مشكلتي غريبة
إلى فريق صفحة الاستشارات، بموقع مجانين
سلام من الله عليكم وبعد؛ أرسل لكم هده الرسالة بعدما طفح بي الكيل,فأنا أنتظر وأن أنتظر موعد فتح باب قبول الشكاوى وعندما يحين الموعد أصدم بإعلان عن وصول الشكاوى إلى الحد المطلوب وبقيت على هدا الحال لمدة ثلاث أسابيع. فلم أجد ملجأ إلا أن أرسل لكم مشكلتي عن طريق هدا الإيميل مشكلتي وهي غريبة بعض الشئ وربما هي أغرب ما قابلكم من مشاكل.
أنا شاب في نصف العقد الثالث من العمر ومشكلتي هي شكلي,فقد وهبني الله قصرا في قامتي وكبرا في جمجمة رأسي مما جعل شكلي مضحكا. والمشكلة لا تنتهي هنا وإنما عندما أحاول أن أرضي نفسي ,أصطدم بنظرات الناس واستهزائاتهم مني مما جعلني أفكر في الانتحار مرات ومرات. حاولت أن أغير من نمط حياتي من أكل وملبس حتى تعاملي مع الناس ولكن لا فائدة فالناس هم الناس والجرح هو الجرح وإنما أكبر. كرهت الوقوف حتى أمام المرآة لكي أصفف شعري’ ولأنه وبكل بساطة بدأت أكره كل شيء يذكرني بحالي. ولا أخبئ عليكم لقد دعوت الله بشدة وحتى عندما كنت في الحج أيضا دعوته بشدة أن يطيل في طول قامتي وأن يصغر من حجم رأسي وجمجمتي وأن يهبني قواما وشكلا كغيري من الشباب, ولكن وللأسف لا أجد إجابة وأثر ذلك على نفسي وبدأت أسلك طريق الضلال وضيعت نفسي ومالي وكل شئ ودلك وببساطة لأنني لا أجد ما أخسره أكثر مما خسرته.
علمت بأن الدعاء لا يستجاب بدون السعي ولكن كيف لي أن أسعى كي يستجيب الله دعائي وما هو نوع الجهد الذي يجب علي أن أقوم به.
المشكلة لا تنتهي هنا وإنما أثر هدا أيضا على حياتي العاطفية, فأنا لم أجد من تقبلني صديقا كباقي أصدقائي فما بالك بأن تقبلني زوجا, لأنه وبصراحة لا أحد يقبل بالنظر إليك أو أن يستوعب أن تكون رفيق حياته.
سؤالي بالله عليكم: هل يجيب الله دعائي أم أن ما أطلبه خارج عن الطبيعي وأنه لدلك لن يجيب الله دعائي؟
فإن كانت الإجابة بنعم فلله الحمد ولكن متى وأنا أواجه استهزاءات الناس يوم أكثر من اليوم الذي قبله؟
وإن كانت الإجابة بلا فهل هدا معناه حكم بأن أعيش باقي عمري هكذا؟
وهل في الإمكان إجراء عملية لإطالة القامة مثلا وتنقيص في حجم جمجمة الرأس؟
وهل هناك أسباب علمية لكبر الجمجمة وصغر القامة ويمكن تجنبها, فأنا وبكل صراحة لا أحب أن يحدث هذا لأي شخص آخر حتى لا يعاني ما أعاني؟
وعندي طلب آخر لو سمحتم:
1- أن تكون الإجابة خارجة عن منطق الفلسفة فأنا لا أفهم في الفلسفة؟
2- أن يشترك في الإجابة عن سؤالي شيخ وطبيب عالم ولا يهمني من يكون ذلك الشيخ أو الطبيب.
3-أن لا ينشر تساؤلي هذا على موقعكم منعا للإحراج وأن يتم إرسال الإجابة على إيميلي المدون في نهاية رسالتي.
أنا لا أبحث عن إجابة يكون فيها نوعا من العطف أو ممن تكون قد مست رسالتي هده مشاعره فأحزنه حالي ولكن أريد الصراحة ولا شئ آخر غير الصراحة.
