مفهوم خاطيء عالق في ذهني
السلام عليكم
سأحاول أن ألخص وأرتب عرض المشكلة ..
عنوانها : احتقار النفس الشديد بسبب فعل عمل قوم لوط والله المستعان....
وقعت مع زميل مقرب في هذه الفاحشة والله المستعان وللعلم أنا وهو نسعى للعلم النافع وأن نكون علماء ربانيين ينفعون أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. لكن استدرجنا الشيطان والحمد لله الذي يغفر ولا يعير.
وندمنا ندماً شديدا جداً كادت معه نفوسنا أن تتلف لولا لطف الله ورعايته، وبسبب أن شخصيتي وسواسية أصلاً ولي مع الوسواس تاريخ لا بأس به فقد علقت في هذه المغارة نوعا ما... فصاحبي ندم ندما صحياً يعينه ع التوبة ويقوده إلى الخير إن شاء الله، أما أنا فقد صاحب هذا الندم الصحي وسواس آخر وهو احتقار الذات بشكل مهلك...
وسأشرح ذلك: وقوعنا كان لمرة واحدة لا أكثر وخلال هذه المرة فعلت به وفعل بي بشكل تبادلي وحسبنا الله ونعم الوكيل، وتعلمون أن الثقافة المجتمعية وخصوصا العربية ترى أن المفعول به ذليل حقير خسيس؛ وبهذا اكتملت أركان الوسواس، أصبحت أشعر بأني حقير لا أصلح لتحقيق حلمي في أن أكون عالم شريعة أو أن أكون أباً صالحاً فالآن صرت أتألم حتى إذا نظر إلي ابني مع أنه في الرابعة من عمره فقط أشعر أني لا أصلح أن أكون له أباً ولا أن أكون زوجاً لزوجتي الصالحة...
وكلما رأيت أحداً يمشي في الشارع قلت هذا يعيش بسعادة لأنه عزيز لا حقير مثلي -لاحظوا أن الوسوسة منصبة على الجانب العرفي المجتمعي وليس على الجانب الشرعي -يعني لا أقول فلان أفضل مني لأنه لم يعصى الله وإن كان يأتي أيضا ببالي؛ بل أقول هو عزيز ورجل وأنا ذليل وخسيس لأني (مفعول به)
وهذه الفكرة الآن سببت لي اكتئاباً فأصبح صدري منقبضا أغلب الأوقات وانعدمت المتعة في أغلب الأشياء حولي....
تاريخي المرضي السابق :
قبل عشر سنوات أصبت بوسواس قهري صاحبه اكتئاب بطبيعة الحال في الطهارة وغيرها من الأفكار التسلطية وكان أشدها وسواساً مشابهاً لهذا حيث لمس أحدهم دبري وداعبني خلال نومي وعلمت لاحقاً بهذا فشعرت بمثل هذه الحقارة أو أشد بكثير؛ ثم شفيت منه تماماً ما شاء الله خلال سنتين تقريبا أو ثلاث؛ والآن أشعر بالطابع الوسواسي ذاته من حيث ملازمة الفكرة وعدم القدرة على دفعها..
وللعلم أقول ولعل هذا الكلام أن ينفع القارئ المبتلى: أنا أعلم أن العزة إنما هي بيد الله وليست بيد المجتمع "تعز من تشاء" وأن الذليل من أذله الله "وتذل من تشاء" "ومن يهن الله فما له من مكرم" وليس أحد أكرم ولا أعز من المؤمن التائب... فأنا والله تائب وأحسن الظن بالله أنه قبل توبتي فهو الغفور الرحيم الغفار؛ بل من يترك الصلوات أو يؤخرها عن وقتها أو يلازم بعض المعاصي كالكذب والاحتيال أو احتقار الناس أو الغيبة ويلازم ذلك هو أحق بوصف الذلة ممن وقع فيما فعلته أنا ثم تاب... فميزان المجتمع أصلا جائر في تقييم كثير من المعاصي.. لكن مع كل هذا أشعر بالحقارة عالقة في ذهني :(وإنا لله وإنا إليه راجعون ...
