وهم
السَلام عليكم .
أشعر بتشتت تام ولا أعلم من أين يجب علي أن أبدأ، أو ماذا أطرح وكيف أنتهي.
إنني فتاة عادية، هربت لتوها من المراهقة لِتحاط بهالة النُضج.
ولدت الابنة الكبرى بين أخوتي، مما جعلني طفلة مدللة في طُفولتي لطالما كُنت أقضي معظم الوقت مع جدي، نراقب السماء ليلاً ونَتحدث عن الحيوانات وأصواتها إلى أن غادر للسماء .
ابنة عمتي التي تصغرني بعامين كانت أقرب صديقة لي عندما بلغت السادسة من عمري، كُنا نقضي معظم أوقاتنا في ممارسة بعض الهوايات التي لم تنقطع إلى اليُوم، نجمع القصائد ونؤلف ونمثل المسرحيات، ولطالما شُغفنا بصناعة الإلكترونيات وتفكيك اللعب.
لَم تكن ابنة عمتي تسكن في ذات القرية التي ترعرت فيها، لذا كُنت أجد لقائها أشبه بِمعجزة لا تحدث إلا أياماً معدودة في العام، لذا مُعظم الوقت كُنت أقضية برفقة نفسي، أتحدث كثيراً مع نفسي وأرفض الخروج لمقابلة الأقارب أو حتى الذهاب لتنزه.
كبرت على هذه العادة الانطوائية، لم أستطع تكوين أصدقاء ثابتين في مرحلة الدراسة، كُنت أحاول جاهدة ألا أنطوي بمفردي ولكنني أفشل دائما، فلطالما أجدني كثيرة الشك في الآخرين، وأوهم نفسي غالباً أنهم يكيدون لي كيدا.
تَخرجت من المدرسة بِتفوق، ولكنني قد أغدو خرقاء في بعض الأحيان، لذا التحقت بجامعة أقل ما يُقال عنها للبلداء .
هُنا بدأت في إضاعة نفسي، ازدادت مشكلتي مع الشك والقلق، وأحاطت بي هالة من الأوهام والوساوس .
غَرقت في محيط عظيم من الأسئلة الفلسفية البحتة لدرجة أنني ألفت رواية تحوي كُل تلك التساؤلات.
إنني لا أنام جيداً، أستيقظ كل حين بأفكار مجنونة! مثلاً هل يمكن أن يساوي الواحد المالانهاية؟ هل يُمكن أن تكون نظرية الانفجار العظيم مناقضة لنسبية أينشتاين العامة؟؟ هُل يُمكن أن تشعر الجمادات وتَسمع كل ما أقول؟؟ هل يمكن أن يقرأ الآخرون أفكاري؟؟
المشكلة أنني ولسذاجة تفكيري آتي بأدلة منطقية - كما أراها - تُثبت صحة هذه الأشياء.
إن تلك التساؤلات ليست كل شيء، إن كثرة الظنون والخوف من المجهول من أكبر ما أعانيه الآن.
قَد تراودني أفكار بأنني ميتة فأبدأ بتحسس نبض قلبي كل دقيقة، أو أن المكيف سينفجر فأنام في درجة حرارة مرتفعة! أو أنه من الممكن أن يكون هنالك لصٌ مختبيء في الخزانة فأترك غرفتي وأنام في غرفة أخي، أو أن الأشباح ستسحبني من قدمي إذا لم أختبيء جيداً تحت الغطاء!
ههه مضحك أليس كذلك؟؟ ولكنني حقاً لا أعلم سبب إيماني بهذه الترهات!
إنني سريعة الانفعال، مندفعة جداً لما يستهويني، وقد يجدني الآخرون غريبة الأطوار عندما يبدو الحماس واضحاً من عيناي لفكرة لا تستحق سوى الضحك!
مثلاً، كأن يسأل المحاضر سؤالاً معقداً في الحسابات أو المنطق، لمجرد أن أعرف الإجابة بسرعة تنطلق مني طاقة هائلة وكأن طاقة الكون مخزونة في إجابتي لأجدني أقف بثقة وأبدي رأيي وكأنني مندهشة!