وكما قلت أعلم أن سؤالي مستعصي عن الإجابة بعض الشئ وأن طلباتي كثيرة ولكني لم أرسل هده الرسالة إلا طمعا في سعة صدوركم وأن أجد عندكم الجواب الشافي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
22/6/2004
رد المستشار
الأخ العزيز: أهلا وسهلا بك، ونشكرك على ثقتك كما نعتذر لك عن تعذر الوصول إلى خدمتنا، فما وضعنا سقفا لكمِّ ما نتلقى من مشاكل من خلال صفحتنا استشارات مجانين، إلا لاعتبارات تطويرية للخدمة التي نقدمها، فالخدمة في استشارات مجانين تتجه شيئا فشيئا نحو الاقتراب أكثر من طالبي الخدمة من صفحتنا من أجل تواصل أعمق، وقدرةٍ أكبر على الفهم، وذلك من خلال الحوار الحي واللقاءات المصورة بين المستشار والمريض، نحن إذن لا نتهرب منكم ولا نشكو من زيادة العبء (وإن كان العبء ثقيلا)، وإنما نحاول أن نطور من أنفسنا
أنت لا تريد فلسفة من مجيبك، وتريد رد طبيب عالم، ورد شيخ، وأنا أعتقدُ أنني طبيب نفسي باعتراف معظم وزارات الصحة العربية، وحاصل على درجة الدكتوراه في الطب النفسي، والاهتمام باضطرابات صورة الجسد، أو قل بوسواس الشكل والرشاقة هو أحد أهم اهتماماتي الحالية في عملي وبحثي، وهو يعني أن شخصا ما غير راض عن صورة جسده (سواء التي خلقه الله عليها أو التي اكتسبها بسبب تصرفات أو أحداث حدثت له في حياته، وهذا الشخص يكبر المسألة أكثر من اللازم، ويعلق عليها كل شيء في حياته فإن فشل فبسببها، وإن عجزَ فلأنه أقعدته وهكذا، وهذا الشخص يوسوس بكل ما يتعلق بكيف أبدو شكلا وكأن أهم شيء في حياته هو كيف يبدو شكلا لا مضمونا)،
فما رأيك أن الاهتمام بالشكل دون المضمون والإفراط فيه يجعلك تحذ منهجا مخالفا بعض الشيء للمنهج الديني الذي تطلب فيه رد شيخ وأعدك بأن يرد عليك شيخ فقيه من إخواننا في الفتوى، ولكنني لن أستطيع منع نفسي من التعبير عن رأيي طالبا مثلك رأيهم، ما رأيك أن هذا السلوك وحده ينافي روح الإسلام ، لأن الإسلام يربي أتباعه على التوكيدية وعلى فرض الذات (ما دامت ترضي ربها) على الواقع الخارجي، ويسمح بالتنوع بين البشر، وأن هناك القصير والطويل والربعة في الطول كسيد الخلق عليه الصلاة والسلام والضخم الجسد كالإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، وهناك صاحب الرأس الكبيرة وصاحب الرأس الصغيرة، وكلهم سواسية أمام من يجب أن يهتم المسلم بكيف يبدو أمامه وهو الله عز وجل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا ينظرُ إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظرُ إلى قلوبكم" صدق رسول الله عليه الصلاةُ والسلام أخرجه مسلم في صحيحه.
