حالة أخي!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حضرة الأطباء الأفاضل تحية وبعد....
لديَّ أخ عمره 18 عام ,كان متزن نفسياً , عقلاني , مجتهد , وحنون ,وغير اجتماعي وملتزم ويحب البيت وجو الأسرة ,خلال الثانوية العامة تعرضنا لظروف سياسية واستشهد خلالها 9 من زملائه وبعدها قررنا إخراجه من فلسطين للدراسة خارجاً خوفاً عليه من الظروف السياسية مع العلم لم تكن رغبته بذلك..
انتقل للعيش من بلادنا إلى بلد عربي بغرض الدراسة وواجهتنا مشاكل كثيرة بعملية التسجيل للجامعات هناك حيث تعرضنا لعمليتين احتيال إحداها كانت من شخص عزيز على أخي, وبعدها بدأت القصة حيث أصبح أخي يكره التعامل مع الناس وحدد علاقاته الاجتماعية وأصبح يشك أن أي شخص قد يحتال عليه, مع العلم لم يكن لديه أصدقاء لأنه كان يبحث عن صديق بصفات معينه لم يجدها هناك (لا يدخن, لا يشرب النرجيلة, يصلي, ملتزم, مجتهد, لا يسهر, يحب النظافة, لا يتعامل مع البنات وغيرها من المثاليات المفرطة جداً!!) كلها صفات لصديق صعب إيجاده بفترة قصيرة من الزمن , فانتقل أخي للسكن لوحده لان سكنه الجامعي الأول كان غير نظيف خاصة الحمام (أجلكم الله) وانتقل لشقة سكنية وحيداً وبدأ هناك يبالغ بموضوع النظافة بشكل زائد, يكرر تنظيف الأسطح والأرضيات ينظف كل شيء يشتري الشامبو ومعجون الأسنان والفاين المعقم بشكل كبير , يرمي كل البواقي من السكان السابقين بالسكن حيث كانت تسكنه البنات ,
بدأ يوسوس أن البنات تركت أمور بالسكن تسبب له الضيق وأخذ يعقم كل شيء بالشقة, بعدها بدأ كلما درس عن أعراض لمرض شعر أنه مصاب بالمرض وبدأ يبتلع المسكنات يومياً وبكميات كبيرة جداً وأصيب بالأرق والقلق بشكل كبير, وأخذ يزور الأطباء للفحوص أتذكر يوماً زار طبيبين بسبب الصداع وألم العينين وأخبروه أنه بخير ... ثم بدأ يخاف بالليل لوحده ويخاف من الجن وبدأ يرى خيالات أو ضلالات ويسمع أصوات غريبة مثلاً يقول أنه سمع القرآن بالعكس وأنه بالصلاة بدأ يصلي بشكل غير صحيح ! وأنه رأى عيون بالشقة ؟!! أصبح أحياناً لا يصلي لأنه يشك بالوضوء, أتذكر أنه مرة استحم لأن شخص لمسه بالجامعة !!
بدأ خوفه يزيد كل يوم فجاء بصديق ليسكن معه لكنه لم يندمج معه بشكل كامل وبدأ يوسوس أن الشخص غير نظيف, كنت أحدثه مرة وسمع صوتي أضخم وعيوني أوسع مع العلم أنه كان يعرف أنها أوهام ويقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ,
وأخذ يقول لي أنه يريد العودة وأنه تعب من الغربة واشتاق لنا كثيراً وأخبرني أنه ملَّ من الوحدة !! بعدها أغلق الهاتف وأخد يمزق ويكسر كل شيء بالشقة لأنه يرى ويسمع أصوات ليتخلص من هذه الهلاوس وشغل القرآن بصوت عالٍ وفتح النوافذ وبدأ يسمع القرآن كأنه بالعكس وأصيب بحالة ذعر شديدة وخرج راكضاً من شقته نحو الشارع التقى بجماعة من أصدقائه القدماء فأخبرهم بما يشعر أخذوه لشقتهم! وهناك بدأ يسمع أصوات ويرى أمور أخرى أصابته بالذعر والخوف وبدأ يرتجف خوفاً وتوسوس أن أحد الشبان وكان لا يحبه يريد ضربه خاصة أنه أخبره لحظة وصوله عن درجاته الجامعية وأنها جيدة لأنك تدرس كثيراً بسخرية!! أخي تخيل أنه رأى ذلك الشاب يضربه أو يريد ضربه بحزام !
فدخل إلى حمام وهناك قفز من النافذة من الدور الثالث ووقع أرضاً بعد أن كسر عموده الفقري وقدمه وحوضه!! بالفراش وبحاجه لثلاثة شهور ليستعيد صحته !
