امحتارة لأي الفروع أذهب, فمالحل..!؟
السلام عليكم..
أنا طالبه بالثانوية العامة أنا لا أعرف كيف ابدأ العام القادم سيحدد حقا مصيري وبعدها عليّ الاختيار الصعب وتحديد المجال الذي أرغب فيه أنا أحب علم النفس كثيرا وأحب الغوص في أعماق النفوس ومعرفه مفاتيح الشخصية بالرغم من ذلك فاني آثرت القسم العلمي لحبي لمواد العلوم بحكم أن أبي أستاذ جيولوجيا بكلية العلوم جامعة عين شمس وأمي أستاذة رياضيات بكلية علوم جامعة الأزهر ومع ذلك أجد نفسي حائرة هل كنت مخطئة إذ اخترت العلمي وتجاهلت ميلي لعلم النفس..
المشكلة هي هل يعد هذا العلم أدبيا أم علميا؟ وما الفرق بين دراسته في كليه الطب وكليه الآداب قسم علم نفس و ما دفعني لهذا التفكير أن هدفي تربوي إلى حد كبير فأنا أسعى إلى تطبيق النظريات التربوية الحديثة وأهم ما توصل إليه خبراء التنمية البشرية مثل د\إبراهيم الفقي بجانب إلمامي بعلم النفس والدمج بين كل ذلك لخلق جيل يتميز بصفات عقليه وأسلوب حياة يختلف على ما تربينا عليه..
إني أفكر في كلية الطب كثيرا هل هي حقا تضيع نصف عمري وأنا أدرس والنصف الآخر بحثا عن عمل هذا ما يقال أما رأيي فأنا لن أعمل طبيبة بل سآخذه كعلم للتطبيق على فئة عمريه محدده.
آسفة للإطالة ولكن هذا همي في هذه الإجازة وأحب أن أجد له حلا قاطعا أتمكن من صياغة هدف وأتخيله حلما واقعيا..!
جزاك الله عنا خيرا والسلام عليكم..
2/7/2004
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
حبيبتي "سهيلة"..
أشهد الله أنني أحببتك فيه.. كم سعدت جدا جدا برسالتك.. وكما لو كنت تتحدثين عن هذا الشخص الذي كنته أنا في مثل عمرك؛ وكأنك تتحدثين عن هذا الاهتمام الذي يسكن كل عقلي وجوارجى: الطفل والتنمية البشرية.. أحببتك حقا لأني أحب وأقدر وأحترم كل من يقدر الإنسان وقدراته المودعة فيه من خالقه؛ ويقدر الطفل ويحبه, وأحب كل من يدرك بحق أهمية حقيقية صادقة للعناية به وبقلبه وعقله الكبيييييييير... .. أدعو الله أن يهديك للصراط المستقيم.. وأدعو الله أن يوفقك وينفع بك.. اللهم آمين..
وبرهان على حبي وتقديري لرسالتك أنطلق من فوري للإجابة عليها مسقطة مبدأ الأوليات؛ وهو ما نادرا ما أفعله.. ولكني أحسب أن سؤالك هام لمماثلته للكثيرين ممن هم في مثل رحلة الاختيار.
أسعدني في رسالتك هذا الترتيب للأفكار؛ هذا الوعي بالذات؛ هذا الوضوح في الهدف..بارك الله في شبابنا؛ وهداهم للصراط المستقيم. اللهم آمين.
لا أظنك حائرة كما تتصورين؛ بل أراك قريبة من منالك؛ كل ما تحتاجينه هو التأكد من أفضلية طريق على آخر للوصول للهدف فدائما ما يكون لدينا عدة طرق للوصول لنفس الهدف؛ وما لا يدرك من أحد الطرق يدرك من غيره . المهم أن نعى هذا التعدد، وأن نتمكن من اختيار أفضل البدائل حسب حالتنا الخاصة.
أول خطوة هي تحديد رسالتك التي اخترتها في الحياة:
فدعينى أعنون هذه الرسالة: خلق جيل من الصالحين المفكرين.
