أمي مصدر تعاستي
السلام عليكم؛ انفصل والداي وأنا في سن الخامسة، وتنقلنا في المنازل ولم نعرف طعم الراحة والاستقرار، فأمي مشاكسة ومحبة للنزاعات سواء في بيت جدي أو مع الجيران، مع العلم بأنها فقدت أختي الصغيرة في حادث منزلي وتوفيت أمها في نفس الفترة قبل الانفصال بأربع سنوات. وقد كان أبوها قاسيا وعنيفا يكيل الضرب والشتائم لأمها وأخواتها الستة، أما أمها فكانت سيدة طيبة وحنونة خلافا لها هي، ولجبر الضرر تحايل أبي عليها لإنجاب طفل آخر هو أخي البالغ (14) سنة الآن، والذي صار محور اهتمامها وكانت تفضله عليَّ، وفي السنوات الأخيرة صارت وكأنها تمقتني وكأنني ربيبتها.
كانت ترفض تركي أقوم بتقبيلها أو عناقها أو حتى الاقتراب منها كأنني أنا أبي الذي تكرهه بشدة، وصارت تقول كلاماً غريباً كأنه هلوسة مجانين، وصار رفضها لي علنياً خصوصاً بعد أن بدأت أنا وأخي نخرج مع أبينا في نزهة طويلة، واعتبرتها خيانة مني، ولم تحاسب أخي.
منذ ثلاث سنوات تعرفنا على عائلة أبينا وزوجة أبينا وأطفالها، وقد تقبلتنا وفتحت لنا أبواب بيتها فصرنا نزورها بشكل يومي، ونرحل من عندها بصعوبة، فأمنا كانت باردة لا تحفل بنا أو تطهو لنا، مع العلم بأنني وأخي أصبنا بزيادة الوزن إذ كنا نأكل الوجبات السريعة، ونبحث عن عزاء لنا في ما قد يتوفر عند البقال من طعام أو تشاركنا الحديث ولا تضحك معنا خلافاً لزوجة أبي، لذلك شننت الحرب عليها كنت أنتقدها في بادئ الأمر وأواجهها ببشاعتها كأم، ثم صرت أرفع صوتي وأسب وألعن وأتخذ من الأكل ومنزل زوجة أبي ومنزل صديقتي ملجأ، تركت الصلاة ولم أعد أذاكر.
لم يتفهم أحد أنني أنزف من أعماق قلبي وكم مرة بكيت لرؤية أم مع ابنتها، أنا لا أبرر لنفسي لكنني بصدق أتألم خصوصا حين أسمع ترهاتها أنا والله لا أبالغ حينما أقول أنها جنت وهذا ما أكده طبيب الأسرة حين عاينها. رفض أبي إبعادنا عنها وتركنا معها نعاني، رغم أن علاقتي معه جيدة إلا أنني أحس بشيء ما ينقصني، لقد أهملت نفسها ورمت جميع ملابسها في القمامة وتجلس على الأرض وأحيانا في الظلام، أصيبت في فترة معينة بفقدان وزن شديد كما أنها تظل في البيت طوال النهار وليس لها أسرة أو أصدقاء.
صرت أستحي من كونها أمي -فقد صارت كالمتسولة- وأتمنى لو تذهب بلا عودة، أنا أكرهها بشدة لأن الجميع يؤنبي ويهينني بسببها، أنا لست طبيبة نفسية ولا أملك المال لعرضها على طبيب بالإضافة إلى أنها ليست مسؤوليتي، تنكر لها الجميع لأنها آذتهم ولم يتبقى لها سوى أنا لتحطمني. أنا يتيمة الأم فهل هناك من يصدقني كفانا مثالية إنها لا تمت للأمهات بصلة.
الأهم من هذا أنني في ظل مشاكلي معها خسرت نفسي وأحس أني صورة عنها في الفشل والفتور وإلقاء اللوم على الآخرين. فهي بطلة في هذا، ماذا عساي أفعل، أنا على وشك الانهيار لا أنكر أن آفاقا دراسية ومهنية جيدة تنتظرني لكني لا أعلم من أكون أو ماذا أريد وأميل لإيذاء نفسي والتصرف بتهور.
