ممكن؟
عندما كنت طالبة في الثانوية العامة كنت متوفقة لله الحمد. اشتركت في مسابقة لمنحة تقدمها مدرستنا إلا أن المعلمة قامت بتنقيصي علامتين ظلما مما أدى إلى نقص معدلي عن معدل بنت أخرى تكون ابنة صديقتها المقربة.
اعترضت عليها وأخبرتها أنها ظلمتني وأني لا أسامحها فتجاهلتني وقالت أمام الجميع أني أغار وأهانتني جدا. حقدت عليها في قلبي جدا ودعوت الله كثيرا عليها ولا أزال.
جاءت في رمضان تطلب مني السماح فاعتذرت عن مسامحتها وعن الكلام معها. . هل يجوز لي أن أدعو عليها بنفس ما أساءت لي به؟
مر على المشكلة سنوات، هل يستجيب الله دعائي؟
29/5/2017
رد المستشار
أهلًا بك أختي وسهلًا
لا شك أن ما فعلته المعلمة أمر مؤلم جدًا، مرفوض في الدين والأخلاق...، أعانك الله، لكن عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، ولعل في عدم حصولك على هذه المنحة خيرًا خفيٌّا قد يظهر لك فيما بعد، واختيار الله لعبده خير من اختياره لنفسه. وهذا لا يعفي المعلمة من مسؤوليتها ووزرها طبعًا.
من حقك ألا تسامحي، ولا أحد يلومك، وإن أردت الدعاء عليها فاقتصري على قولك: عليها من الله ما تستحق. حتى تضمني عدم تعديك في الدعاء فتصبحي أنت الظالمة لا المظلومة!!! والله تعالى ينصف عباده ولا يترك لأحد حقا على أحد، إن لم يكن في الدنيا، ففي الآخرة.
لكن استمعي إلى هذه الآيات في وصف المؤمنين في سورة الشورى [39-43]:
((وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ)) أي ممن ظلمهم من غير تعدٍّ أو زيادة.
((وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)) فلا يزيد عليها. ((فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)) وفي الحديث: (إذا كان يوم القيامة نادى منادي الله عز وجل: مَن كان أجره على الله فليقم، فتقول الملائكة: ومَن هذا الذي أجره على الله؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: فلا يقوم إلا مَن عفا عن ذنب).
((وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)) أي ليس هناك عقوبة ومؤاخذة على من انتصر من ظالمه دون زيادة.
((إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) لكن العقوبة والمؤاخذة على من ابتدأ الظلم وبغى في الأرض واعتدى على الناس.
((وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) ومن أراد أن يصبر ويغفر، فهذا من الأمور الجيدة التي طلبها الله تعالى من عباده، وأثاب عليها الثواب الجزيل.
إذن أعطاك الله تعالى الإذن في الاقتصاص، لكنه ندبك في النهاية إلى العفو، لأنه خير لك وأعظم أجرًا. وأنت بعد هذا بالخيار...
فهل ستختارين القصاص بالدعاء عليها؟ أم ستعفين عنها وقد جاءتك معتذرة؟ وما اعتذارها من طالبتها، وتذللها لها إلا دليل توبة صادقة.
قال تعالى: ((وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [النور:22]. وكلنا مذنبون في حقه تعالى، ظالمين لأنفسنا، ألا تحبين أن يغفر الله لك ويصفح عنك إذا وقفت بين يديه معتذرة؟ إن كنت تحبين هذا فاقبلي اعتذارها، واحتسبي أجرك عند الله تعالى...
فكري مليًا... أي الأمرين ستختارين؟