إن ذلك محرج، يصيبني بالتوتر والخجل ممن حولي، إنهم يظنون أنني مجنونة نتيجة لذلك.
مع كل ذلك النشاط إلا أنني فتاة يائسة، خائفة، منطوية، ولا تعرف حتى سبب وجودها في هذا الكون.
سَبق وقد عرضت حالتي على أحد الأطباء عن طريق الإنترنت، كنت مختصرة جداً، فقد وصف الأمر بأنه وسواس قهري.
أبي ربما لا أعلم ولكنني أشك أنه مصاب أيضاً بالوسواس القهري، إنه سريع الانفعال وكثير الشك.
أمي لا تحب الاجتماعات والحفلات.
أما عن الأمراض العضوية فأنا مصابة بالربو والحساسية وكلاهما مرضان وراثيان من الجيل الأول.
أما عن أخوتي، إنني لا أتحدث معهم كثيراً، إلا أن أكثرهم غرابة هو أخي الثاني، مصاب بِنقص حاد في النمو، قليل التركيز، وكثير النسيان وقد شخص من قبل طبيب ما وقال بأن معدل ذكائه منخفض ولكنه يحتاج إلى اهتمام أكثر وما أصيب به هو أمر طبيعي، مع أنني أجده ذكياً وماهراً في إلقاء النكت وسريع البديهة.
عُموماً ليست كُل الاختبارات صحيحة.
أعتقد بأن هذا كُل ما أستطيع ذكره، وأرجو أنني لم أنتقل لحالة من الهوس في طرح أمور كنتم في غنى عنها،
شاكرة لكم.
4/12/2017
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وأهلا وسهلا بك أخيتي "ساشان" على موقع مجانين.وأحسنتِ باستشارة الموقع.
إن ما تصفينه يا"ساشان"، يكاد يكون مطابقا لاضطراب الشخصية شبه الفصامية Schizotypal Personality وأستبعد تشخيص الوسواس القهري كما شخص الطبيب على الإنترنت، ولعلّ رسالتك المختصرة أعطتْه لُمحة قاصرة عن وضعك؛ مع أنك قلتُ في إفادتك: (قَد تراودني أفكار بأنني ميتة فأبدأ بتحسس نبض قلبي كل دقيقة، أو أن المكيف سينفجر فأنام في درجة حرارة مرتفعة! أو أنه من الممكن أن يكون هنالك لصٌ مختبئ في الخزانة فأترك غرفتي وأنام في غرفة أخي، أو أن الأشباح ستسحبني من قدمي إذا لم أختبئ جيداً تحت الغطاء!) لم تخبرينا عن أثرها على نفسيتك، وهل تسبب لك قلقا يدفعكِ لتجنّب تلك الأفكار بما ذكرتِ من السلوكيات؟ لكنّ تتحدثين عنها وكأنها أفكار تؤمنين بها وتقبلينها ولا تدافعينها، وهذا ما أميل به لاستبعاد الوسواس القهري.
والأسباب كالتالي:1-أصحاب الوسواس القهريّ غالبا يبحثون عن دلائل منطقية عن تفاهة الفكرة الغريبة وخطئها وليس العكس كما تفعلين (المشكلة أنني ولسذاجة تفكيري آتي بأدلة منطقية - كما أراها - تُثبت صحة هذه الأشياء) ولا يُمكننا وصفُ تلك الأفكار (توقف القلب، سحب الأشباح لك، انفجار المكيّف، اختباء اللصّ) بأنها أفكار وسواسية متوافقة مع الذات والقناعات والميولات egosyntonic لأنها غير معقولة بتاتا، ويكفي للموسوس مثلا في حالة اللص المختبيء أن يتأكد من الخزانة ويغلق كل شيء، وهذا ما لا تفعلين وكأنك تتقبلين الفكرة بسهولة ولا تُشكل لك أي تنافر معرفيّ!