كيف تتحقق هذا الرسالة:
يستلزم هذا معرفة بالتربية وعلم النفس؛ والتنمية البشرية لتطبقي معطيات هذه التركيبة على الأطفال. (وهو كل ما تحبين في بوتقة واحدة).
ويتم ذلك من أحد طريقين: دراسة الطب والتخصص الدقيق في علم نفس الطفل.
دراسة علم النفس من كلية الآداب والتخصص الدقيق أيضا في الطفولة.
ما النقاط التي يمكن أن نضعها في اعتبارنا حتى نرجح أحد الخيارين:
- المواد الدراسية في الطب؛ آداب علم نفس؛ ومدى تقبلك لكل منها.
- سنوات الدراسة لكل منهما. في الطب ستدرسين سبع سنوات ثم تتخصصين من بعدهم عن طريق دراسة عليا؛ في كلية الآداب قسم علم النفس ستدرسين أربع سنوات علم نفس بمدارسه؛
- طبيعة الأدوار التي يمكن أن يقوم بها خريج الطب؛ وخريج آداب علم نفس وقرب كل من الدورين لما تودين؛ وما تحبين القيام به فعلا.
- طبيعة العمل لكل منها وموائمة طبيعة العمل حال كونك زوجة وأم مستقبلا إن شاء الله. (مع اعتبارات الوقت والجهد؛ وتعدد الأدوار)
- التطورات الشخصية المحتملة لك في كل من الطريقين: وإمكانية هذا التطور: دراسات عليا؛ تدريب؛..
- العائد المادي.
- فرص العمل.
- والأهم على الإطلاق: قدراتك الخاصة.
وأجيبك بداية على سؤالك: هل هذا علم أدبي أم علمي؟
ما المقصود أصلا بعلمي وأدبي؟
لا أدرى ما مبعث هذه التسمية غير الدالة؛ والتي أوقعت الكثيرين في معرفة خاطئة قصرت العلوم على الطبيعة والحياء؛ والفيزياء؛ والكيمياء؛ ترى أليس علم النفس علم؛ أليس المنطق علم؛ أليست الفلسفة علما...؟؟؟؟!!!!
ودعونا نصحح معا بعض هذه المفاهيم الخاطئة:
تضم العلوم:
• علوما طبيعية عملية في تعلمها: كالفيزياء؛ الأحياء؛ وغيرها من العلوم التطبيقية كالفنون التطبيقية؛ الكيمياء؛ الهندسة..؛
• علوما إنسانية نظرية كعلم النفس؛ التربية؛ الاجتماع..
ويندرج كل ما سبق تحت كلمة علم؛ وليس هناك فصلا تعسفيا بين كل هذه العلوم؛ وإنما هي متكاملة متشابكة تجدي بعضا منها في الآخر؛ وتجدين تواصلا فيما بينها؛ وتجدي بناء أحدها على الآخر، ولا يفصل بينها إلا لأغراض البحث والدراسة؛ ويمكن للفرد أن يدرس عددا منها - يبدو في وقتنا الراهن لا علاقة لها ببعضها البعض- إلا أنه في حقيقته وثيق الصلة ببعضه من حيث القدرات المؤهلة لدراسته؛ وهو ما يمكننا التدليل عليه بحالة السابقون من العلماء الذين كانوا يدرسون الرياضيات؛ والمنطق؛ والفلك؛ وربما تجد آخر يدرس الطب؛ والفلسفة؛ وغيره يدرس الاجتماع؛ والمنطق مثلا .. وهكذا عدد لا حصر له من التوليفات التي تبدو لنا في عصرنا الراهن مستغربة.. ولذا علينا أن ندرك أن هذا الفصل بين العلوم الذي نراه الآن راجع لتشعبات كل علم بما استلزم ضرورة الفصل؛ والتخصص الدقيق ..
