أنا يائسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أنا عندي امتحانات 25يونيو ولم أبدأ المذاكرة بعد ووجدت باب إرسال المشاكل مغلق وأريد ردا سريعا قبل ما يفوت الأوان فاعذروني, والبريد الإلكتروني المكتوب ليس خاص بي واخترعته لأن بريدي به مشاكل، أرجو أن يجعل الله شفائي على أيديكم:
أنا عندي 26 سنة وأعيش مع أمي وأخي وأنا والدي متوفي ولي 3 أخوة وعلاقتي مع أخواني الشباب دائما سيئة جدا، وكانت لي أخت رحمها الله تصغرني بست سنين كانت هي كل شيء في حياتي وكانت صديقتي الوحيدة التي تؤنسني وقد صدمت جدا عندما توفت بدون أي سبب وقطفت هذه الزهرة الجميلة في إجازة نصف السنة لهذا العام وقد كانت مغتربة بعيدا عني لأول مرة و كانت أملي في تحقيق حلمي بالدراسة الجامعية وأملا لأسرتنا جميعا فقد كانت في إعدادي هندسة، وقد كانت ولعلكم تتعجبون قدوتي في التفوق والأخلاق والإيمان والطيبة وأنا حتى الآن لا أستوعب أنها توفيت ولا أريد سماع كلمة ماتت هذه وأحافظ على حاجاتها وكأنها سوف تأتي من كليتها وتستخدمها وكنت أتوقع أي شيء يحدث إلا موتها أو حتى مرضها فأنا أحبها حبا شديدا.
ودائما أحلم بها تأتيني في منامي وتقول لي أنا لم أمت وأحاسب نفسي لأنها قالت لي قبل وفاتها أنا أشعر بقرب موتي ولم أستطع فعل شيء لها وقبل وفاتها بساعات ظننت أن بها شيء وأحضرت لها شيخين لتلاوة القرآن لها ولكنها توفيت وهي في حضني ودائما تتكرر لحظات وفاتها أمام عيني وأنهار انهيارا شديدا وأظل أبكي وأشعر بأن ملك الموت يلازمني في كل لحظة وأشعر بأن كل من حولي و خاصة من أحبهم سوف يأخذهم الموت مني.
وأنا ليس لي أي صديقات و لا أخرج وأنا متأخرة في دراستي لظروف اضطرتني لتأجيلها كثيرا من أجل العمل ومشاركة الأسرة ولا أجد أي تقدير لتضحياتي بتأخير دراستي التي كنت أحبها جدا وكنت متفوقة فيها وأنا الآن في أولى جامعة وامتحاناتي25\6 و لم أبدأ المذاكرة بعد و لظروف قهرية لا أستطيع الذهاب إلى الجامعة في الوقت الحالي.
وأنا أعامل دائما منذ صغري بأنني شخصية كبيرة ومسئولة وأخواني الثلاث سنهم 39 و36 و 24هم سبب مصائب عائلتنا وهم يكرهون بعض وقد حولوا حياتي جحيما وحياة أمي وأوقعوني في مشاكل شخصية كثيرة آخرها وهي أكبرهم أعاني منها إلى الآن كل هذا بسبب حقدهم وغلهم علي ولا تتصوروا كم هي كبيرة جدا هذه المشكلة وتهدد مستقبلي وأنا باستمرار تجاربي العاطفية فاشلة وفقدت الثقة في كل الشباب بسبب كذبهم وأشعر أن كل الناس تكذب وكان هناك مشروع خطوبة تقريبا قد فشل فهو لم يعد يتصل بي وهو يعيش في بلد خارج مصر.
وأنا دائما حزينة وصامتة وأتحدث كثيرا فقط مع نفسي وأخاف بشكل الكبير من الظلام منذ صغري وعندما أكون وحدي حتى في النهار أشعر بأن هناك أحد بجانبي وهذا أيضا منذ صغري وعندما أدخل(دبليو-سي) أخاف بشدة وهناك شيء يضايقني جدا وهو أنني أفكر في ربي كثيرا بالداخل وقد تسبب هذا الخوف في عدم إغلاقي للباب في الغالب ومصدر خوفي يكون من الجن بالداخل.
