخم الأمور دون وجود أسباب حقيقية.. طوال الوقت حزينة، ولا أبتهج إلا لحدوث شيء يبهجني حقاً أو عندما أؤدي نشاطاً أحبه...
يمكنكم وصف تفكيري بأنه غيمة من الأفكار السوداوية، أنا بارعة جداً في إيجاد تسلسل كارثي لأي أمر، وجعل ذلك التسلسل واقعياً، حتى أصاب بالمشاعر التي قد تصيبني عند حدوثه، والأمر تلقائي جداً، ولا يمكنني إيقافه إلا بشغل انتباهي إلى شيء آخر.. على سبيل المثال لا يمكنني غسل الصحون أبداً دون أن تدور الأفكار في رأسي عن مشاكلي الحالية، وكيف أنني لا أستطيع حلها، وأبدأ بتذكر كل مشكلة أخرى لديَّ... والأفكار تصير مجنونة في رأسي لدرجة قد تسيل الدموع مني في النهاية... لا يمكنني إيقاف هذه الدائرة إلا لو استمعت إلى كتاب صوتي، أو شغلت برنامجاً أسمعه أو أي شيء... عدا الموسيقى فهي لا تساعدني على تشتيت انتباهي... بل قد يصير اسوأ لو صادفت أغنية حزينة...
حاليا أنا أجهز لزفافي والحمد لله فقد رزقني الله خاطباً من أقربائي، ونحن نحب بعضنا جداً وأحمد الله على ذلك، حدثت مشاكل مادية بسيطة عند خاطبي وجعلته يأخر مهري حتى وقت قريب من الزفاف، وحدثت عدة وفيات عند أهلنا جعلت الزفاف يتأخر عدة مرات حتى أصبحت المدة عامًا ونصف... وهي مدة ليست طويلة في الحقيقة. ولكن نظراً إلى ظروفنا الصعبة... وهي أن خاطبي اضطر للسفر إلى بلد آسيوي بعيد بعد الخطوبة بأيام، جعلت التواصل بيننا شبه مستحيل، وأنا لم تكن لي به علاقة من قبل، ربما سلام فقط ولم نتحدث كثيراً ولم أسرد له شروطاً أو أي شيء من هذا القبيل... وبعدها على الفور سافر... وأنا لا أقول هذا تذمراً أو ندماً على اختياري بل بالعكس...
على أي حال كان التواصل بيننا صعباً ولكننا أصبحنا أصدقاء جيدين، وأصبحنا نعرف بعضنا جيداً ونفهم بعضنا، رغم المسافات البعيدة، واختلاف المواعيد وانشغالي بالسنة الأخيرة في الجامعة، وانشغاله بشركته التي بدأها للتو، وجدنا طريقة لجعل علاقتنا جيدة، وكان الأمر صعباً بحق، لا يمكنني تصوير صعوبته إلى الحد الكافي، لكنه كان صعباً جداً...
وبعدها بفترة خطبت قريبة لي في وقت قريب، وسعدت لها جداً ولكن بدأ الأهل يقارنون بيننا لدرجة جعلتني أبدأ في التضايق... وانقلب حالي من تمني السعادة لها للتضايق من مجرد ذكر اسمها، كله بسبب قريبات والدتي هداهم الله... لا أستطيع كرههن أيضاً رغم ما يفعلنه لأنهن ساعدنني ولهن جميل عليَّ رده.. وربما أنني أبالغ لهذا أحاول أن لا أفكر بهذه الطريقة، لطالما كنت أكره المقارنة لأن والدتي كانت تقارنني دائماً بأبناء صديقاتها، وتقول لي أصبحي مثلهن..! لم يخبرني أحد أبداً بمدى روعتي عندما كنت مراهقة، دائما هناك الحديث السلبي، المقارنة، والانتقادات غير الهادفة إلى أي شيء عدا استفزازي لأقوم يما يريده الشخص الآخر...