11/8/2016
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالسعادة.
هناك عدة جوانب لاستشارتك منها:
1- الحالة العقلية أو النفسية للأم التي تشير إلى احتمال إصابتها باكتئاب جسيم، ويستحسن عرضها على استشاري في الطب النفسي للكشف عليها.
2- حالتك العقلية والنفسية التي تشير إلى عدم توازن وجداني لأسباب في غاية الوضوح، دفعتك إلى التأزم بشأن الوالد والوالدة وزوج الوالد، مشاعر الغضب هي السائدة عليك فهناك الأب الذي حرص على أن تتولى والدتك الحضانة لأسباب إنسانية، وأسباب تتعلق بعائلته الجديدة، وهناك الأم التي هي في أزمة دائمة مع ابنتها، إشارتك إلى التفكير بإيذاء النفس تثير القلق، وربما وصلت إلى عتبة من التنافر الفكري والعاطفي الذي قد يدفعك لاكتساب صفات شخصية حدية، عليك الحذر وليس هناك أفضل من أن تتحدثي مع الناس حول مشاعرك، وتنتبهين إلى شبكتك الاجتماعية خارج البيت وتعليمك أيضا.
3- ثم هناك علاقة آنسة مع أمها.
هناك عدة أصناف من العلاقة بين الأم والبنت، هناك من تصف أمها بالعظيمة التي لا مثيل لها وهناك من تشكو بأن مصدر مشاكلها في الحياة هو الأم فقط، هناك أزمات بين جميع الأمهات والبنات ولكن الغالبية العظمى من هذه الأزمات وقتية لا تدوم طويلا، ولكن هناك علاقة متأزمة دوماً بين الأم وابنتها والسبب الوحيد لتفسير هذا التأزم هو افتقار الأم لصفة واحدة وهي قدرتها على التعاطف.
من جانب آخر يتصور الكثير بأن عقل الإنسان تم تصميمه للتعاطف الأبدي مع الأبناء وخاصة الأمهات، وهذا غير صحيح، والأصح هو أن عقل الإنسان قد تم تصميمه للتعلق مع الأم والأب من أجل البقاء والنمو والتطور منذ الولادة وحتى بعد البلوغ، هذا يفسر لماذا أرسلت الاستشارة وهي أن رغم كل الحديث أعلاه عن أمك فانت لا تزالين تشعرين بالحاجة إلى مساعدة هذه المرأة التي لا تفهم كيف تساعد نفسها، تطرقت إلى ظروفها العائلية بالتفصيل ويبدو أنها تكرر مع ابنتها مع حدث من قبل الأهل والزوج السابق وشعورها الأبدي بالنبذ من قبل الآخرين، لم تجد غير ابنتها لتسقط عليها كراهيتها وغضبها.
ما هي نصيحة الموقع؟
توجهي أولا نحو والدك وتحدثي معه حول الانتقال إلى بيته، يحدث ذلك كثيراً بعد وصول الفتاة إلى سن البلوغ مع تأزم علاقتها بالأم وفي جميع أنحاء العالم.
طبيعة العلاقة مع الأم هو من النوع السام الذي يتصف بعدم وجود الأم عاطفيا في حياتك، ومواجهات قتالية، ورفض مستمر من الأم لابنتها، لو كانت هذه العلاقة من نوع آخر لكان هناك أملا في إصلاحها وأنت معها ولكن هناك بصيص من الأمل لو ابتعدت عنها وتوجهت نحو بيت والدك.
إحذري إيذاء النفس. تشاوري مع أهل والدتك لعرضها على طبيب نفساني.
وفقك الله.
واقرئي أيضًا:
أمي وأمها ووراثة المرض النفسي
أمي أحبها أكرهها
أمنيتي أن أتخلص من أمي وأخوتي
أنا وأخي وبخل أبي وعصبية أمي!
حزب المضطهدات أمية الأمهات مشاركة