اضطراب هوية أو انحراف سلوكي
بعد التحية أنا طبيب أعمل بالسعودية منذ 15 سنة متزوج ولي 4 أبناء ثانيهم ولد وهو تم تشخيصه بفرط الحركة ويسبب لنا مشاكل لا يعلمها إلا الله وحاليا عمره 17 سنة لكن استشارتي ليست له ولكن للابنة الكبرى وعمرها 18 سنة وهذه السنة نازلين مصر نهائي لدخول الجامعة وهي شخصيتها قوية وتهوى القراءة الكثيرة وهذا للأسف أدخلها في قراءات في أسوء المواضيع بعضها لملحدين وبعضها لمنحلين بلا أخلاق ولا قيم والتأثر بهم واضح في أوقات كثيرة بالإضافة لمواقع إباحية مع أن تربيتها دينية وكانت في وقت ما قد حفظت القرآن
وخلاصة مشكلتها عندما كانت صغيرة قبل البلوغ لاحظت عليها قلة الحياء المعتاد في البنات من الكسوف والخجل وما شابه وكنت أقول طفلة وبالتأكيد عند البلوغ سيتغير ذلك ولكني اكتشفت وهي تقريبا في المرحلة الإعدادية أنها تحادث بنت على الفيس بوك على أن يتزوجوا وكأنها ستقوم بدور الرجل والأخرى البنت وكان رد الفعل انفعالي بدرجة كبيرة وضربتها وأخذنا منها اللابتوب والذي كان أهدي إليها مكافأة على حفظ القرآن ثم بعد ذلك بدأت تصرح لنا بأنها تحس أنها ولد في صورة بنت وأن هذا الشعور بدأ معها من سن صغير وظلت تقرأ في هذه المواضيع وتتواصل مع أمثالها حتى اقتنعت بذلك كحالة مثلية وبدأت نقاشات أسرية طويلة حول هذا وعلاجه على الرغم من قناعتها الشخصية بأنه لا علاج له
ودخلنا في نقاش حول تحويل الجنس والهرمونات وكان موقفي هو الرفض لكل ذلك في كل النقاشات والتي حاولت فيها لتغيير قناعتها مستعينا بقراءات في هذا الموضوع ثم اتفقنا على عرضها على طبيب غدد صماء الذي أثبت أنها ليس لديها اضطرابات هرمونية ثم على أستاذ صحة نفسية بجدة واستمرت معه فترة بسيطة ثم توقفت لأنها لم تجد نتيجة ويبدو لي أن الأمر كان مراوغة منها ثم اكتشفنا أنها على تواصل دائم مع أولاد زاعمة أنها ولد وباسم ولد مع كل مساوئ هذه العلاقة ووعد بالزواج كل هذا على أنها ولد وربما كان يعرف حالتها وأنها ممكن تعمل جراحة لتغيير الجنس وأنها دخلت في جروبات بهذا الشأن وكانت كالقائد ثم عرضتها مرة ثانية على استشارية مشهورة بمصر والتي قالت لي أنها ليس عندها استعداد للتغيير.
هي قرأت كثيرا في فترة ما ل"د.أوسم وصفي" ومحاولات فاشلة للعلاج عن طريق تطبيق وصفات العلاج النفسي وطبعا كل هذه الفترة تمت مصادرة التليفونات لا يستعمل الكمبيوتر إلا بإشراف ولكنها احتالت بشراء موبايلات كثيرة واحد بعد آخر وكل فترة نكتشف واحد على الرغم من عدم توافر رصيد مالي لديها لكني أشك أنها قد تسرق مبالغ من البيت لذلك مع أحيانا استعمال الكمبيوتر خلسة كل هذا مع محاولة نصحها باستمرار وتشجيعها على إعادة اكتساب الثقة مرة أخرى لكن كل مرة يظهر كذبها ويبدو أنه أصبح عادة عندها
وأخيرا اكتشفنا أنها على علاقة بشاب باسمها الحقيقي ويبدو أنه ليس الأول فقبله العديد وأنها تتفق معه على الزواج وكل هذه المعلومات لم تخبرني هي بها أظن لتوقع رد فعل معاكس وكان في فضفضات مع أمها علما بأن علاقتها مع أمها في أغلب الأوقات سيئة وأمها لا طاقة لها بقضاء ساعات مناقشة معها ( بعكسي فعلاقتي بها أفضل) وذلك بسبب هذا الموضوع وسلوكيتها السيئة والحقيقة أنا لا أدري هل هذا اضطراب هوية أم انحراف سلوكي أم كلاهما
وأنا أحيانا يصل بي الأمر أن أطردها من البيت وأتبرأ منها أم هناك حل لهذا الموضوع وخصوصا أنها المفروض تدخل الجامعة هذا العام وما أتوقعه من تواصل مع المنحرفين وأمثالهم آسف على الإطالة ولكن هذا أقل الاختصار وبين السطور معاني كثيرة يمكنك توقعها
أرجو التوجيه في أسرع وقت
وإن كنتم بحاجة إلى معلومات إضافية فأنا مستعد
23/6/2017
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
تم عرض الآنسة الفاضلة على أكثر من طبيب نفساني٫ ولا شك أن قضية التحول الجندري تم حسمها في الوقت الحاضر٫ ولا توجد إشارة في الرسالة إلى أنها ستستلم علاج بالهرمونات أو التفكير بعلاج جراحي.
