روسيا
تحية طيبة وبعد/
أنا شخص نرجسي، تأكدت من هذا بعد مرحلة طويلة من القراءة بعلم النفس بشكل عام وهذا الاضطراب بشكل خاص.
أنا الآن لست مقيم في بلدي، أنا مسافر للدراسة لوحدي.
منذ الصغر أتذكر من عمر العاشرة بدأت الأعراض حيث كنت دائما أرى نفسي في المدرسة مثلا غير باقي زملائي بل أهم منهم ومحط الأنظار الدائم كنت أهتم أن أكون رئيس الصف، أهتم بشكلي ومظهري بنوع من الأنانية وبشعري وملابسي حيث من المهم أن ترتضي الجميع.
أمي تفضلني عن بقية إخوتي، أشعر دائما بحنين قوي اتجاهها، أنا الأكبر، لا أتذكر أنني شعرت من قبل بعلاقة مستقرة مع والدي فهو كثير النقد ولم أشعر بالحرية في البيت وأشعر أنني لست مثالا لما يريد أن يكون عليه ابنه.
أصبحت أفشل كليا في أي علاقة تربطني بأحد لأنني أعرف الأسباب والنتائج لهذه العلاقة.
لا أعرف أي مرحلة أنا فيها، لكن عرفت أنني لست واثق بنفسي وإنما مغرور، لست بهذه الأهمية التي كنت أرسمها في عقلي منذ الصغر، متكبر ولا أستطيع طلب المساعدة من أحد لأن في ذلك تنازلا مني، أغلب علاقاتي الفردية والجماعية السابقة كانت مبنية على أساسات مثل الاستغلال لتحقيق منافع ذاتية والحسد والاحتقار، حب النفس والأنانية والسيطرة المخادعة على الآخرين بغرض الشعور بالأمان.
عندما أشعر بالضعف ألجأ إلى حب نفسي وتعظيمها.
أجد صعوبة في المستقبل للدخول في علاقة حب ناجحة نفسيا وجنسيا مع الجنس الأخر.
الآن حطمت كل أحلامي وطموحاتي المستقبلية لأنها كانت مبنية على أسس نرجسية.
حاولت أن أبعد أهلي وخاصة أمي عني لكي أبتعد بدوري عن هذا الاضطراب لكنني ضعفت.
ما هي الطرق أو الأساليب التي يجب علي أنا أتبعها في حياتي؟
أريد أن أتخلص من هذه الشخصية النرجسية مهما كلف الأمر.
أرجو المساعدة
وشكرا جدا على جهودكم المبذولة.
21/2/2018
وبعد يومين وتحت نفس العنوان ولكن باسم "باسل" أرسل يقول:
تحية طيبة وبعد، أرجو المساعدة منكم فأنا تائه
هل أنا نرجسي؟
كل الشكر للجهود المبذولة على هذا الموقع.
مشكلتي أني وفي آخر فترة أصبحت ألاحظ على نفسي أعراض وتصرفات نرجسية، علاقاتي مع الأشخاص كانت مبنية على الاستغلال والتحقير، وبدا هذا ملحوظا أكثر فأكثر حتى بالنسبة للمقابل، أحب نفسي جدا، وأشعر بشيء من العظمة، عدائي لأي انتقاد أتعرض له، أهتم بمظهري جدا بما يناسب غاياتي التي أريد تحقيقها مثل السيطرة، تلقي المدح والإعجاب وبالمقابل أشعر بالنقص والغيرة والحسد إذا لم ألقى هذه الغايات، ثم أعود لفكرة أنني الأعظم، الأهم، الأذكى والأجمل، حاليا لا أستطيع أن أبادر بأي علاقة اتجاه أحد ولا أطلب المساعدة من أحد لأن في ذلك تنازل،
أفكاري الجنسية مبنية على السادية، أشعر بالنشوة عند لعب دور السادي المسيطر عند ممارسة العادة السرية، لهذا أحاول عدم الارتباط بأي فتاة، لا أعرف لأي درجة من السوء ستكون عليها العلاقة، حيث لم تكن لي أي علاقة حب مع فتاة من قبل، أحب السيطرة على كل شي من حولي وأشعر بالتوتر الشديد إذا نافسني أحد على السيطرة، وصلت لمرحلة لم أعد أن أتعمق في صداقاتي، ولا أن أبني أي علاقة اجتماعية مهما كانت على المستوى الفردي أو الجماعي، حتى إني ألاحظ أن كل علاقة بأحد المعارف لها عندي قناع معين، أحسست فجأة ومنذ فترة قصيرة أنه قد بدأ يتجاهلني المحيطين وبدأت أفقد كل شيء.
هنا كانت اللحظة التي بدأت بالتفكير شعرت بالحزن الشديد عندما نظرت إلى نفسي وعرفت أن كل تصرفاتي وأساليبي مبنية على انعدام الأخلاق والاستغلال والحقد.