طفولتي لم تكن سيئة جداً، مشاكلي الحقيقية بدأت تقريبا عند الحادية عشرة، بعد بلوغي الحلم بعامين، بلغت مبكراً.. أبكر من الفتيات حولي، "في التاسعة"...
عند تلك السن بدأت أعتني بنفسي، وأسرح شعري الذي كان خشناً لوحدي، وأعني بذلك تزيينة والأشياء الصعبة التي، تفعلها أمي، الظفائر والربطات المعقدة وهذه الأشياء..
عندها بدأت ألاحظ أن شعري بدأ يصبح أنعم، وكانت هناك بعض الشعرات الخشنة والتي ترفض إلا الوقوف بزاوية قائمة، ذات مرة أضجرتني فنزعتها، وهنا بدأ هوسي الطفولي، التخلص من الشعرات الخشنة حتى لا يتبقى سوى الشعر الناعم، وياللأسف.. لم يمر أسبوع إلا خرج الأمر عن سيطرتي، كنت أنتف كلما شرد ذهني، ولا أنتبه إلا والوسادة ممتلئة بالشعر... وبعد أسبوع آخر لاحظت أمي الأمر، وأخذتني إلى طبيب جلدية، ورفضت تصديقي... الطبيب صدقني قليلاً وطلب منهم معاملتي برفق حتى لا أنتف شعري، ووصف لي ذلك الطبيب مجموعة علاج الشعر بـ "minoxidil" أعتقد هكذا كان اسمه، شامبو وأمبولات وبخاخ...
وكنت أستعملهم يومياً، ولم ألحظ بأني كنت أعاني حساسية منه إلا عندما كنت في سنتي الثانية في الجامعة، حيث لاحظت بأنني أستعمل نوعاً آخر "بجرعة أخف" بعشر مرات من المفروض... ولكنني أصاب بالخمول وبضربات غريبة في القلب في اليوم التالي، ربما أكملت في ذلك الوقت ثماني سنوات منذ بدأت استخدامه... أوقفته طبعاً ولكن لا أدري ماذا حل بجسدي بسببه، ما أعلمه أنني الآن أعاني من زيادة هرمونات الذكورة بسببه، وربما فقدان الوعي المفاجئ بدون سبب واضح الذي أصبت به منذ 3 أعوام هو أحد آثاره، لا أدري...
على أية حال أنا لا أزال أعاني من هوس نتف الشعر، مع أنني أستعمل العلاج السلوكي المترجم الذي وجدته في موقعكم المبارك، وهو الشيء الوحيد الذي نجح معي فعلاً، ولكن مؤقتا فقط... أترك العادة لشهرين أو ثلاثة ثم يحدث حدث ما يسبب لي التوتر الزائد فأعود للنتف من جديد... وأستعمل البرنامج ثانية وهكذا... مع العلم أنني كنت أعاني من أنواع مشابهة من الهوس طوال فترة طفولتي، أكرمكم الله كنت في البداية أقضم اللثة من داخل فمي عندما كنت في الخامسة، ثم بعدها صرت أقضم أظافري وتركتها.. وصرت أقشر الحبوب والجروح في وجهي بأظافري، كلما تركت عادة أفعل أخرى... أعتقد أن هذا عائدا إلى التوتر الذي كان في بيتنا بين والدي، أبي كان يصرخ بشكل دائم، ولا يثبت على مزاج، أحيانا يكون أبا مثالياً وأحياناً ينقلب مزاجه ويصير محباً للمثالية، ويجد دائماً سبباً لمشكلة...
وكلما كنت أكبر كانت تتعقد علاقتي مع والدي أكثر، وتزيد نظرتي تجاهه عضباً وغيظاً.. هناك لحظة كانت دائما تجعلني أغضب كلما تذكرتها، عندما عدنا من طبيب الجلدية في ذلك اليوم، وكما أخبرتكم.. كان قد طلب منهم معاملتي بلطف، عدنا إلى المنزل، وكنا نقطع الساحة الخارجية، وأثناء ذلك قال لي تعمدت ألا أخبر الطبيب بأنني أعاملك بسوء في المنزل "بالله عليك"... أي نوع من الآباء يتفوه بكلمات كهذه لابنته ذات الأحد عشر عاما..؟!
