أريد تشخيصا لحالتي
السلام وعليكم، أتمنى أن يطلع على استشارتي الدكتور الفاضل محمد عبد العليم وفقه الله
من أين أبدأ؟
هبوط في المزاج من حين لآخر، أستغرب منه لكنني أربطه بالإنجاز اليومي فعندما أتكاسل عن أعمال وواجباتي اليومية والأسبوعية: تنظيف البيت مراجعة دروسي تلاوة وردي القرآني.. أحس بهبوط في المزاج وأصبح عصبية.
ما ألاحظه من نفسي أيضا هو أنني لا أتقن العمل إلا إذا كنت مضغوطة بشيء بعده حينها أكون في أقصى درجات الفعالية لكن مع الضغط ويشكل الأمر لي تحديا وعندما أنجح ينتابني الغبطة والسرور لكنني تكون منهكة بسبب الضغط وقد أصبت بمرض القولون العصبي والحمد لله على كل حال...
حاولت أن أقوم بواجباتي في وقتها لكنني لم أستطع فعقلي لا يساير ولا يكون بالفعالية المطلوبة وغالبا أهرب من الفعل لأنه ليس بالمستوى المطلوب....
هذا الشعور جعلني أؤخر كل أمور حياتي: دراسة دكتوراه بدأتها ولم أستطع الاستمرار،
دراسة شرعية عبر النت أتركها لحين الامتحان.... حتى أموري الصحية أتماطل فيها وأتركها حتى آخر فرصة...
شخصت عند طبيب بأن لدي وسواس فكري وأعطاني دواء fluoxetine وبعده nodep خف الضغط قليلا لكن لم يتغير شيء في فقررت إيقاف الدواء لأنني لاحظت إنه علي تغيير نفسي حتى تتحسن نفسيتي لكن الأمر لا يكون بيدي تماما...
عندي تشتت الذهن فقد أفكر في أشياء كثيرة في نفس الوقت وأبدأ هذا العمل ولا أكمله ثم ألجأ آخر حتى يمتليء رأسي بملفات كثيرة مفتوحة فأصاب بالإحباط وهبوط في المزاج وحاليا أنا محبطة لأنه عندي امتحان وقد أخرت المراجعة حتى الدقائق الأخيرة.....
لست مقتنعة بالتشخيص السابق فأنا لا أكرر الوضوء ولا تأتيني وساوس دينية ولله الحمد لكنني أعترف أنه أحيانا تغلب علي أفكار يسيطر علي مثلا: علي تنظيف البيت فأظن أنني لن أستطيع وأن الأمر صعب وهو خلاف الواقع حتى أحتاج أن أطلب من يشجعني رغم أنني معروفة في محيطي أنني أنا الناصحة الواعظة لكن لا أستطيع عظة نفسي...
من يحيط بي يراني فاعلة ونشيطة ومتميزة وهكذا كنت فعلا لكن بعد هذه الحالة تغيرت كثيرا.
لا يمكنني كتابة كل ما أشعر به لكنني أحس إنني أحتاج لانتفاضة عارمة فعندي طاقة حيدتها لدي طموحات دعوية كبيرة في الوعظ والإرشاد وكتابة المقالات لكن حالتي النفسية تعيقني وتكبلني....
أتمنى على الله أن أجد عندكم تشخيصا لحالتي وأن يجعلكم سببا لأضع قدمي على طريق النجاح.
شكر الله لكم
9/12/2017
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالنجاح والهناء
تبدأ استشارتك بسؤال عن تشخيص لحالتك والجواب على هذا من خلال قراءة محتوى الاستشارة هو عدم وجود أعراض طبنفسية تشير إلى إصابتك بالحصار المعرفي أو ما يسمى بالوسواس القهري، كذلك لا يوجد في الرسالة ما يشير إلى أصابتك باضطراب وجداني.
هناك في الاستشارة إشارة إلى المعاناة من القولون العصبي، القولون العصبي وموقعه بين الطب النفسي والطب العام يتميز بالارتباك، ولكن هناك الإجماع بين جميع العاملين في الصحة النفسية والطب العام بأن هذا الاضطراب الوظيفي للأمعاء الغليظة يرتبط بالضغوطات البيئية من عائلية ومهنية واجتماعية.
بياناتك الشخصية تشير إلى أنك سيدة وربة بيت وحاصلة على شهادة جامعية عليا وطموحك هو الحصول على شهادة دكتوراة، هناك طموحات فكرية وأدبية مشروعة تحاولين التعامل معها وتصابين بالإحباط بين الحين والآخر، وهذا ربما يفسر تذبذب حالتك الوجدانية، ولكن لا يوجد في رسالتك ما يشير إلى أن هذا التذبذب يصل إلى عتبة تشير إلى اضطراب وجداني، يمكن وضع مثل هذا الإحباط في إطار اضطراب وظيفي عملي للإنسان والسؤال الذي يدور في ذهن كل عامل في الصحة النفسية هو:
١ـ هل الإحباط هو وراء الأعراض الوجدانية من قلق واكتئاب؟
٢ـ هل القلق والاكتئاب هي التي تؤدي إلى الخلل الوظيفي والشعور بالاحباط؟
الاستنتاج الذي يمكن الوصول إليه في حالتك هو أن الإحباط وراء شعورك بالقلق والاكتئاب بين الحين والآخر وحتى هذا القلق والاكتئاب لا يصل إلى عتبة التعريف الطبنفسي.