ولكن محتوى الرسالة يشير إلى تأزم الآنسة نفسياً وعائلياً ولا يصل الإنسان إلى هذه المرحلة من الارتباك إلا لسبب أو الأصح عدة أسباب جميعها بيئية تتعلق بالمدرسة والأصدقاء وتعلقها وبالوالدين.
علاج مثل هذه الحالة مع الانتباه إلى الظروف البيئية للمجتمع هو علاج عائلي وليس علاج فردي رغم أن عمرها تجاوز السادسة عشر. العلاج العائلي يستهدف إرسال رسائل بالتدريج وبهدوء من أجل |أن يستوعبها المُراجع وعائلته.
الرسالة الأولى:
الرسالة تبدأ أولا في الإشارة السريعة إلى الابن المصاب بعجز الانتباه وفرط الحركة٫ ومن ثم يتم سرد قصة الآنسة. هناك تمرد واضح من جانب الآنسة موجه بالذات ربما نحو العائلة. تشعر المراهقة والمراهق أحيانا بغياب الدعم الأبوي بسبب عضو آخر في العائلة٫ والتمرد بدوره صرخة عالية موجهة نحو الوالدين تقول أنا هنا. علاقة البنت بالأم متأزمة لسبب أو آخر٫ وعلاقتك بها الآن متأزمة هي الأخرى وتدور حول تحديها لك من خلال ادعاء انتمائها إلى أقليات جنسية. تم عرضها على معالج نفسي واستشاري في الطب النفسي٫ وهناك نقاش حول هويتها الجنسية٫ وحققت عن طريق ذلك انتصارها على الأبوين. هذه الزاوية في غاية الأهمية٫ ويجب الانتباه إليها من أجل البحث عن حل لنهاية حربها ضد الأهل التي ستقضي على العائلة وعليها أيضا. حاول أن ترسل لها تدريجياً وبهدوء هذا التحليل الكثير الملاحظة في الممارسة العملية.
الرسالة الثانية:
هناك عدم ثقة بالبنت واتهامها بالسرقة. الأبناء لا يسرقون من الأهل في هذا العمر إلا لسبب واحد هو عدم قدرتها على التحلي بالمسؤولية وعدم منحها الحرية من قبل الأهل. هذا النزاع الوجودي بين المسؤولية والحرية يمر به كل مراهق٫ وربما كانت ستحسم أمرها بنفسها لو لم يتم كشف اتصالاتها عبر عالم الانترنت. تم نصب حاجز لم يساعد حسمها لهذا النزاع٫ ويجب أيضا إرسال هذه الرسالة إليها والوصول إلى اتفاق حول رفع الحاجز تدريجياً أو بسرعة.
الرسالة الثالثة:
يتمسك الأبناء بحق لا يقبل الجدال وهو قبول الأب والأم بهم بدون شروط٫ وطالما يمتحن بعضهم الأبوين بين الحين والآخر. لا يوجد امتحان أصعب من تصريح الابن والبنت وفي هذا العمر بأنه ينتمي إلى أقلية جنسية. على ضوء ذلك لا بد من الحديث معها بهدوء وإيصال الرسالة التي تخبرها بقبول الأم والأب بها بدون شروط.
الرسالة الرابعة:
تتحول الأزمة بين البنت والأبوين إلى حرب لا تنتهي بانتصار أحد وإنما تدمير الطرفين. بدلاً من الحرب هناك التفاوض من أجل الوصول إلى حل وسط يؤدي إلى السلام ٫ والمفاوضات بين الأبناء والآباء والأمهات لا يتم حسمها باجتماع واحد أو اثنين. ربما هناك الحاجة أولا إلى الاتفاق على هدنة مؤقتة يتفق عليها الطرفين بعدم مناقشة ما يثير المعركة لمدة أسبوعين مثلاً٫ وكما يضع الجيوش شروط للهدنة تضع العائلة شروط للهدنة تتفق عليها جميع الأطراف.
وصلت الآنسة إلى هذه المرحلة من الارتباك واضطراب الهوية الجنسية لأسباب بيئية ربما عليك أن تناقشها أنت وزوجك. الكثير من المراهقين يمرون بهذه المرحلة ويتم تجاوزها بسرعة. حاول قدر الإمكان الابتعاد عن تطبيب الأزمة فهذا لا يساعدها بسبب مهنتك وحاول أيضا عدم حصرها في إطار ديني فهذا بدوره يزيد من شدة التمرد في المراهق.
وفقك الله.