السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
أنا فتاة أتممت عامي العشرين منذ عدة أشهر وتخرجت من إحدى الكليات العملية، على وشك الخطبة إن شاء الله لإنسان فاضل أحبه ويحبني كثيرا، وأنا من المتابعين الدائمين لموقعكم، ولنصائحكم النفسية والطبية وتوقفت عن الرجيم الخاطئ، وشعرت في أوقات كثيرة بالرضا عن شكل جسمي بفضل كلامكم ونصائحكم.
لكنى للأسف لا أستطيع إنكار حقيقة أنني بالفعل بدينة، وهناك مناطق عدة في جسدي ممتلئة جدا خاصة الأرداف، وأيضا منطقة البطن، وهذه المنطقة تسبب لي أزمة نفسية كبيرة وتجعل شكل أغلب ملابسي غير متناسقة وهي تضايقني جدا جدا، ولا أعرف حلا لها خصوصا بعد نصائحكم بتجنب تمارين الجيم الرياضية.
أبى دائما ينتقدني، وأمي تقول لي لابد من إنزال هذه المنطقة وإنزال وزنى كله، حتى تصبح ملابس العرس متناسقة، وأنا أخشى جدا من تأثير شكل جسدي على زوجي فيما بعد أو صدمته في أو نفوره منى، فأنا محجبة والحمد لله وملابسي كلها واسعة ولكن من يراني يدرك أني ممتلئة.
لكن منطقة البطن تلك مثلا والفخذين لا تظهر إلا في الملابس الضيقة والخاصة، مازال أمامي وقت مبكر حتى عرسي أكثر من عام ونصف تقريبا فهل أستطيع في هذا الوقت إنقاص وزنى بطريقه معتدلة والتخلص من الدهون في تلك المناطق الممتلئة؟ وهل قابلية جسمي تلك للزيادة تحتم عليَّ أنه بعد الزواج والإنجاب سيزداد وزنى بشدة، أو يصبح شكلي منفرا أو لا أستطيع التخلص من منطقة البطن تلك؟؟
أنا لست أكولة لكني أتبع عادات غذائية خاطئة ربما... وألجأ إلى الأكل في أوقات ضيقي وحزني، ثم أنني أتناول المشروبات بكثرة لذلك فالسكر من أساسيات مأساتي.
وزنى حاليا حوالي 70 كيلو وهو دائما يترواح بين ال 68 وال 72 ولا يزيد عن ذلك وطولي 160 سم.
أرجوكم أن تفيدوني بحل ممكن التنفيذ لأن هذا الأمر يضيف هما جديدا إلى همومي المتلاحقة، وهو هاجس لا يتركني ويكبر بداخلي كلما اشتريت ملابس أو قمت بقياسها أو كلما نظرت إلى المرآة فهل أجد لديكم العون.
وشكرا لكم
03/09/2004
رد المستشار
الابنة العزيزة؛
أهلا وسهلا بك على مجانين، وشكرا جزيلا على ثقتك وعلى إطرائك، تقولين أن "وزنك الحالي 70 كيلو وهو دائما يترواح بين ال 68 وال 72 ولا يزيد عن ذلك وطولك 160 سم" وطولك طبعا لا يقلُّ عن ذلك، ومعنى هذا الكلام بالنسبة لي هو أن منسب كتلة جسدك يتراوح بين 26.6 و28.3 كيلوجرام/المتر المربع، أي أنك تقعين في فئة زيادة الوزن (25 – 29,9 كجم/م مربع) وليس فئة البدانة،
وقد تكونُ القيمة الحالية لمنسب كتلة جسدك (27.3) هي النقطة المحددة له، بدليل أنك لا تنقصين عن 26.6 كيلوجرام/المتر المربع ولا تزيدين عن 28.3 كيلوجرام/المتر المربع فوزنك يتراوح بينهما، وهذه مجرد ملاحظة أحب أن تتأمليها جيدا.
