مثل الجمل، لا أنسى الإهانة مهما طال الزمان!!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا عندي مشكلة منذ زمن طويل ولم أستطع التغلب عليها، مشكلتي هي أنني لا أنسى الإساءة أبدا مهما طال الزمن، يعني إذا حصلت مشكلة بيني وبين صديق لي فإني أظل أتذكر الإهانة والكلام الجارح الذي تحدثنا به، زيادة على أنني أتمنى لو أنني رديت عليه بكلام أكبر، ألوم نفسي لأنني سكت على الإهانة، خصوصا إذا كان سكوتي في سبيل عدم تكبير القصة، أو ترك مجال للصلح، ألوم نفسي لأني تركت له المجال ليغلط فيَّ، أتمنى لو يحدث موقف آخر لأشفي غلّي منه، أفكر دائما كيف سأهينه، أعيد تخيل الموقف مليون مرة "يا ليتني قلت كذا"، مع العلم أننا ربما نلتقي خلال فترة الخلاف ونبتسم لبعضنا البعض، ولكني أظل أتذكر الموقف عندما أكون لوحدي.
حاولت كثيرا التغلب على هذا الأمر، أذكر نفسي بـ "اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا"، أحاول دائما أن أهدأ نفسي، ولكنني أفشل، وخاصة إذا كانت الإهانة عنصرية، فأنا أتمنى أن أرى أهل بلد هذا الشخص كلهم يموتون ليشفى غليلي منه، أو أن أرى أحدا ينال من بلده أمامي فأشعر بشيء من الارتياح، لأنني بصراحة أكره العنصرية جدا، وأحترم الناس من حولي وأحترم انتماءاتهم وأوطانهم، لذا لا أحب أن يسبَّ أحدهم بلدي خصوصا أنني أصلا أعيش في غربة، بعيدا عن أهلي وبعيدا عن وطني الذي لا أزوره إلا في الصيف، ولكن أحبه لأنه وطني، ولأنني أنتمي لهذه الأرض، أشتاق إليها، فبدلا من أن يكون هذا (الصديق) مواسيا لي في الغربة، يكون عكس ذلك.
المشكلة أن هذا التفكير، يقتل وقتي، ويقتل سعادتي، يجعلني أقضي معظم وقتي في حرب مع نفسي، أقضي وقتي مهموما، ويظل بالي مشغولا، فأنا لا أنسى الإهانة أبدا، ووالله إن لي مدرسين أهانوني وأنا في المرحلة الابتدائية، أتمنى أن تتاح لي الفرصة لأنتقم منهم،
أرجو منكم أن تخبروني ما هو اسم مرضي هذا وكيف السبيل إلى العلاج.
وفقكم الله ورعاكم وجزاكم كل خير
والسلام عليكم
20/08/2004
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بك على موقعنا مجانين، وبداية أدعو أن يوفقنا الله في الحديث معك كيلا تحمل لنا ضغينة.
أحيي فيك حبك لوطنك فكما تعلم أن حب الأوطان من الإيمان، ولكن لا يقصد طبعا بالوطن هذه الرقعة الجغرافية أو تلك، فكل بلاد العرب أوطاني كما قال الشاعر ونزيد عليه أن كل بلاد الإسلام تعنيني، فلا يعقل ولا يقبل أن نتمنى الشر لأي منها أو لأهلها للانتقام من فرد ممن ينتسبون إليها.
إذا قلنا أن العنف والعدوان (أحيانا) نتيجة ضعف القدرة على ضبط الغضب والتحكم في الانفعالات والمشاعر فما تعاني منه هو الوجه الآخر لنفس الجانب، أي ضعف القدرة على التعبير عن الغضب وعن النفس(عموما).
نتعلم التعبير عن مشاعرنا في الحياة كما نتعلم باقي سلوكنا مثل المشي، وتبالغ التربية المتشددة أحيانا في ضبط سلوك الأولاد مما يفوت عليهم فرصة تعلم التعبير عن أنفسهم بطريقة وسطية (توكيدية) بين العنف والسلبية، وتؤدي عملية القمع للانفعالات إلى تراكمها داخل النفس ومع الجهل بكيفية التعبير عنها يحدث ما تعاني منه، فبينما تغلي في داخلك لا تعبر عن هذا الشعور، وسيطرتك عليه ليست حرة تماما بل هي سيطرة مفروضة عليك ولذا فهي تعطيك إحساس بالعجز وتدفعك كي تلوم نفسك.