ولذا يعتبر أمرا عاديا جدا أن تجدي شخصا ما يحب اللغات مثلا ويحب الرياضيات في نفس الوقت؛ وآخر يحب الطبيعة والكيمياء ولا يحب الأحياء مطلقا..؛ وآخر ربما يحب الأحياء والرياضة ولا يحب اللغات.. وهكذا ما تفسير ذلك؟
تفسيره العلمي الذي أوضحته نظرية الذكاءات المتعددة التي صيغت عام 1983 أن العقل البشرى به عدد من القدرات (الذكاءات) والتي توجد في كل إنسان عاقل بنسب مختلفة هي التي تحدد ميله وحبه لمجال دون آخر.
إذن ليست المسألة علمي وأدبي؛ وعلوم ورياضة كما يصنفون.. فكل إنسان حتما سيجد ميلا لعدة أشياء لا يعرف رابط لها في ظل التفسير الخاطيء لقدرات الإنسان على أساس العلم؛ والأدبي.
وهذه الذكاءات الثمانية هي:
-1- الذكاء اللفظي– اللغوي: وهو القدرة على التعامل مع اللغة بأي من مهاراتها المختلفة: التحدث؛ الكتابة؛ الاستماع والفهم؛ القراءة.
-2- الذكاء المنطقي الرياضي: القدرة على فهم المنطق في العلاقات بين الأشياء بعضها ببعض سواء الأشياء الاجتماعية؛ السلوكيات الإنسانية؛ المفاهيم الرياضية؛....
-3- الذكاء الجسدي الحركي: القدرة على استخدام الجسم بعضلاته الدقيقة والكبيرة في التعلم؛ الفهم؛ التواصل؛... ويتجلى ذلك عند الجراحين؛ العمال الحرفيين؛ الرياضيين.
-4- الذكاء الشخصي (الاجتماعي– في التعامل مع الغير) وهى القدرة على فهم محفزات؛ وأنماط السلوك للآخرين؛ القدرة في فهم الآخرين والتواصل معك؛ وقيادتهم أيضا.
-5- الذكاء الشخصي ( الذاتي– في التعامل مع النفس) وهي القدرة على فهم النفس: مشاعرك؛ طريقة تفكرك؛ حوافزك الداخلية؛ أهدافك الخاصة... وبالتالي القدرة على تحديد أهداف بناء على هذا الوعي العالي بالذات .. أن يدرك قدراته : نقاط القوة والضعف لديه ليبنى عليها أهداف تتوافق مع هذه القدرات الحقيقية مع قدرته على العمل المتواصل لتحسين وتنمية نقاط الضعف.
-6- الذكاء الطبيعي: وهو الحب والقدرة على التعامل مع الطبيعة بكل مفرداتها (الحيوان؛ النبات؛ الظواهر الطبيعية..)
-7- الذكاء الموسيقى: تمييز النغمات؛ استخدام الآلات الموسيقية؛ القدرة على ربط النغمات المعينة بحالة مزاجية معينة..
-8- الذكاء الفراغي– البصري: القدرة على التخيل واستخدام الصور في التفكير؛ القدرة على تيبن الاتجاهات؛ إمكانية التعامل مع المجسمات؛ تصور أشياء ثم تنفيذها سواء صور؛ مجسمات؛ رسوم متحركة؛ تصميمات مختلفة: تصميم معماري؛ ديكور؛ أزياء؛ رسوم.
ومن الهام جدا فهم أن هذه الذكاءات:
- يمتلكها كل عاقل؛ بنسب مختلفة.
- ويمكن تنميتها لنسب معقولة و مقبولة تحسن من أداء الفرد.
- ربما يظهر فقط من هذه الذكاءات ما أتيح له الفرصة عن طريق التجارب والخبرات المختلفة التي يتعرض لها الإنسان كالأنشطة المختلفة التي يقوم بها فيعرف ميله تجاه شيء ما؛ وعدم ميله لآخر.إضافة لإمكانية أن يقوى ذكاء دون آخر وفق ما يتوفر للإنسان من نشاط ينمى نوعا من الذكاءات والقدرات دون آخر.
