وسواس غريب وأفكار مزعجة لاتطاق
أولًا أشكر كل القائمين على هذا المنتدى الرائع الذي كنت أزوره لأقرأ الذي ينشر فيه من مشاكل نفسية لعلّي أجد شيئا يتوافق مع مشكلتي وأدعو كل المختصين بقرائة هذه الكلمات التي أبوح بها لأول مرّة.
وسواسي أو حالتي النفسية غريبة وهي غريبة لأني بحثت في شبكة الإنترنت باللغة الانجليزية والعربية عن أغلب أنواع الحالات النفسية والرهاب الإجتماعي وأنواع الوساوس ولم أجد أي تطابق مع حالتي ومع أي موضوع قرأته أو شاهدته
الحالة النفسية الحالية. من شهر سبتمبر 2016 إلى شهر أكتوبر 2017 وسواس إجتماعي حاد كما أُسمّيه.
في المعاملات الاجتماعية خوف من أن يلاحظ الناس أخطائي ويتكلمون عني علما بأني مدون مشهور على صفحتي الشخصية بإحدى المواقع وناجح مثقف ولدي متابعين بالآلاف وأتطرق إلى مواضيع ثقافية وعلمية كثيرة وبارع في الكتابة......
للأسف هناك مشكلة جعلت أغلب أيامي تعيسة بسبب القلق الخارج عن السيطرة؛ دائما ينتابني خوف شديد لا أستطيع السيطرة عليه من أشياء تافهه مجنونة وغريبة مثل الخوف من أن يأخذ الناس عني فكرة خاطئة بأني جاهل لا أعرف القراءة والكتابة اذا أخطأت في شي ما أمامهم رغم أنه خطأ تافه. على سبيل المثال في إحدى المرات اشتريت عدة مواد وأغراض من محل مواد غذائية في مدينتي وأمسكت بإحدى علب الزيت عفويا بشكل مقلوب وأنا أنظر لها لكي أضعها بالشكل الصحيح وأقرأ مكوناتها. بعد هذا الموقف بثواني ينتابني شعور بأنه قد يكون هناك شخص فهم هذا الموقف بشكل خاطئ وأصبح يقول عني بأني لا أعرف القراءة ولا الكتابة بسبب إمساكي لعلبة الزيت بالمقلوب؛ رغم أني أعرف أنها فكرة تافهة إلا أنها تتعاظم بشكل عكسي خلال ساعات وأيام في رأسي وتسبب لي القلق وربما أصل لدرجة الاقتناع بها.
لتبدأ فكرة أخرى تنسيني الأولى بسبب موقف في مكان آخر وزمن آخر يتكرر هذا الأمر على عدة أمور مثل إمساك الأوراق والكتب وكروت الشحن بالمقلوب الخ. والشيء الذي يجعل الوسواس أسوء وأكثر قوة هو عندما اكتشف أني أعطيت معلومة عامة خاطئة لأحد الأشخاص رغم أنها ليست ذات أهمية فأقول في عقلي ماذا سيقول عني هذا الشخص وماذا سيتكلم؟عني؟!!!! وما تأثير ذلك على حياتي وعلى نظرة الناس إليّ وأعيش لساعات وربما لأيام في حالة قلق شديد ودائم بسبب هذا الأمر.
هذا الوسواس تطور معي وجعلني أخاف حتى من أن يلاحظ الأطفال عني أي خطأ أو شيء يفهمونه بشكل خاطئ عني فيقومون بنشره بين الناس.... مع العلم أن السبب لكل ذالك هو هاجس رئيسي ووحيد وأول وهو القلق والخوف من أن يقول الناس أني جاهل في الحقيقه أوغبي وأني لست أنا من يكتب ويدون على صفحته رغم أن الصفحة باسمي.
وسواس غريب وتافه لكنه سيئ ومزعج لدرجة جعلتني أُفكّر في الانتحار وطغى على عقلي وجعلني أنسى حتى وساوسي الأخرى.
لا أنكر أن لدي تاريخ في الوسواس ..... البداية الأولى كانت بوسواس يعتبر طبيعي وشائع جدا لكنه جعلني حزين وسلب مني جزءا من طفولتي وانا في عمر 8 سنوات وهو وسواس المرض والموت والخوف من الموت وعلاماته والخوف من الحلم بأشياء تدل على قرب الموت؛ بسبب كلام الناس والأهل أمامي عن بعض الأمور التي حدثت لأشخاص متوفين من مدينتنا والتي حلموا فيها بأحلام كانت علامة على موتهم القريب دخلت في حالة من الرعب والخوف الشديد ورغم صغر عمري في تلك الفترة إلا أني لم أبح بذلك لأحد حتى وإن بكيت أتظاهر بأني أبكي بسبب أني مريض أو بسبب شي آخر....