ومنذ صغري أشعر وأنا في أي مكان بأن هناك قطة سوف تؤذيني وأن هناك أحد يتبعني وزاد ذلك في الفترة الأخيرة بعد وفاة أختي وأصبحت تعتريني رعشة في كل جسمي و عندما أرى منظر الدم على الأخص في حالات تحليل الدم أصاب بالإغماء وأعاني من حالة لا مبالاة بأي شيء، وأعاني من منذ حوالي عشر سنين أعاني من حالة نسيان وتوهان في كل شيء وعندما أجد أحد أتكلم معه أتحدث كثيرا جدا وأفقد تركيزي وزهقت من كل حاجة في الدنيا وما عنديش أمل في أي حاجة. وأنا لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي بأي حال من الأحوال.
وأحيطكم علما بأن أمي في حالة نفسية سيئة للغاية وتخرج صورة أختي للناس وتقول لهم هذه العروس أوصلتها إلى بيت عريسها وذلك يحدث منذ يوم وفاتها وإلى الآن.
6/6/2004
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) صدق الله العظيم (البقرة:155، 156).
لم أجد أبلغ من الآية السابقة ردا فقد أوجزت هذه الآية الكريمة ما يمكن أن يقوله علماء النفس مجتمعين لمن أصابته مصيبة وخاصة مصيبة الموت، لقد أثرت في رسالتك كثيرا فما أعظم أن تفقد عزيزا أو حبيبا ولكن هذه هي سنة الحياة وهذا أمر الله فينا جميعا، والموت مصيرنا جميعا من منا خالد؟؟
كلنا إلى نفس المصير وهو الانتقال من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة بسفينة الموت فالموت بالرغم من صعوبة استيعاب الأحياء لحقيقته إلا أنه مجرد وسيلة انتقال من مكان لآخر ولكن يصعب علينا جميعا فقدان أحبائنا وكلما أحببناهم أكثر كلما حزنا أكثر، فنحن نحزن على فراقهم وحرمان عيوننا من النظر لوجوههم وحرمان آذاننا من الاستماع لصوتهم وحرمان أرواحنا من الائتناس بأرواحهم ولكنه أمر الله أيتها الأخت العزيزة الذي لا راد له وأحب أن أوضح نقطة هامة لك ولكل من رحل عنهم غالي أو حبيب وسبقهم إلى الحياة الآخرة وهي أن الله عز وجل لا يمنحنا نعمة يسلبها منا أبدا، أعطانا الحياة ولم يسلبها بالموت فالموت يأخذنا من الحياة القصيرة المتعبة والتي ما نحن إلا ضيوف فيها حيث الحياة الآخرة الهادئة حيث لا موت ولا فقد ولا حزن ولا تعب نعم ماتت أختك ولكنها لم تغب.
احتسبيها عند الله عز وجل ولا تقسي على نفسك وتؤنبيها فلم يكن بيدك ما تفعلينه لها فقد انتهى عمرها في اليوم والساعة المحددين لها ولكن بيدك الآن أن تفعلي لها ما هو أفضل فإن كنت تحبينها فلا تقطعي عملها، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: "صدقةٍ جاريةٍ, أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له" بصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.
فبدلا من أن تحتفظي بملابسها وحاجاتها وتبكي كلما رأيتها تصدقي بها لفتاة فقيرة وهبي الثواب لأختك عسى الله أن يضعها في ميزان حسناتها وأكثري من قراءة القرآن لها ولك فسوف تجدي بقراءته معينا لك ومفرجا لكربك وأكثري أيضا من الدعاء والصلاة واطلبي المغفرة.