وربما تحدد ثقافة معينة في مجتمع ما ظهور نوع من الذكاءات لدى أفراده؛ إذا ما كان هذا النوع من الذكاء مقدر لدى هذه الثقافة؛ مثال ذلك المجتمع الياباني الذي يقدر الرياضيات والعلوم فنجده يعزز الذكاء المنطقي الرياضي ويوليه اهتماما وتقديرا عاليا ؛ فنجده الذكاء الأعلى لدى كثير من اليابانيين الذين أتيحت لهم فرص تنمية هذا الذكاء ليعلو على غيره لديهم.
مثال آخر المجتمع الكويتي قبل ظهور النفط: حين كان يعتمد اعتمادا كبيرا على صيد اللؤلؤ فنجد حينها كان من الطبيعي أن يقدر الذكاء الفراغي البصري حتى يتمكنوا من الإبحار لفترات طويلة وتبين الاتجاهات أثناء الإبحار.
كذلك إذا نظرنا لدى الرومان نجدهم مقدسين للأجسام القوية البنيان؛ من الطبيعي أن يعزز لديهم الذكاء الجسدي الحركي.. وغيره الكثير من الأمثلة على تعزيز مجتمع ما لنوع معين من الذكاءات.
- تعمل هذه الذكاءات معا ولا توجد منفردة فليس هنا شخص يمتلك نوع وحيد . فمثلا اللفظي الذي يتواصل ويفهم وينتج باللغة؛ لا يمكنه استخدام هذا التواصل ما لم يمتلك نسبة معقولة من الذكاء الشخصي–الاجتماعي (في التعامل مع الغير)؛ و يمتلك قدرا من الذكاء المنطقي ليصنع علاقات لغوية منطقية أي محتوى منطقي.. ماذا لو كان لدى نفس هذا الشخص ذكاءا فراغيا بصريا عاليا: يمكنه حينها أن يترجم هذه الكتابات مثلا في رسوم أيضا مرافقة؛ كمن يكتب ويرسم للطفل؛ أو يمكنه أن يبتكر وسائل توضيحية؛ أو يرافق الكتابة برسوم بيانية ...
ماذا لو كان نفس هذا اللغوي البارع يمتلك أيضا ذكاءا طبيعيا عاليا: من الممكن أن يتميز هذا الشخص في الكتابة العلمية المتخصصة مثلا؛ وربما أمكنه أن يكون محاضرا رائعا في العلوم؛ أو ربما أدمج هذه القدرات معا لينتج وسائط متعددة و أفلام مجسمة علمية.
وهكذا ..
ما أود التأكيد عليه جدا جدا جدا: هو مرونة وكثرة التنويعات والاندماجات الممكنة بين قدراتنا المختلفة. فكل مدخل في البوتقة يعطى ناتجا مختلفا.. ويمكننا كل يوم بل يجب علينا أن ندخل في بوتقة قدراتنا قدرة جديدة لتتفاعل وتعطى ناتجا جديدا مختلفا عن اليوم السابق لنا في هذه الحياة على الأرض..
الآن هل نعى أن طالب الأدبي كما يسمونه لابد أن يتمتع أيضا بقدرات منطقية؛ ألا يدرس المنطق والفلسفة؟
وهل تعلمين أن القدرة المنطقية تؤهل صاحبها أيضا لدراسة الرياضيات؛ كيف إذن أن نسمع بعد ذلك من يقول من طلاب الأدبي إذا ما دعي لعمل بعض الحسابات أن يقول:" آسف أصل أنا في الحقيقة أدبي".
ليست المسألة علمي وأدبي: فالقادر على دراسة المنطق والفلسفة قادر أيضا على دراسة الرياضيات والإحصاء. فالفلسفة تتطلب قدرة منطقية عالية. ولكن ما يحدث غالبا لعدم وعينا بقدراتنا الحقيقية أنه من الممكن أن يتمتع بقدرات منطقية رياضية عالية ولا يحب دراسة العلوم مثلا فيلتحق بالأدبي تاركا كل فرصة تنمى لديه الذكاء المنطقي الرياضي.
