خوف ورعب وقلق مسيطر علي
أنا عادة قوية وبقدر أخرج نفسي من أي فترة اكتئاب بفضل الله؛ لكن المرة دي مش عارفة وأول مرة أحس إني محتاجة مساعدة نفسية علما بأني مريت بأوقات صعبة كتيييييير جدا في حياتي منذ طفولتي لكن ربنا قواني واتغلبت عليها وخرجت منها كلها أقوى من الأول.. وفي عملي متميزة ووصلت إلى ما لم يصل إليه أقراني حتى وأنا في إجازة لا يزال لي انجازات لم يصل إليها زملائي بفضل الله..
متزوجة من سنة وأنجبت من 3 شهور.. قبل معرفتي بالحمل صوت قال لي إني هحمل لما ستي تموت وبعدها بيومين ماتت وهي أمي أكتر من أمي التي تزوجت بعد وفاة أبي وتركتنا فيما عدا الزيارات.. وبعد الوفاة بيومين (ولم أحضر الوفاة لسفري) علمت بحملي الذي لم تكن له أي بشائر نظرا لصعوبته الشديدة من الناحية العلمية.. عانيت في بداية حملي من النزيف واكتئاب ورغبة في أن يموت الطفل إحساس بالذنب نتيجة الحمل.. مرت الشهور وتحسنت الحالة النفسية لكني عانيت من خطر التجلط بعد اكتشافي طفرة جينية في الدم تساعد على التجلط.. ثم كسرت ساقي وقضيت آخر 3 شهور من حملي تقريبا وحيدة.
ولدت فجأة وكان زوجي مسافرا بعد الولادة كان الحزن مسيطرا وإحساس الوحدة مع وجود ناس حولي مسيطر.. شعرت بالحب تجاه ابني من أول ما بدأ يتحرك في بطني وبعد الولادة أحببته أكثر وتعلقت عليه.. بعد الولادة بعدة أيام مرضت وتوقفت عن الأكل عدة أيام ثم جاء زوجي وتحسنت حالتي ثم بعد سفره عدت مرة أخرى للمرض واكتشفت إصابتي بجرثومة المعدة ومع العلاج ساءت حالتي وصرت أخاف من الجلوس بمفردي مع ابني خشية أن يصيبني شيء وهو وحده
وسافرت بعدها بأسبوعين لزوجي وتحسنت حالتي النفسية ولكني كنت لا أزال على المضادات الحيوية للمرض.. ونتيجة لها أصبت بإسهال توقف بعد توقف أول كورس علاجي ثم عاد بعد إعادة الكورس مرة أخرى نتيجة لعدم شفائي من المرة الأولى.. شعرت بالرعب لإصابتي بهذا المرض عندما علمت أني لن أشفى تماما منه وسيظل يهاجمني كل عدة شهور أو سنوات وكذا لعلمي أنه من مسببات سرطان المعدة.. لا أخاف من السرطان ولكني أخاف من المعاناة من هذا المرض مرة أخرى....
توقفت عن إرضاع ابني نظرا للدواء وأشعر بالتقصير في حقه لذلك.. توقفت عن تقبيله لخوفي من أن أعديه بهذا المرض.. توقفت حياتي تقريبا وكل ما أفكر فيه أنني خائفة من الإسهال الذي يجعلني أدخل الحمام عدة مرات وأترك طفلي أحيانا نائم وأحيانا مستيقظ وكذلك يسبب لي نزفا نتيجة لتكرار التبرز وإصابتي بجرح سطحي في نهاية المستقيم..
أصبحت أخاف من الأكل أو من الحركة كي لا يصيبني الإسهال على الرغم من أنني أستودع ابني عند الله كلما دخلت الحمام.. أغسل يدي مرارا بالصابون والكحول كلما لامست أي شيء في الحمام كي لا أنقل العدوى لابني.. وأصبح لدي خوف ورعب من أن أفقد ابني وزوجي دون سبب واضح أو أن أقوم بنقل العدوى لهم مع العلم أنني مررت بحالات صحية كثيرة سيئة من قبل وقمت بعمل عملية وكذلك ولدت قيصري دون خوف من الجراحة..
تخيل أنني أعيش كل وقتي وأنا خائفة من الإسهال ودخول الحمام وأنا وحدي مع طفلي وتأتيني نوبات هلع متكررة أحاول التغلب عليها بالاستماع للقرآن ومحادثة زوجي أو أي من أصدقائي أو التنفس المنتظم وبعض تمارين الاسترخاء ولكن الأمر غير مجدي تماما..
أنا أريد أن اخرج من حالة القلق والرعب هذه ولا أعلم كيف وأتمنى أن أنال المساعدة النفسية لأنه لا يمكنني الحياة على هذا النحو.. أصبحت أتمنى أما الشفاء وأما الموت دون أي تفكير إطلاقا في الانتحار لاقتناع فكري وديني بأنه ليس حلا..
