السفر والانتقام .....بل عليك تأكيد ذاتك
كيف أتخلص من رُهاب الماضي
أستاذ حسن أشكرك جداً على نصائحك وأعتذر لعدم توضيحي لبعض الأمور فعندما كتبت الرسالة السابقة كنت بحالة يرثى لها وأقول لك أني لا أضع اللوم على المجتمع وأعترف كنت في أيام الجامعة ضعيفة الشخصية وعلاقاتي محددة بسبب خوف أبي علي يرهبني من كلام المجتمع كثيراً مما سبب ضغطا نفسيا أدى إلى كسْر شخصيتي وخسرت من أيام دراستي 3 سنوات.
ولكن بعد التخرج ومراجعتي لأسباب فشلي ورسوبي ناقشت أبي بهذا الخصوص ورأى أن مصلحتي فوق كل شيء وفوق كلام الناس بل وأعطاني ثقة وحرية أكثر من قبل لكثير من الأمور وشخصيتي الآن تغيرت نحو الأفضل أصبحت أعتمد على نفسي وطورت من موهبتي وهي الأعمال اليدوية وتصميم الأزياء وبالعكس أهلي شجعوني على تطويرها لكن اختصاصي الهندسي وموهبتي هذه لا تنفع شيئاً في بلدي ولا أحد يرغب باختصاصي.
فأبقى في حيرة من أمري لو بقيت هكذا وانصعت لكلام الناس كيف أني جالسة بدون زواج ولا وظيفة ولازم أتزوج فإني بذلك سأرجع لنقطة البداية بيد أني اخترت تطوير اختصاصي واخترت السفر وأنا على خطى ذلك وسأسافر عندما تحين الفرصة في ذلك لكن؟ كما قلت أنت ما زال لدي رهبة من عدم التأقلم من المجتمع الجديد وأخاف أيضاً من فشلي مرة أخرى رغم الآن شخصيتي مختلفة عن قبل.
ما زال الماضي يرهبني فقل لي كيف أتغلب على هذا الخوف وأكسب دراستي وشبابي بالتركيز المثمر وعلاقاتي الاجتماعية وأقوي شخصيتي بالأكثر وأكون مهندسة ناجحة ؟؟
9/10/2017
رد المستشار
السلام عليكم وأهلا بك مجددا أختي "رور" على موقع مجانين ونشكرك لمتابعتنا بأخبارك.
لا عليك في الاعتذار. فكل تفصيلة لا يذكرها صاحب الاستشارة تشكل عائقا لتشخيص سليم ومتين للمشكل.
جميل أنك تعترفين بما وقع بالجامعة وناقشت ذلك بنضج ووعي مع والدك الذي أحببت وعيه وحرصه وتراجعه عن خطئه، كما أحببت وعيك في مناقشة المشكل والاستبصار به، ولا بد أنه كانت عند الحجة والبيان والتركيز لوضع كل النقاط في أماكنها وشرح ما حصل لك وما شعرت به، وهذا يبشر بخير، فالتغيير قد حصل فعلا كما تتمنين، إذ لو رجعت لبضع سنوات من قبل لن تستطيع "رور" آنذاك أن تدافع عن نفسها وتؤكد ذاتها وتعي بحاجياتها أمام نفسها وأمام والدها، فضلا عن المطالبة بها !
وأتمنى أن تستفيدي من الوقت والثقة وسعة الأوضاع بالشكل الذي تتمنينه.
وأحب أن أشير أن الأوطان والبلد ليست على شاكلة واحدة، بل حتى المدينة نفسها تتفاوت الفرص والعقليات والاحتمالات فيها، وقد تجدين ما تريدين بتغيير نوع المعارف الخاص بك، وتكسير منطقة الأمان التي تحومين فيها، واكتشاف أصناف أخرى من المجتمعات المصغرة والعقليات وسط بلادك. وإن تعذّر ذلك وأنت عازمة على السفر لخارج بلدك، فلا تخافي الفشل السابق، فما هي إلا ذكرى سيئة كان لها علاقة بتأقلم وردة فعل سيئين وغير ملائمين، ستتجاوزينهما، شرط أن تضغطي على نفسك حتى تسيري مشاعر القلق التي تطغى عليك عندما تقدمين وتأخذين المبادرة، أو تطالبين بحقك، أو تقولين لا لمن أراد استغلالك أو استغلال مواهبك، أو تؤدبين من قلل الأدب معك، فكل هذه التصرفات قد تشكل ضغطا كبيرا على صاحب الرهاب الاجتماعي ومن عنده مشكلة في التوكيدية.