عاد إلينا لكن لم يعود كما كان بالسابق ! فهو كثير الصلاة وكثير قراءة القرآن! وأيضاً يبالغ بالنظافة بشكل كبير ! يطلب منا غسل كل ملابسه يومياً وأغطيته وكل ما حوله !! وأخبرني أنه بالأمس شاهد شيء أو توسوس بشيء كأنه حول بالعين أو انحراف بعينيه لا أعلم وصفه لكن قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ليتلاشى الشيء! أيضاً هو الآن يخاف أن يواجه الضوء يقول أن الضوء يسبب له الانحراف والصداع ويدقق بوصفه لحالته الصحية بشكل مبالغ فيه !! ويركز بالوجوه والألوان ! ويسرح أحياناً بمخيلته ! إذا جاء شخص ليسلم عليه يحدثه وعندما يذهب الشخص يسألني أخي هل كنت على ما يرام بالكلام! يقول إن نطقه ليس على ما يرام وأن حديثه ضعيف ! يدق جسمه بيديه ! يحدق بوجهه وتفاصيل وجهه ! يريد أخد الفيتامينات ! يخاف من البكتيريا والفيروسات والجراثيم ! يركز على الترتيب بشكل مبالغ فيه (كأن تكون المقاعد مقابل بعضها بغرفته)! يكره الإزعاج ! يحب أن يكون فراشه مرتب جداً بشكل دقيق !! ملابسه مرتبه كل شيء حوله مرتب بدقة !
أيضاً لا يحب أن يبقى وحيداً , ويقوم بأمور وعادات جديدة لم يفعلها من قبل كأن يمسك يدي ويد أمي ويحتضن أبي ويحب أن ننام بجانبه ! وإذا فعل أي شيء سيء أو مؤذي لأي شخص يبدأ بالتأسف والعناق يشعر بتأنيب الضمير لو تفوه بأي كلمة لأي شخص!
مع العلم أبي راجع أطباء بمصر بخصوص ما أصاب أخي ووصفوا حالته كالتالي:
الطبيب الأول قال إنه انفصام باونوي (كان أخي نائم وقتها بعد عملية جراحية ولم يراه الطبيب بل شخص بناءاً على كلام أبي الذي لم يحدث أخي عن الحادث ولا يعرف مجريات الأمور نهائياً بل اعتمد على تحيليه الذاتي للأمور) ووصف له حقن ودواء أوقفناه لأنه أهلك أخي وأتعبه وهو بالأساس مصاب بعموده الفقري ومتعب .. أيضاً قرأت الأعراض بخصوص الفصام الباروني لا يوجد أي عارض منها يتناسب مع حالة أخي , فهو هزيل , ضعيف , متعب , لا يحس بالعظمة أو القوى على العكس من ذلك تماماً!!
الطبيب الآخر جلس مع أخي وأخبره أخي بكل شيء أحسه وأخبره بالحادثة ! وما يضايقه ! أخبرنا الطبيب أن أفضل الحلول الدواء لمدى 6 أشهر إضافة إلى عودته لبيئته التي أحبها من قبل وبيته الأول! أعطاه دواء فافرين50 مرتين يومياً, وكويتابكس 100 مرة واحدة قبل النوم!
الهلاوس استمرت مع أخي قرابة الأسبوع قبل الحادث!
المبالغة بالتدين والنظافة الشخصية حوالي 2 شهر !
ما تشخيصكم للحالة وما الأسس الصحيحة للتعامل معه ؟! وكيف أجعله ينام بشكل أكبر لأنه لا ينام كثيراً (4-5 ساعات فقط) ؟
أرجو عدم نشر الرسالة أو حذف التفاصيل قبل نشرها حفاظاً على الخصوصية للمريض لوصفي حالته بدقة؟!
جزاكم الله خير
17/3/2017
رد المستشار
أشكرك "مالك" على ثقتك بالقائمين على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية من خلال لجوئك للمستشارين على الموقع ليشاركوك مشكلة أخوك ويساعدوك في تخطيها، بإذن الله....
بادئ ذي بدء من الأعراض التي وصف أخوك بها أنصحك بضرورة وسرعة اللجوء إلى طبيب نفسي يشخص حالته بدقة ويكتب له الوصفة الطبية الملائمة لحالته مع تحديد الجرعات المناسبة له حيث أن التدخل المبكر له دور كبير وفاعلية أكيدة في الشفاء بإذن الله تعالى أو عدم تدهور الحالة، فأخوك وفق الأعراض التي أشرت لها يعاني من فصام، والفصام في حقيقته ليس مرضاً واحداً وإنما هو مجموعة من الاضطرابات تتسم باضطراب التفكير والوجدان والإدراك والسلوك والإرادة....مع وجود أعراض كتاتونية (تخشب العضلات) في بعض الحالات.
والفصام هو أحد الأمراض الذهانية (العقلية) التي يقع فيها المريض ضحية اعتقادات وأفكار خاطئة ثابتة يؤمن المريض بها إيماناً قوياً ويستحيل إقناعه بعدم صحتها أثناء المرحلة الحادة من المرض.. وتسمى هذه الأفكار الخاطئة بالضلالات أو الهذاءات.. وتشمل ضلالات الاضطهاد والعظمة والإشارة وخلافه (كأن يعتقد أنه زعيم أو مخترع أو انه مراقب ومضطهد من جهة أو أشخاص ما)، وكثيراً ما يعانى من هلاوس صوتية (إدراك أصوات غير موجودة في الواقع)،
وهذه الأصوات قد تتحدث عنه أو تعقب على تصرفاته أو تسبه وتلعنه.. أو تأمره بالقيام بأفعال معينة كأن يضرب أو يقتل. وهناك أنواع أخرى من الهلاوس مثل الهلاوس البصرية أو الشميَّة أو اللمسية .. الخ ولكنها أقل حدوثاً.
