الاكتئاب الحاد، ومعاناة الطفولة
اكتئاب.
قرأتُ للتو رسالة شريف..الشاب المصري في عقده الثالث. الاكتئاب الحاد، ومعاناة الطفولة
قصتي مشابهة، وقد شجعني على الكتابة رغم علميَ المسبق بأن الأمور ستبقى على حالها..إنها نوع من الفضفضة ومواساة لشريف.
عانيت في طفولتي جداً..أب مريض بالسرطان..أم بعيدة تسافر معه..مشاكل مع الأقارب تستمر إلى الآن. هناك فاصل زمني كبير بيني وبين أخواتي..متزوجات ولديهن أطفال في جيلي..واقعة أنا في المنتصف..بين الذكور، أربعة أكبر مني وواحد أصغر أحدهم مريض ولا أود التطرق في الأمر لأنه مؤلم ويحتاج نهاراً كاملاً. لم أحظَ بالحب والاهتمام والحنان من أي طرف..لا أستطيع الكتابة عن التفاصيل ولكن الأمر هنا في رأسي.
لا أكف عن استرجاع أحداث الماضي والطفولة والمراهقة البائستان. تعرضت لصدمة في مرحلة الثانوية ولم أستطع الدراسة على إثرها. الكتب أمامي ولا أستطيع الدراسة. الآن وضعي أسوأ في مرحلة الجامعة لا أهتم لشيء لا أبالي بنفسي أجلس في المنزل أسابيع بأيامها ولياليها. أمر بنوبات بكاء مستمرة ولا أصدقاء لدي. أهرب من كل التجمعات حتى من أهلي. أعتزل دائما. يظل هاجس الماضي يلاحقني. مررت بالكثير من العلاقات العاطفية الفاشلة أتعلق بأحدهم علّه سيخلصني من عذابي إلا أنني أفشل. الكتب هي من تخفف عني وحدتي وأحيانا تزيد من شدتها وتضاعف اكتئابي
لا أفكر إلا بالموت لأستطيع التخلص من هذا التعب الجسماني والروحاني. لا أحب أهلي وأتمنى أن أسافر وأبتعد عنهم وأخاف من شريك حياتي. أشعر بأنه لن يأتي أو لن يفهمني كما أريد. أخاف أن يزيد من مرضي فلا أستطيع اللجوء لأحد حتى لأهلي .
قابلت طبيبا عدة جلسات ثم توقفت. حتى الأفراد من أهلي اللذين عرفوا بمرضي واعترفت لهم لم يساندونني وأحدهم يرفض فكرة الطبيب
إنني منهكة وبحاجة دعم وحب وحنان
24/7/2017
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
رواية الإنسان للمعاناة التي مر ويمر بها حق مشروع. كذلك فان استماع الناس لروايته سلوك حضاري إنساني. لكن الرواية تحتاج إلى نهاية٫ ونهاية رواية كل إنسان هو البحث عن الحل٫ وبعد أن ينتهي الإنسان من رواية قصته فإن من استمع إليه يتوقع منه انتقاله إلى مرحلة جديدة في الحياة. هذا ما يجب أن تفعليه.
ينقل الماضي الإنسان إلى حاضره٫ ولكن بعد البلوغ فإن الإنسان نفسه وليس حاضره أو ظروفه٫ الذي ينقله إلى مستقبل جديد. يحدد الإنسان هدفه والطريق إلى الهدف أيضاً.
التشبث بالماضي والتفكير به يؤدي أحياناً إلى إصابة الإنسان بالشلل العاطفي الذي ربما أمره أشد بأساً من الشلل الحركي. المصاب بالشلل الحركي لا يكف عن المحاولة لاستعمال عضلاته المشلولة الْيَوْمَ بعد الآخر ويحاول تجنب مساعدة الآخرين له قدر الإمكان رغم تطوعهم التلقائي لمد يد العون إليه. لا يستسلم ولا يعرف الاستسلام وينتظر علاج جديد.
أما المصاب بالشلل العاطفي فهو عكس ذلك تماماً. لا يحاول ولا يعرف أحياناً ما معنى المحاولة. لا يتواصل مع الآخرين ولا يعرف ماذا يطلب منهم ولا هم يفهمون طلباته. لا يتطوعون تلقائيا لمساعدته لأنه لا يعرف ما هي احتياجاته الناقصة وكيف يتم تلبيتها. بدلاً من البحث عن هدف جديد وطريق جديد يؤدي التي المستقبل٫ يبحث الإنسان عن طريق قديم للعودة إلى الماضي باحثا عن أجوبة لأسئلة لا يسمعها احد.
الطريق الذي يؤدي أحياناً إلى الماضي هو الكلام في العلاج النفسي. الكلام في العلاج النفسي لا يكفي وهناك مرحلة حرجة يجب على المراجع ومعالجه الانتباه إليها وهو اتجاه طريق السفر. إذا كان الاتجاه نحو الماضي فيجب التوقف. إذا كان التوجه نحو المستقبل فهذه رحلة يجب أن يقوم بها المراجع لوحده ويقول وداعا للمعالج النفسي.
مراجعة الطبيب النفسي أهدافها محدودة وهي :
١-تشخيص اضطراب نفسي.
٢-صياغة حالة الإنسان وروايته.
٣-إن وجد اضطراب فيجب علاجه٫ دون ذلك توجيه الإنسان نحو طريق واحد يؤدي إلى المستقبل.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>>>: الاكتئاب الحاد، ومعاناة الطفولة م