معضلة
المشكلة باختصار أنني كنت مدمناً على العادة السرية لأكثر من 4 سنوات، وبفضل الله وبعد مقاومات شديدة استطعت التغلب عليها وأمسكت يدي عن فعل تلك العادة، إلا أن أنها عادت إلى بطريقة غير إرادية أثناء النوم، ففجأة وبدون أية إثارات مسبقة أستيقظ من النوم وأجد نفسي أفعلها من دون إرادة مني لها. وفي كثير من الأحيان لا أكون متيقظاً أصلاً وأنا أفعلها ولكني أتذكرها بعد ذلك (تماما مثل الاحتلام والذي يكون غير إرادي)، وبالمناسبة فإن الاحتلام اختفى من حياتي تماما.
والسؤال هل هذا الشيء الذي يحدث هو أمر (طبي/جسدي) ؟؟ بحيث أن الجسم قد اعتاد على فعل هذا الأمر فلم يعد يطيق أن يتركه،
وإذا كان كذلك فما هي الإرشادات الطبية لحل مثل تلك المشاكل، أم أن المشكلة ليست من هذا القبيل.؟
13/8/2004
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، تعرضنا لما يشبه حالتك هذه في رد سابق لنا على صفحتنا استشارات مجانين تحت عنوان: الاستمناء أثناء النوم: الأوضاع قبل الأحكام وكانت هناك مشاركة جاءت في الموضوع: ظهرت تحت عنوان: الاستمناء أثناء النوم....نصيحة مجرب مشاركة
الأخ العزيز تسألنا في إفادتك: (هل هذا الشيء الذي يحدث هو أمر (طبي/جسدي))، ونجيب عليك بلا تردد هو أمرٌ طبي جسدي نفسي اجتماعي ثقافي فقهي وربما أضفنا أوصافَ أخرى إذا تدبرنا الأمر أكثر، ما يحدثُ يا بني ناتجٌ على أغلب الظن من تفاقم الرغبة وتفاقم الاندفاعية عندك في نفس الوقت الذي تسلحت فيه بشدةٍ واقتدارٍ بقواك الإيمانية المعرفية لتمنع نفسك من فعل ما يغضب الله وقد يضرُّ جسديا، إلا أن انخفاض شدة وكفاءة القيود المعرفية أثناء النوم يمكنُ أن يفسر لنا ما أصبح في الآونة الأخيرة، يتواتر على أسماعنا ونقرأه على الإنترنت!
ولابد أن نوصف نحن -كأطباء نفسيين مسلمين- هذا الاضطراب لأنه غالبا سيكونُ مرتبطا بثقافتنا نحنُ، وليس بمن يصنفون ويوصفون الاضطرابات النفسية في الغرب، لأن هذه ليست مشكلة يقابلونها على أغلب الظن.
فبينما يعاني الغربيون مما يسمونه الجنس القهري Compulsive Sex، وأيضًا من الجنس الانفلاتي أو الاندفاعي Impulsive Sex ومن إدمان الجنس Sex Addiction، ويقصدون عادة بكل تلك المسميات شكلاً من أشكال الانغماس في سلوكياتٍ جنسية غالبا ما تضرُّ صاحبها، وهو لذلك يرفضها ويحاول الخلاص منها، ولكنه عادةً ما يفشل في الخلاص لأنه غالباً ما يعجز عن مقاومة نزوته الملحة أو أفكار الرغبة التسلطية، إلى غير ذلك مما يحدثُ له في وعيه لسببٍ بسيط هو أن دفاعاته المعرفية لا تتعدى كونَ الأمر قد يضره في جسده أو ماله أو أهله أو عياله، ويطبقون برامج علاجية صعبة وطويلة إضافة إلى العلاج غالبا بالماسا أو ربما أضيفت بعض مثبطات الفعل الجنسي، أو بعض طرق السلوكي.
عندنا نحن وخاصةً عند المتدينين المتمسكين بسلوكيات دينهم قدر استطاعتهم في هذا الزمان العاري، وكي لا آخذك بعيدا سأعود إلى ما أقترح تسميته بزملة الاستمناء الليلي (أثناء النوم)، Nocturnal Masturbation، وهو أن تستمنيَ لا إراديا وأنت نائم، أو وأنت بين اليقظة والمنام أو فيما يشبه الحلم، وأحيانا يحدثُ انفلاتٌ فيستمني أكثر من مرة، ولكن السؤال الفقهي هنا هل هو مكلف وهو بين النوم واليقظة؟ هل العقل هنا كامل الحضور والقوة، والذي على أساسه يكونُ التكليف؟
وأما التصنيف الذي أقترحُ لهذا الشكل من أشكال اضطرابات السلوك الجنسي، فهو تحت الشكل الانفلاتي من اضطرابات السلوك الجنسي أي الجنس الانفلاتي Impulsive Sex فدائما ما تكونُ هناك رغبة ودائما ما يكونُ هناك تثبيطٌ معرفي أثناء اليقظة، وهذا التثبيط المعرفي يضعف بالنوم، فينفلتُ السلوك الذي سبق التعود عليه وإدمانه غالبا قبل الالتزام، فالالتزام كما ترى هو تثبيط معرفي لفعل محبب إلى النفس لكنه حرام في هذا الوقت وهذه الظروف، وبالتالي فإن المكبوتين جنسيا في مجتمعاتنا، والذين يحاولون الالتزام بالحلال والحرام ما استطاعوا لذلك سبيلا، غالبا ما تقع ممارساتهم الجنسية من نفوسهم موقع الفعل الاندفاعي الذي يندمون على فعله بعد فعله مباشرة ويشعرون بالذنب، وهو ما يعززُ تصنيفنا لها تحت الشكل الانفلاتي من اضطرابات السلوك الجنسي.