والضلالات والهلاوس لا توجد بصفة مستمرة وبنفس الشدة طوال فترة المرض وإنما تنشط وتضعف.. تثور وتهدأ .. وهي تميز المرحلة النشطة من المرض.
أما بداية المرض فتبدأ بالمرحلة التمهيدية أو المنذرة وفيها ينسحب المريض من المجتمع ويغلق باب حجرته على نفسه كثيراً.. ويتدهور مستوى الأداء الاجتماعي ومهاراته الاجتماعية والذهنية.. ويقل عدد أصدقائه ومشاركاته في المناسبات الاجتماعية.. ويتناقص أدائه الذهني والوظيفي فيجد صعوبة في استذكار دروسه أو أداء عمله.. ونظراً لضعف الإرادة والنشاط يفشل الطالب في دراسته أو الموظف في عمله.. ويبدأ في إهمال نفسه ومظهره،
تبدأ بعد ذلك أعراض المرحلة النشطة في الظهور (الضلالات والهلاوس) .. وعندها يثور المريض لاعتقاده بأنه مضطهد وأن المؤامرات تحاك ضده وأيضاً لوقوعه تحت التوتر والخوف الشديد نتيجة الأصوات التي تخاطبه وتدفعه لارتكاب سلوكيات غير منطقية.
وبعد هدوء المرحلة النشطة والتي تختلف فترة نشاطها من مريض لآخر وقد تستمر في بعض المرضى سنوات طويلة يهدأ الحال وتظهر المرحلة المتبقية والتي تتميز بوجود بقايا الضلالات والهلاوس ولكن بصورة ضعيفة، مع وجود تدهور في أدائه ومهاراته الاجتماعية والذهنية والوظيفية وجمود أو برود في العاطفة والوجدان.
ويظهر الفصام في مرحلة المراهقة والشباب.. وهو يختلف تماماً عن مرض تعدد الشخصية الذى يقوم المريض خلاله بالظهور في شخصيات مختلفة.. ونرى تعدد الشخصية في كثير من الروايات والأفلام وأحياناً يحدث خلط في هذه الأعمال الفنية بين هذا المرض والفصام.
والفصام مرض مزمن.. يحتاج إلى علاج متكامل الجوانب حتى يتم إصلاح وتعديل الجوانب المتعددة التي تنهار أثناء المرض. فيجب التعامل مع الضلالات والهلاوس واضطراب الانفعال والوجدان وتدهور المهارات والقدرات الاجتماعية والذهنية.. ولو عالجنا كل هذه الجوانب وتركنا المريض خاملاً عاطلاً بدون عمل فأننا نحكم عليه بسرعة الانتكاس وعودة المرض مرة أخرى لذلك لابد أن يشرف الطبيب المعالج على برنامج للتأهيل والتدريب والعلاج بالعمل الذي يناسب المريض ونوع الفصام المصاب به، والمرحلة التي يمر بها، مع مراعاة العلاج الدوائي والنفسي الذي يخضع له.
التشخيص:
أعراض المرحلة النشطة لمدة شهر على الأقل، إلا إذا كانت قد عولجت بنجاح، ويتطلب التشخيص وجود عرضين على الأقل من الأعراض التالية:
أ - ضلالات.
ب - هلاوس.
جـ - كلام مفكك غير مترابط.
د - تفكك أو عدم انتظام السلوك أو ظهور أعراض اضطراب وتخشب الحركة (الأعراض الكتاتونية).
هـ - أعراض سلبية تشمل تناقص أو تدهور عدة جوانب أو وظائف.. مثل تبلد أو تناقص الوجدان، ضعف الإرادة، تناقص النشاط والكلام والحركة.
تراجع ونقص الأداء الاجتماعي والوظيفي وضعف العلاقات الاجتماعية والإنجاز في مجال الدراسة والعمل، كذلك نقص اهتمام الفرد وعنايته بمظهره.
أن لا تكون هذه الأعراض بسبب مرض آخر كالهوس أو الاكتئاب أو بسبب مرض عضوي أو تناول أدوية تؤثر على الجهاز العصبي.
يشترط لكي يتم تشخيص الحالة فصام أن تستمر هذه الأعراض مدة ستة شهور على الأقل.
ولكي يكتمل تشخيص الفصام لابد أن نحدد نوعه لأن الأعراض ومصير المرضى ونوع العلاج يختلف تبعا لنوع الفصام.
وشفاه الله وعافاه شفاء لا يغادر سقماً وتابعناً دوماً بأخباره