وللعلم أنا لازلت أستخدم دواء للاكتئاب والوسواس أستخدم له زيروكسات بإشراف طبي طبعاً.
واستخدامي لها هو لأن الاكتئاب عاد بشكل جزئي قبل سنتين من الآن ورجعت معه بعض الوساوس الطفيفة.. ولي الآن قرابة 5 أشهر أتمتع بنفسية قوية ما شاء الله وخالية من الوسواس ماعدا يسير من الاكتئاب بين الفينة والأخرى.
لكن بعد وقوعي في هذا العمل المشين قبل أسبوع تدهورت حالتي... وللعلم أيضا أنني أتحسن بفضل الله تعالى فليس حالي اليوم بسوء الأمس أو قبل الأمس؛ قد أقول أن تحسني الآن نسبته 65% ماشاءالله.
لكن الفكرة لازالت عالقة وتجلب نوبة اكتئاب حادة بين الوقت والآخر.
فلا أريد أن أكون أسيراً لهذا الوهم؛ فالله لم يأمرنا بهذا بل أمرنا بالتوبة ووعدنا بالقبول.
أخيرا... بصراحة... هل يصلح لمن وقع في هذا الفعل أن يكون عالماً ربانياً من علماء الشريعة؟! هل أسعى في تحقيق حلمي؟
وهل يمكن أن أعيش باقي حياتي بلا احتقار للذات؟ أو لن يزول هذا...
أريد جواباً حقيقياً لا مجاملة أأو تخفيفاً.
أظنني أعرف الجواب لكن.. أحب أن أسمع منكم...
شكراً لكم
15/12/2016
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله
للسائل الكريم نقول إن الشرع والعقل كلاهما يقول إن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإن التائب - كما قال العلماء - قد يكون بعد توبته أفضل منه قبل المعصية، أو مثله أو أقل منزلة - وذلك حسب ما يحدث له الذنب من الندم على المعصية والعزم على تداركها بالطاعة - كما قال ابن القيم رحمه الله، وبالتالي فإن التائب يمكنه أن يصبح عالماً أو يحقق أي أمنية أخرى، والطب النفسي ينصح ها هنا بتجنب الأفكار السلبية والإحساس المفرط بالذنب أو الدونية، لأنه إحساس لا نفع منه ولا طائل وراءه غير إضعاف القوة النفسية للإنسان والحافز الذي يدفعه لفعل الخير،
بل ينصح - كما ينصح الشرع أيضا - بتحويل هذه المشاعر لطاقة إيجابية في فعل الخيرات وتدارك التقصير بالعمل النافع، "وأتبع السيئة الحسنة تمحها"، وعلى العكس من ذلك فإن الانشغال الزائد بهذا السلوك السلبي والتفكير الدائم به رغم الاقتناع والاعتقاد بعدم صحته، والمعرفة بأن نظرة المجتمع في هذا الأمر هي نظرة خاطئة تماما (أعني نظرة المجتمع للشخص المشترك في علاقة جنسية مثلية يكون فيها الطرف السلبي على أنه شخص دون مرتبة الرجال وأن دونيته لا يمكن تصحيحها).
أقول إن الانشغال الزائد بهذه الأفكار رغم العلم بعدم صحتها قد ينقلب إلى وسواس يلازم الإنسان ويشغله عما ينفعه من العلم والعمل بل قد يدفعه لتكرار الفعل بدافع اليأس من التخلص من آثاره، فينبغي للسائل أن ينصرف عن هذا التفكير إلى غيره ويشغل ذهنه بالتفكير فيما يفيده في دنياه وآخرته، والله المستعان
واقرأ أيضًا:
التائب من الذنب كمن لا ذنب له مشاركة
من سمات الموسوسين فرط الشعور بالمسؤولية والذنب
إضعاف مشاعر القلق والخوف والذنب مشاركة
إضعاف مشاعر القلق والخوف والذنب