وهكذا كانت معاملته لي، لكم أن تتخيلوا مقدار حزني كل يوم، أسمع كلمات شبيهة لهذه عدة مرات يومياً، وأسوأ منها عدة مرات في الإسبوع، وحمدا لله أنني أنسى بسرعة ولا أتذكر الكثير، تبقى في ذاكرتي المشاعر الحزينة فقط...
لا أتذكر ليال كثيرة نمت فيها دون بكاء، وبالطبع أمي المسكينة مغلوبة على أمرها، لا تملك سوى أن تنصاع له وإلا دمر حياتها، وهو ما شارف على الحدوث بالفعل، ففي مرة حدث بينهما طلاق للأسف، لا أدري ما سببه ولم أحاول أن أعرف حتى اليوم، وكنت في 12 أمي خمنت أنني أعرف، وأنا لم أكن أعرف، وبكل براءة ظننتها مشاجرة عادية، وأنها ستذهب إجازة إلى أهلها فقط، لكنها غضبت مني وقالت "أنتِ ترين أن بابا طلق ماما، لماذا تأتين إلي وتعطينني عقداً لأتذكرك به!" هي محقة في مسألة طفوليتي هنا، ولكنها كانت مخطئة بأن ألقت عليَّ قنبلةً كهذه..! أنا كبيرة بما فيه الكفاية لأفهم معنى الطلاق..! ولكنني صغيرة على أن أستنتج لوحدي!
على أية حال مر الموقف وعادت بعد عدة أيام والحمد لله، لكنَّ أثر ذلك على نفسي فظيع، إلى اليوم قلبي يخفق بشدة على أصغر مشادة تمر بينهما، علماً بأن علاقتهما عادية جداً الآن وكل السواد الذي كان يحيط بها زال وكأن لم يكن، والحمد لله...
كانت هناك شقيقتي الصغرى أيضاً، وهذه قصة أخرى ستعقد أمر سرد مشكلتي فقط، لذا سأختصرها في القول بأنني عانيت منها، وكرهتها لأنها كانت مدلَّلة جداً وتفسد علي كل شيء لأن أبي علمها ذلك دون قصد بأن جعل أشيائي ووقتي ودموعي مستباحة لها، كانت سنينا صعبة... ولكنني والحمد لله كبرت، وأصبحت أحبها وأخي الصغير الذي أتى بعدها حباً جماً...
مشاكلي مع والدي كانت دائمة، كان دكتاتورياً ومحباً للمثالية..! لايمر يوم دون أن نعاني من تحكمه الزائد وعقابنا على أشياء تافهة، أتذكرها الآن وأحزن لأنها لا تستحق كمية الذل والكلام المهين، كمن يسقط طعاماً خطأ على ثيابه، يوصف بالقذر والنتن، وقد يضرب إذا تكرر الأمر، حقاً لم أقابل طفلاً في حياتي لا يوسخ ثيابه عند الأكل.!! في ذلك الوقت كان أخوايَ الأصغر مني تماماً في السابعة والثامنة، أو السادسة والسابعة، أعمار كهذه...!
كانت لأبي طريقة عريبة في منع الخطأ عن الحدوث، وهي أن يفترض الأسوأ ويتهمك بفعله، حتى يضمن أنك لن تفعله في حياتك، وكان هذا مبدأه الذي لا يستغني عنه، استفزه حتى ينتهي..!
