بسم الله الرحمن الرحيم؛
والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد-عليه الصلاة والسلام-أما بعد؛
لا أعرف السبب الحقيقي وراء كتابتي لهذه الرسالة إليك هل هو بسبب ما أشعر به أم أنها رغبتي في الحديث حقا معك؟ مع العلم أنني من سكان مدينة الإسكندرية أيضا
سيدي العزيز لقد علمت عن طريق الويب سايت مجانينأنه من الممكن لي أن أستشيرك عبر هذه الرسالة فلا أعرف إن كانت هذه الرسالة ستكون حقا سندا لي أم أنها ستكون أدراج الرياح وسيبقى الحال على ما هو عليه، لقد تصفحت عددا من أبواب الموقع وأستطيع أدرج نفسي تحت باب الاكتئاب ولحضرتك أن تصنفه على المستوى الذي تراه مناسبا بناء على ما سأعلم حضرتك به فيما يلي:
أنا متخرج من كلية التربية قسم رياضيات منذ عام ولا أعمل، ولا أدري من أين أبدا لحضرتك شعوري أو إحساسي الذي أحس به، لذلك سأصف لحضرتك ما أحس به في التو وللعلم أنني في هذه اللحظة أو اليوم لم يحدث لي ما قد يثيرني أو يعكر صفوي فأنا اكتب لسيادتك هذه الرسالة وأنا مستريح جدا وقبل أن أتكلم استأذن سيادتك في أنى هاتكلم بالعامية حتى أستطيع الكلام بحريه اكتر.
بصراحة يا دكتور أنا حاسس باني محطم فاشل في كل شيء ما فيش شيء قادر أنى أحس أنى ممكن امشي فيه محبط كاره حياتي جدا وعايز أغيرها بس مش أعدلها علاقاتي كلها سيئه حتى أهلي ربنا رزقني بأهل لا يطاقوا أم على الرغم من أنها متعلمة وموظفه إلا أنها في التفكير تصل إلى اقل من الصفر، وأب لم يخرج من جلباب أبيه وعايزني أكون زيه أعيش بنفس بيئته وأسلوبه في المكان الحقير اللي أنا عايش فيه ما ليش أقرباء ممكن أنى احبهم وكمان جيراني كلهم معتقدين بما أنى كنت عايش حياتي كلها في الإمارات وابويا شغال هناك فهو عنده يامااااااا.
لكن الحقيقة أقل من كده بكثير واقل مما أنت متخيل حقد في كل تعاملات الفئتين دول وكمان شعب مصر اللي لما باحطه في مقارنة مع البشر اللي كنت معاشرهم بره مابطلعش إلا بالنتيجة نفسها.
الفرق هم أصحابي يمكن تستغرب يا دكتور لو قلتلك انهم متربيين بنفس أسلوب حياتي أهاليهم عايشين بره واتربوا بأسلوب مشابه ليا تماما علشان كده لاقيت نفسي فيهم أما باقي الناس فنظرتهم مش هاتختلف عن قرايبي أو جيراني.
بعد ما كنت أتمنى اللحظة اللي ارجع فيها مصر كرهت نفسي بقيت وحيد مضطرب المشاعر ومتقلب المزاج مش قادر أني أفكر أو أبدع زي الأول والله يا دكتور كنت متفوق بس خلاص بقيت فاقد الدافع لأني اعمل أي شيء باخبط في كل اتجاه تايه ومش عارف رأسي من رجلي.
ستسألني يا دكتور وتقو للي أنت تتناول مخدرات اقسم لك بالله اني عمري ما جربتها على الرغم من إنها بالنسبة لي يمكن تكون اسهل من شرب المياه متوفرة بس دافعي الديني يمنعني من اني اعمل كده أو أي شيء ثاني غلط حتى الصلاة اللي كنت أواظب عليها بقيت بأكسل فيها من القرف اللي حاسه،
حتى لما جربت اسمع كلام أهلي وارتبط أو اختار بنت يخطبوها لي ولما لاقيتها، ويا ريتني ما لاقيتها، كانت بتلعب بيا وبمشاعري فقدت بسببها كثير من ثقتي في نفسي، مرت عليا فتره كنت أعمل علاقات مع البنات بدافع انتقامي حتى لو عجبتني مبقتش باثق في أي بنت دايما في حاجز بيني وبينهم.