لكل إنسان صفات شخصية تميزه عن غيره بصورة أو أخرى وليس هناك في استشارتك ما يشير إلى أن صفاتك الشخصية غير طبيعية، تتحدثين عن السعي إلى الكمال في إنجاز المهام بمختلف أنواعها وهذه صفة شخصية رفيعة ومن المؤسف والسخرية أن يسميها الطب النفسي العربي بصفات شخصية وسواسية وكأن الشيطان يستوطن الإنسان ويدفعه نحو الكمال، ما يجب استنتاجه هو أن صفاتك الشخصية طبيعية وربما متميزة ولكنها بالتأكيد لا تعني إصابتك باضطراب الشخصية سواء كانت وسواسية أو غيرها، ولكن الحديث عن الكمال في استشارتك يستحق المعالجة من زاوية الطموحات الفردية للإنسان والتي نسميها في علم النفس والطب النفسي بالطموحات النرجسية.
هناك ثلاثة طموحات نرجسية مرتبطة الواحدة الأخرى وهي :
١ـ الشعور بالقوة.
٢ـ الشعور بالحب تجاه الآخرين.
٣ـ الشعور بحب الآخرين تجاه الفرد.كلمة حب تعني أيضاَ في هذا المضمون تقدير وتقييم الإنسان لغيره مع عدم الشعور بعواطف سلبية مثل الحسد والغيرة، وكذلك تقدير الآخرين للإنسان يشمل موقعه الاجتماعي ومكانته، وسعيه لمساعدة الغير وأحياناً التضحية بوقته دون مقابل من أجل ذلك، عامل الحب يرتبط أيضاً بالشعور بالقوة وسيطرة الإنسان على ظروفه ومقدرته على مواجهة التحديات المختلفة، هذه الطموحات يتم صياغتها هذه الأيام باحتياجات ناقصة يسعى الإنسان إلى سدها ويتم تصنيفها باحتياجات صحية، نفسية، بيئية، عاطفية، حميمية، تعليمية، فكرية، ومادية.
تعثر مسيرة الإنسان في سد احتياجاته الناقصة أو تحقيق طموحاته النرجسية يؤدي إلى الشعور بالإحباط بين الحين والآخر وإزاحة هذا الشعور تجاه سلوك يتميز بالإسراف في البحث عن الكمال الذي يسعى إليه الانسان.نهاية العقد الرابع من العمر مرحلة حرجة في حياة كل إنسان يراجع فيها جدول إنجازاته الشخصية في مختلف المجالات، لا يستطيع الإنسان تحقيق جميع أحلامه وطموحاته التي تم تحديدها في عمر مبكر، و ربما عليه أن يتعامل مع الواقع بصورة موضوعية ويعيد تقييمه لما أنجز في حياته وما لم ينجزه، وما يقوى على انجازه في المستقبل، لا يستطيع أحد الإجابة على هذه الأسئلة سواك.
الغائب في استشارتك هو الحديث عن ظروفك الشخصية والعائلية والضغوط البيئية التي تتعاملين معها، التحديات التي تواجه الإنسان متعددة ولا تتوقف ولكن إطارها يتأثر بالضغوطات البيئية التي تواجهه، لا توجد إشارة لهذه الضغوط في استشارتك وتأثيرها على مسيرتك صوب تحقيق أحلامك.
التوصيات:
١ـ لا يوجد دليل مقنع على إصابتك باضطراب نفسي.
٢ـ لا يوجد دليل على إصابتك باضطراب الشخصية.
٣ـ يدخل الإنسان الذي يعاني من تحديات مشابهة في عملية علاج كلامي يختلف إطاره من معالج إلى آخر، هناك من يركز على الجانب الفكري السلوكي واستبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، هناك من ينظر إلى مشاكلك من زاوية تحليلية بحتة تركز على الواقع والتعامل معه وربط ذلك بأزمات نفسية لم يتم معالجتها، في نهاية الأمر سيكون الهدف هو التعامل مع واقع الْيَوْمَ وربما تغيير أهداف المستقبل.
وفقك الله.
واقرئي أيضًا:
القولون العصبي والمرض النفسي
المرض النفسي ومشاكل القولون
القولون العصبي
قلق واكتئاب وقولون عصبي: الخلطة المعتادة
من العصبي أنت أم القولون؟