أعاني من اضطراب الهلع بسبب خوفي من خرافة المس الشيطاني سابقا
السلام عليكم
أنا شاب عمري 26سنة أعاني من اضطراب الهلع وقلق حاد منذ 10سنوات زرت العديد من الأطباء النفسيين على مر 10سنوات واستعملت عدد كبير من الوصفات الدوائية وسرعان ما يبطل مفعولها تحسنت لمدة سنتين باستعمال مضاد الاكتئاب باروكسيتين 20ملغ ساعدني لفترة سنتين ثم نقص مفعوله إلى أن انتكست مرة أخرى وعادت معي النوبات وعدت عند طبيبي فغير لي باروكستين بشبيهه دواء تري-زين 20ملغ وأفلوكارديل لارتفاع دقات قلبي مع النوبة وألبيريد وأضاف لي مؤخرا أثيميل ليساعد في الدواء الأساسي في العلاج
إلا أن عند بدايتي لأثيميل بدأت أشعر بتعب في قلبي وتعرق شديد وثقل في الرأس مع ارتفاع الشحنات الكهربائية في الرأس لدرجة أني لا أستطيع إغماض عيني أو النوم وانتفاخ في البطن صراحة مللت هذه الدوامة وهذا الكابوس الذي راودني منذ 15 من عمري سئمت الجلوس في المنزل دون الاستمتاع بحياتي مع أني قبل المرض كنت إنسان ناجح في دراستي ومتفوق حياتي كلها كنت أحصل على المرتبة الأولى في الفصل وكنت منظم مثالي ورياضي وكنت اجتماعي وكانت دائما الأنظار موجهة لتفوقي في كل شيء أعمله للأسف أحسست وكأني رفعت ووضع شخص آخر مكاني بقمة التغيير السلبي الذي أصبت به رغم كل
هذه المعاناة حاربت هذا المرض النفسي وحصلت على إجازة في علم النفس الإكلينيكي حبا في المجال وبغيت علاج نفسي ومساعدة كل من يعاني مثلي إلا أنني اكتشفت أني أساعد جميع المرضى النفسيين وأفهم مشاكلهم وأخلصهم من أمراضهم ولا أستطيع فهم نفسي ومعالجتها صراحة أصعب إحساس ...
أتمنى أن تساعدني دكتور وتقدم لي نصائح بأنجع الأدوية الفعالة وأحسن طريقة في العلاج المعرفي السلوكي وأتساءل هل هذا المرض سيصاحبني طوال حياتي أم أنه يتعالج لأني مقبل الشهر القادم على اختبارات الالتحاق بسلك الماستر أو الماجستير في علم النفس المرضي أريد أن أتخلص نهائيا من هذا المرض وأعود لحياتي وسابق عهدي .شكرا جزيلا على إعطائي هذه الفرصة للاستشارة تحياتي دكتور مع السلامة ...
29/8/2017
رد المستشار
السلام عليكم صديقي "يوغيرنا" وأهلا بك على موقع مجانين للصحة النفسية. وكان الله في عونك ما دمت في عون إخوانك.
قلت أن سبب القلق والهلع هو خوفك من المس الشيطاني، ولم تذكر ولا شيء عن التجربة وهل تغيرت أفكارك من جهة الدين والمنطق بخصوص الموضوع.
وواضح أنّك اعتمدت في رحلتك العلاجية على الدواء فقط، ولم تلجأ لعلاج معرفي سلوكي لتعلم مهارات التعامل مع نوبات القلق والأفكار المصاحبة له.
أما فكرتك أنك تستطيع أن تساعد الناس ولا تستطيع أن تساعد نفسك، فهي صحيحة وجدّ طبيعية، لأننا لما نساعد الناس بنصيحة أو اقتراح حلول، نقف عند ذلك الحدّ، ولا نعلم مدى التغير الحاصل بعدها، أو تراجُع المعاناة بتلك النصائح، حتى نقارن بين الوضعين. لذلك أنت ترى نفسك قادرا على "تخليص الناس من معاناتهم" وعاجزا عن ذلك في حق نفسك. وفي الحقيقة، هذا أبعد ما يكون في المجال النفسي والتربوي والاجتماعي، لأن التغيير لا يكون بمجرد معرفة سبب الخلل، بل يعتمد على تميّز البرنامج واعتبار الفروقات الفردية، ومدى التزام الإنسان به، ونفَسَه الطويل في تطبيقه، وتجنّب معامِلات الانتكاس والسلوكيات المضادة التي تقلل من نجاعة البرنامج.. وهكذا...