الآن حبيبتي سهيلة:
دعينا نطبق ما ذكرنا على حالتك الخاصة: ماذا عن علم النفس.. هل تظنينه أدبي أم علمي؟؟؟؟؟ بعيدا عن العملي والأدبي.. دعينا نعرف ما الذي يتطلبه دراسة وممارسة علم النفس:
تريدين أن تعملي في مجال علم النفس مع الأطفال: هذا يتطلب أن تكوني من المتمتعين بذكاء شخصي (اجتماعي) عالي حتى تتمكني من التواصل مع الآخرين بكفاءة؛ وتشعرين بهم؛ وتدركين حوافزهم؛ وتستمتعين بوجودك بين الناس..
وأيضا ذكاء منطقي حتى تتمكني من بناء منطقي لكل ما تتعلمين ؛ وكذلك حتى تتمكني من الفهم الدقيق لتباعيات كل سلوك... وغيرها من العلاقات المنطقية التي تتضمنها النواحي الإنسانية والنفسية؛ خاصة إذا ما كنت راغبة في البحث في علم النفس؛ أي إذا رغبة أن تكوني عالمة نفس.
كذلك من الضروري أن تكوني من المتمتعين بدرجة مناسبة من الذكاء اللغوي الذي يمكنك من التواصل؛ ونقل أفكارك؛ وخبراتك؛ وفهم الآخرين.
من اللازم والأساسي لمن يتعامل مع الآخرين في هذا المجال (علم النفس؛ التربية) أن يتمتع بذكاء شخصي (ذاتي) حتى يكون لديه وعيٌ جيدٌ بالذات ومن ثم يمكنه أن يعي الآخرين.. وحتى يمكنه أن يعي مشاعره؛ أفكاره (نمط التفكير) وكيفية تفكيره وتتابع هذا التفكير..؛ ومن ثم يمكنه أن يفهم ذلك لدى الآخرين.
علينا إذن أن نعى ما هي قدراتنا الأعلى (ذكاؤنا الأعلى)؛ وكيف يمكننا تنميتها مادام هذا ممكنا..، وهو بالفعل ممكن؛ فصدق الله العظيم حين قال: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78).
وصدق رسولنا الكريم حين قال : "إنما العلم بالتعلم؛ والحلم بالتحلم؛ والصبر بالتصبر"صدق رسول الله، وهو حديث حسنٌ بمجموع طرقه.
ذكرت لك نقاطا تضعينها في الاعتبار عند ترجيحك أحد الخيارين.. قلبي النظر والفكر فيهم.. يبقى أن نعرف الإمكانيات التي لدينا: هل من الفرص المتاحة لدى دخول الطب؛ أم أن المجموع حسم الأمر لصالح آداب علم نفس؟
أرجو ألا تدعي أمرك للصدف بل أود أن تقلبي النظر وتختارين فعلا ليكون لك هدف تستمتعين بالسير نحوه خطوة خطوة..
.وأنتظر منك -إن أردت– متابعة بقية المشوار.. وربما أمكنني أن أقدم في القريب العاجل قائمة للتعرف على ذكاء الفرد الأعلى..وحتى يحدث ذلك: يمكننا بشكل مبدئي استخدام القائمة على موقع إسلام أون لاين.نت.
كوني معنا..
ففي التواصل بخبراتكم ومتابعتكم نفعا كبيرا.. لأني أثق في أن لديكم من التفاصيل الكثيرة ما يعيننا بحق على تقديم خدمة أفضل.
نحن معكم.. والله المستعان.
وأرجو أن تطالعي الاستشارة التالية من على مجانين: اختيار مجال العمل.. السهل الممتنع!