بعد ذلك بدأت قصة الوسواس القهري معي بأفكار بسيطة لكنها غريبة منذ أن كان عمري 9 سنوات إلى العام الماضي وهي آخر فترة اشتداد لهذا الوسواس يتمحور الوسواس حول أمور مثل عدّ أرقام معينة أو فعل أو قول أشياء تافهة بعدد معين أو النظر الى أشياء دون أشياء وكل ذلك أفعلة لكي أتجنب الموت ويكون عمري أطول وفعل هذه الأمور كان يمثل مسألة حياة أو موت بالنسبه لي ....
واستمر الوسواس القهري معي طول هذه السنين وفي سن المراهقة بتقطّع وعلى أشياء عديدة غير الموت مثل فعل أشياء معينة بترتيب وعدد معين من أجل النجاح في أشياء ومنع الفشل وكسب المال ودرء المساوئ....... أستطيع أن أقول أن الفترات التي يشتد فيها الوسواس القهري الذي يرغمني على فعل هذه الطقوس هي غالبًا ما تكون فترات النجاح والسعادة والفترات التي يقل فيها الوسواس إلى درجة الانعدام هي الفترات التي أكون فيها تعيس ويائس وأشعر بالفشل؛
استمر وسواس المرض والموت والخوف من الأحلام إلى العام الماضي رغم أنه كان أقل تكرار فلم يتكرر هذا الوسواس إلا خلال أربع مرات....... أول مرّة كانت حين كان عمري 8 سنوات وبعدها تكرر ثلاث مرات خلال فترة المراهقة مع انقطاعات طويلة لسنين. أما الوسواس القهري كان شبه ملازم لحياتي.
حاولت الاختصار قدر المستطاع لأصف معاناتي لكم...... وأرجو منكم وصف حالتي
ماذا تعني وكيف يمكن التخفيف من وطأة هذه الأفكار والوساوس؟؟؟؟؟
3/10/2017
رد المستشار
السلام عليكم، وشكراً لتواصلك معنا على شبكتنا، لقد قمت بوصف مشكلتك بشكلٍ واضح ومفهوم، وهي فعلياً تدور في فلك الوسواس القهري على الغالب، لكن هذا لا يمنع من عرض مشكلتك بشكل مباشر على طبيب نفسي للحصول على تشخيصٍ وافي لها، أما بالنسبة للعواض التي وصفت، وأنك لم تجد مثلها على الأنترنت رغم بحثك، فهذا أمر طبيعي، فالوساوس الفكرية ذات تنوع كبير جداً وقد تكون الوساوس التي وصفتها شديدة الندرة لذلك تدخل بعض الوساوس في وصف ( وساوس غير مألوفة) وهو وصف نعطيه للوساوس نادرة الشكل، وهذا ما وصفته عن وساوسك.
الوسواس في العادة يحتاج لمتابعة علاجية جادة، وأنت تقول أن الوساوس قديمة منذ طفولتك، وهذا ما يجعلنا نشدد مرة أخرى على أهمية المتابعة الجادة لعلاج الوسواس، مع أقتراح مراجعتك لطبيب نفسي، ودعم العلاج بعلاج دوائي لتتخلص من جزء كبير من مشكلتك التي صارت تعطل حياتك.
ما الذي يحصل معك؟
أن ما تعانيه هو تسلط فكرة ملحة، وهذة الفكرة تتغذى على القلق والتوتر الحاصل بسببها بشكل دائر في حلقة استدامة، وعندما نستخدم لفظ الاستدامة نعني به (الوسائل التي يحاول الشخص التعامل بها لإدارة الفكرة) لكن هذة الوسائل ودون أن يدري الشخص تتسبب في تقوية الفكرة وتضخيمها، ولا تنتهي الفكرة، ومن هذة الوسائل التي تسبب إستدامة الفكرة (التفكير الزائد في الفكرة، أخذ احتياطات، سلوكيات الأمان، التأكد والتحقق، التماشي مع الفكرة وعمل السلوك القهري..) كل السابق من سلوكيات الإستدامة والتي ستجعل الفكرة قوية ومسيطرة إلى أن تأتي فكرة أُخرى أقوى منها فيخف أثر الفكرة، فيظن الشخص نفسه أنه يتحسن، لكن الحقيقة أنه ينتقل من فكرة لفكرة كل فترة، مع فترات كمون طبيعية يخف فيها الوسواس بشكل طبيعي، وهذا ما يجعل المرضى يمضون وقتاً طويلاً قبل طلب العلاج.
إضافة للفكرة الوساسية أنت بحاجة للتعامل مع أفكار (التقييم) القلق والخوف من أن يقول الناس (أني جاهل في الحقيقة أوغبي)، هكذا وصفت قلقك من أن يتم تقييمك من قبل الآخرين، مما يجعلك تسعى للتحقق والتأكد من ذلك أو التفكير الزائد بما قيّمك الآخرين، وهذا يستديم الفكرة الوسواسية ويعزز درجة القلق الإجتماعي أيضاً فيما بعد.