كنت في الثالثة عشر عندما بدأ يتهمني بمصادقة الفتيان على الإنترنت، وتخيلوا معي أنه ذات مرة منعني من الجلوس على الحاسوب دون مراقبة من إخوتي الصغار، مم سيراقبني الأطفال! حقا شر البلية مايضحك! يكاد يعين أختي التي كنت أكرهها في ذلك الوقت مراقبة عليَّ..! كم كان يحتقرني..!؟ هذا عدا عن منعي من مصادقة أي أحد في المدرسة، بالتاكيد هم لا يراقبونني في المدرسة لهذا أصادق كل الفتيات، ولكن لا يمكنني أن أحكي مشكلة تصير معي في المدرسة دون أن أوبخ على حدوثها من الأساس..!
وهذه هي قصتي مع اللوم في غير محله، والتي استمرت معي حتى اليوم، لدرجة أنني لم أعد أحتمل أن أُلام على ما يستحق بسبب ذلك، كم هذا مؤسف..!
سافرت إلى بلدي للجامعة، وتخليت عن حلمي لأجل أن أرتاح من التوبيخ..! وكي لا أتلقَى المزيد من الإهانات، ورفضت أفضل الخيارات من أجل أن أبتعد من المنزل، وأبقى عند أهل أمي في بلدنا الأم، حيث ظننت أنني سأجد الأمان والمهرب من مشاكلي..! ولكن.. ياللكارثة..! أكتشف أن الوضع أسوأ بمراحل من بيتي، ظننت بأنني ارتحت من أبي..! ولكن اكتشفت أنَ الإنسانة المسؤولة عني هي نسخة مؤنثة منه..! بالضبط والتمام،
لاحقاً اكتشفت أن أبي كان مصاباً بمشكلة نفسية ما وتعافى منها..!؟ ولقد زال الجانب المخيف من شخصيته وأصبح أبا رائعاً، بقيت أفكار الناس كما هي، وصرت أدافع عنه أمام الإنسانة الوصية علي في هذا البلد..! سأسميها خالتي، كانت دائماً تسب أبي وتشبهني به..! عند أبسط تصرف لي لم يعجبها أو الفكرة لم ترق لها.. تقول "أنتِ غاضبة من والدك، ولكن طريقتك مشابهة له تماماً..!" وكانت دائماً تردد عبارة كلما جاء ذكَّر والدي "أنه إنسان حقير، وأنه شخص بلا مبادئ" أيرضى أحد أن يُسب والده البريء هكذا أمامه دائماً؟!"..
بغض النظر عن النظرة العنصرية التي ينظر بها الجميع نحوي، والسلبية التي يرمقون بها اختلافاتي البريئة..... لهجتي المكسورة قليلاً... رفضي لأنواع معينة من الطعام، مرضي بشكل مستمر لأسباب كثيرة، أولها تغير الجو بسبب السفر الكثير وقلة النوم، ولن أفصِّل كثيراً معاناتي في الجامعة وصعوبة اندماجي والعنصرية القاسية، إن زملاء الدراسة يمكن أن يكونوا قاسين جداً، وهذه العنصرية لم تكن جديدة عليَّ، دائماً عانيت منها منذ أولى سنوات دراستي، ومعها قدر لا بأس به من التنمر والضرب كان من قبل الأطفال القاسين، "هذه أنا"، هكذا كبرت... غريبة عن البلدين... فقدت الإحساس بالانتماء إلى المكان، إلا قليلاً، في المدينة التي قضيت فيها أكثر سنين عمري فقط، والتي هي الآن غير قابلة للعودة إليها بعد الآن..
وذلك نتيجة لما رويت لكم، تولدت لدي مخاوف من إعادة تجربة أي شيء، صرت أخاف توقع الأفضل لأنني أخاف الإصابة بالخيبة، حتى أن خاطبي طرأت عليه ظروف، وقد نضطر للإقامة ببلدي، المكان الذي عانيت فيه كثيراً، وأصابني الناس فيه بأحكام لا ترحم، بدأت آمالي بالغد الأفضل تنهار... رغم أن الوضع سيكون مختلفاً بالتأكيد، فأنا لم أعد طالبة جامعة، ولست مقيمة بشكل مؤقت دائماً، ولن أقيم مع الأشخاص الذين أغضبوني، ولكني لا زلت خائفة، جزء مني يريد الهرب إلى مكان لا يعرفني فيه أحد، ولا يصل إليَّ فيه أحد.. وأتجاهل الجميع وأصير وحدي، ولكن هذا خطأ، أنه أمر غير سوي..
