ضياع وضعف ثم عجز ويأس
السلام عليكم.. أشكركم على مجهوداتكم وخدماتكم الإنسانية..
حياكم الله.. وبعد؛ مشكلتي في شخصيتي منذ الصغر، أما الآن فأنا في حالة عجز وإحباط ويأس لم يسبق لها مثيل في حياتي.
منذ الصغر وأنا شديدة الحساسية للنقد الحاصل والمتوقع، أخاف من الفشل ومن الانتقادات، وأشعر دائما بأني قليلة الكفاءة أو عديمتها في مجالات مختلفة. خوفي من الفشل يحجمني عن الإقدام، وإن أقدمت فكثيرا ما أفشل كما كنت أتخوف، فلا أنسى مواقف الفشل والانتقادات، وتؤلمني بشدة، كما أتألم بشدة إن خذلت أو جرحت أحدهم؛ ورغم ذلك فقد كنت اجتماعية ولدي الكثير من الأصدقاء، ولكن حتى مع المقربين منهم كنت أضع حدودا كبيرة.
أتألم كثيرا إن لم أساعد الناس، حتى ولو كانوا لا يحتاجون، وأرى بأن علي التزامات كثيرة نحوهم، وقد يغيب الدافع الديني وقد يحضر. تلك السمات ظهرت بوضوح وأنا في الثانوية، حيث أصبحت أخاف من المشاركة في الصف والطابور بعكس ما كنت جريئة، وأصبحت أرى نفسي أقل من كثير من الناس.
وعند الترشيح للجامعة التحقت بتخصص لا أريده، ومنذ البداية وأنا في ضيق وأشعر بأني قد أخطأت.
وفي آخر عامين لاحظت الفجوة بين الدراسة ومجال العمل، ووجدتني لا أقدر على النجاح في العمل كما كانت الدراسة، ففكرت في الانسحاب، ولكني لم أنسحب، فقط قررت تغيير المجال بعد الانتهاء من الدراسة، وكنت في آخر عامين أدرس على مضض.
ويجدر بالذكر أن أتكلم عن شخصيتي في الجامعة؛ فقد كانت لدي صديقات، ولكن لم تكن تلك الصداقات عميقة، ولم أكن سعيدة، إذ كانت العلاقات عبئا علي.
كانت تنتابني وتتناوب سريعا أوقات أشعر فيها بالإنجاز والنشاط والأهمية، وأخرى أشعر فيها بالحزن والإحباط والضياع. كنت أرتجف وأخاف من الامتحانات الشفوية لدرجة أنني أنسى أمام الأستاذ، وأفكر كثيرا بعد توتري أو خطئي وإلى الآن بعد التخرج لا أنسى بعض تلك المواقف بل وأتألم.
منذ الجامعة وقد ضعف تركيزي، قد أجاوب في الامتحانات التحريرية بامتياز، ولكن إن سألني أحدهم لا أستطيع التذكر.
منذ أن قررت عدم مواصلة التخصص بعد التخرج، لم أهتم بما يتعلق به مجال دراستي، من معلومات ومهارات، وذلك منذ أيام الدراسة.
عدم رغبتي، وضعف قدرتي في الحقيقة، أثرا على تحصيلي للمهارات حقا!
فمن أين لي بالشغف وأنا أشعر بالملل والضعف وعدم قدرتي على هذا المجال حقا؟!..
وأذكر نقطة لها علاقة بالتركيز؛ وهي أني لا أفهم الناس جيدا، ولا أستطيع تحليل تصرفاتهم، ولا أخذ انطباع عنهم بسهولة، ولا أثق في نفسي إن فعلت ذلك، وقد يؤنبني ضميري إن أخذت عنهم انطباعا سيئا..
لا أشرح علاقتي بشخص ما وما يميزها من تفاصيل فأنا لا أستطيع!، فقط أنا أشعر بعد مدة من الزمن بلا وعي كاف أن علاقتي مع فلانة هذه يجب ألا تستمر..