إذن فقولك (لكنى للأسف لا أستطيع إنكار حقيقة أنني بالفعل بدينة)، للأسف قولٌ غير صحيح أنت يا ابنتي في كامل اللياقة البدنية، ولا تحتاجين لأكثر من أن تعيشي بجسدك بشكل أقرب ما يكونُ إلى الشكل الذي خلقه الله سبحانه ليعمل به، بمعنى أنك تحتاجين إلى تريض يومي يدخل ضمن أسلوب حياتك، وتتزوجين وتحملين وتضعين، ولا يطلب منك وقتها غير الالتزام بالعادات الصحية السليمة في الأكل، والتي أظنك عرفتها من إجابات سابقة لنا، وسنحيلك إليها على أي حال فقومي بنقر العناوين التالية من على مجانين نقطة كوم، أو صفحة مشاكل وحلول للشباب لكنها مهمة لزحزحة القوالب الفكرية الباطلة الراسخة في أذهان كثيرين من البشر، ومن بينها رابط سيقودك إلى الجزء الأول من برنامجنا العلاجي المعرفي السلوكي المأخوذ من سنة سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام، فقط عليك بنقر العناوين التالية:
البدانة ما هي ؟
البدانة والحالة النفسية
البدانة والاكتئاب
أفش خلقي في الأكل
تأرجح الوزن ونوبات الدقر (الأكل الشره)
الإنجاز يعين على الإنجاز ، متابعة تأرجح الوزن
فخ الصورة : أول الملف ، م
فتح حوارٍ نفسي : مع ذات السؤالين ! م
أنا سمين، ويقولون : غبي !!! (مقاييس النجاح)
فقط لأثبت جدارتي: حمية وترجمة ومعارض
من قال إنها إرادة؟.. إنه الجسد صنع الله
الجوع والشهية ومعامل الشيع
وتقولين بعد ذلك (وهناك مناطق عدة في جسدي ممتلئة جدا خاصة الأرداف، وأيضا منطقة البطن، وهذه المنطقة تسبب لي أزمة نفسية كبيرة وتجعل شكل أغلب ملابسي غير متناسقة وهي تضايقني جدا جدا، ولا أعرف حلا لها خصوصا بعد نصائحكم بتجنب تمارين الجيم الرياضية.) متى قلنا تجنبي تمارين الجيم الرياضية؟ متى نصحنا بذلك يا ابنتي، أنا لا أظن أننا يمكن أن نعترض على مثل هذه الأنواع من أنواع التريض إلا في حالتين:
الأولى: أن ترتبط هذه النوعية من التريض في ذهن من يمارسها ضمن برنامج حمية منحفة (رجيم) بإنقاص الوزن، فيفعلها لينقص وزنه فإن نجح فإنه غالبا ما يتركها لأنها تستغلُّ وقتا ومجهودًا وقد وصل إلى ما يريد من وزن، أو أنه فشل في إنقاص وزنه أصلا فكرهها وما عداها، وربما انفلت تجاه الأكل والكسل.
الثانية: أن تنزلق قدمه في وسواس التريض القهري، الذي أشرنا لما يعنيه في واحدة من الإحالات السابقة يا ابنتي فلعلك ترجعين إليها إن كنت نسيتها، لأنه اضطرابٌ نفسي غالبا ما يصيب المنخرطين بوعي أو بغير وعي في حمية منحفة أو مثبتة، وإن كنت أظن اضطرابك أهون من ذلك بكثير إن شاء الله، قولي يا رب.
إذن فنحن لا ننصح أحدا بالكف عن التريض بكل أشكاله، ولكننا نريد أن تكونَ المفاهيم سليمةً، والأهداف صحيحة، فهل تعرفين الهدف الصحيح من التريض الذي يمزجه الإنسان بحياته؟ إنه الحصول والحفاظ بإذن الله على اللياقة البدنية، فأين أنت إذن من اللياقة هكذا يجبُ أن يكونَ السؤال!