نعم إننا ندعو لضبط الغضب وإلى تعلم طرق صحية في التعبير عنه، ويدعو ديننا الحنيف لهذا لكن من خلال شعور الإنسان بأنه يرتقى ويتسامح مما يجعله يشعر بأنه أقوى من الاستسلام لمشاعره، ولكن وضعك مختلف.
لومك الدائم لذاتك مع اقتناعك بجدوى كظم الغيظ يشير إلى وجود درجات عالية من الغضب في داخلك وليس بالضرورة لمن تعتقد أنه أهانك الآن، فتقول أنك تتمنى "كلهم يموتون ليشفى غليلي منه" لو تمنيت له الموت وحده لتفهمت الأمر ولكن أن يموت الجميع فقط ليشفى غليلك فهذا غضب غير عادي!!!
وتبسمك في وجه من تشعر بالضيق منه يدل على ضعف قدرتك في التعبير عن مشاعرك أو ضعف ثقتك في نفسك، أكثر مما يشير إلى قدرتك على ضبط غضبك.
استمرار لومك لذاتك حتى بعد انتهاء الموقف ولفترة طويلة يدخل ضمن أسلوب من أساليب التفكير المضطربة والذي يعرف بــ التفكير الهادم للذات Self Defeating Thinking ،حيث يستمر الفرد في توجيه اللوم لنفسه ويرى أنه مخطئ دائما ولا يذكر لنفسه حسنة أو ميزة، واتباع هذا الأسلوب لفترة من الزمن يؤدي لفقدان الإنسان الثقة في نفسه، وتضعف بالتالي قدرته على التعبير عنه نفسه أو حتى على تغيير ما لا يعجبه في شخصيته، ومن هنا جاء اسمه بأنه هدام فهو يختلف عن التفكير الناقد الذي يتيح للفرد أن يقيم نفسه ما لها وما عليها.
ففي مثل هذه الحالات تكون المعالجة المعرفية مثمرة حيث تستطيع أن تتعلم كيف تعبر عن نفسك وتستطيع من خلال تعلم استراتيجية تسمى الحديث الإيجابي مع الذات Self Talking Positive أن تتخلص من طريقة التفكير هذه حيث تتعلم أن تشجع نفسك بدل لومها باستخدام تعبيرات ايجابية مثل" كنت رائعا لأني لم أغضب مثله" بدل أن تتمنى لو كنت بالغت في رد الإهانة.
وكما تعلم فإن الفرق بين المرض النفسي والاضطراب النفسي في كثير من الأحيان هو فرق في الدرجة أكثر منه فرق في النوعية فقد يكون ما تعاني منه شكل من أشكال الوسواس القهري،
فأنت تقول أن هذا التفكير يفسد عليك حياتك ويستهلك وقتك ويمنع عنك الشعور بالسعادة وهي مؤشرات كافية كي أنصحك بأن تزور الطبيب النفسي كي يهدأ بالك وتستطيع الشعور بالسعادة، فمن خلال التقييم المباشر ستكون هناك صورة أوضح لما تعاني منه في حال كنت قد بالغت في التعبير عن نفسك في الرسالة كتعويض لضعف قدرتك على التعبير في الحياة اليومية.
مع دعائي بأن يرزقك الله السكينة والرضا، وتابعنا بأخبارك.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخ العزيز أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضلت به مجيبتك الدكتورة حنان طقش، غير إحالتك إلى بعض الروابط من على مجانين عن الإسراف في مثل هذه النوعية من الأفكار وكذلك عن الاحتمالات التشخيصية المختلفة، فقط قم بنقر العناوين التالية :
الوسواس القهري وأحلام اليقظة !
أحلام اليقظة الاكتئابية ؟؟؟
الحزن المزمن والهروب بالتخيلات
التعويض في الحلم
تخيلات الموت والعزاء
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين، فتابعنا بأخبارك.