تسوء حالتي كل يوم ولا أعرف ماذا يحصل لي؟!
بدأت مشكلتي منذ سنة وشهرين، اعتدت على أن أكون إيجابية وأحاول أن أملأ حياتي بكل ماهو جيد ومفيد، حياتي كانت طبيعية؛ إلى أن بدأت تنهار حياتي شيئًا فشيئًا، بدأت أهمل كثيرًا من الأشياء، فقدتُ استمتاعي بكل هواياتي، مِلتُ إلى كل شيء سيء ابتعدتُ عنه، بل وأسوء.
منذ قَبل سنين عندما كنتُ صَغيرة تعرضتُ للتحرشِ أولًا فلم أفهمه، وبعدها أصبت بجرحٍ عميق عندما علمت أنّي لن أعود في كل صيف إلى موطني العزيز عند باقي أفراد عائلتي كاملة.. كانَ الفِراقُ حقًا مؤلمًا عندما كنتُ أنتظر كل تلك الأيام حتى أسافر وأرى العائلة، كان وطني الأمل الوحيد.. وهذا عدا أن أمي التي أحبها كانت تضربنا في صغرنا على كل شيء، وكنت أكرهُ عندما تضربني أمام أحدهم لسببٍ تافهٍ وبلا معنى، أو عندما تخبر سرّي الصغير العظيم أمام الجميع لكي يٌستهزَءَ بي لاحِقًا وليسَ هذا فقط بل حتى والدي لا يزال يستهزءُ بأهدافي ويحطمني بإخباري دائمًا بأنّي الغبية وعقلي فارِغ، وعندما كُنت صغيرة بدأ حُبّي للكُتب وكان والدي يشجعني ولكن عندما أصبحت أطالِبه بشراء الكتب أصبح يستهزء بالطلب ويعتقدني أنّي لستُ جيدة بما يكفي لقراءة كتاب.. كلما اشتركت بمسابقة يخبرني بأنّي لا استطيع فِعلها، وهو الآخر يقوم بإخبار أسراري وشغفي السري أمام الآخرين فيُستهزَءَ بي.
حياة والداي غير مستقرة، دومًا عِراك وأبي عاطل عن العمل منذ سنينَ طويلة، ويرمي بكل شيء على عاتق والدتي المسكينة التي تفعل كل شيء، وهو لا يتحمل أي مسؤولية وبارد جدًا بشكل لا تتوقعه كلامُه غيرَ أفعالهِ المنعدمة، ولكن أقدره وأحترمه لأنه أبي.. عانيتُ من ضغطٍ شديد بسبب الدراسة ومن شدة تأزم الحالة في وطني فكنتُ أستيقظ كل صباح لعلّها تُفرج فلا أرى سوى الدماء التي أغرقت النُفوس والأجساد، أصبحت حينها أعاني من اضطرابات جنسية ومارستُ حينها العادة السرية وأدمنتُ الأغاني وتركتُ الصلاة والقرآن، على الرغم من أن والداي وضعوني في تحفيظ قرآن، أصبحت أُحدّث الأولاد مُتمنيةً أن أجد ربما العَطفَ والحنان، زاد وزني حينَ ذاك وحقًا أردت إنزاله بطرقٍ خاطئة جدًا، كنتُ مجنونة حقًا!! حاولت أن أتغير وأحقق أهدافًا وقررت فعليًا أن أصحح كل شيء، ولكن صُدمتُ بشكلٍ قوي عندما لم أفلح فكِدتُ أن أنهار حقيقيًا.
لا أعلم من أين أجدها أمن نفسي أو ضغط الدراسة أم مشاكل البيتِ ومشاكل المال أم مشاكل الوطن والفِراق ؟! حتى في يومٍ من الأيام رأيتُ نفسي أهلوسُ بشكلٍ طفيف للغاية، حتى بدأت أسمعَ من يُناديني، وبدأت أنسى كثيرًا ورأيت أشباحًا تطفو في الهواء بِلا أقدام ووجهُها شاحِبٌ ومُرهق حتى أحيانًا رأيت وجه أمي على أحدهم، وكانوا يمشون ببطءٍ شديدٍ للغاية حتى كنتُ أشكُ في عقلانيتي! - على أي حال لم تستمر طويلًا كانت فقط حوالي أسبوعين فقط وتوقفت عندما بدأت أتحسن تدريجيًا - ولكنّ فشلي هذا كان دافِعًا قويًا لأتغير، وحقًا تركتُ العادة السرية - ولا كنت أعرفُ حينها أنها خطيئة - وعُدتُ إلى الصلاة وحَفظتُ بعضَ الأجزاء التي فَشلتُ في حِفظها عندما كنتُ في التحفيظ، وتقربتُ إلى الله وقرأتُ ما أحبه من الكتب والثقافة وأصبحت أُمارِس تمارين الاسترخاء، ولله الحمد كل شيء كانَ أفضل مما توقعت ووضعت لنفسيَ الأهداف وبدأت بالخطو نحوهم شيئًا فشيئًا..