لكن الصبر على تلك المشاعر السلبية وتدبيرها واعتبارها شيئا جانبا لا نبني عليه قرارات ولا ننقاد لها، هو السبيل الوحيد للتعافي والرقي في سلم التحكم بالذات والتلذذ باستعادتها !
أما مسألة الزواج والتخصص والتعارضات التي تلوح في الزواج بين طموحاتك وبين زواجك، المهم أن يكون قرارا واعيا، نابعا من فهم جيد لنفسك وحاجياتها، وألا يكون مجرد حنق ساذج على الرجال أو خوفا منهم، بسبب الرهاب وهذا وارد، فيكون قرار عدم الزواج قرارا هروبيا يشعرك بالأمان النفسي، لكنه خرج على شكل "الزواج يعيق طموحاتي وما هو إلا اتباع لكلام الناس" ! احذري وتنبهي فقط. وليكن بعد ذلك كل شيء مبنيا على مسؤوليتك في اتخاذ القرار.
وإن وجدت فرصة للزواج برجل يناسبك وتناسبينه، بهمومك وطموحاتك، بأن تشرحي له ما تحبين فعله من الأول وبشكل واضح وصريح وحازم، فذلك أفضل بكثير. حتى لا تتقبل الأزمنة والأحايين فتجدين نفسك تندمين على عدم الزواج كما ندمتِ من قبل على عدم الإقدام واقتحام المجتمع. فكان قرار الندم والتغيير في حالة الانطوائية صائبا، لكننا لا نعرف لحد الآن هل سيكون صائبا في حقك أن تهربي من الزواج بالمطلق.
ومع ذلك أفضل ألا تشغلي نفسك بالزواج الآن، وفكرة من سيتقدم لي ومن سيناسبني وأناسبه، إلا أن تبني شخصيتك الجديدة التي تتطلعين لها وتشارفين على اكتشافها بكليّتها، وأن تحققي بعض أهدافك، فمن يعلم ربما تصلين لدرجة من الصفاء الذهني، والراحة النفسية واستشراف للأفق يجعلك تنظرين للحياة بأعين أخرى.
أما سؤالك عن تطوير الذات والنجاح في التخصص، فكله يدور حول التخلص من المعوقات النفسية، فتأتي النتائج الطيبة تباعا، من تركيز على الدراسة والمطالعة عوض التركيز على الأفكار السلبية والمعارك الوهمية مع النفس والمجتمع (ولو بشكل غير واع) وستأتي العلاقات الاجتماعية الجيدة بشكل سلس وتلقائي بعد أن تتصرفي على سجيتك مع الناس دون إشعارهم بأنهم مصدر خوف أو توجس، ودون إعطائهم انطباعا بأنك تتفاعلين معهم على مضض.
وكل هذا لا بد لك فيه من متخصص(ة) يساعدك ببرنامج معرفي سلوكي يعدل فيه أفكارك وسلوكاتك وردات فعلك الخفية منها والعلنية، وسيكون البرنامج أكثر دقة وكثافة من مجرد استشارة. لذا أنصحك بزيارة مختص نفسي بالتوازي مع التحضير لسفرك (يعني قبل سفرك) لتقطعي أشواطا في العلاج النفسي. ولا تتوهمي ككثير من الناس بأن المعاناة إن كانت بين جنبيك فهي ملك لك وأن حلولها عندك بالضرورة ! فكون المعاناة والحواجز نفسية وتشعرين بها بصدق أكثر من غيرك لا يعني أن صاحبها هو الأكثر جدارة ومعرفة بطرق رفع تلك المعاناة، فكما أننا نتألم أشد الألم من ضرسنا فليس بالضرورة أن نعرف ما به وكيف هو علاجه. بكلمات أخرى، هناك مختص بعالمك الداخلي كما هناك مختص ببشرتك السطحية !
تحيتي وأتمنى لك النجاح والتوفيق، اللذان يلوحان في الأفق بإذن الله
وإليك بعض الروابط:
النظريات المعرفية للرهاب الاجتماعي
الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق الاجتماعي
رهاب اجتماعي : قلق الأداء
أقول أو لا أقول: علاج الرهاب لا يطول
رهاب اجتماعي : العلاج الأمثل !
الرهاب الاجتماعي : الاسترخاء ثم المواجهة