لا يعجبني مظهره
كنت مصابة بالوسواس في أمور كثرة حتى أعانني الله على تجاهله وتقبل وجود أفكاره ومنذ حوالي شهرين تقدم لخطبتي شاب لم يختلف أحد على حسن أخلاقه سمعت عنه قصائد شعر في تربيته وأخلاقه وحسن سمعته جلست معه رأيت مظهره كان جيد أقصد من ناحية اختياره لما يرتديه، أما من ناحية الشكل فلم يعجبني إطلاقا، ولكني ارتحت له فلم يهمني شكله حتى أن هناك من أسرتي من سخر منه على سبيل الهزار، فلم يفرق هذا معي، ثم حدثت الخطبة وسافر وكنا نتكلم عن طريق النت فكنت آراه في الكاميرا وما لاحظته أنه لا يهتم أبدا بمظهره، وينزل إلى الشارع بملابس البيت، ولا يهتم بما يرتديه أبد، حتى في العمل هو يرسل لي صوره مع أصدقائه عند خروجهم فألاحظ الفرق الكبير بينهم وبينه في أناقتهم، وقد تحدث معي بالصدفة عن أن أخته تتحدث معه كثيرا في عدم اهتمامه بما يرتديه، وأنه لا يهتم بهذا الأمر ولا يقتنع بما تقول.
أنا لم يفرق معي كون شكله جيدا أم لا ولكن يفرق معي أناقته ومظهره خاصة أن كل الناس تتحدث عن أناقتي واختياري لملابسي، وهذا الأمر معروف عني بين أصحابي وهو لاحظ ذلك، أريد أن يكون زوجي هو قرة عيني وأن لا أنظر لغيره وهذا لا يحدث معي الآن، وأحيانا أندم بأني وافقت بشخص غير وسيم مثلما كنت أتمنى، وأني تغاضيت عند دعائي لله عن أن أطلب منه رجلا وسيم، لا أعرف ماذا أفعل معه فعندما يرتدي ملابس جيدة أشعر بأني أحبه وأن عدم وسامته لا تفرق معي
أفيدوني فقد تعبت ولا أريد أن يتحول الأمر إلى وساوس مثلما تحولت أمور أخرى في حياتي إلى وساوس
26/11/2016
رد المستشار
أشكرك يا "ميار" لثقتك بالقائمين على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية من خلال لجوئك للمستشارين على الموقع ليشاركوك مشكلتك ويساعدوك في تخطيها، الزواج يجدر به أن يكون بناءً حصيناً قائماً على أسس راسخة تمنع أي زلزال مهما بلغت قوته النيل منه. وإذا أبدلنا شرطاً جوهرياً عند الاختيار لنضع مكانه شرطاً جمالياً فإننا دون شك نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم :21]
هيا نتأمل معاً الآية الكريمة لنرى المعجزة الحقيقية فيما تحمله من معنى، فهي التي حددت الهدف الأسمى للزواج وهو الفوز بالسكن والمودة والرحمة، وهذه هي فعلاً مقومات الزواج الناجح، لأنه يلّبي الحاجات الأساسية للنفس البشرية، فالإنسان في مراحله العمرية المختلفة لا يستغنى عن أيٍ منها، ولما كانت هذه هي الآية الوحيدة في القرآن التي حملت هذا المعنى المُعْجِز؛ فلا يسعنا كي نحظى بما فيها من عطاء هو حلم كل شاب وفتاة إلا أن نبحث في السنة المطهرة فقد ورد بهذا الشأن أحاديث عديدة ..
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ» الراوي: أبو هريرة (صحيح البخاري؛ رقم: [5090])، فالحديث يبين الصفات التي يبحث عنها جملة الناس ثم يقطع بأهم صفة يجب توافرها في الزوجة؛ ألا وهي أن تكون ذات دين كي تتحقق للشاب السعادة في الدارين. ويقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: «إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه إن لا تفعلُوه تكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ» الراوي: أبو حاتم المزني (إرواء الغليل؛ رقم: [1868]).
أما قائمة الشروط التي نجدها موضوعة من قِبَل بعض الفتيان والفتيات فمعظمها تكميلية تجميلية وليست وظيفية، فالزواج يجدر به أن يكون بناءً حصيناً قائماً على أسس راسخة تمنع أي زلزال مهما بلغت قوته النيل منه. وإذا أبدلنا شرطاً جوهرياً لنضع مكانه شرطاً جمالياً فإننا دون شك نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير. فعندما يشترط الرجل في المرأة الجمال أو تشترط المرأة في الرجل المال على حساب الدين إنما هو منتهى التفريط فالمال والجمال والجاه وكل هذه الأمور إنما هي مميزات قصيرة الصلاحية، غير مضمونة حتى على امتداد أعمارنا القصيرة؛ أما ما حدده الإسلام فهو لإقامة الدنيا والآخرة معا.
فماذا يُجدي الرجل إذا تزوج بامرأة جميلة لكنها عابسة الوجه لا تحمل نظراتها أي شعور بالرضا والتفاؤل كما أن كلماتها أبعد ما تكون عن مشاعر المحبة والتقدير! وماذا يجدي المرأة أن تتزوج برجل ذي مال وجاه لا يعرف لسانه الكلمة العذبة أو اللمسة الحانية طريقا!
