وسواس النظر وحدود الذات.
نظرة لا إرادية
أعاني منذ15 عام من حالة النظرة اللاإرادية إلى عورة أي شخص أمامي سواء ذكر أم أنثى، قريب أم غريب مع أنني إنسانة ملتزمة ومتدينة وفي مركز مرموق.
وقد زادت عندي الحالة تدريجيا مع مرور السنوات بحيث أصبحت ملحوظة ممن حولي وأصبحت مصدرا لهمسهم وشكوكهم ونظراتهم التي تقتلني وأحاول أن أتماسك نفسيا أمامهم ثم أختلي بنفسي وأبكي بكاءً شديدا وأدعو الله أن يعافيني من هذه النظرة.
وعشت أعتبرها ابتلاءً لابد من الصبر عليه إلى أن قرأت بالصدفة كتابكم الموقر عن الوسواس القهري ولم أنم يومها من الفرح أن وجدت تشخيصا لحالتي فهي مثل حالة خالد \النظارة السوداء\
وأنا لا أستطيع أن أذهب لطبيب نفسي ليس لأسباب مادية ولكن بسبب من حولي وأنا مستعدة لإرسال أتعابكم المادية نظير وصف العلاج الدوائي الملائم مع إرشادي للعلاج السلوكي الملائم، وأنا بعون الله أستطيع تنفيذه وجزاكم الله عني خير الجزاء وفرج كربكم يوم القيامة.
مع رجائي سرعة الرد فأنا مهددة في أي وقت بتدمير بيتي إذا علم زوجي بذلك ممن يحقدون علي0
أرجوك يا أخي في الإسلام أن تساعدني قدر استطاعتك حيث إنني كتبت الرسالة بصعوبة أثناء نوم زوجي وانشغال أولادي،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته0
20/6/2004
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين نقطة كوم، وشكرا جزيلا على ثقتك، نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقنا إلى تبصير الناس بأسرار معاناتهم وعذاباتهم من خلال كتابنا الوسواس القهري، ونسأله سبحانه أن يديم فضله علينا وأن نستمر في تلك المسيرة من خلال مجانين، وما شاء لنا ربنا من سبل لتوعية الناس وتبصيرهم بما نحسب أنه ينفعهم في دينهم ودنياهم.
وصلت إلي رسالتك اليوم وقررت الرد عليك فورا، ولكن المشكلة هي أنني لا أستطيع وصف عقار من خلال الإنترنت ولا أستطيع بداية العلاج المعرفي السلوكي أيضًا من خلالها،
فلابد يا أختي من مقابلة إكلينيكية واحدة على الأقل، لكي أستطيع تقديم العقار المناسب وربما يستمر التواصل بعد ذلك من خلال الإنترنت، وإن كنت شخصيا كثيرا ما أعجز عن الوفاء بمتطلبات استمرار المتابعة الوثيقة من خلال النت مع مرضاي، وأما أن يكونَ عرضك لنفسك على الطبيب النفسي مستحيلا فإن هذه مشكلة عليك أن تجدي لها الحل المناسب ولو حتى من خلال الاستعانة بأحد إخوانك أو أخواتك على سبيل المثال،
ليست المشكلة مشكلةَ أتعاب إذن وإنما هي مشكلة مقتضيات العلاج وأمانة ممارسة المهنة فهناك ضوابط لوصف العقاقير وما يصلح لزيد قد لا يصلح لعبيد أليس كذلك؟
أصل بعد ذلك إلى محاولة تشريح العرض الذي تشتكين منه: فكما تذكرين كان صاحب حالة النظارة السوداء يخاف أن يعرف الآخرون أنه يسترق النظر إلى عوراتهم، ولم يكن مقتنعا أبدًا بأنهم يتغامزون ويتلامزون عليه، ربما كانت وضعه للنظارة السوداء الكبيرة على عينيه يحميه من ذلك، وأما في حالتك فقد وصل الأمر إلى حد اقتناعك بأن الآخرين لاحظوا منك ذلك كما يفهم من قولك: (وقد زادت عندي الحالة تدريجيا مع مرور السنوات بحيث أصبحت ملحوظة ممن حولي، وأصبحت مصدرا لهمسهم وشكوكهم ونظراتهم التي تقتلني وأحاول أن أتماسك نفسيا أمامهم ثم أختلي بنفسي وأبكي بكاء شديد وأدعو الله أن يعافيني من هذه النظرة)، فقد اهتزت حدود الذات Ego Boundaries لديك اهتزازا كبيرا وأصبحت بحاجة إلى ما نسميه باختبار الواقع Reality Testing، كما أن اكتئابك واضح الشدة أيضًا فماذا تنتظرين؟ وبعيدا عن العلاقة بين الوسواس القهري والاكتئاب، فإن اختلال شعورك بما يدركه الآخرون من أفكارك هو الذي يوحي إليَّ بخلل في حدود الذات، وقد وفقني الله سبحانه وتعالى إلى علاج عددٍ من حالات وسواس النظر إلى عورات الآخرين كحالة خالد التي ظهرت في الكتاب، وكثيرون وكثيرات غيره، إلا أن إحساس المريض بأن الآخرين يعرفون أنه ينظرُ إلى عوراتهم، وأن الآخرين يتخذون إجراءًا ما للتدليل على ذلك كأن يقوم أحدهم مثلا بوضع يديه أو الجريدة على حجره أو يلتفت أو غير ذلك من أفعال، هذا الإحساس الذي يخاف منه كل مريض لم يكن يصل إلى مرحلة الاعتقاد إلا في حالات قليلة وأخشى أن يكونَ كذلك عندك، وإن كان الأمر سيحتاج فقط إلى بعض الإضافة في العلاج العقاري والمعرفي السلوكي.
تجيءُ بعد ذلك إشارةٌ إلى شعورك بعدم الأمان والتهديد المباشر من الآخرين حين تقولين في إفادتك: (أنا مهدد ة في أي وقت بتدمير بيتي إذا علم زوجي بذلك ممن يحقدون علي)، من هم الذين يحقدون عليك ولماذا يحقدون؟ ثم ألا يعني ذلك أنك سيدة ناجحة قويةٌ في تحقيق أهدافك؟ فلماذا تتركين نفسك لكل هذا العذاب خوفا من طرق باب الطبيب النفسي؟ على أي حال سأقوم بإرسال هذا الرد على بريدك الإليكتروني الذي أتمنى أن يكونَ صحيحا وسأنتظرُ الرد، وأهلا بك دائما على مجانين.