أنني لم أذكر بأنه أثناء سنوات مراهقتي مرت علي أوقات كنت أفكر فيها جدياً بالانتحار، ولكن الحمد لله لم أفعل مرة واحدة فكرت بإغلاق الغرفة علي والنوم والغاز مفتوح..! ومرة أخرى كنت غاضبة من والدي جداً وأمسكت سكيناً وأردت غرسها في عنقي..! ولكن حمداً لله لم أفعل، ودخلت عليَّ ضيفة رائعة لاحظت حزني وواستني، "حفظها الله"...
لم تعد تراودني هذه الأفكار، قرأت كثيراً عن الاكتئاب، وحاولت دراسته كطالبة فعلاً، حتى أتمكن من مساعدة نفسي، لا أحد يمكنه مساعدتي ممن هم حولي، ولا أريد أن يعلم أحد فيطبع علي وصمة المريض النفسي التي اعتادها مجتمعنا المتخلف المريض أصلاً.. ولا أريد أخذ أي عقاقير.. أعلم أن لي إرادة قوية وسأتمكن من تغيير نفسي...
أحد الأسباب القوية التي جعلتني أقدر قيمة عائلتي وأغير نظرتي تجاهها..! هو أنني مررت بتجربة مريعة ظننت بأنني سأفقدهم جميعاً بسببها، أحدهم كان يشكل تهديداً لي، شاب تعرفت عليه في الجامعة بسبب إحدى قريباتي، "هداها الله"، شدني إليه بنفس الطريقة الملتوية التي يفعلها معظم الشبان، مدخل بأني سأتزوجك وأخلصك من خراب بيتك الحالي، الحمد لله حماني الله من أن يستطيع إيذائي، واكتشفت فيما بعد أنه آذى فتيات كثر، على أية حال لا أدري إن كان الأمر حقيقياً أم لا.
لكنه كان يخبرني أنه يملك سلاحاً للقناصة، وأنه عضو في شرطة سريَّة ولم يخبر أحداً، وقد كان كاذباً محباً لجذب الانتباه، وكان أهله يخبرونني بأنه يملك مسدساً، وهي بالتأكيد كذبة أخرى، وبناء على هذه الكذبة التي صدقتها، كان يمثل تهديداً بالنسبة لي، وأصبت بخوف هستيري من أنه سيؤذيني ويؤذي عائلتي لأنني تركته عندما تبينت كذبه، وكنت وياللأسف أنظر إليهم كل يوم وأبكي من أنني سأتسبب في إيذائهم، لربما تظنون الأمر تافهاً وأنني بالغت، ولكن الخوف كان حقيقياً صدقوني..! فقدت بعضاً من وزني وأصبت بنوبات نتف شعر خارج السيطرة، لأنني كنت شاردة طوال الوقت، وخسرت فيها الكثير من شعري، ولكنني تجاوزت الأمر وطمأنني أعزاء لي أنه كاذب، وأنه لا يملك أي شيء سوى لسانه، مرت الأزمة والحمد لله، ولست نادمة عليها لأنها جعلتني أقدر ما لديَّ من عائلة..