أنا لا أتذكر تفاصيل العلاقات حتى أحكم حكما سليما..
مواقف معينة تؤلمني أما الفرح فنادر.
أشكو من تبلد الإحساس والشعور بغيري، وربما أَحس من حولي بأني لا أهتم بهم، على الرغم من أني أتألم إن لم أساعد من طلب مساعدتي.
لا أستطيع التفكير في الكون ولا أفهم ولا أستوعب، إن تفكرت..
فكري متبلد، وأقول بأني قد طُمست بصيرتي ورانت على قلبي ذنوبي، وهذا يؤثر على إيماني كثيرا..
أشعر حقا بعدم الاستيعاب للبديهيات في الكون بينما لا يجد غيري صعوبة في ذلك..
إذا دعوت فأدعو بيأس.
أنا أظهر التفاؤل ولكني أكون غالبا يائسة متشائمة، يطغى علي الإيمان بالماديات، وتتحقق تشاؤماتي كثيرا..
لدي حماس شديد وقلق من أجل القيام عاجلا بعمل ما ثم خمول وكسل منذ سنوات وإلى الآن..
منذ الصغر وأنا أتردد في اتخاذ القرارات، ولكن في السنتين الأخيرتين قل التردد مع قلة اهتمامي ورغباتي..
كانت تنتابني لحظات كآبة وضيق تتعلق بالغيوم غير الماطرة، وعندما أكون في طريقي للجامعة.
أتكلم كثيرا مع أشخاص معينين، لا أستطيع اختصار الكلام وأتطرق لتفاصيل لا تفيد، ولدي مشكلة في عرض الأفكار شفويا، وأعاني من انقطاع الأفكار وسرعة نسيانها.
لا أهتم بمظهري منذ سنوات، وازداد هذا مؤخرا.
في أيام الجامعة لم أكن أركز في المحاضرات، ولا أدرس إلا أيام الامتحانات، ولا أقرأ كل المنهج، لم أكن أهتم بالمذاكرة أو التخرج بمعدل عال، لم أكن أشعر بخطورة الوضع في مقرر ما بعكس من حولي، وعندما أرى من حولي خائفين أتوتر وأغتم وأبتعد عنهم.
وفي الأشهر الأخيرة من السنة الأخيرة كنت في ضيق شديد فقررت الغياب حتى أستعيد قوتي وأعدل مزاجي..وقد غبت.
ورغم كل ذلك رحمني الله وتخرجت!..
بعد التخرج عملت في مجالي ما يزيد عن سنة، كنت أشعر بأني لن أفهم، وسأفشل خاصة أن العمل ليس كالدراسة، وكنت أتعرض لانتقادات من الناس حين يسألوني فلا أجيب، أو أخطئ..
لم يصبرني على العمل لما يزيد عن سنة إلا وجود زميلة أخرى أرتاح لها، في كل مرحلة تساعدني وأتعلم منها، ولم أكن أحمل المسؤولية وحدي!
عندما أكون وحدي أكون خائفة..
وأشك؛ هل يكون كسبي حلالا أم حراما؟
أرى أني لا أستحق مرتبا ..
بحثت عن أعمال أخرى ولم أجد، كما كنت أخاف من الإقدام والمقابلات.
مضت علي أشهر بلا عمل؛ وجدت نفسي عالة، ولم أكن أتحمل سؤال الناس عن وظيفتي، وأتجنبهم حتى لا يسألوني إن لاقيت أحدهم وسألني عن العمل ووجدني عاطلة، فيعطني نصائح لا أشعر معها إلا بالفشل وبأني سيئة.
اضطررت لأعمل في مجالي قليلا، ولكني تضايقت نفسيا، ولم أستطع الإكمال رغم عرض صاحب العمل علي المواصلة..
ثم مرت أشهر بلا عمل، لم أكن أتضايق فيها إلا من سؤال الناس، وكنت أتجنب الاتصال بهم، ولكني اضطر لأجل صلة الرحم، ولكن لا أسلم من سؤالهم واستغرابهم، فيسبب ذلك لي الألم ..
