بطء وسواسي أم اكتئاب وسواسي أم ماذا؟ م
حكايتي مع الجنون
السلام عليكم د. وائل أبو هندي
أنا شادي صديق إسلام أونلاين القديم راسلتكم لآخر مرة منذ سنتين لأستشيركم عن تشخيص نفسي.. (بطء وسواسي أم اكتئاب وسواسي أم ماذا؟ م) أتناول الآن 100 مغ من السوليان Solian (اسمه التجاري zolen) صادف أن أصبت بأرق تواصل حوالي الشهر عندما توقفت عنه في الخريف الماضي مررت خلالها بتجارب وتفكير فلسفي عميق وهادئ يخص الجانب الوجودي والديني قرأت فيما بعد أن ذلك يسمى عند جماعة العهد الجديد باليقظة الروحية ..أما اليوم فأواصل تناول الدواء احتياطا واعذرني إن كنت أصر على عدم الارتباط بين الدواء واضطرابات النوم.
على كل حال غيرت الطبيب وأصبحت أزور طبيباً وهو محلل نفسي بإحدى الضواحي لم يرد مناقشة التشخيص ولم أعد أرغب في ذلك ولكنه كتب في ورقة التأمين أنني مصاب باضطراب انفصالي للتحويل cd وقال أن ذلك فقط لاسترجاع المصاريف حيث لا يمكن أن توافق مؤسسة التأمين على استرجاع المصاريف إذا قال أنني متوازن ولا أشكو من شيء وهو على كل حال لم يكن صادقاً في تشخيصه فإما هو يكذب عليَّ أو على صندوق التأمين..
د. وائل لقد قرأت في استشارة إسلام أونلاين الأولى (جسور التواصل.. تساؤلات نفسية عامة) كلمة Engram وبحثت عنه في جوجل فاكتشفت موضوع الـ enneagram بالصدفة واهتممت به في إطار اهتمامي القديم بأنماط الشخصيات والإنجرام هو تصنيف للشخصيات يركز على الدوافع الداخلية ويقسم الناس إلى تسعة أنواع رئيسة تكون بينها علاقات فأصبحت أفهم نفسي والناس بشكل أفضل...
عندما قلت لك في الرسالة التي تليها إنني غير قادر على العمل فالتشخيص الصحيح هو العجز والكسل وهو صفة تطرأ على ما يسمى بشخصية الوسيط وهي الشخصية التاسعة عندما لا يقدر على التحكم بمشاعره وعلاقاته كما ينبغي، فعندما تقول في الاستشارة الأخيرة أنها نوبة هوس وتتحدث عن النشوة الدينية فيحزنني ذلك لأنني أشعر أنك لم تفهمني..
أولاً بالنسبة لتفسيري الشخصي الذي لا يلزمك هو أن موضوع الهوس والنشوة يرتبط عندي بالشخصية السابعة وهو محب الحياة في الإنجرام.. ثانياً ما جعلك تفكر في ذلك هو حديثي عن المهدي المنتظر فدعني أفصل لك الموضوع عن المهدي المنتظر
نحن أيها الطبيب أمة مشتتة وتعاني ...وأنا أنسجم مع المحيط وأشعر بهذه المعاناة بعمق ورؤيتي أن ما يساهم في وحدة الأمة وجمع كلمتها هي قيادة أي أننا نحتاج إلى قيادة للأمة..
يصادف أننا نسمع نبوءات عن آخر الزمان عن أن هذه القيادة قد تكون على يد من يسمى بالمهدي فالمهدي عندي مرادف للقائد المرشد وليس منصب تشريف وعندما أقول أنني ظننت أنه هو فكلمة الظن قصدت بها معناها المناقض لليقين فهي مجرد فكرة لشاب مستعد أن يتولى المسؤولية الشاغرة رغم تواضعه وعدم كفاءته في انتظار البديل الكفء الذي فكرت فيه ولم أجرؤ أن أحدثك عنه
يصادف أنني في أواخر القرن الماضي وأنا من متابعي الفنون اكتشفت مغنيا في مجال الميتال يدعى marilyn manson كان غريب الأطوار وحفظت بعض أغانيه وشاهدت بعض حفلاته التي يحضرها الآلاف من المتحمسين ويمزق خلالها الكتاب المقدس ويصرخ أنه إله الجنس وكان إحدى عينيه مختلفة عن الأخرى فاعتقدت أنه الدجال وشعرت بالخوف وأصبحت أقرأ فواتح سورة الكهف كلما سمعت عنه
ما قد لا تعلمه أنني راسلت الدكتور أحمد عبد الله قلت له أنني أتوقع أن تتوحد الأمة في شكل خلافة أو غيرها ربما حتى افتراضياً عن طريق موقع إسلام أون لاين ورأيت أنه مناسب لتحمل المسؤولية ولاحظت أن اسمه موافق لاسم النبي كما يقول الحديث ولم أخبره عن هذا الدجال المفترض ولم أخبر أحداً تقريباً خوفاً أن يفتتن الناس به وقد حذرت منه الأحاديث ثم كلمت الدكتور أحمد هاتفيا طالباً الرد فقال مازحاً أن الموضوع يودي في داهية على حد تعبيره..