أمور أخرى لم أذكرها هنا.. من بينها بعض تصرفاتي الحالية، أنا أصبحت لا أتقبل الانتقادات بسهولة، ولا أدري إن كان الأمر حقيقةً أم لا، ولكنني أفكر ببساطة شديدة، تفكيري بسيط للغاية، ولا أتقبل تصرفات من هم حولي بسهولة، لا أدري كيف أصف ذلك.. ولكن مثلاً إذا أخطأ أحد ما وفعل شيئاً خبيثاً للغاية كان يتجسس أو يحسد أو يلقي بكلام محبط علي أو على أي أحد، أكره هذا الشخص وأفكر بأنه لا يمكنني مسامحته ثانية.! ولكن رغم قولي لذلك، فأنا أنثني بسرعة عندما يقول أي أحد أثق به بأن ذلك الشخص جيد ومسكين، أغيِّر فكرتي بسرعة، ويأتي هذا الشخص الذي وثقت برأيه ويغير كلامه، فأصير مشوشة..!
كنت أحلم بأن أكون مميزة في مجالي الذي درسته، ولكنني انصدمت بالواقع..! أمي تريدني أن أصير ربة منزل ناجحة، لأنها لم تحظ بهذه الفرصة، أمي طبيبة بالمناسبة ووالدي كذلك، والآن عليَّ أن أتخلى عن كل أحلامي وعن روايتي التي أكتبها، وعن حبي للرسم وللحديث التحفيزي، "وكل هذا" لأنه لا يوجد رجل سيتحمل هذا، ولأنني لن يكون لدي وقت لهذه الأشياء ولأنه أفضل أن أكون متفرغة للمنزل، أو لأن أمي تظن هذه الأشياء، أنا أصلا لدي فكرة سيئة عن الرجال، فكيف بي أن أتفائل الآن..! قوة جبارة هذه التي بذلتها لأتخرج ولأدرس أكثر وأصبح محترفة وأسكت الجميع، أولئك الذين أرادوني أن أكون طبيبة فقط لا غير، والآن فقط لمجرد أنني لست طبيبة فإنه لا فرق بيني وبين أي فتاة أخرى غير مجتهدة، كم هذا مخز..! ومؤسف..! لن تصدقوا كمية التعاسة التي تحملتها لأصل إلى حيث أنا، والآن علي البقاء هنا أو تحمل كل الحديث المؤذي الذي سيلقى علي كالطوب القاسي الثقيل.. مؤسف.! هذا الأمر زاد اكتئابي سوءا خلال العام الماضي..
لم أعد أثق بنفسي، من كثرة ما قيل لي أصبحت أصدق بأنني لست إنسانة جيدة، ولربما أنا غبية، ولربما أنا لا أفهم، ولربما حقاً حديثي غير لبق وغير مهذب، لربما أظن نفسي مهذبة، ولكنني لست كذلك في الحقيقة..! الشيء الوحيد الذي أعلمه أنني مهما كنت غاضبة فإنني لا أقول ما لا يصح قوله، لا أقول إلا الحق، لا أهاجم كبيراً إلا لو رأيت ظلماً يصير أمامي وإن الحق يجب أن يقال، ولكن لا أظن بأنني شخصية جافة، أنا لساني حلو في العادة، حسب ما أظن..!
حقا لم أعد واثقة، صرت لا أدري ماذا أصدق عن نفسي تحديداً، أنا نفسي لم أعد أميز الحقائق!
صرت أصدق كل السلبية التي حولي، بدأت أرى في نفسي صفات الفتيات التي أكرههم، أصبح فعل أي شيء صعب، لم أعد أشعر بالحماس لفعل أي شيء، ولا يكون لدي شعور طوال اليوم سوى الحزن أو الشعور بالفراغ أو اللا شيء.... لربما هو نوع من الحزن أيضاً، لأنني عندها لا أريد النهوض، ولا أريد الحديث ولا أريد التفكير ولا أريد أن أحتمل كلام أحد، شعور من هذا النوع...!