مرت سنة ولم يحدث شيء كل آمالي تتحطم.. ولكنّي أثابر من جديد فأجد النهاية مُجددًا.. أو رُبما أنّي أمشي في دوامة فارغة لا نهائية.. الأمل ينقص يومًا بعد يوم.. لا نتائج.. حاولت أن أغير من كل شيء مرةً بعد مرة.. ولكن مجددًا لا شيء.. وبعد سنتين من التحسن انتكستُ فجأة - كان هذا منذ عام وشهرين - وأصبحَ كل شيء يتهاوى أمامي وأنا أُشاهد وأتألم لعلّي أُنقذُ نفسي من الموت! للأسف لم أستطع، تركتُ النوافِل التي كانت أهم شيء عندي، وأصبحتُ أعاني من اضطرابات الأكل - الشره بدايةً - السوداوية وفقدان الأملِ وفقدان المُتعة في كل شيء، إدماني على الأشياء الفارغة، تضييعي للوقت، شيئًا فشيئًا عدتُ إلى عاداتي القبيحة، حتى الآن عِدتُ للأغاني والعادة السرية ليس بالوقتِ البعيد! أكرهُ نفسي كرهًا شديدًا! لا أستطيع إيجاد الشغفِ في تِلكَ الحياة حتى الأشياء الصغيرة، إحساسي بالوقتِ والمكانِ انتهى وانعدم، أنام كثيرًا أو أنامُ قليلًا، ليست لدي الطاقة لعمل أي شيء، الكسل يقتلني! احساسي بالفرح أو البكاء فارغًا وكأنه غير حقيقي، الوحدة ، وكأن كل شيء يكرهني ، أصبحتُ أكره جسدي حتى الآن أصبحت أصومُ عن الطعامِ وأقوم باستفراغِ الأكل حتى لا يزيد وزني وينقص، أحسُ بأعين الناس تشاهدني بقرف كلما نظروا إلي، أحسُّ وكأنهم يمقتون وجدوي بينهم، ومن يلومهم ! قبيحةَ وكريهة من الداخل والخارج.
أشعر بأن حتى فِراشي يكرهني! أتمنى لو أموت فيرتاحَ الكون كله لعلّه يصبح أسعدَ قليلًا.. حاولتُ إنقاذَ نفسي من السقوط ولكن لا شيء يجدي بعد الآن حتى - أستغفر الله على ذلك - عندما أدعو الله أشعر بأنه يكرهني لأني دائمًا أخون وعودي معه وأذنب فأستحيَ أن أطلب منه المغفرة أو أن أتقرب منه ، فلا أشعر بلذة القرآن أو الصلاة أو الدعاء ولو فعلت فإني أدّعيَ ذلك ! أحسُّ بأني كتلة من الأكاذيب، حقًا لا أشعر بأي شيء! فراغًا وفراغًا لا نهائي! الضغط عادَ من جديد، لم أحقق أي شيء في حياتي كلها، حتى وأنا في أجمل سنين عمري لا أمتلك خبرات وليست لدي الفرص لكي أجرب أشياءً أو اغير من الروتين، حتى - الملاهي - ذهبت لها مرةً في حياتي، فوالدي سامحه الله يكره الخروج من المنزل فلا نذهب إلا للسوق أو مرةً واحد كل. شهور إلى البحر! ليس لدي أصدقاء ولا أريد فلا أريد أن أجرفهم وأخرب حياتهم معي.
