الاكتئاب؛
السلام عليكم ورحمة الله؛
مشكلتي في البداية وقبل عدة سنوات بدأت بزيادة ضربات القلب والتعرق والقلق وكنت أذهب للمستشفى وأعمل تخطيط وما إلى ذلك وتظهر النتيجة طبيعية وكانت هذه الحالة تأتي كل أسبوعين وبعدها قررت أن أذهب إلى استشاري قلب وبعد عمل جميع الفحوصات ظهرت طبيعية، ولكن الحالة تظهر بين الحين والآخر
نسيت أن أقول لك أني أنا لا يوجد لدي أخوة أولاد سوى واحد أكبر مني ويعيش بعيد في بلد أخرى وجميع اخوتي البنات متزوجات وأنا وأمي نعيش فقط وأنا أظهر إنسان شجاع وقوي ولكن بداخلي إنسان خجول وما عندي من الشجاعة أي شي وحساس أيضا وقد استدنت الكثير من الأموال ووصلت لحد العجز على سدها وتراكمت على الضغوط مطالبين بزواجي وأخيرا تم زواجي ولكن للأسف لم يدم طويلا وتم الطلاق لعدم التفاهم فيما بيننا.
خلال فترة ما قبل الزواج ذهبت إلي طبيب نفسي ووصف لي علاج اسمه زانكس أو كنكس وكنت استعملها عند اللزوم واستقرت حالتي بعدها، وبعد ذلك انقطع هذا العلاج من السوق ولم أجده وأصبحت إنسان طبيعي ولكن في الليل يأتي في بعض الأحيان قلق وألم بالصدر ويدخل في فكري الجلطة وما إلى ذلك.
أما الآن مشكلتي اضطرابات في النوم لا أنام سوي أربع أو خمس ساعات يوميا وعندي مشكلة أخرى أني خلال هذا العام عندي القولون العصبي يتعبني قليل وأستعمل حبوب ليبراكس يوميا وأنا ولله الحمد لا أشرب ولا أستعمل أي منبهات إلا دخان فقط
أرجو مساعدتي وتوضيح ما هي مفعول حبوب الكنكس وهل هي تؤدي إلى الإدمان لأني أفكر فيها دائما وأتمنى لو كانت عندي مع أني إذ حصلت عليها سابقا كنت لا أستعملها إلا كل أسبوع أو أسبوعين مره واحدة فقط شاكرين لكم تعاونكم.
26/08/2003
رد المستشار
الأخ السائل؛ العزيز أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، ونعتذر عن تأخرنا في الرد عليك بسبب الضغط غير المتوقع من السادة زوار الصفحة، إن ما يفهم من حالتك كما وصفتها في إفادتك هو أن البداية تمثلت في ما نسميه في الطب النفسي بنوبات الهلع Panic Attacks التي أصابتك وكانت تعاودك كل أسبوعين، ونوباتُ الهلع هي نوبات متكررة من القلق الشديد (الهلع) لا تقتصر على-أو ترتبط بـ- موقف خاص أو مجموعة من الظروف، وبالتالي لا يمكن التنبؤ بحدوثها.
وتتباين الأعراض البارزة في هذه النوبات من شخص لآخر كما هي الحال بالنسبة لاضطرابات القلق الأخرى، ولكن تشيع البداية المفاجئة للخفقان وألم الصدر وأحاسيس الاختناق والدوار والأحاسيس باللا واقعية، واختلال الشعور بالذات (أو اختلال الإنية Depersonalization) أو تغير إدراك الواقع Derealization، كما يترتب على ذلك دائمًا تقريبًا خوف من الموت أو من مرضٍ عضوي خطير بالقلب أو الصدر، أو من فقدان السيطرة على النفس أو الجنون، وتستمر كل نوبة على حدة لمدة دقائق فقط، وإن كانت تطول عن ذلك أحيانًا، كذلك يتباين معدل وقوع هذه النوبات ومسارها.
وأثناء نوبة الهلع يعيش المرضى تجارب متسارعة من الخوف ومن أعراض الجهاز العصبي المستقل تؤدي بهم إلى الخروج على عجل عادة من أي مكان يكونون به، ولعل الأهم هو الخوف من تكرار الحالة، لأنها تكون مرعبة كما بينا، وقد كنت تستجيبُ في كل مرةٍ بعرض نفسك على الأطباء وتجرى لك الفحوص والتقصيات التي دائمًا ما تظهر نتيجتها طبيعية، وأخيرًا طمأنك عرض نفسك على استشاري القلب، ولكن النوبات ما زالت تعاودك وإن كانت كما يفهم من إفادتك قد أصبحت أخف الآن.