لدي بعض الصعوبات في النوم، الأرق يلازمني بسبب دوامة التفكير التي أخبرتكم عنها، أصدر أنينا وأنا نائمة، وأصبت بالشخير أثناء النوم، أعتقد أن الشخير بسبب زيادة الوزن.. فقد ازداد وزني حوالي 10 كيلوغرامات من السنة الماضية. 4 منها كانت بسبب عدم تحركي كثيراً بسبب إصابة في الركبة، ونسيت إخباركم أيضاً أنني أصبت في ركبتي بسبب طيش بسيط من أختي وقلة حذر مني، وأصبحت لزيمة الفراش شهراً، ومصابة بعرجة غريبة الشكل عدة أشهر، وأنا في هذه السن الصغيرة، ومخطوبة من أكثر شاب مرغوب في عائلتي والحمد لله. ولكن أفكاري لا ترحم..! نظراً لمروري بمواقف مشابهة.. لكن هذه المرة لم تكن هناك تلميحات، أنا التي كنت خائفة، نظرات المجتمع التعيسة ستقول بأنني معيوبة، ماذا سيفعل خاطبي لو اكتشف أنني سأكون عرجاء طول عمري..!؟ إن هذا منظر مخيف..! مخيفٌ كالذي أظنه بسبب خوفي من أن يعلم أحد بإصابتي بالاكتئاب..!
ولكنني والحمد لله صرت واثقة بأن خاطبي ليس من هذا النوع من الناس، ولا يهمني ما سيقوله الآخرون بعد الآن، أشعر بالارتياح بعد كتابة هذه السطور الطويلة، لكم تمنيت أن أقول ما في داخلي منذ زمن طويل، هذه هي مشكلتي، حاولت أن أذكر كل ما له علاقة بها...
كما ذكرت لكم.. أتمنى أن أجد علاجاً سلوكياً أو معرفياً أو ما شابه، دون عقارات وأدوية، لأنني لا أستطيع شرائها، ولأنني أريد أن أعتمد على نفسي، وأرجو أن لا تعدوها وقاحة مني فأنا حقاً أقدر مجهوداتكم، إنني فقط خائفة من أن أذهب وأشتريها فيكتشف أحد ذلك، لهذا أود الاعتماد على نفسي، سأقدر لكم هذا جداً..
أتمنى أن أجد حلاً لمشكلة الاكتئاب عندي، وأبدأ في تنفيذها بأسرع وقت ممكن، إنني أعتمد على الله ثم عليكم، أرجوكم ساعدوني...
ملاحظة:
عائلتي القريبة، أمي وأبي وإخوتي، ليست لدي مشكلة الآن، مشكلتي ليست مع أمي تماماً، إني فقط أريد أن أعرف كيف أتصرف في وضعي الجديد، وهي الآن تبذل جهداً كبيراً في الحماية من مشاكل أهل خاطبي، وهي حقاً تقتل نفسها من أجلنا، وكذلك والدي... لا أستطيع تغيير شيء مما حدث، هو لم يكن مدركاً ما يفعل، والآن هو شخص آخر تماماً، لربما يحتفظ الآن فقط بما هو معروف عن الآباء الشرقيين في سنه..
مشكلتي حقاً هي مع نفسي، لا أدري ماذا أصابني وكيف أصبح طبيعية من جديد..
أشكركم جداً... مع حبي لكم..
26/7/2016
وبعد أسبوعين أرسلت تقول: اكتئاب..!؟
السلام عليكم..
أود الإستفسار عن استشارة أرسلتها في تاريخ 26/7 أي قبل أسبوع.. أود أن أعرف كم سيستغرق من الوقت حتى يتم الرد على استشارتي..
إنني في الحقيقة متأزمة جداً وبحاجة إلى الرد منكم، فوضعي يزداد حرجاً... أرجو أن تجيبوني بأسرع وقت..
مع حبي لكم..
