السلام عليكم
بداية.. أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع المتميز، وأسال الله سبحانه أن يرفع من درجاتكم يوم القيامة وبعد:
سألخص لكم قصة ابني قبل أن أعرض عليكم مشكلته.
في الحقيقة هو ابن زوجي، ولكنه بمثابة ابني بكل ما في الكلمة من معنى. مرضت والدته بمرض خبيث أقعدها بالفراش وله من العمر ثلاثة أشهر، وتوفيت وعمره سنة ونصف. كان مع والديه في هذه الفترة في بلد أجنبي، وسافرت جدته لأمه للاهتمام به وبها في أثناء عمل والده. عند وفاة الأم بقي فترة مع والده عند جدته لأبيه في لبنان، ومن ثم عاد والده للسفر حيث انتقل معه إلى بيت عمته التي تقطن في البلد الأجنبي نفسه لتهتم به مع أولادها الثلاثة في أثناء غياب الأب.
في هذه الفترة خطبني زوجي وعاد مع محمد إلى لبنان؛ حيث تزوجنا واستقررنا وكان عمر محمد 3 سنوات.
محمد ولد لطيف، ولكنه غير منضبط كثيرا ربما لما حصل عليه من دلال مفرط من والده خلال المراحل الصعبة ومني خلال الفترة الأولى، ريثما اعتاد واحدنا على الآخر. يذهب كل أسبوع إلى أهل والدته. في البداية كانت هناك مشاكل؛ حيث أنهم يحكون له عن والدته كثيرا لدرجة أنه صار يتمنى الموت ليذهب إليها، ولكن تحسن الوضع قليلا بعد أن تكلم معهم زوجي وبعد ما لمسوا من حسن معاملتي له. يعرف أن عنده أمَّين؛ واحدة ولدته وأخرى تربيه، عنده ألعاب كثيرة أغلبها تربوية.
كنت أقضي معه في الفترة الأولى وقتا كبيرا نلعب معًا ونرسم ونلون ونقوم بنشاطات مختلفة، ولكنني أعترف أن هذا الوقت قل نوعا ما بعد أن ولدت أخته، والسبب هو أنني أيضًا امرأة عاملة. ولكن الاهتمام والحب بقيا على حالهما؛ بل ازدادت علاقتي به وتوطدت. أحاول قدر استطاعتي أن أطبق معه ومع أخته ما أقرأه وأسمعه من برامج تربوية.
محمد يحب أخته كثيرًا ولم أشعر يومًا بغيرة زائدة. عنده خيال خصب، جيد جدا في المدرسة ولكنه يكرهها ولا يحب الدرس ولا يحب رفاقه في الصف، كثير الحركة وكل المعلمات يشتكين من ذلك، قليل الترتيب، دفاتره وكتبه ممزقة ومتسخة، ليس عنده اهتمام بالدرس مع أنني أبذل جهدًا في التحدث معه عن العلم والعلماء والمستقبل. يهتم فقط باللعب والسيارات والأعلام، وغير ذلك مما يشد اهتمام الصبيان في عمره. يحب أن يصير شرطيا ليضع المجرمين في السجن.
هو غير منضبط، لا يلتزم بأي أمر إلا إذا رافقه التهديد بالحرمان من الذهاب إلى أماكن يحبها. دقيق الملاحظة في الأمور التي تهمه، فضولي، يفتح الأدراج والخزانات بسبب وبدون سبب.
في الفترة الماضية كان يأخذ أغراض رفاقه أو يحمل معه ألعاب أقربائه مخفيا إياها في جيوبه، وقد بذلت مع والده جهدا كبيرا للتخلص من هذه العادة السيئة بعد أن قرأت الكثير عن هذا الموضوع، وأحسب أننا نجحنا إلى درجة كبيرة.
يخاف من العقاب؛ إذا صرخت في وجهه لسبب ما فإنه يصاب بالرعب؛ لذا أنا أحاول جاهدة أن أضبط نفسي دائما إلى أبعد الحدود.
يحاول تخليص نفسه بالكذب، وخاصة أن خياله الخصب يساعده على تأليف القصص.
أرجو أن تفيدوني كيف يمكنني تخليصه من عاداته السيئة، وكيف أنمي اهتمامه بالدرس والعلم؟ وكيف أجعله يشعر بالأمان الذي أشعر من وقت لآخر أنه يفتقده ؟ ولكم مني جزيل الشكر.