ودي صديقاتها وكل من كانت تحبهم أختك وحاولي أن تكوني عوضا لأمك تلك المسكينة كان الله في عونها وأفاض عليها وعليك برحمته بأن تري فيك ما كانت تراه في أختك من تفوق والتزام وأدب وبدلا من أن تحزني هكذا تخيلي مصيرها والمكان الذي هي فيه الآن مع بنات الحور وسط الصديقين والمتقين.
أرفقي بنفسك قبل أن يستبد بك الحزن حتى لا يغضب الله منك واصبري حتى تنالي جزاء الصابرين كما قالت الآية الكريمة. وكل ما على الأرض يولد صغيرا ويكبر مع الأيام غلا الحزن يولد فهو كبيرا ويصغر مع الأيام وهذا من رحمة الله بنا أعانك الله فقد شعرت من رسالتك بمدى تعلقك بأختك حيث لا صديقة ولا حبيبة أو أخوة طيبون. وما بعد الضيق إلا الفرج واعلمي أن هذه الدنيا لا تسير على وتيرة واحدة وربك هو مقلب القلوب.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين نقطة كوم، ونشكرك على ثقتك، تأخرنا عليك وبدأت امتحاناتك ولكن هذا مصير المشكلات التي تصلنا من بريد المشاركات فعادةً ما ننتقي منها ونتأخر في الرد عليها ورغم ذلك نعتذرُ لك عن تأخرنا.
والحقيقة أن إفادتك تعطي لنا انطباعا في بدايتها بأنها رد فعل الأسى Grief Reaction، والذي تجدين كثيرا من المعلومات عنه في كيف أتعامل مع فقد الحبيب؟، إلا أن قراءتنا بعد ذلك لتفاصيل أكثر عن حياتك ومعاناتك التي بدأت قبل وفاة أختك رحمها الله، وكذلك شدةُ معاناتك التي ربما تسمح بتشخيص اضطراب الاكتئاب الجسيم، إضافة إلى احتمال وجود بعض الاضطراب في سمات شخصيتك إضافةً إلى عصابية عالية وربما نزوعٌ إلى الوسوسة، كل هذا يجعل مسألة استبعادك لفكرة اللجوء للطبيب النفسي مسألةً لا محل لها من الإعراب وتعتبر بمثابة دفن الرأس في الرمال وعواقبها مؤسفة إلا أن يتغمدك الله بعطفه ورحمته سبحانه، ماذا أقول لك؟ لابد لك من الاستعداد ليس فقط لعرض نفسك على طبيب نفسي وإنما لمشوار قد يطول من العلاج النفسي المعرفي السلوكي، واقرئي مبدئيا ما يزيد معلوماتك عن الاكتئاب من بين الاستشارات الموجودة على صفحتنا استشارات مجانين:
الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج ؟
الاكتئاب والتركيز أم عدم الثقة بالنفس أيهم أولاً ؟
علاج الاكتئاب المعرفي : فتح الكلام :
عدم الثقة بالنفس : تأقلمٌ أم قلق واكتئاب ؟
غضب الله أم اكتئاب ؟
الاكتئاب وأشياء أخرى ؟!!!
كما أنصحك بقراءة المقالات التالية من باب الطب النفسي شبهات وردود وردود على مجانين أيضًا:
العلاج النفسي مجرد جلسات كلام
لا فائدة من علاج المرض النفسي دون حل للمشكلات الحياتية
الأمراض النفسية كلها بسبب المس و التلبس بالجن
الطب النفسي ينكر أثر القرآن في العلاج وينكر الجن والسحر والعين
الطبيب النفسي سيدخلك في الدوامة فاحذرْ منه
الطب النفسي إفراز غربي لا يمت إلى الإسلام بصلة
نتمنى أن نكونَ قد وفقنا في تغيير طريقة تفكيرك، كما نذكرك بأن طلب العلاج واجبٌ على كل مسلم لأن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام قال "عباد الله تداووا" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بأخبارك.