7/8/2016
رد المستشار
الابنة العزيزة
أهلا ومرحبا بك على الموقع
لديك اجترار فكري تشاؤمي (تسلسل كارثي لأي أمر) ثم نتف الشعر (كنت أنتف كلما شرد ذهني، أقضم اللثة من داخل فمي عندما كنت في الخامسة، أقشر الحبوب والجروح في وجهي بأظافري) مع آثار جانبية للدواء (أعاني من زيادة هرمونات الذكورة بسببه, وربما فقدان الوعي المفاجئ) مع العلاج السلوكي لم تتحسن الحالة،
علاقة والدية متوترة (أبي كان يصرخ بشكل دائم, ولا يثبت على مزاج، دكتاتورياً ومحباً للمثالية، وعقابنا على أشياء تافهة، أبي كان مصاباً بمشكلة نفسية) ثم تغيرت شخصيتك (لهجتي المكسورة قليلاً... رفضي لأنواع معينة من الطعام, مرضي بشكل مستمر معاناتي في الجامعة وصعوبة اندماجي والعنصرية القاسية أنا أصبحت لا أتقبل الانتقادات بسهولة ولا أتقبل تصرفات من هم حولي) لديك مواهب متعددة (روايتي التي أكتبها, وعن حبي للرسم وللحديث التحفيزي) تضارب (كمية التعاسة لست إنسانة جيدة لا أقول إلا الحق, لا أهاجم كبيراً) تقترحين خطة العلاج (أتمنى أن أجد علاجاً سلوكياً أو معرفياً أو ما شابه, دون عقاقير وأدوية, لأنني لا أستطيع شرائها, ولأنني أريد أن أعتمد على نفسي)
أنستي
لا أعرف هل قرأت عن اضطرابات الشخصية أم لا وهل سمعت عن الشخصية الحدية وهي من الشخصيات التي تتميز بسرعة التدفق في المشاعر والأفكار وتقلبها من حال إلى حال .
أرى أنك تحتاجين إلى تقييم منهجي لتأكيد وجود اضطراب الشخصية الحدية وهي من الاضطرابات التي تحتاج علاج نفسي مطول مع خبير متخصص ولن يفيدك فيها الاعتماد الذاتي أو العلاجات السطحية وقد تحتاجين معه بعض الأدوية النفسية وخاصة في نوبات الوسواس أو الاكتئاب
وفقك الله
ويضيف د. وائل أبو هندي الابنة الفاضلة أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على الثقة، أود كذلك شكرك على هذه الإفادة الثرية، وفضلا عن ما تفضل به مستشارنا أ.د علي إسماعيل عبد الرحمن من إشارة للسمات الحدية وددت إلقاء الضوء على سمات الطيف الوسواسي في شخصيتك وبعض أعراض الاضطرابات النفسية التي أشرت إليها فعندنا قضم الأظافر ونقر الجلد وشتى أشكال اضطراب كشط الجلد النفسي وعندنا نتف الشعر الوسواسي الذي تصوره إفادتك بشكل رائع، فلا تفوت إشارتك إلى هوسك الطفولي، "التخلص من الشعرات الخشنة حتى لا يتبقى سوى الشعر الناعم، وياللأسف.. لم يمر أسبوع إلا خرج الأمر عن سيطرتي، كنت أنتف كلما شرد ذهني، ولا أنتبه إلا والوسادة ممتلئة بالشعر..." وتكرار ذلك وأنت بالغة رشيدة إبان حالة الخوف التي لم تحددي مدتها والتي تبدو مزيجا من القلق الشديد والتفكير الكارثي وأعراض الاكتئاب إضافة إلى الوزن ونوبات نتف شعر خارج السيطرة، وشرود طوال الوقت، وفيها تقولين "خسرت الكثير من شعري" وليس واضحا وضع اضطراب نتف الشعر الآن وما المدى الزمني لأعراضك الاكتئابية الحالية؟، وحقيقة فإن في إفادتك الثرية كثيرا مما يستدعي التعليق ولعل مجيبك يعود له في متابعتك معه...... شكرا مرة أخرى ونرجو المسارعة بتنفيذ نصيحة المستشار.
واقرئي أيضًا:
استشارات عن الشخصية الحدية
مقالات عن الشخصية الحدية
مرض الاكتئاب
الشخصية القسرية