اليوم بعد كل هذه السنوات لا أعرف ماذا حدث لذلك الفنان المجنون وحتى دولة إسلام أون لاين لم تعد موجودة أصبحت كأنني كنت أطارد خيط دخان.. وما أردت قوله اليوم أنني لم أكن منتشياً ولم أكن مكتئباً كنت حزيناً وخائفاً ومتألماً أخفي ذلك السر تصحبني أحياناً حالات من الذهان والهلاوس التي كان محورها الوسيلة ...الوسيلة لا أعرف معناها أهي منزلة في الجنة أم قربة إلى الله أم زوجة بورقيبة؟؟
المهم أنني تخيلت أن كل الناس يتحدثون عنها ويخفونها عني وعن بعضهم وهو عقد اجتماعي يعرفه الجميع ولا يجرؤون على الحديث عنه في العلن أسمعها كلما سمعت ضمير الغائب المؤنث هي وكلما تناجى الناس من حولي كانت في كل مكان ..لكنها ليس لها عنوان .. ليس لها عنوان يا ولدي..كان ذلك مثل فيلم 23 لجيم كاري إن كنت تعرفه…
كل ما حدثتك عنه لم أخبر عنه أي أحد تقريبا ولا حتى الأطباء الذين أزورهم دائما .. لم أجد الفرصة ولم أكن أثق بهؤلاء الفرانكفونيين السطحيين..أقول إنني لا أعنيهم وإن أمتنا الإسلامية لا تعنيهم هذا إن كانوا يؤمنون بالغيب أصلا..
على كل حال أشكرك على فهمك لحكايتي مع الجنون واطمئن فلن أترك ذلك البلاسيبو احتياطا سواء كنت مريضا أو معافى وسواء كنت بدينا أو رشيقا
وأتمنى لي ولنا الشفاء ...وللأمة
6/4/2017
رد المستشار
الأخ الفاضل والصديق القديم "شادي" أهلاً بك مجدداً ودائماً على مجانين وشكراً على الثقة والمتابعة.
أعادتني متابعتك هذه ثلاثين عاماً إلى الوارء عندما كنت في عز شبابي طبيب امتياز بمستشفيات جامعة الزقازيق ..... أيامها أهداني أحد أصدقائي المقربين من الأقباط -عندما رأى إصراري على اختيار الطب النفسي تخصصاً- كتاباً لكاتب أمريكي يدعى "إل رون هابرد" والكتاب من سلسلة الأفضل مبيعاً واسمه "ديانيتيكس Dianetics "... أيامها لم أجد ترجمة لتلك الكلمة ونحت واحدة لك في تلك الاستشارة هي "علم الصحة العقلية الحديث"، وفي ثنايا الكتاب وجدت كلمة Engram إنجرام ولم تكن لها ترجمة هي الأخرى لكنها كانت تعني الذكرى المزعجة المخزنة في الخلية البشرية وقد ترجمتها لاحقا بـ "الأثر المخلّف" ثم وجدت اليوم من ترجموها بـ "الأثر الدائم"، فقد كان الكتاب يقدم ما تستطيع تسميته حلاً لكل المشكلات النفسية والاجتماعية بل وحتى لعيوب الإبصار !!! ولا أدري إن كان لذلك علاقة باختيار صديقي ذلك لتخصص طب وجراحة العيون... مع أن والده كان من كبار أطباء العيون في مدينتهم آنذاك..... عرفت بعد ذلك أن الكتاب ينتمي أو يؤسس لمذهب جديد يسمى الكنيسة العلمية Scientology ... وأن أمره مريب... وكما كتبت لك في ردي على الاستشارة التي عنونتها محررة الصفحة آنذاك: جسور التواصل.. تساؤلات نفسية عامة فقد اتضح بعد طبع وشيوع ترجمة للكتاب في الأسواق العربية أن (للأمر علاقة بطائفة كنسية لا علم لي بتوجهها، ولكن دعاتها ليسوا أهلاً للثقة، وكانت تلك واحدة من الحالات القليلة التي نجد أنفسنا فيها شاكرين للرقابة على المطبوعات) ليس هذا فقط بل إن من قاما بترجمته إلى العربية ونشره في مصر اتضح أنهم جواسيس لإسرائيل.... ولفظة إنجرام تلك وجدتها في ذلك الكتاب...