المشكلة أني إذا حاولت الابتعاد عن هذه الصفات تنكشف الحقيقة ويظهر شخصي الضعيف المازوخي والخجول والغير واثق من نفسه، وهنا بالنسبة للجنس أشعر بالنشوة والأمان عندما أكون مازوخي عند ممارسة العادة السرية.
أنا مسافر للدراسة لوحدي في بلد أجنبي، علاقتي بأبي مستقرة لكن ليست قوية وعميقة وأشعر أني لست الابن الذي كان يريده لكنه يتماشى مع الوضع، علاقتي بأمي حنين دائم، أشعر بالذنب اتجاهها وبأنها مظلومة وضعيفة وأني كنت الشخص الوحيد الذي يقف جانبها فهي حساسة جدا وأشعر أني المفضل عندها، أنا الأكبر بين ثلاثة إخوة.
لم آخذ أية أدوية نفسية ولم أزر طبيب أبدا.
أنا مخطيء بكل علاقاتي وأفكاري السابقة لكن التغيير صعب ولا أعرف الطريق الذي يجب اتباعه للقضاء على هذه الأفكار أحسست بالراحة والآمان بعض الشيء عندما اكتشفت نفسي لكن لا أستطيع تغيير هذه الصفات مني، إني مدمر نفسيا وأشعر بالفراغ الكبير بداخلي حيث أني إذ أردت الشعور بالآمان لجأت إلى أحد الأساليب التي ذكرتها أما الآن فلا أقوى على فعل هذا.
هدفي الآن أن أقدم على تكوين نفسي من جديد بعيدا عن كل السوداوية السابقة.
أرجو معرفة النصيحة التي يجب عليها اتباعها للوصول إلى الهدف.
23/2/2018
رد المستشار
السلام عليكم وأهلا بك يا "نرجسي" على موقع مجانين للصحة النفسية.
لا أعتقد أن صنف استشارتك له علاقة من قريب أو بعيد بنوع التدين أو حتى نوع الدين، فلا داعي للقلق، لأنها مسألة علائقية مشتركة بين الناس، ومرتبطة بسمات الشخصية. في الحقيقة ما وصفت من تصرفاتك ونظرتك لا تدع مجالا للشك بخصوص اضطراب الشخصية النرجسية، ولا يمكن لعقلي أن يفترض شيئا آخر على ضوء ما قدّمت. وهو اضطراب يتسم بطرق ووسائل وغايات غير صحية ومرضية لتحقيق الرضى النفسي والإشباع العاطفي. مثلها في هذا مثل الشخصية الهستيرية، التي تعتمد على طُرق غير ناضجة في استجداء العطف وأخذ حاجياتها من الناس.
لكن استبصارك بشخصيتك وخطأ ما كنت تفعل، بل وشعورك بالأمان لاكتشاف نفسك، هذا شيء عظيم ! لا تظن أنه شيء بسيط نهائيا ! فهذه لحظة فواق ووعي وجوديّ بالنسبة لك ولا تضيعه، ستشكل مفترق طرق بالنسبة لك. بما أنّك قرأت وكثيرا وعرفت طبيعة شخصيتك فلن أطيل عليك في هذا الجانب، ولعلّك تعرف أكثر مني إذ تعمّقت في التعرف على اضطراب الشخصية النرجسية.سنناقش إفادتك (لكن التغيير صعب ولا اعرف الطريق الذي يجب اتباعه للقضاء على هذه الافكار)
مهمّتك أن تضع لائحة لكل الأفكار والتصرفات في جدول فيه الشخصية النرجسية، والأهداف الجديدة، ستضع أمام كل إفرازاتك (أفكار وسلوكات) الطريقة النرجسية التي كنت تفرزها بها، ثم في الجهة المقابلة تضع نفس التصرفات لكن تصنع لها دوافع وتصورات جديدة أخلاقية وتعبّر بنضج عن حاجياتِك. وطبعا لن تفلح أبدا في تطبيق هذا الجدول إن لم تعترف بضعفك وثغراتك بشكل شجاع ومسؤول، لأنك كما قلت واكتشفت بنفسك (المشكلة اني اذا حاولت الابتعاد عن هذه الصفات تنكشف الحقيقة ويظهر شخصي الضعيف المازوخي و الخجول والغير واثق من نفسه) لتفهم أنّ تلك السمات ما هي إلا محاولة إخفاء لضعف وعورات فتجاوزت عتبة مجرد الإخفاء إلى "التمثيل" بأنّك عكس ذلك ! بدل أن تخفي جهلك مثلا، تدعي أنك عارف ومثقف، وبدل أن تخفي ضعفك على من لا يسىتحق أن يعرف، تدعي أنك قوي فتصير لئيما. وفي الحقيقة هي معركة عدم اتزان ورضى بالنفس، وليس معركة مع الناس والعالم الخارجي، هي معركة داخلية تتجلى في علاقاتك مع الناس.