تذكر قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيتزوَّجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصَنُ للفَرْجِ ومَن لم يستطِعْ منكم الباءةَ فلْيصُمْ فإنَّه له وجاءٌ» الراوي: عبد الله بن مسعود. (صحيح ابن حبان؛ رقم: [ 4026]). واحذر أن تغلق باب خير يفتحه الله لك بسبب أحلام المراهقة التي تلازم بعض الرجال! ولا تكن مثل أخينا الذي بلغ عامه الثالث بعد الستين ولا يزال يلاحقنا لنجد له عروسا تليق بمركزه الأدبي والاجتماعي
أذكرك ثانيةً بأن المولى الذي جعل السكينة والمودة والرحمة سبباً للوفاق أعلم بما يُصلِح لنا حياتنا: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، واحذري الدخول في تلك الدائرة المغلقة المعروفة بالتردد؛ فالتردد يسبب التأخير، وضياع الفرص يسبب مزيد من التردد.. وهكذا. وإنما الأمر يتطلب مزيد من التوكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
ولأنك مذبذبة بين الرفض والقبول، لأنك تحكمين من خلال الشكل فقط، لأنك لا ترينه الشاب الوسيم الوجيه الذي يمثل بالنسبة لك فتى الأحلام، لذلك تتأرجحين بين الرفض والقبول، وسنك الصغير لا يؤهلك للحكم العقلاني على الأمور فأنت لم تلتفتي إلى أخلاقه أو طباعه أو طموحه أو ثقافته أو تدينه أو أي من هذه الصفات الأخرى، لكنك تركزين على الشكل فقط وهذا طبيعي بحكم سنك الصغيرة.
وقد يكون عدم اهتمامه بمظهره يرجع أنه لا يعرف أصول الموضة أو ما يليق، يلبس كذا أثناء ذهابه كذا وهذه مشكلة بسيطة لأن من لا يعرف ممكن نعرفه ونلفت نظره أكثر من مرة، وممكن يكون مقتصد بالنفقات لأنه يجهز للزواج وهذا هو محق فيه، فالله يعين الشباب بهذه الأيام على نفقات الزواج، وقد يكون باحتياج للمسة الأنثوية التي تختار له الألوان والموديلات والأذواق التي تناسبه دون غيرها، فلا بأس الله يجمع بينكما على خير وتساعدينه في التنسيق والترتيب وتجعلينه أشيك الرجال، فلا تفكري كثيراً في شكله ولا يشغل ذهنك الشكل فالحياة الزوجية المستقرة لا تبنى على وسامة الرجل وجمال المرأة فقط، إنما هناك دائماً ما هو أهم فالتوافق والتواصل والترابط والود بين الشريكين هو ما يبنى عليه الزواج السعيد.
رغم ذلك أنا لا أنكر قيمة الشكل والمظهر الجيد، لكنني لا أعول عليهما كثيراً، وأنت لن تدركي ذلك في عمرك الصغير، وأنت الآن في مفترق طريق فإما أن تكملي الزواج عن غير اقتناع وإما أن تطلبي الانفصال عنه لأنك لست مقتنعة تماماً بزوجك، أو أنت تبحثين عن حل وسط وهو أن تطيلي فترة الخطوبة لتتعرفي أكثر على الرجل وتتضح سماته وصفاته لك وتتعرفين أكثر على صفات له خافية عنك، المهم أن لا تتخذي أي قرار قد تندمين عليه، وحاولي أن تفكري في الموضوع بشكل أوسع وأشمل وأكثر موضوعية، مشكلتك قد تكون بسيطة بحق لكنها تشغل بال كثيرات من الفتيات في مثل عمرك، ومما زاد الأمر سوءاً تعلق الكثيرات من الشابات والمراهقات بالمسلسلات التركية ونجومها وتطلعهن الدائم إلى وسامة نجوم هذه المسلسلات.
وللأسف الشديد إن معظم الرجال والشباب أيضاً يتطلعون للنجمات وموديلات الفيديو كليب ويتمنون أن يحظوا بفتاة في رشاقتهن وخفتهن، وقد أثار ذلك كثيرا من المشكلات بين المتزوجين أو حديثي العهد بالزواج أو من يفكرون بالزواج ممن هن في مثل عمرك، والمسألة تحتاج إلى إعادة تقويم للفكر ليكون الحكم على الشخص من خلال عمله وسلوكه وصفاته وخلقه وليكن شكله آخر الأشياء التي يتم الحكم عليه من خلالها، نصيحتي لك فتاتي لا تتعجلي الأمور وفكري على مهل وجاهدي في اكتشاف محاسن الرجل الذي اخترته زوجاً لك.
وكل ما سبق هو محاولة لتوضيح بعض المقومات التي تساعد على نجاح العلاقة الزوجية، والوحيدة التي تستطيع اتخاذ قرار الاستمرار أو لا هو أنت فعليك أن تعقدي كفتين ميزان تضعين بإحداهما مميزات زوجك وبالأخرى عيوبه وأنت الوحيدة التي تقرر تستمرين أو لا، وكذلك تكتبين مميزات الانفصال والنتائج المترتبة عليه وعيوبه والنتائج المترتبة عليه، وتتخذين القرار الذي لن يدفع ثمنه غيرك، مع تمنياتي بالتوفيق وتابعينا دوما بأخبارك.