أنا عارف يا دكتور انك بتقول دلوقتي إيه الأهبل اللي مش عارف يجمع ده بس اعذرني أنا بحكي لحضرتك لأني عايز أفضفض لحد بس يرد عليا برد يريحني بين صحابي أنا البير اللي بيرموا فيه همومهم واديهم رأيي ويقتنعوا بيه بس عمري ما حكيت لحد لاني حاسس انهم ممكن يستقلوا بكلامي ويغيروا فكرتهم عني،
ويقولوا معقولة أنا معقد؟ وان كنت متأكد انهم بينهم وبين نفسهم بيقولوا كده ولو كان الرد في ذهن حضرتك إن السبب اني مش باشتغل فاحب اعرف حضرتك اني باكره التدريس وعمري ما هشتغل مدرس أنا لما دخلت الكلية ده كان إرضاء لأبوي وكان هو السبب في اني تخليت عن حلم حياتي في دخولي كلية الهندسة على الرغم من إن مجموعي كان يسمح لي بالدخول ليها مش عارف شعور حضرتك هيكون إيه.
بس أتمنى انك تساعدني لأني بأمر بفترة حرجه جدا أتمنى فيها الموت عن اني أعيش لحظه في اللي أنا عايش فيه ولحضرتك جزيل الشكر على اني اخدت من وقتك شويه علشان تقرا كلامي.
15/8/2003
رد المستشار
إنك تدعي في رسالتك أنك فاشل محطم محبط كاره لحياتك جدا وأخذت تعدد الأسباب من سوء علاقتك بأهلك إلى فشل خطوبتك إلى عدم رغبتك في العمل في التدريس رغم تخرجك من كلية التربية وتخيلت أنك قد رسمت الصورة القاتمة المظلمة التي لا أمل فيها، ولكن لأنك صادق مع نفسك أولا ومعي ثانيا فأنت لم تخفي الحقائق، والتي سطعت بالأمل في وسط هذا الظلام الحالك، إنها كلماتك ورسالتك وليست كلماتي فأنا لم أعرفك إلا من خلال رسالتك.
تعالى نرى هذا النور سويا، " الفرق هم أصحابي... لاقيت نفسي فيهم" "بين أصحابي أنا البير اللي بيرموا فيه همومهم وأديهم رأيي ويقتنعوا بيه".
لك أصحاب تجد نفسك معهم وهم يجدون أنفسهم معك فيلقون إليك بهمومهم ليس مجرد إلقاء للتخلص منها ولكن لأنهم يحصلون على الرد ويقتنعون به، أي شيء في الدنيا أعظم من أن يجد الإنسان أصحابا يحبونه ويحبهم يتفاعل معهم ويتفاعلون معه، هل هذا محض مصادفة أن يجد هؤلاء الأصحاب حلا لهمومهم عندك، بالطبع لا لديك القدرة على أن تفعل ذلك، ولذلك لجئوا إليك، إذاً فادعاؤك أنك فاشل محطم غير صحيح إن لديك ما تعطيه ولكنك لا تعرف قيمته إن لديك ما تستثمره ولكنك لا تفعل، إن هذه القلوب المتعلقة بك وتجد راحتها عندك ألا تستحق أن ينتعش الأمل في نفوسنا، غيرك لا يجد هؤلاء الأصحاب وليس لديه هذه القدرة، بل ولديك أمر آخر هو قدرتك على التعبير عن نفسك.
من يستطيع كتابة رسالة مثل رسالتك، من يستطيع تقييم شأنه ويضعه في خانة الاكتئاب ويكون صادقا في التعبير عن نفسه بهذه الصورة، إن الحياة داخلك تتحداك بل وتكشفك لنفسك، إنك فقط تحتاج لأن تنظر إلى الجانب الآخر من حياتك، إلى الجانب المضيء، لا تشغل بالك بالناس وما يقوله أو تصورهم لحالك فالناس كما قال جحا من قديم الأزل لم يعجبهم أي شيء حتى وإن حمل الحمار وسار به ولا تشغل بما يريده أمك وأبيك، والآن أنت في وضع يسمح لك بأن تختار حياتك، ليس كل من تخرج من كلية التربية لابد وأن يعمل مدرسا ولكن ماذا فعلت، إلى كم وظيفة تقدمت، كم سيرة ذاتية تركتها في أماكن عمل، كم دورة في اللغة ودورة في الكمبيوتر قد تعلمت لتزيد من كفاءتك كم قدرة لديك اكتشفتها فنميتها في خلال العام المنصرم، إلى كم من صديق ممن يحبونك وتحبهم تحدثت عن المستقبل وفكرت في مشاريع للمستقبل تستشرفونها سويا، فرب فكرة عند أحدهم تجد التنفيذ عندك ورب واحد منهم يرى قدراتك ولديك عقلك القادر على التفكير في مشاكل الآخرين وحلها.
فلماذا تنظر إلى عوالم الناس الآخرين، اكسر دائرة الاكتئاب الخبيثة فالأمل هو ما رأيته يسطع من رسالتك ولو بحثت عنه داخلك لوجدته لأنك الذي كتبت رسالتك، نعرف أنك ستقدر فرسالتك رسالة شخص متميز ولكنه لا يريد أن يعترف لنفسه بذلك، جدد أفكارك، ارفع كفاءتك وستجد الأبواب تفتح أمامك ولكن لا تتعجل.