وبالرجوع إلى تاريخ العرب نجد أن حسن جسد المرأة لم يكن ليكتمل إلا إذا اكتملت فيها بعض هذه الصفات التي تتسق مع البيئة وطبيعة التفكير آنذاك؛ فالمرأة جميلة الجسد قد تكون هي "البهكنة" (السمينة الناعمة جميلة الوجه حسنة المعرى)، أو "الوركاء"(عظيمة الوركين)، أو "الرداح" (عظيمة العجيزة)، أو "الخذلجة" (ممتلئة الذراعين والساقين).. إلى آخر تلك الصفات، كما نجد الشاعر العربي طرفة بن العبد يصف في معلقته الشهيرة فتاته الحسناء بأنها "بهكنة تحت الطراف المعمد"،
وهذا يبين لك أن تأثير الصورة المتكررة لنموذج الأنثى النحيلة الذي انتشر في ظل ثقافة الصورة التي نعيشها قد قلب المفاهيم رأسا على عقب، وأن الجمال الجسدي ليس له نموذج واحد، ولا نهائي، وأما ماذا نفعل حيال ذلك التغير فهو أن نقبل ذواتنا وأجسادنا ونتعلم كيف نواجه الصورة لا بالهرب منها (لأننا لن نستطيع)، وإنما بتقديم الصورة الجميلة البديلة، وهذا بالفعل ما بدؤوا يفعلونه أخيرا في البلدان الغربية، لأنهم رأوا أن الجسد الذي ينتصر دائما في النهاية لابدَّ أن يقبل كما هو، ورأوا أيضًا ضرورة مكافحة نموذج الصورة الشائعة للأنثى المنحوتة (غير الطبيعية) بنموذج الأنثى ممتلئة الجسد مع الاحتفاظ باللياقة، فأصبحت تقام عروض أزياء لعارضات ذوات أجساد طبيعية، فهل جسدك يا ابنتي طبيعي أم لا؟ يتمتع باللياقة أم لا؟ وهل تودين نحته؟
هل تستطيعين يا ابنتي ممارسة كل ما تحبين من أنشطة حلالٍ وأنت تعيشين حياتك؟ وأستثني من ذلك أن تبحثي عن موديلات حديثة جاهزة لملبسك، فهذا النشاط وإن كان حلالا إلا أنه يحتاج إلى تنظيم معرفي في حالتك، سأحاول البدء فيه معك في إجابتي هذه إن شاء الله،
المهم أن أقول لك أن كون جسدك يتمتع باللياقة أي أنه يقوم بوظائفه التي سخرها الله لك وائتمنك عليها، هذا يعني أنك تحتاجين إلى تغيير أفكار في ذهنك أنت، وأذهان الآخرين قدر استطاعتك، صعبٌ جدا ما أطلبه ولكنه جهادٌ مطلوب، ولتبدئي بقراءة الروابط التالية من على مجانين :
أولا لا تعبدي الصورة وثانيا تابعينا
السيلوليت (تغمز الجلد) : عبادة الصورة؟
كذبٌ واكتئابٌ داخلي : في عبادة الصورة
ما الذي يبقى إذن ويسبب لك المشكلة في نفسك وفي من حولك، إنه التأثر بالصورة النموذج، والذي يبدو واضحا في انتقاد الوالد لك وتحامل الوالدة عليك، أي من يرونك في الثياب الضيقة والخاصة، كما يظهر في مواقف من نوع الموقف الذي أشرت إليه بقولك، وأنت تصفين هاجس الخوف من شبح البدانة: (وهو هاجس لا يتركني ويكبر بداخلي كلما اشتريت ملابس أو قمت بقياسها أو كلما نظرت إلى المرآة)، أتدرين لماذا يا ابنتي؟ لأنك دون وعي منك اتخذت من الصورة النموذج الوحيد للجمال معيارا، ولم تستوعبي أن التنوع سنة الحياة، وأن ليس هناك شكلٌ واحدٌ أبدًا لجمال الجسد البشري، لأن الجسد البشري غالبا ما يصحبه الحضور البشري كله والحضور البشري الجميل يحضر الجمال معه، جسدا وروحا، فتصبح خبرة الحاضر مع صاحب الحضور الجميل خبرة جميلة، وهنا أسألك أن تنظري للمرآة في لحظات شعورك بالرضا عن نفسك وتأكدي بنفسك كيف تبدين أجمل، فليس هناك ما يضفي جمالا على حضور الكائن البشري أعمق وأشمل من شعوره بالرضا عن نفسه.
أقصد أن ربط الجمال بالحضور الخارجي للجسد خطأ معرفي شعوري نقع فيه كلنا كبشر، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عن أبي هريرة رضي الله عنه:"إن الله لا ينظرُ إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظرُ إلى قلوبكم" صدق رسول الله عليه الصلاةُ والسلام أخرجه مسلم في صحيحه، فانظري يا ابنتي لما يجعل قلبك راضيا عنك والزميه قدر استطاعتك، لأن رضاك عن نفسك يضفي عليك جمالا لا يضفيه عليك غيره.
ثم تعالي هنا يا ابنتي هل أنت خجلى من أنوثتك؟ أليس هذا هو جسدك الطبيعي الذي جربت لياقته؟
إن اتباع الجزء الأول من برنامجنا المعرفي السلوكي وحده كفيل إذا ما جعلت التريض جزءًا مهما مستمرا من حياتك، أن يحفظ لك لياقتك تلك التي نعول عليها لأنها تضمن الحضور الجميل بإذن الله.