وفي بعض الحالات تتكرر هذه النوبات بشكل يجعل المريض خائفًا باستمرار من حدوثها وربما تجنب المواقف التي حدثت له فيها النوبات إلى حد أن بعض المرضى يصل بهم الحال إلى التزام بيوتهم والخوف من الخروج، وهذه هي حالات اضطراب نوبات الهلع Panic Disorder وحالات رهاب الساحة Agoraphobia وغيرها مما لم يحدث لك والحمد لله، فالذي حدث معك هو تحسن بسيط بعد أن طمأنك طبيب القلب الذي قمت بعرض نفسك عليه، رغم أن سلوك ذلك الطبيب لم يكن بالسلوك الموضوعي مع الأسف، لأن واجبه كان تحويل الحالة إلى أحد المختصين بالطب النفسي.
وأما ما يتعلق بظروفك الأسرية فلم يكن يبدو فيها ما يستدعي القلق، اللهم إلا ما لم توضح لنا سببه من استدانتك لأموال كثيرة وتراكم الديون عليك، وكذلك علاقةُ ذلك بمطالبتك بالزواج؟ والذي لم يدم طويلاً فهنا كثيرٌ مما يستدعي القلق ولا نجد لدينا معلوماتٍ كافية بشأنه، وأما فكرتك عن نفسك أنك (وأنا أظهر إنسان شجاع وقوي ولكن بداخلي إنسان خجول وما عندي من الشجاعة أي شي وحساس أيضا)، فتحتاجُ لإصلاحها بعض جلسات العلاج المعرفي السلوكي عند طبيب نفسي متخصص.
وأما خبرتك مع الطبيب النفسي الذي وصف لك عقار الألبرازولام أو الزاناكس، فلم تكن خبرةً موفقةً مع الأسف رغم أنك شعرت بتحسن كبيرٍ بعدها، وسببُ رأينا هذا هو أن طبيبك فيما يبدو قد اختار الطريق السهل سريع المفعول معك بإعطائك ذلك العقار الذي يمكنُ أن يتسببَ في حدوث الإدمان ولكن ليس في حالة استخدامه بالطريقة التي تصفها أي ليس عندما يستخدم مرةً أو مرتين كل أسبوعٍ أو أسبوعين، وإنما يحدث التعود والإدمان عند استخدامه يوميا لمدة ثلاثة شهورٍ متصلةٍ على الأقل.
إذن ما الذي حدث معك؟ ولماذا ننتقد طبيبك النفسي؟ الذي حدث معك هو أن طبيبك لم يكن يجب عليه أن يصف لك مثل ذلك العقار إلا في إطار برنامج علاج معرفي سلوكي متكامل، بحيث يكونُ استخدام الألبرازولام في الفترة الأولى فقط إلى أن يتمكن الطبيب النفسي من تعليمك كيف تواجه النوبات وكيف لا تعتمد اعتمادًا نفسيا على العقار، وكيف تعرف أنك أنت الذي يفعل ويواجه وليس العقار لكي نتجنب ما نسميه تعلم المواجهة بالعقار State Dependent Learning، فرغم أنك لم تستخدم العقار لفترةٍ طويلة ولا متصلةٍ إلا أنك تشعر في نفسك أنه هو الذي مكنك من الشعور بالراحة، ولذلك تشعر بالشوق والتوق إليه وتتمنى لو كان متاحًا لك، ونحن نحمد الله أنه غير متاح! فنحن ننصح في مثل حالتك بالعلاج المعرفي السلوكي، ونفضل عقاقير أخرى غير العقاقير التي تعمل بطريقة الألبرازولام.
وأما ما تمر به الآن وتشتكي منه فهي فترة من الأرق، وهو أحد أعراض القلق التي قد تكون طبيعية وعابرة، وقد تكون بداية للعديد من الاضطرابات النفسية، وفي الحالة التي تكون أعراض القلق فيها طبيعية وعابرة غالبًا ما نجد نوعًا ما من الكروب الحياتية (التغيرات الحياتية أو الأحداث ذات الدلالة الخاصة في حياة الفرد)، لكننا كثيرًا ما نجد نفس الوضع في حالات القلق التي لا تكون عابرة، وتمثل هذه الكروب الحياتية هنا عاملاً مرسبًا لحدوث الاضطراب النفسي المعين في شخص لديه تهيئة (استعداد) للإصابة بهذا الاضطراب النفسي، ولعل هذا ما تشير إليه في إفادتك بقولك:"بداخلي إنسان خجول وما عندي من الشجاعة أي شي وحساس أيضا" ونحيلك هنا إلى قراءة إجابةٍ سابقة لنا على صفحتنا استشارات مجانين بعنوان :
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب.
وصحيحٌ أن هناك ما يمثل الكرب الحياتي الآن في حياتك، وهو الطلاق لكن الواضح أن أعراض اضطرابات القلق بدأت بالظهور عليك سابقا قبل الزواج حتى، كما أن بداية ظهور الأعراض النفس جسدية كاضطراب وظائف القولون التي تسمى بالقولون العصبي Irritable Bowel، كل ذلك يجعلنا ننصحك بطلب العلاج النفسي المعرفي السلوكي، وندعو الله أن يوفقك وتابعنا بأخبارك