18/7/2017
رد المستشار
الأخت العزيزة..
أهلا وسهلا بك على صفحتنا "استشارات مجانين"، وشكرا جزيلا على ثقتك.
أسأل الله أن يجزيك كل الخير على ما تقومين به تجاه هذا الصغير، وأراك تحاولين إصلاحه قدر استطاعتك.
أشعر في المجمل أن كل ما وصفت من سلوكيات هذا الولد صغير متماشٍ إلى حد كبير مع مرحلته السنية، ولا أستطيع أن آخذ انطباعا عن تشخيص اضطراب سلوكي أو انفعالي بعينه من خلال كل ما ذكرت، صحيح أنك قلت إن الولد كثير الحركة ولا يحب الدرس ولا يحب رفاقه في الصف، وهو أيضًا قليل الترتيب، دفاتره وكتبه ممزقة ومتسخة، وليس عنده اهتمام بالدرس، ولكنني لا أستطيع أن أعتبر ذلك خارجا بالتأكيد عن الحدود الطبيعية الداخلة ضمن الفروق بين ولد وآخر! أتدرين لماذا حيرتي هذه؟
سبب حيرتي هو أنني لا أعرف معايير تقييمك أنت؛ فقد تكونُ معايير ما هو طبيعي أو مفروض بالنسبة لك مبالغا فيها مثلا، بمعنى أن ما قد يراه الطبيب النفسي قد يكونُ أن الولد طبيعي رغم أن المعلمات يشتكين من بعض سلوكياته، ولا تنسِ أنك ذكرت أن مستواه الدراسي جيد جدا، وإذا كان ذلك مستواه في أداء ما لا يحب، فهذا يعني أن الولد ممتاز في أدائه بوجه عام.
وفي الوقت نفسه لا أستطيع القطع بأن الولد طبيعي تماما؛ لأن هناك بعض الكذب وما قد يتداخل مع السرقة؛ وذلك باعتبار ما أشرت إليه من أنه في الفترة الماضية كان يأخذ أغراض رفاقه أو يحمل معه ألعاب أقربائه مخفيا إياها في جيوبه، وقد بذلت أنت مع والده جهدا كبيرا لمساعدته في التخلص من تلك العادة السيئة، والحمد لله نجحتما إلى درجة كبيرة، ونجاحكما هذا يعني أن إحسان التربية من جانب الوالدين قد يكونُ كافيا لإصلاح سلوك الطفل، وأن ما جاء في إفادتك كله هو وصف لسلوكياتٍ مشينة من جانب ذلك الطفل ولكنها في نفس الوقت عابرة، وينتهي بي ذلك مرةً أخرى إلى إمكانية كون الولد طبيعي بالنسبة لمرحلته السنية!
وبرغم كل ذلك فإنني أرى ضرورة العرض على طبيب نفسي ذي خبرة في طب نفس الأطفال أو اختصاصي نفسي يقوم بتقييم الطفل وقدراته ومهاراته إضافة إلى تقييم وتحليل أعراض السلوك المنحرف المشار إليه فهناك احتمالات تشخيصية عديدة ولكنني لا أميل لأي منها في حدود ما وصلني
فاقرئي مثلا من على مجانين:
اضطراب العناد الشارد
العناد عند الأطفال (2)
سرقةٌ وكذب وعدوانية : اضطراب التصرف
علاج الكذب في الأطفال
مرةً أخرى أحييك على إحسانك القيام بدورك تجاه هذا الولد، وأنبه إلى أن الخيال الخصب والقدرة على التأليف اللذين ييسران الكذب للطفل قد يكونان مسعفين له لأنه يكذب ليهرب من العقاب الذي يخاف منه، ويكون السبيل الأصح لتخليصه من تلك العادة هي أن نلجأ لأساليب تربوية أخرى غير العقاب، وأحسب أيضًا أن تنمية حبه للعلم والدراسة تكونُ أحسن ما تكونُ بأن نوجهه في اتجاهٍ يدعمه ما يحبه الطفل أصلا ويميل إليه، وهو بالتأكيد يميل إلى بعض المواد الدراسية أكثر من غيرها، وفيما يتعلق برغبتك في تعليمه النظام أنصح بأن تقرئي:
كيف نربي طفلا منظمًا؟
وأنا في انتظار متابعتي بنتيجة عرضه على الطبيب النفساني وتقييمه الكلي لحالته، وأهلا بك دائما.