سؤال التدين: حائرة في بلاد الحيرة
هوية ضائعة
أنا نفسها طالبة الصيدلة الحائرة. تخرجت من الجامعة ولا زلت حائرة. الجلباب في محيطي الاجتماعي خاص بفئة معينة من النساء. هن المتدينات جدا المهتمات بأصغر تفاصيل الفقه وما فيه من خرافات (قد لا تروقكم العبارة. ولكن ما أقصده هو الأحكام الدخيلة التي تفتقر إلى المنطق الطبيعي والتي يهتم بها أغلب المعروفين بالتدين وكنت منهم ولا أزال -ظاهريا-).
قناعاتي الدينية كلها في تغير. مفاهيم الدين عندي تغيرت. أصبحت أؤمن أن الدين هو الحياة الصالحة التي لا يشوبها الغش والكذب والكسل والشكوى والأنانية. وليس عبادة ومظاهر وأحكام فقهية شائكة وغريبة يتضمن الكثير منها تقليلا من شأن المرأة (لا أريد الاستغراق في هذه الجزئية لأنها مؤذية لي).
أنا بكل صدق لا أعرف من أكون وكيف سأربي ابنتي وأنا نفسي أحتاج إعادة ضبط. والتفكير أصبح يؤدي إلى الإرهاق والقلق أكثر من أن يوصلني إلى نتائج ذات قيمة.
تعبت حقا.
14/7/2017
ثم أرسلت بتاريخ 23/8/2017 تقول :
زوجي المهمل أفقدني أعصابي
السلام عليكم..
نعم لعلها مشكلة لا تشبه مراسلتي السابقة. ولكنها مشاكل الحياة متنوعة ومختلفة دائما.
منذ زواجي وأنا أعاني إهمال زوجي وتسويفه الذي ليس له مثيل. فرغم تدينه فهو تارك للصلاة كسلا منذ وقت طويل. مهمل في جميع واجباته المنزلية التي أقوم بأكثرها باستثناء ما أعجز عنه بسبب قوتي البدنية المحدودة مثل تبديل الغاز ونقل الأجهزة للتصليح. والنتيجة نحن نبقى بلا طعام أياما بسبب كسله عن تبديل الغاز (نحتاج إلى تبديل عبوة الغاز مرة في السنة فقط). والنتيجة أيضا لدينا ما يزيد على خمسة أجهزة أساسية عاطلة منذ وقت طويل جدا. حين يتناول طعامه يرمي المخلفات على الأرض أو يبقيها على الطاولة. لا يتعاون معي في أي شيء يخص رعاية طفلتنا. هو صيدلاني وموظف ويستلم راتبا شهريا. أنا بطبعي صبورة وهادئة بشهادة من يعرفني ولكن نقطة ضعفي كسله. يجعلني أفقد أعصابي وأصرخ وأخبره بمدى فشله وندمي على الارتباط به.
وأحيانا ألوم نفسي أنني أقوم بكل شيء بنفسي ولا أجعله يشعر بالمسؤولية.
تعبت جدا وبدأت أشعر بالمرض النفسي وفقدان الحيلة
23/8/2017
رد المستشار
أهلا وسهلا ..
النظر إلى مستجدات الحياة بوصفها مشكلات لا يعني سوى تصعيد الضيق وزيادة تحميل الأثقال فوق كاهل منهك !!! الماضي والحاضر يمدنا بمعطيات نتفاعل معها لتشكيل مصيرنا، واعتبار هذه المعطيات "مشكلات" يحرمنا من فحصها، ومن ثم تشغيلها بشكل أفضل !!
من حقك أن تقومي بعملية مراجعة هادئة وشاملة لما كنت تعتقدين، وما تستطلعين وتجربين من أفكار وممارسات جديدة!! لا تتوقعي الدعم من المحيط، ولكن يمكنك الحصول عليه من مصادر أخرى داخلية وخارجية.
داخليا .. صدقك مع نفسك ودأبك في مواصلة التفكير والبحث واحترامك لعقلك وصلتك بالله سبحانه وبنفسك والاستعانة بالله والحديث إليه باستمرار، واهتمامك بما تفعلين وتفكرين مع التحلي بروح الاستكشاف والفضول في التعامل مع الجديد .. لا القلق والشعور بالعجز !! هذه كلها مصادر داخلية تعينك، وغيرها كثير مما يمكن أن تستكشفيه بنفسك !!
خارجيا .. هناك من يسير في نفس دربك ويمكنك البحث عنه هنا وهناك لعلك تجدين صحبة تؤنسك وتشاركك الخبرات والتجارب، وربما تجدين هذا أيضا في كتاب شيق، أو مجموعة حوارية على الإنترنت، أو مادة علمية، وغير ذلك كثير مما يمكنك استكشافه بنفسك!!
وأفضل ما يمكنك تربية ابنتك عليه هو نفس المنوال: عقل ناقد متسائل، وروح طامحة إلى المعالي، ووقت منشغل بالاستكشاف الروحي والعقلي، والمعرفة الجوانية والثقافية، وأفق متسع لا يعرف حدودا مسبقة للخيال، ولا البحث بأنواعه !!
ألفت نظرك أن اعتمادك على عقلك وحده لن يوصلك إلى شيء، لأن التجربة الإيمانية ومراجعاتها هي مسألة مركبة لا تستثني العقل، ولكن لا تقتصر عليه !!
لا يوجد شيء اسمه طابع شخصي كسول .. يوجد بداخل كل منا جزء كسول ينشط ويسيطر أو يتهمش ويتنحى ومعرفة زوجك بنفسه ستفك شفرة كسله، وتفتح الأبواب لمعرفة مفاتيح تحفيزه !!
أنت أيضا بدقة ملاحظتك يمكنك معرفة الأجزاء الداخلية لزوجك وكيف تنشط ولماذا؟ ولا يحدث هذا غالبا في مناخ اللوم والتقريع، ولكن في جو القبول غير المشروط الذي يصبح تدريجيا هو المقدمة لتواصل أفضل وتفاهم أنجح !!
يا ابنتي .. يوجد فيما تسألين عنه كتب وتجارب ومعارف وخبرات لا تتسع إجابتي لها ولا حتى على سبيل الاختصار !!
هي رحلة حياتك أنت وتعلمك ومسيرة دربك .. خطوة خطوة .. فلا تستعجلي .. وتابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>>>>>> : ندم، وتفكير، وقلة حيلة: يوميات حائرة ... م1