وزملة الاستمناء الليلي تذكرنا من ناحية الإمراضية النفسية الفيزيولوجية بزملة الأكل الليلي Nocturnal Eating Syndrome، والتي شرحناها في أحد الإحالتين اللتين أحلناك إليهما في ردنا هذا، حيث يعيش متبعو الحمية المنحفة (الريجيم)، طوال نهارهم (أو ساعات يقظتهم) وهم تحت تأثير قيودهم المعرفية المتعلقة بالأكل والوزن، فيمنعون أنفسهم بكفاءة من أكل ما يحبون، حتى إذا ناموا وضعفت قيودهم المعرفية، قاموا من نومهم وهم بين النوم واليقظة ليلتهم الواحد منهم علبة الحلوى الطحينية كلها (أو كعكة الشكولاته كلها) على سبيل المثال، ثم يعود للنوم وقد يذكرُ غدا وقد لا يذكر.
إلا أننا حين نصل إلى كيفية الحل، فإننا سنجدُ أن الحل يكونُ طبيا إذا كنا نتكلم عن تطبيب المجتمع ككل! وليس تطبيبك أنت كنفس في جسد، فما أظنه هو أنك وقد استطعت بفضل الله أن تتخلص من إدمانك القديم للاستمناء، قد أصبحت واعيا بما يزيد شهوتك وتتجنبه بالفعل، كما أصبحت على علم بضرورة تقوية إيمانياتك، والالتزام بصلواتك، وضرورة توسيع دائرة اهتماماتك، وزيادة نشاطاتك إلى آخر كل ما ننصح به من يشتكونَ من إدمان الاستمناء، إذن ماذا سنقدم لك من مجانين؟
ردا على مشكلتك التي اخترت لها اسم معضلة؟ وهي بالفعل معضلة لكنها معضلة كلِّ أو على الأقل ثلاثة أرباع من أفاقوا ويحاولون الالتزام، وكونها معضلة لا يتأتى من شيء إلا من خلل التفكير وشلل التغيير الذي تعيش فيه عقول المسلمين، لو أن لمجانين بنتا لزوجناها لك إن هي ارتضت! والأمر لله من قبل ومن بعد.
إذن نحن نقول بالزواج، ولا نقول بغيره فهل هو في استطاعتك؟
أنت والحمد لله شابٌ مسلمٌ متدين، تمتلك عملاً، ومتوسط الحالة الاقتصادية فهل تكفي هذه الشروط لتتقدم إلى أهل من تريد الزواج منها طلبا للعفاف؟
فكرْ... وتابعنا بأخبارك.
التعليق: دكتورنا العزيز وائل أبو هندي ....
صحيح أنه يجب علينا الالتزام ولكن بالنهاية نحن بشر... أليس من الواجب على القائمين على الدين والإعلام وعلم النفس والاجتماع والتربية، أليس عليهم مسئولية كبرى في توجيه النصح للدولة التي نهبت و سلبت مما قلل من فرص العمل وزادت البطالة فبالتالي صعوبة زواج وعنوسة وعزوبة مما أدى إلى مشاكل نفس جنسية؟
أين الجهات المذكورة أعلاه من نصح الأهل في تيسير أمور الزواج لأبنائهم وبناتهم بأن لا يثقلوا على كاهل الشاب ؟
أرجو من حضراتكم شن حملة شعواء ضد عقليات الأهل التي لا تناسب جيل هذا الزمان، وأرجو أن لا يحتجوا بالدين، فالدين لم ولن يقبل أفكار المجتمع الموبوءة ولكن حمى الوالدين بأحقيتهم في بر أبنائهم لهم، لكن للأسف هم فهموا أن الدين ينصر أفعالهم ومعتقداتهم المجرثمة،
فأرجو أرجو أرجو من حضراتكم توعية الأهل، فجيلنا ولله الحمد واعي أكثر بكثير من جيل أجدادنا وآبائنا، مع احترامنا للزمرة الواعية والمثقفة من الجيل السابق كحضرتكم،
وآسف على قسوة تعابيري فلا أستطيع تمالك نفسي عند تذكر سيئات الأهل وتأثيرها السلبي علينا