ويعلمنا الإسلام أول ما يعلمنا أن نرضى بما قسم الله لنا، أي أنه يعلمنا القبول أن نقبل أجسادنا لأنها من خلق الله، ونقطة القبول (بما أعد الجسد بيولوجيا إليه) هذه النقطة يا بني هي النقطة التي وصل الغربيون إليها، بعد كل محاولاتهم المستميتة لما يمكن اعتباره تغييرا لما تتجه أجسادنا بيولوجيا إليه ومحاولة للتحكم فيه، ويسميه فهمي الشخصي للإسلام تغييرا لخلق الله حذرنا الله منه،
ويقول الغربيون في هذه النقطة جسدك هو أنت فكيف لا ترعاه وتعتني به؟ بينما نقول نحن المسلمين أن الجسد أمانة أودعها الله معك (أو أودعك فيها) وأفضل ما قيل فيها هي ما علمه لنا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من أن لجسدك عيك حقا:
عن أبي جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: آخى بين سلمان وبين أبي الدرداء، فجاء سلمان يزور أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، قال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك ليس له حاجة في الدنيا، فلما جاء أبو الدرداء رحب به وقرب إليه طعاما، فقال له سلمان: اطعم، فقال: إني صائم، قال: أقسمت عليك إلا ما طعمت، ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل معه، وبات عنده، فلما كان من الليل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان، ثم قال يا أبا الدرداء إن لربك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، صم وأفطر، وقم ونم، وائت أهلك، فلما كان عند الصبح قال قم الآن، فقاما وصليا، ثم خرجا إلى الصلاة فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، قام إليه أبو الدرداء فأخبره بما قال له سلمان، فقال له: رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما قال سلمان له، وفي لفظ: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقا مثل ما قال لك سلمان. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (كنز العمال)
ما قصدت من كل هذا التقديم إلا لأبين لك أن نقطة البداية هي الرضا، وبعد ذلك نبدأ في محاولة التعامل مع ما يمكن التعاملُ معه من عيوب في الشكل الخارجي، بحيث تكونُ التعامل غير مشتملٍ على محاولة تغيير خلق الله عز وجل، فعندما تحدثني عن قصر القامة، فإن معلوماتي الطبية تقول أن هناك مرحلة عمرية إذا تجاوزتها (ونحن نرى سنك متجاوزا لتلك المرحلة فهي مرحلة البلوغ أو قل العقد الثاني من العمر) فإنك لا تستطيع استخدام عقاقير تزيد من طولك (مستخلصات هرمون النمو Growth Hormone)، معنى هذا أن مسألة إطالة القامة غير ممكنة طبيا، وبعد ذلك تسأل عن عمليات لتصغير الجمجمة !!! فهل تعتقد أن هذا ممكن بعد سنوات العمر الأولى!؟
وأما أن تكونَ هناك أسباب طبية لقصر القامة أو كبر الجمجمة، فبالطبع هناك ومعظمها أسباب وراثية ومن الممكن أن يتم تجنب بعضها إذا انتبه الأهل في الصغر، ولكن من المهم أن تعرف أن كلمة وراثية هنا لا تعني أن أحد الآباء أو الأجداد كان بنفس الشكل، وإنما تعني أن تأثيرا ما قد طرأ على المادة الوراثية التي تسمى بالجينات، بشكل يؤثر على عمل الغدد الصم مثلا، أو غير ذلك من الأسباب كبعض أمراض العظام أو الغضاريف إلى آخره.
إن عليك يا أخي الفاضل أن تراجع نفسك، وأن تعلم أن النموذج الواحد للوسامة (على غرار جيمس بوند وستيف أوستون أو نانسي عجرم أو غير ذلك) هو نموذج كاذب فرضته التوجهات الغربية ثم جعلته ثقافة الصورة المطبوعة والسائلة (السينما والتليفزيون والفيديو والكومبيوتر) التي صبغت عصرنا هذا نموذجا لحوحا بشكل أحال حياة الكثيرين إلى عذاب، فقل لنفسك أنا يجب أن أكونَ كما أنا وليس كما يريد الآخرون، واعلم من جهة أخرى أن الله سبحانه وتعالى عادل فهذه عقيدتنا، فإذا لم تعط جمال الصورة فإن جمال الروح أبقى، وهناك أيضًا نعمة الحكمة ونعمة الرزق، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، أتمنى ألا تكونَ عباراتي السابقة داخلة ضمن إطارات الفلسفة، فإن رأيتها كذلك فاعلم أنها فلسفة الإسلام أي الدين الذي طلبت أن نحدثك في إطاره، وليس لدي بعد ذلك غير إحالتك إلى بعض الردود السابقة من على موقعنا مجانين، والتي تناقش مشكلة الصورة وأثرها وكذلك مشكلة النحافة، فانقر العناوين التالية:
فخ الصورة : أول الملف
فخ الصورة : أول الملف ، متابعة
فخ الصورة : النحافة أيضا مشكلة
كلنا في فخ الصورة : توهم النحافة !
وأهلا وسهلا بك دائما على موقعنا مجانين، فتابعنا بأخبارك.