أصبحت منعزلة بشدة، ولا أريد حتى أن أخرج من المنزل كي لا يرى أحدًا قبحي.. أعلم بأن هذه خلقة الله ولكنّي لا أمتلك أي صفة خَلقية أو خُلقية جيدة، أعلم بأن الله غفور رحيم وهذا خطأ.. لستُ جيدة بما يكفي لأن أكون في المجتمع.. السواد يملأني حتى أصبحتُ أحبه لأنه يحتضنني.. الشرُّ يعانقني.. أما الخيرَ فهو حقير... سقطتُ في الوحلِ حتى أصبحتُ أنا الوحل.. لا أشعر بشيء، وكأنه لا يهمني.. سأذهب إلى النار لتبتلعني اللعنة.. فأنا الشيطانُ ذاته.. الله يكرهني.. أوّد الموت ولكنّه هو الآخر خطيئة، لا زلتُ أتمسك بالله ولو قليلًا بإقامة المستحبات أحيانًا لعلّها تكون شافعة لي عند الله تعالى، أحاول أن أقرأ كل يوم ورد يومي من القرآن وأراجع ما حفظت منه، وأحيانًا أصلي النوافل ولله الحمد بصدقِ النية إن شاء الله وأرجو ذلك.. وياليت أشعرُ بلذتها مجددا وأشعر بلذة كل شيء، وكأنني أفعل لا شيء.. كل شيء أحبه مللت منه، كل شيء لا نهائي.. بداخلي فراغ، بداخلي اللا نهائية، أنا الحلم الذي دُفنَ قَبل ولادَته..
شكرًا على القراءة
وآسف على طولِ الكلامِ.
3/11/2017
رد المستشار
شكرًا على استعمالك الموقع.
كذلك لا بد من الإشارة إلى وضوح رسالتك وتعبيرك عن مشاعرك واحترامك للغتك.السطور الاولى والأخيرة من الرسالة توضح وجودك الآن في موقع اكتئابي نسميه "اضطراب الاكتئاب" أو "المرض الاكتئابي"..... تغير الحالة الوجدانية أولا وعدم القدرة على التلذذ تشير إلى هذا المرض.
ما بين السطور الأولى والأخيرة هناك وصف دقيق لظروف بيئية قاهرة وتأزم علاقتك مع الوالدين، تتحدثين عن محاولتك الاتصال مع الاخرين وتدهور أدائك التعليمي أحياناً وصراعك من أجل البحث عن هوية شخصية، هناك الارتباك في الوصول إلى حل وسط حول الالتزام الديني، هناك أيضاً العزلة الاجتماعية الاجبارية بدلاً من الطوعية، هناك وصف دقيق لنوبتين اكتئابيه.
كذلك ما بين السطور الأولى والاخيرة وصف لأعراض هلوسة واضطراب الأكل واحتقار الذات واسقاط اللوم عليها..... هذه الأعراض بحد ذاتها لا تشير إلا إلى المرض الاكتئابي.
ولكن من يقرأ رسالتك قد يصيغها من خلال عدة نماذج نفسية:
أولا: هناك النموذج الاجتماعي وسيستنتج بأنك آنسة غير سعيدة بسبب ظروف اجتماعية قاهرة وضغوط بيئية لا تقارب على الانتهاء.
ثانيا:ً هناك النموذج النفسي وسيتكون الصياغة بأنك آنسة لا تشعر بحضور الوالدين وغير متعلقة بهم، عدم السعادة بدوره دفعك إلى التوجه نحو الذات وتحقيرها.
ثالثاً: هناك النموذج الوجودي الذي يتحدث عن صراع الإنسان في البحث عن معنى لحياته والشعور بالحرية مع التحلي بالمسؤولية خاصة في أعوام المراهقة.
رابعاً: هناك النموذج المعرفي السلوكي الذي يركز على الأفكار السلبية واستيطانها العقل.
واخيرا:ً هناك النموذج الطبي الذي يشير إلى الاكتئاب وعدم التلذذ كقاعدة ينطلق منها هذا المرض الذي يعيق الانسان اجتماعيا ونفسيا وتعليميًا.التوصيات:
ـ أنت على مقدرة عالية من الفطنة والكفاءة ولكنك الآن معاقة بسبب الاكتئاب ولا بد من علاجه في هذه المرحلة، يتحسن الاكتئاب تلقائيا ولكنه سيزور الإنسان بلا جدال في المستقبل مرة أخرى.
ـ حاولي أولا تنظيم ايقاعك اليومي من اكل ونوم وتعليم وترفيه.
ـ ثم تراجعين استشاريا في الطب النفسي لعلاج الاكتئاب، أنت في حاجة إلى عقاقير وعلاج كلامي يساعدك على تجاوز أزماتك وقهر الاكتئاب الآن وفي المستقبل.
ـ ما أنت ليس بحاجة له هي المواعظ مني أو من غيري.وفقك الله.