إذن لا يمكننا الحديث عن التغيير في حالتك إلا باعترافك وتقبلك لما أنت عليه، مثلك مثل الناس، ليست كأي أحد ولست أحسن من أحد ولا أدنى من أحد، لك مميزاتك كما لك عيوبك، عيوب قد لا تكون عند الآخرين ويكون بدلها مميزات في موضوع العيوب نفسها، لكنهم سيكونون في مواضيع تميّزك مَعِيبين، وهكذا ليس هناك أحد كامل إلا في مخيّلتنا لما نجمع كل مميزات الناس متفرقين لنصنع إنسان افتراضيا متخيلا ومجرّدا، نصدق أنه موجود. والناس عموما تحبّ من يتقبل نفسه ويتواضع مع عيوبه ويكون على سجيته طيب القلب ولو كثُرت أخطاؤه، ولا يحبون قليل الأخطاء والمميز إن كان سيء الخلق متعجرفا أنانيا، فكيف إن جمع عدم التميز وهذه الأخلاق المكروهة !
لنعد للجدول، الذي سيكون مثل هذا الشكل:
الحاجيات الطريقة النرجسية الطريقة الصحيّة - التقدير
- الاحترام
- الحبّ
- العُذر
.... إلخالتفاخر والتكبر
التعالي، وضع حدود وهمية في العلاقات
التحايل، الوعود الكاذبة، التمثيل، التمركز حول الذات
... إلخالإنجاز، الصبر على الأذى، تجنب الطفولية
احترام الآخرين، الإنصات لهم، احترام معاناتهم
التعبير عن الحاجة للحب، حب الناس والتعبير عن ذلك
... إلخبكلمات أخرى، ينبغي أن تستبدل كل تلك الطرق في الإشباع بطرق صحية وناضجة، ستتعثر ووتتألم وتضعف وتشعر بالغربة، لأنها عملية تغيير تام للأرشيف ال
قديم، ربما تحنّ لما كنت عليه سابقا بسبب سهولتها عليك ومردودية تصرفاتك القديمة على المدى القصير، لكنها سرعان ما تذهب عنك، كالذي يريد أن ينتشي بجرعة هيروين، لكنه سرعان ما يشعر بالضياع والكآبة، ليعود باحثا عن جرعة أخرى، فيدمن ويدمّر نفسه !
تلك الحاجيات النفسية والاجتماعية حاجيات مشروعة جدا، لكنك لم تتعلم كيف تشبعها وتسعى إليها بشكل صحيّ وناضج، ويجب الآن أن تتمتع باستبصار ووعي ومراقبة للذات وتدوّن التغيرات وما ينبغي أن تتصرف به، وبألاّ تخجل من ملاحظة الناس لتغيرك، فالتراجع عن الخطأ فضيلة، ولا تأخذك العزة "فتغرق في عليائك" مجددا. وستكون ضحية لنظرة الناس أيضا. يجب أن تكون شجاعا، وسترى عندما تتغير وتغيّر طرقك القديمة في التعبير عن نفسك وتعاملك مع الناس، حجم التغير الحاصل في كل المستويات.
بالنسبة لزيارة الطبيب النفسي فأنصحك بذلك في الوقت الراهن، لما تعيشه من حالة اكتئابية وقلق وتوهان. فلا عيب في ذلك إن وجدت القدرة، وقد يعطيك أدوية تساعدك، لكنها لن تساعدك في تغيير تصرفاتك ورسم أهدافك، هذه مهمة بطويلة تعود إليك، فأي الخيارين ستقبل به: أن تكون بطلا حقيقيا أو بطلا خياليا !؟
ولا أنسى أن بعض السمات قد يصعب تغييرها وقد تبقى مرافقة لك، لكن هذا لا يعني أن التغيير في الكثير من الأمور مستحيل، وستحتاج وقتا، لتغيير عادات قديمة، فلا يمكن تقويم مجرد خشبة بسهولة كانت معوجّة لسنوات ! فكيف بإنسان متعدد الأبعاد ومعقد العناصر.
أما عن الجانب المعرفي والتكويني، فأنصحك بشدة به، أدرس وتعلّم ولا تضيع عاما واحدا، حتى إن تعلّمت حرفة أو فنا لم تتخيل نفسك أنك ستقوم به يوما ! إن كانت لك لغة ثانية فاجتهد فيها وأتقن اللغة في بلدك الأجنبي، وتعلم مهارات جديدة واقرأ في التعامل مع الناس، وأنصحك بشدة أن تشارك في عمل تطوعي تراه مناسبا لوقتك وقدراتك، ذلك اختبار تطبيقي ممتاز.
وأتمنى لك التوفيق صديقي نرجسي.
واقرأ أيضا:
غرور : اضطراب الشخصية النرجسية
الشخصية النرجسية والهستيريائية:العلاج
الشخصية الهستنرجسية