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، وشكرا على ثقتك، إفادتك هذه ولا أخفيك سرا، دفعتني إلى كثير من التفكير، وأسعدتني أيما سعادة، والحقيقة أنني راجعت خانة العمر عدة مرات لأتأكد من أن التي كتبت هذه السطور الإليكترونية هي بنت مصرية، بين الخامسة عشر والسابعة عشر، وفي هذا الزمن الذي لم نعد نجد فيه من من هم في مثل عمرك يا ابنتي من تهتم بأكثر من الملابس والمنتزهات!، ناضجة أنت إذن في الثانوية العامة في زمن قلما نجد فيه خريج الجامعة ناضجا مع الأسف، وأنا لذلك أحييك وأحيي والديك وأغبط مدرسيك، وأما ما تسألين عنه، فقد أفاضت مجيبتك أ.نفين عبدالله في الرد عليه، ولكن مثلك تستحق الرد من أكثر من مستشار، لذا سأحاول أن ألخص لك بعض الإضافات هنا فيما يلي من سطور، والتي أضع فيها رأيا شخصيا لي :
علم النفس يا ابنتي هو واحد من أصعب العلوم وأكثرها ثراءً، لكنه في نفس الوقت من ألذها، وإن اختلفت حقيقته عن الصورة التي تشتهر بين الناس، فلا عالم النفس ولا الطبيب النفسي مثلا يستطيع أن يقرأ أفكار الناس ولا أن يستدرجهم ليعرف أسرارهم مثلما يظن كثيرون، ولا هو يمتلك تلك المقدرة الرهيبة على تحليل نفوس الآخرين، باختصارٍ تبقى النفس البشرية التي يهتم هذا العلم بدراستها ملغزة ومليئةً بالأسرار،
وعلم النفس ظل لفترة طويلةٍ متضمنا مع الفلسفة واللاهوت، لكنه في سنة 1879 بدأ الاهتمام العلمي به وأنشأ أول معمل اختبارات نفسية تستخدمُ فيه أساليب علمية لدراسة النفس البشرية ومنذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا حدثت تطورات كبيرة بالطبع، إلا أن المجهول ما يزال أكثر من المعروف، والمعروف أغلبه ما يزال مختلفا عليه، وسبب ذلك هو وجود جزءٍ غيبيٍّ ما في النفس البشرية.
وأما الفرق بين ما يدرس في كليات الآداب وهو علم النفس العام بمدارسه المختلفة، (التحليلية والسلوكية والمعرفية.. إلخ،) وما يدرس في كلية الطب البشري وهو علم النفس الطبي (كجزءٍ من أحد فروع الطب الباطني هو الطب النفسي)، الفرق هو: أن الأخير يتعلق بالإنسان أكثر مما يتعلق بغيره من الكائنات، وأنه يدرس الطبيعي من أجل فهم المرضي والقدرة على مساعدة المرضى، وتجدين الفرق بين علم النفس والطب النفسي مشروحا بصورة أوضح في صفحة مصطلحات نفسية على مجانين.
وأما هل علم النفس أدبٌ أم علم فالحقيقة أنه بين بين، ولن يكونَ غير ذلك إلا إذا اعتمدنا النظرة الاختزالية للإنسان، أي اعتبرناه مادةً في مادة، وأما سؤالك عن كلية الطب، فلا أدري ماذا أقول لك يا ابنتي إن ما تقولينه في وصفها ووصف تأثيرها على حياة الطبيب صحيح! وعلى من يتصدى لخوض التجربة ألا يمني نفسه بحياة سهلة وفي نفس الوقت عليه أن يعرف أن أنبل العلوم بعد علوم الدين هو علم الطب والمداواة كما ينسب إلى الإمام الشافعي، فهي إذن دراسة صعبة وممارسة صعبة لكل صاحب ضمير حي ليس فقط لكي يستطيع الحصول على العمل، وإنما ليرضي ربه في ذلك العمل.
وأما أن هدفك تربوي فإن كليات التربية هي المكان الذي يفترض أن يكونَ اتجاهك له ما دمت تحلمين بتغيير أسلوب أو أساليب التربية التي تطبق على النشء، ولا أدري هل بإمكان كليات التربية في بلادنا أن تصل إلى طموح رائعة مثلك؟
والله يا ابنتي إني لأراك مصيبة في فكرة الدمج التي تطرحينها وفي نفس الوقت أجدني مشفقا عليك من صعوبة الطريق الذي تختارينه لنفسك، فمثلك يا ابنتي هدية لمجتمعنا أسأل الله أن يكونَ جديرا بها وبأمثالها وهم قلة، وليس لدي لمثلك سوى الدعوات والاستعداد الدائم لتقديم المشورة فتابعينا بأخبارك، وشاركينا بأحلامك جعلها الله واقعا دوما.