لكن قراءة ذلك الكتاب بالإنجليزية في سنة الامتياز قدر الله لها فضلاً كبيراً عليَّ فهو مثال على التوجهات ضد الطبنفسية Antipsychiatry Attitudes جعلت لي عينا ناقدة وأنا ما أزال أتعلم وكبر ذلك معي وظني أنه كثيراً ما نفعني... والله أعلى وأعلم.
أشكرك كذلك على معلومة الإنياجرام enneagram أو الأشكال التسعة للشخصيات فالكلمة دمج كلمتين يونانيتين: كلمة إنيا : εννεα – تعنى تسعة، وكلمة غراموس : γραμμος – أو جرام وتعنى خط مرسوم أو مكتوب، وأعد بقراءتها بتأن للتعلم... وقد عرفت أنها تسمى في الأدبيات الكنسية بـ" التساعية" وأن في مفاهيمها جوانب من التقاطع مع عقيدة الاستنساخ وعقيدة الروم الكاثوليك،... وهو انتقاد من أساقفة الولايات المتحدة الكاثوليك يدعو لعدم استخدام هذه الطريقة التي تحاول الدمج بين معطيات العقيدة المسيحية والعلم الحديث فيما يتعلق بأنواع الناس وكيفية التعامل معهم.... ومن الناحية العلمية الموضوعية فإنها للأسف غير ممكنة الإثبات ويعتبرها البعض ضربا من العلم الزائف Pseudoscience ...... رغم ذلك فإن فيها من التأملات ما يبدو صالحا جدا للاستعمال ... شكراً بجد على المعلومة.... ويبدو أنك تقرأ كثيراً في الأدبيات المسيحية... هذه الأيام.
ما تصفه أنت اليوم في إفادتك عن ما كان عندما راسلتنا على مجانين يؤكد ما ذهبت إليه أنا من تشخيص المسألة ببساطة أن الحالة التي تسميها جماعة العهد الجديد باليقظة الروحية، يسميها الطب النفسي بنوبة الهوس.... ومن علاماتها ما يرد حتى في وصفك الحالي لها مثل قولك :
(...محورها الوسيلة .... الوسيلة لا أعرف معناها أهي منزلة في الجنة أم قربة إلى الله أم زوجة بورقيبة؟؟).... (لكنها ليس لها عنوان .. ليس لها عنوان يا ولدي) فهذا اسمه الربط بالسجع Clang Association ... وإلا كيف الانتقال من المنازل الروحية ومنازل القرب من الله إلى خبرات الاستبداد والاضطهاد العسكري والمخابراتي ؟ وكل ذلك عبر الوسيلة محور حالاتك والتي لا تعرف لها معنى ولا عنوان ؟ ... لأنها ليس لها عنوان يا "شادي"..
وقولك ((تصحبني أحيانا حالات من الذهان والهلاوس التي كان محورها الوسيلة)) فغني عن البيان تذكيره لنا بقفزات النشوة الدينية الفائقة التي تعاتبني فيها يا "شادي" وتشعر أني لم أفهمك وتحزن!.
وأما قولك (تخيلت أن كل الناس يتحدثون عنها ويخفونها عني وعن بعضهم وهو عقد اجتماعي يعرفه الجميع ولا يجرؤون على الحديث عنه في العلن أسمعها كلما سمعت ضمير الغائب المؤنث هي وكلما تناجى الناس من حولي كانت في كل مكان) فيشي بأعراض ذهانية مصاحبة للهوس، ليس هذا فقط بل إن تداخل المواضيع التي حكيتها وانتقالك من الكلام عن المنازل الروحية إلى الاستبداد العسكري والمخابراتي وغير ذلك، وكذلك انتقالك من ترقب قيادة للأمة إلى الخوف من أن يكون مطرب الميتال المشار إليه marilyn manson هو المسيخ الدجال ثم رؤيتك لموقع إسلام أونلاين الذي وصفته لاحقا بالدولة أنه (قد يوحد الأمة في شكل خلافة أو غيرها ربما حتى افتراضيا) كل هذه أعراض وعلامات تشير إلى الهوس.
ما فهمته من إفادتك هو أنك تعيش على جرعة صائنة من عقار الأميسلبريد بجرعة 100 مجم، وأن ما تحكيه من خبرات تتعلق بالوسيلة والجو المخابراتي (الزوراني) هو حكي دقيق عن قديم وأنت الآن مستقر تماماً على جرعة 100 مجم – وإن كانت قليلة جداً من الناحية التجريبية- وربما من الله عليك بقدر أكبر من التوازن المزاجي... لكن إن كان غير ذلك أي أنك تتكلم عن وقائع ما تزال تحدث.... فإن عليك التواصل مع الطبيب -الله يهديك- ... طمئنا يا "شادي" وتابعنا بالتطورات الطيبة.
ويتبع >>>>>: بطء وسواسي أم اكتئاب وسواسي أم ماذا؟ م2