جزء من عقلي يحاول التغلب على الأمر ولكني أجد نفسي فاشلة في الأمر.. علما بأني لازلت أتناول المضادات الحيوية لعلاج الجرثومة الكورس الرباعي والتي قاربت على الانتهاء ثم يجب على الانتظار شهرا لكي أتأكد من شفائي.. علما بأني أمر بحالة القلق منذ شهر ونصف ولكنها متدرجة إلى الأسوأ لتصل مؤخرا إلى حد الرعب..
أرجو المساعدة النفسية قبل الدوائية في أقرب وقت.. فأنا أرغب في الخروج مما أوقعت نفسي فيه
وشكرا
23/2/2018
رد المستشار
نقاش عام
في بداية الأمر لابد من الإعلان الصريح عن التشخيص لأنه في غاية الوضوح وأعراضه لا تقبل النقاش وهو أنك الآن تعانين من اضطراب اكتئاب جسيم. هذا النوع من الاكتئاب لا يتم علاجه فقط بمساعدات نفسية وإنما بمراجعة طبية منتظمة واستعمال عقاقير مضادة للاكتئاب وربما توازن المزاج. أما وقت ظهور الأعراض فهو ما بعد الولادة ولذلك يمكن تصنيف الاكتئاب باكتئاب ما بعد الولادة.
كانت هناك ظروف بيئية وطبية متعددة أثناء الحمل لعبت دورها في انخفاض عتبة الإصابة بالاكتئاب الجسيم. بعد ذلك ظهرت أعراض جسمانية وخوف من الإصابة بمرض خبيث. تم تشخيصك بالإصابة بجرثومة المعدة ولكن كان من الأفضل علاج القلق والاكتئاب في هذه المرحلة بدلاً من التركيز على علاج حالة جسمانية لا تستحق كل هذا العناء.
لم تتحسن حالتك الجسدية والنفسية وأضافت العقاقير أعراض جانبية تم تطويقها في إطار الحالة الوجدانية. بدأت الأعراض المثالية لاكتئاب ما بعد الولادة بالوضوح مع ولادة أفكار حصارية (وسواسية) تتعلق بانتقال العدوى إلى الطفل الرضيع. هذا الحصار الاكتئابي أصبح كاملا مع نوبات هلع وخوف دائم من الإسهال والرعب من فقدان طفلك وزوجك٫ وفقدان الثقة بالنفس مع الشعور بالذنب.
التوصيات
أولاً: لا مفر من مراجعة طبنفسية الآن واستلام العلاج اللازم. ربما تتحسن الأعراض تلقائيا مع ممارسة تمارين استرخاء والسيطرة على الظروف البيئية٫ ولكن بدون علاج قد تتدهور حالتك أو تتحسن ولكن الاكتئاب سيترك آثاره على شخصيتك لفترة طويلة جداً ويزورك بدون أدني شك مرة أخرى.
ثانياً: تصارحين زوجك بأعراضك والمعاناة التي تمرين بها والبحث عن مساندة شخصية.
ثالثاً: مراجعة طبيب لحسم أمر الإسهال.
رابعاً: التوقف عن معالجة ما تسمينه بجرثومة المعدة.
وأخيراً توجهي نحو استشاري في الطب النفساني للعلاج.
وفقك الله.
ويضيف د. وائل أبو هندي الأخت العزيزة "شيماء" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مستشارنا الأنجب د. سداد جواد التميمي، لكن ما أود قوله يتعلق بطلب المستشار منك أن تتوقفي عن علاج ما تسمينه جرثومة المعدة فأنت بريئة من قرار علاجها من عدمه فحقيقة الأمر أن أطبائنا العظماء يسرفون إلى حد كبير في تشخيص هذه الجرثومة وطلب الفحوصات لتأكيد تشخيصها ثم كتابة المضادات الحيوية ومضادات الحموضة بكثافة للقضاء عليها.... ولا يكاد يمر أسبوع إلا ونرى مريضا أو مريضة وقد عالج هذه الجرثومة ستة أو سبعة مرات وما تزال الأعاض التي قادته إلى طبيب الباطنية هي هي فأخيا وأخيرا فقط نصحه أحدهم (ونادرا ما يكون الطبيب بل لعل الصيدلي أقدر على فهم هذا الأم ونصح المريض من طبيبه الذي يهتم فقط بأي المضادات سيكتب في المرة القادمة) المشكلة حقيقة ليست مشكلة "شيماء" وإنما هي مشكلة أجيال من الأطباء الجهلاء بالأعراض النفسية المعبر عنها عبر الجهاز الهضمي والمصرين على صيانة جهلهم لأن فيه فوائد كبرى لشكات الدواء مع الأسف.