أريد أي وظيفة خارج مجالي حتى لا أكون عالة، ولكن يتملكني العجز والكسل، والخوف من مقابلات التوظيف .. أريد العمل، أنا عاجزة وكسولة؛ أشعر باشمئزاز غيري من قعودي عاطلة..
يمكنني إيجاد وظيفة بشهادة تخصصي، حتى إن لم أرغب، وسأضغط على نفسي، لكن حقا هذا العمل يحتاج خبرة..قد نسيت كثيرا مما تدربت..
لقرابة شهر وأنا في إحباط مستمر؛ وعندما أستيقظ فجأة ليلا أشعر بضيق وألم شديدين، وأشعر بكآبة وإحباط لما وصل إليه حالي.
قل استمتاعي بالتلفاز والإنترنت والكتب مما كنت أستمتع به من قبل، عندما أبدأ أتوقف وأقول ماذا أنجزت؟، أنا لا أطبق التوكل الحقيقي ولا أسعى وأبتغي من رزق الله في أرضه.. أنامتواكلة، لقد كانت لدي طموحات لخدمة أهلي، والآن مضى علي ربع قرن بلا إنجاز، بل حتى بلا كسب أغتني به عن أهلي.
أرى نفسي أستحق ذلك.. أنا لا أفهم، وعالة، ولا آخذ بالأسباب، فقط أنا أدعو لأن الدعاء يخفف عني.. أنا سيئة وأنا سبب كل ما يحدث لي، أصابني اليأس الذي لا يصيب إلا الكافرين، وبهذا اليأس أدركت ضعفي إذ إني أكاد أفقد إيماني، ورأيت أني قد ختم على قلبي؛ إن تفكرت، لا أفقه ولا أعقل، إن دعوت، لا يستجاب لي كثيرا..
أنا أخاف الآن أن أفقد قوتي وأخاف أن أترك صلاتي التي هي تقويني..أنا أرتاح بها، ولكن يصيبني وسواس الإيمان! كذلك لدي وسواس الوضوء والصلاة منذ الصغر ..
في الأيام الأخيرة أبكي ولا أريد التواصل بالهاتف حتى مع المقربين، فمنهم من يكلفني بمهام أخاف رفضها في ذات الوقت الذي لا أستطيع فيه شرح ما أنا فيه..
لا أشكو لأحد، وكثيرا ما أدعو الله أن يتوفاني إن كانت الوفاة خيرا لي.
خرجت لأبحث عن عمل، ولكن ما إن وصلت حتى تراجعت خوفا من المقابلة ومن الفشل.
أصبحت أريد الموت كثيرا في الشهر الأخير، وليس هو أول شهر أرغب فيه بالموت؛ أرى الموت يخلصني من ألمي ويأسي، ويخلص غيري من عبئي.
لا أفكر أبدا بالانتحار، فأنا أدرك أن عقلي الآن ليس بخير ففي الانتحار دخول النار.
ولكني عندما أرغب بالموت ويصيبني الضيق الشديد واليأس من رحمة الله أخشى أن يصل بي الحال لاستسهال الانتحار يوما ما، خاصة أني عند رغبتي بالموت لا أفكر كثيرا بالحساب بعده..اليأس يدفعني لذلك.
أرجو أن تساعدوني اجتماعيا وطبيا حتى بوصف دواء إن تطلب الأمر ذلك.
شعرت بالارتياح بعد الكتابة إليكم..