لا يجبُ يا ابنتي أن تصممي جسدك بحيث يصبح مطابقا للملابس الجاهزة، بل يجبُ أن تصمَّمَ الملابس الجاهزة لتناسب جسدك أنت، وهذا ما ستضطر إليه شركات تصميم وإنتاج إذا أنت أكدت ذاتك، خاصةً وأن المقاس المتوسط الشائع للملابسAverage Dress Size في تزايدٍ مطردٍ في الكثير من بلدان العالم، ففي بريطانيا مثلاً زاد المقاس المتوسط الشائع للملابس من 12 عام 1960 إلى 16 في السنوات الأخيرة، وفي مقابل ذلك نمت صناعات ضبط الوزن بشكلٍ سرطاني في جميع أنحاء العالم أيضًا، وكان سبب زيادة المقاس المتوسط الشائع أمران أما الأول فهو الفشل المتكرر المشهور لكل أشكال الحميات المنحفة وأما الثاني فهو صيحات تقبل الجسد وعدم الدخول في صراع ضار وخاسر في نفس الوقت معه.
أصل بعد ذلك إلى قولك (وهل قابلية جسمي تلك للزيادة تحتم عليَّ أنه بعد الزواج والإنجاب سيزداد وزنى بشدة، أو يصبح شكلي منفرا أو لا أستطيع التخلص من منطقة البطن تلك؟؟)، وردي على ذلك هو أن قابلية جسدك للزيادة لا تمثل خطرًا عليك إذا التزمت بعادات الأكل والتريض السليمة، كما بينا لك من قبل في الإحالات، وأما الزواج والإنجاب المتكررُ إن شاء الله فقد أفضنا في شرح علاقتهما بصورة الجسد وكيفية التعامل الصحيح مع تلك المشكلة في إجابة لا الزواج ولا الحمل: بل الحميات المتكررة، وأما منطقة البطن تحديدا كما تقولين فهناك تمارين رياضية معروفة ومشهورة تفيد جدا في ذلك.
وأما قولك (أنا لست أكولة لكني أتبع عادات غذائية خاطئة ربما... وألجأ إلى الأكل في أوقات ضيقي وحزني، ثم أنني أتناول المشروبات بكثرة لذلك فالسكر من أساسيات مأساتي)، فعليك بالرجوع إلى ما ذكرناه في إجابة ماذا نفعل مع الطعام في الأوقات الحرجة؟، وما ذكرناه في إجابة اشتهاء السكريات واكتئاب لا نماذجي حيث نناقش مفهوم توكيد الذات الذي تحتاجين إليه أيضًا في تعاملك مع جسدك ومع الآخرين،
وأضيف لك هنا ما اصطلح على تسميته بفرضية الشخصية الحساسة للسكر Sugar-Sensitive Personality، والتي يفترضُ فيها أن بعضَ الناس تكونُ حساسيةُ أدمغتهم للسكريات عاليةً بمعنى أن تناولهم للسكريات يعطيهم شعورًا لذيذًا إلى الحد الذي يدخلهم في ما يشبهُ الإدمان للسكريات،
ويرجعُ واضعو هذه الفرضية ذلك إلى احتمال وجود اختلال ما في عمليات استقلاب السكريات أو اختلالٍ (أو نقصٍ) في مستويات السيروتونين الدماغية أو في مستويات أو وظائف مادة البيتا إندورفين β-Endorphin، أو تفاعل هذه الاحتمالات فيما بينها بشكلٍ يؤدي إلى استجابةً مضخمةٍ للأطعمة التي ينتجُ عن أكلها زيادةٌ في مستويات السيروتونين أو البيتا إندورفين الدماغية مثل السكريات والشيكولاتة، وزيادةُ أيٍّ من هاتين المادتين في الدماغ يعطي إحساسًا بتحسنٍ في المزاج.
وحتى لو افترضنا أن ذلك صحيحا في حالتك، فإن التزامك يا ابنتي ببرنامجنا بعد تفهم واع وتدبر عميق لما يصح أن يكونَ عليه سلوك المسلم، سواء فيما يتعلق مباشرة بعلاقته بجسده ومأكوله، أو ما يتعلق بعباداته، فإن عند المتدينين الذين يؤدون الصلاة حق أدائها ما يرفع من مستويات السيروتونين الدماغية، ومستويات أو وظائف مادة البيتا إندورفين β-Endorphin، وهذه نتائج دراسات علمية على التغيرات الدماغية التي تصاحب الخشوع في التعبد، فهل يكونُ ذلك مدخلا مناسبا للعلاج؟
أسعدني الرد على استشارتك هذه، خاصة وقد لمست قدرةً عالية على استيعاب ما قرأته لنا من قبل على صفحة مشاكل وحلول للشباب أو مجانين نقطة كوم، ونراك أهلا للنقاش وتبادل الخبرات، فتدبري ردنا هذا، وتابعينا بالتطورات.
ويتبع >>>>>>: هاجس البدانة والزواج...هل تساعدونني؟ م