مخدر المعجون يحرمني العيش بسلام
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد:
فقد قمت بأكل مخدر المعجون قبل 20 يوماً وكانت تلك المرة الأولى التي أتناوله فيها وحدث لي شيء لا يطاق، طار عقلي لعالم آخر فأصبحت لا أميز الواقع وأصبحت تأتيني أوهام مثل أنني إنسان أحمق أو أنني في عالم آخر أو أنني مت والناس تدفنني. وبعدها ذهبت عند أمي وأخذتني إلى شخص لكي يرقيني لكنني أخبرته بحقيقة أني أكلت المعجون فبدأ يصب الماء على رأسي.
المهم كررنا عملية صب الماء على رأسي بعد كل ساعة وبعدها بدأت أصحو شيئاً فشيئاً حتى أصبحت على ما يرام. ثم بعد ذلك صمت يومين بعد ما حدث لي ظناً مني أن ذلك سيزيل المخدر من دمي. لكن بعد مرور 20 يوماً راودتني نفس الحالة فأحسست بالخوف الشديد وبدأت أفشل في تمييز الواقع مجدداً وفي هذه المرة جاءتني أوهام أنني ميت وأنا روح فقط بدون جسد وبقيت هذه الأوهام معي حتى وصلت للمنزل لأني كنت بالخارج وصببت على نفسي الماء.
أنا الآن خائف أن أصبح أحمقاً أو أن أفعل شيئاً سيئاً لنفسي إذا راودتني هذه الحالة مرة أخرى.
أتمنى أن تنصحوني وتقدموا لي المساعدة
9/4/2017
رد المستشار
السلام عليكم الأخ "يونس"، ومرحباً بك على الموقع، وقد أحسنتَ بإرسال استشارتك، ونعتذر لك عن التأخير الحاصل.
أولّاً أحبّ أن أفسّر ما هو مخدّر "المَعْجُون" لأنه مصطلح دارج مغربيّ.
المعجون عجوة (عجينة) تُصنع من بقايا القنّب الهندي (الحشيش أو المريخوانا) Cannabis المخدر المعروف، بعد فرز مكوناته الأكثر جودة، مع بعض المكونات الأخرى، وتختلف عناصر الخلطة في خطورتها، فقد تبدأ بأعشاب منتشرة عند أصحاب الأعشاب التقليدية، مثل جوز الطيب noix de muscade، أو الحرمل Peganum. أو نبات الخشخاش Pavot. وهناك من يخلطها بحبوب الهلوسة مثل (LSD, MDMA) وهي مهلوسات Hallucinogène قوية، تستعمل في العلاجات الطبية أحياناً، ومنهم من يستعمل مضادات الذّهان Psychotropes (أدوية المرضى العقليين) على شكل قطرات أو حبّات... ولكن أكثر العناصر انتشارا في الخلطات هي المريخوانا، وللمتعاطين إبداعات أخرى.
مما سمعتُ وقرأتُ أنّ الأعراض التي شعرتَ بها، من تبدد الواقع وصعوبة تمييزه، أو فزع وهلع وزيادة ضربات القلب.. إلخ.. كلها أعراض ناتجة عن العناصر المخدّرة والمهلوسة التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي.
وهناك حالات كثيرة للتسمّم يضطّر المصابون لغسل أمعائهم في المستشفى بعدها (90% من حالات التسمم بين 1980 و2011 كانت بسبب المعجون، حسب المركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، المغرب)
ولكن من المعروف أيضاً زوال تلك الأعراض بعد عدّة ساعات. ولا تعود بعد ذلك حتى بعد أيام، فما بالُك بمرور 20 يوماً؟!
لذلك أظنّ أنّ هذه الأعراض التي شعرت بها بعد 20 يوما قد تدلّ على نوبة هلع وقلق المصاحب باضّطراب الأنّية Dépersonnalisation فيما تصِفُه بالإحساس بالجنون أو كأنّك في عالم آخر، أو ميّت أو تُدفن وكأنّك تشاهد نفسك من مكان خارج نفسك! وقد يُصاحِبه تبدّد الواقع Déréalisation وهو عدَم تمييز واقعك المحيط بشكل جيّد وكأنه صار فجأة غريباً وغامضاً وغير مألوف. و"المعجون" كان محفّزا لظهورها، مع استعداد قبلي للمرض على ما أظنّ. وهذا من الاضطرابات التفارقية Troubles dissociatifs وهي نوع من تشتت وتمزق بين الوظائف الذهنية المتماسكة عادة، إدراك الذات والواقع والذاكرة... وهذه الحالة ليس نادرة بين من يتعاطى الحشيش (دخانا أو أكلا).
أو أنّ تجربتك مع المعجون وما شعرتَ به هو ما أدّى بك للقلق والفزع، فعادت الأعراض رغم غياب محفّز "كيماويّ" لها. في محاولة للنفسية في "فصل" تلك التجربة المرعبة والغريبة عن ذكرياتك وتفعيلها دفاعا يُفرز هذا الاضطراب وهذه الأعراض.
لذلك أنصحك بأن تزور طبيبا نفسيا أو طبيب أعصاب لكي يُشخّص حالتك بدقّة مع ذكر حادثة المعجون هذه، وسيعطيك الدواء المناسب في حالة تمّ تشخيص الحالة بنوبة هلع وقلق، وليبدأ معك برنامجا علاجيا لتجاوز أسباب محتملة لهذه النوبة، فالمعجون لم يكُن إلا مهيّجا للمكنون. وليعرف أكثر عن وضعك في الدراسة والأسرة والحياة عموما.
وطبيعيّ أن تفزَع فهو إحساس غريب وغير طبيعيّ يحملك على الهلَع، ولكنْ إن فهمت ما يحصل لك ستقلّل من قلقك وتفاعلك مع الهلع، كي لا تزيد الحالة سوء، فكما تعلم هلع وقلق مقابل هلع آخر وقلق آخر منهما ليس صحيّا.
وإليك بعض الروابط عن حالات شبيهة:
نوبة الهلع وتبدد الواقع ! خلطة قلق
الحشيش واضطراب الهلع
اختلال الإنية : اضطراب انفصالي: تبدد الشخصية وتبدد الواقع
الانفصال أو الانشقاق اختلال الإنية وتبدد الواقع
بعد الحشيش اختلال الإنية أو تبدد الشخصية
أعراض ترك مادة الحشيش : تقريبا مفيش !
ويتبع>>>>>>> : معجون الحشيش يا مهلوس ! م