12/10/2017
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالسعادة والشفاء
.. نظرة عامة للاستشارة
النصف الأول من رسالتك يبدأ عن وصفك لشخصيتك بأنها شديدة الحساسية للنقد الحاصل والمتوقع مع الخوف من الفشل والانتقادات، وهذه صفات شخصية طبيعية ولا تعني أبداً وجود بعد عصابي. ولكن الذي هو الأهم هو فقدان الأم والأب قبل سن الثانية عشر. هذا العامل الاجتماعي هو من أهم العوامل الاجتماعية التي تسبب الاكتئاب بعد البلوغ وفي أي عمر
لم تكن البيئة العائلية التي انتقلت إليها مثالية كما يبدو لتلبية احتياجات الانسان العاطفية والفكرية ولكن رغم ذلك تفوقت واكتسبت صفات شخصية قوية وربما يعكس ذلك فطنتك وقوتك وذكائك الفطري
ولكن يبدو أن أول إشارة لعدم توازن وجدني ظهرت وأنت في مرحلة الثانوية وتميزت بأعراض قلق ورهاب اجتماعي. يمكن القول بأن هذه الأعراض كانت النوبة الأولى لاكتئاب طفيف يتعافى منه الإنسان تلقائيا في معظم الحالات
مسيرتك في التعليم تتميز بتفوقها واختيارك للتعليم الاجتماعي لا يختلف عن اختيارات الكثير من الطلبة الذي يتوجهون إلى اختصاصات حرفية بدلا من دراسات غير حرفية سواء كانت إنسانية أو أدبية هذا الاختيار لا يساعد البعض بل ولا يساعد المجتمع عموما ويحرمه من .مواهب الجيل الجديد
.هذا الاختيار ربما لم يساعد حالتك النفسية وساهم في خفض عتبتك للإصابة بعدم توازن وجداني واكتئاب في المستقبل
.بعد الإشارة إلى دخولك التعليم الجامعي تتحدثين عن مشاكل في التركيز والتواصل الاجتماعي وأعراض قلق واكتئاب سببها بيئة لم تلبي احتياجاتك الفكرية والنفسية. التعليم الجامعي أشبه بطريق يسلكه الإنسان متوجها صوب أحلامه
هذا الطاقم الفكري والعاطفي لم يكن له وجود في ذلك الوقت وكانت مسيرتك تتوقف في محطات اكتئابية٫ ولكن لم تفشلي تعليميا بسبب ذكائك وفطنتك، وبعد التخرج تعثرت مسيرتك لسبب واحد فقط وهو اختصاصك لا يلبي احتياجاتك الشخصية والنفسية ولم يكن هذا طموحك .يوماً ما والآن وفي منتصف العقد الثالث من العمر دخلت في مرحلة الاكتئاب الجسيم الذي يؤثر عليك وظيفيا واجتماعياً ونفسيا فأصبحت مثقلة بالتردد والعزلة والشعور بالذنب كما هو في غاية الوضوح في النصف الثاني من الاستشارة
توصيات الموقع
لابد أولاً من علاج الاكتئاب وهناك عقاقير متعددة أنت على علم بها ربما عقار السيترالين Sertraline بجرعة ٥٠ مغم صباحا لمدة أسبوع وبعدها ١٠٠ مغم هو البداية. هناك من يوصي بعقار آخر من نفس الصنف أو المجموعة وهناك من يوصي بعقاقير .من مجموعة أخرى
علاج الاكتئاب أكثر من استعمال عقاقير وعلاج معرفي سلوكي ويحتاج إلى خطة علاج يتفق عليها المراجع وطبيبه، ومن الأفضل التواصل مع استشاري في الطب النفسي للحديث معه أنت بحاجة لعمل تحاليل جديدة حول الغدة الدرقية قبل .بداية العلاج
.الخطوة الثالثة هي المحافظة على إيقاع يومي منتظم من طعام صحي منتظم ونشاط بدني لا يقل عن نصف ساعة في البداية ولا عن ساعة واحدة بعد ٤ أسابيع من بداية العلاج
وهناك مستقبلك. أنت قادرة على العمل في مجالات عدة ولكن نصيحتي لك بأن لا تتخذي القرار الآن أنت بحاجة إلى مراجعة هذا الأمر بعد تحسن حالتك الوجدانية وأمامك خيارات عدة تعليميا ومهنيا،
وفقك الله، وتابعينا بأخبارك
ويتبع >>>>>: ضياع وضعف ثم عجز ويأس: اكتئاب م