لذلك قد تعي وضعَك جيدا، مع بقاء عوائق للتحسّن. هذه كانت ملاحظة عابرة، حتى تتصالح منطقيا مع نفسك.
والسؤال الآن، هل لا زلت تؤمن بالتلبس الشيطاني، أو تعتقد بصحة بعض الأفكار السائدة، ولا تجد إجابات عن بعض الآيات والأحاديث ؟ وما هي أفكارك بخصوص العين والحسد وتأثيرها على رهابك الاجتماعي مثلا؟
خلاصة القول أنّ دخول الجن أو مس الشيطان إنما هو تفسير بشري لأدلة ظنية الدلالة (أي دلالتُها ليست قطعية، وليست آية أو حديثا مُحكما واضحا وضوحا قطعيا في إثبات تلبس الشياطين) أو ظنية الثبوت أصلا (أي ضعيفة الثبوت). واختلط ما نزل من الوحي من تعبير مجازي مثل "الذي يتخبطه الشيطان من المس" أو حديث "يجري من بني آدم مجرى الدم" بأساطير وميولات بشرية لتفسير الأمراض العقلية والنفسية بالأرواح الشريرة أو قوى "ماورائية" وما شابه. وإلا لماذا تتحسن الحالات المرضية بشرب الدواء ؟ فهل الشياطين تتأثر بذلك الدواء لهذه الدرجة ؟ !
ويكفي تأمل حديث واحد لنعرف نظرة الدين في هذا الأمر، وهو حديث في الصحيحين، واللفظ هنا لمسلم: (غَطُّوا الْإِنَاءَ ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً ، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا ، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً) فهل يُتصور أن المصدر الذي يقول أن الشيطان يسكن الإنسان ويمسّه ويصرعه ويصيبه بالشلل والجنون والهوس ويؤثر في تحصيله الدراسي ويُجهض الأجنّة ... إلى آخر تلك الأفكار، هو نفسه الذي يقول بعجز الشياطين عن فتح باب أو كشف إناء. مجرد إناء ؟ ! فهل يُعقل أن يكون الإنسان أحقر من ذلك الإناء الجماد !!؟
فالجانب المعرفي الديني هنا مهم. وحتى إن كنتَ لا تؤمن بذلك الآن، فينبغي معالجة الرهاب والقلق هنا ببرنامج معرفي سلوكي، تتعدل فيه أفكارك وتتعرض لبضع مواقف مع العمل على ضبط النفس وعدم الارتباك والتفكير بعقلانية على خلفيّة التعديل المعرفي.
للأسف لا يمكن إعطاء أدوية عبر الموقع من قبل الأطباء فيه (ولستُ منهم) وحتى فكرة أن تعالج نفسك بنفسك عبر برنامج معرفي. لا أؤيّدها، فالعلاج ينبغي أن يكون من طرف آخر. لأن النسق الفكري للمريض قد يُعيق التطبيق السليم لنسق فكري آخر خاص بالعلاج. وفي الأمور الذهنية خصوصا تكثر نسبة التداخل والتأثر والذاتية. عكس إجراء عملية جراحية من الطبيب ليده أو رجله مثلا، فقد يكون الأمر واضحا وإدراكه سليما للعملية العلاجية.
لذا حاول أن تتبع برنامجا معرفيا سلوكيا عن مختص، ولا عيب في ذلك حتى إن كنت دارسا لعلم النفس، فحتى أمهر الأطباء والأخصائيين لديهم معالجون شخصيون. وقد ينفعك تخصص في معرفة مهارة ودقة المعالج، وهذا شيء إيجابي.
توكّل على الله، ولا تيأس، وتابع مع طبيبك بين الدواء والجلسات.
وإليك بعض الروابط:
المس واللبس والسحر في العيادة النفسية
نوبات الهلع: برنامج علاجي
نوبات الهلع : في شخصية موسوسة