تكمن إشكالية الأفكار التي تصفها أيضاً بالخوف من فقدان السيطرة، فالشخص يكون متوجساً وخائفاً لأنه غير قادر على ضبط أفكاره أو التحكم بها، وهو ما يثير قلقه بشكل أكبر ، لذلك فإن أهم ما تحتاجه الآن هو (أساليب علاجية للتعامل مع الفكرة الوسواسية وإدارة عملية التفكير بها) وعادةً فإن الهدف الأساسي هو التعامل مع الفكرة الوسواسية من خلال تكنيك يعزل الفكرة الوساسية ويمنع الشخص من تنيمتها من خلال التفكير الزائد أو محاورتها أو التأكد والتحقق، لذلك من أسرع التكنيكات حول ذلك بشكل بسيط ومساعد هو كما يلي فاتبع الخطوات:
- اكتب الفكرة الوسواسية بشكل واضح على ورقة (مثلاً: رآك الناس تمسك علبة الزيت مقلوبة، سيقولون أنك غبي)، بعد أن تكتب الفكرة الأصلية وليس فروعها بشكل واضح أعد كتابة الفكرة بصياغتين:
1- سيقول الناس عني أني غبي لأني أمسكت قنينة الزيت بالعكس
2- أنا خائف من فكرة تقول لي: سيقول الناس عني غبي لأني أمسكت قنينة الزيت بالعكس
ركز بالفكرتين، ستجد أن ما ينطبق عليك هو الفكرة الثانية، وهي أنك حقيقة خائف بسبب الفكرة التي تزعجك وتقول لك، أن الناس ستتقول عليك، إذاً وبإختصار فأنت ( خائف من فكرة تزعجك) والوسواس هو عبارة عن " خوف من الأفكار" وليس من شيء مخيف حقيقي، لذلك فأنت قلت مسبقاً أن الأفكار تافهة ولا تستحق كل ردة الفعل، لكن هذة حقيقة الوسواس أنه خوف من الأفكار، وليس من شيء حقيقي، وإن كان الشيء حقيقي حتى فهو لا يستحق كل هذا المستوى من الخوف، لنعود لفكرة أن خوفك هو من الأفكار، وتقسم الأفكار هنا لواقع وتوقع، لكن أفكارك التي تخاف منها هي توقع وليست واقعاً محسوماً، فهذا التوقع كانك تقول فيه ( ماذا لو قال الناس عني أني غبي عندما فعلت كذا) لكنك تتعامل كأن الحدث منشور على صفحة الجريدة الرسمية الأولى في بلدك، وكأنه سينشرون صورتك لجوار صورة رئيس الوزراء في الصفحة الأولى مخبرين أهل بلدك بما فعلت، هذة ليست سخرية منك حتى لا تفهم القصد خطأً بل هي محاولة لوصف شدّة الفكرة لديك بأنها تكتسب قوة انفعالية كأنها مسألة حياة أو موت، فيخطر في بالك أنك مهدد بشكل حقيقي، وهنا نأتي لتكنيك جديد نسميه المتصل المعرفي، حيث نطلب من الشخص على مقياس من 1 الى 100 بوضع شدة الموضوع لتحليله من جديد
1------------------------------100
كم هي قوة الفكرة ( )
إلى أي درجة تشعر بأنها حقيقية ( )
لو فعلاً لاحظ أحد الناس ما قمت بفعله كم شخص من بلدك سيتحدث عنك بأنك غبي كما وصفت ( )
ستجد حينها أنك تفكر تفكيراً قطبياً فما حصل كأن كل الناس عرفت به، رغم أن من لاحظه إن كان لاحظ ما فعلت أحد ما غالباً لن يركز فيما فعلت، فهل يا ترى لو فعل ذلك أحد أمامك أي شخص آخر قام بنفس فعلتك، فهل ستهتم كثيراً بأنه أمسك الزجاجة
بالمقلوب؟؟
أنت خائف من الفكرة، وليس من حدث حقيقي، أنت خائف من ما تتوقعه، وليس من واقع فعلي، لكن هذا الخوف يغذي الفكرة الوساوسية فيجعلها مُلحّة أكثر، فتقوم بكل ما من شأنه أن يدعمها ويزيد قوتها، وأنت أحوج لأن تتعامل معها بطريقة تقلل المحتوى الانفعالي والقلق المصاحب لها لأن هذا ما يغذيها ويستديمها.
نسأل الله لك شفاءً عاجلاً غير آجل، وشكراً مرة أخرى لتواصلك، ولا تتردد في إرسال المزيد من الاستشارات.