2- تمتّعك بتلك الأفكار الغريبة والمغرقة في التفاصيل التي تسائل البديهيات العقلية أو بعض المسلمات الاجتماعية، بل وكتابتها على شكل رواية، بعيد عن الحالة النموذجية للموسوسين الذين ينزعجون ويصيبهم القلق والحيرة ويشعرون بالألم النفسي اتجاه الوساوس، فهم يريدون الفرار من قبضتها ومحاربتها، فكيف يكتبونها ويسترسلون فيها بأريحيّة الكتّاب.
أمّا العلامات المرجحّة لاضطراب الشخصية شبه الفصامية، فسأنسخ لك سماتِها (من المقال في الروابط) وأضع لك أمام كل سمة ما يقابلها في إفادتك:• تتميز بانسحاب اجتماعي يلاحظ من خلال عدم القدرة على إقامة علاقات حميمية وعدم ارتياح تجاه العلاقات الاجتماعية.- [أتحدث كثيراً مع نفسي وأرفض الخروج لمقابلة الأقارب أو حتى الذهاب لتنزه]- [لم أستطع تكوين أصدقاء ثابتين في مرحلة الدراسة ، كُنت أحاول جاهدة ألا أنطوي بمفردي ولكنني أفشل دائما]- [إنني لا أتحدث معهم كثيراً]
• تفكير خيالي أو معتقدات غريبة ولا تتناسب مع معايير البيئة (الاعتقاد بالحاسة السادسة، قراءة الأفكار، السحر، الاستبصار عن بعد)- [هُل يُمكن أن تشعر الجمادات وتَسمع كل ما أقول؟ هل يمكن أن يقرأ الآخرون أفكاري ؟]
• خبرات إدراكية غير معتادة أو خداع إدراكي.
• تفكير غير معتاد (غامض، مغرق في التفاصيل، استعاري، متقولب)
• أفكار اضطهادية.- [ فلطالما أجدني كثيرة الشك في الأخرين، وأوهم نفسي غالباً أنهم يكيدون لي كيداً]
• انفعالات غير مناسبة أو قاصرة.- [أستيقظ كل حين بأفكار مجنونة! مثلاً هل يمكن أن يساوي الواحد المالانهاية؟ هل يُمكن أن تكون نظرية الانفجار العظيم متناقضة لنسبية أينشتاين العامة؟ هُل يُمكن أن تشعر الجمادات وتَسمع كل ما أقول؟
هل يمكن أن يقرأ الآخرون أفكاري؟]- [ لمجرد أن أعرف الإجابة بسرعة تنطلق مني طاقة هائلة وكأن طاقة الكون مخزونة في إجابتي لأجدني أقف بثقة وأبدي رأيي وكأنني مندهشة!]- [عندما يبدو الحماس واضحاً من عيناي لفكرة لا تستحق سوى الضحك!]
• سلوك أو مظهر غريب غير شائع- [ وقد يجدني الآخرون غريبة]- [ إنهم يظنون أنني مجنونة نتيجة لذلك]
• افتقاد للأصدقاء الحميمين (خلاف أفراد الأسرة)- [ لم أستطع تكوين أصدقاء ثابتين في مرحلة الدراسة]• قلق اجتماعي شديد لا يقل مع الاعتياد ويصاحبه أفكار اضطهادية أكثر من مجرد تقييم سلبي للذات.- [إلا أنني فتاة يائسة، خائفة، منطوية]- [ فلطالما أجدني كثيرة الشك في الأخرين، وأوهم نفسي غالباً أنهم يكيدون لي كيداً]
لم يتبقى إلا أن تزوري طبيبا نفسيا في أسرع وقت، والحمد لله إذ الحالة الاقتصادية جيدة جدا، فلم يبق لك عذر ولا لأهلك، وسيشخّص بشكل أدق حالتَك مؤكدا أو نافيا ما قلتُ، وعلى أيّة حال، لا مناص من زيارتِه.
وأدعك مع بعض الروابط، وتابعينا بأخبارك.
أنواع اضطرابات الشخصية
ليس توحدا وإنما الشخصية شبه الفصامية
فصام وجداني أم وسواسي أم وسواس فصامي
ويتبع >>>>>: اضطراب الشخصية شبه الفصامي م