وسواس الاستنجاء قطرات في المبال م1
وساوس عقيدية
السلام عليكم/
بداية أنا شخص لديه تاريخ من الوساوس في أمور الطهارة، والخوف من المال الحرام، والدقة الزائدة، وغيرها من الوساوس الدينية. وتناولتُ عدة أدوية مثل «فافرين، وأنفرانيل، وبروزاك، ولوسترال، وسمبالتا، وغيرها» ولكنني مستقرٌ الآن، منذ أكثر من عام ونصف، على دواء «سبرالكس»، وبفضل الله أنا مرتاح عليه، لأنه جعلني أكثر هدوءًا، حتى عند اشتداد حدة الوساوس.
وبعيدًا عن الوساوس سالفة الذكر، لديَّ ثمة إشكالية أودُّ أن أطرحها على حضراتكم: قرأتُ فتاوى مفادها أن الإنسان الذي تلازمه الشكوك في الدين ينفسخ عقد نكاحه. وقد أثارت هذه الفتاوى في نفسي بعض القلق والوسواس. وأصبحتُ أخشى أن يبطل زواجي، في حال الزواج من امرأة مسلمة، وألا أستحق ميراثي، في حال الإرث، لأن الكافر لا يرث المسلم. فأنا أؤمن بالله، وأدين بالإسلام، وأؤدي واجباته [من صلاة وصوم وغيرهما]، وأمتنع عن نواهيه [من سرقة وزنا وغيرهما]، وأحسب نفسي ممن يتمتعون بمكارم الأخلاق، ما استطعتُ إليه سبيلاً.
لكن مشكلتي: إنني أتمتع بقدر عالٍ من الذكاء، وأمتلك عقلية نقدية، تميل إلى البحث والتفكُّر والتقصي، فأنا أُكثرُ من إعمال عقلي، حتى في الفتاوى، فأنا لا أتلقاها دونما تفكير، بل أبحث عن الدليل الذي استند إليه المفتي في فتواه وهكذا. المهم: فيما يخص العقيدة، تراودني بعض الشكوك، وبعض الأسئلة قد تطرأ على ذهني، ولكنني في الوقت ذاته أؤمن بالله، واخترتُ الإسلام ليَّ دينًا، لأنه أقرب إلى الحق، وإلى العقل والقلب والمنطق، ولكن المشكلة أنني أرى أن اليقين الجازم قد يكون صعب المنال، لأن الإيمان قائم، في المقام الأول، على التسليم والتصديق بالقلب، فهو عملٌ قلبيٌّ محض، تدعمه أدلة عقلية، ونصوص توارثناها وصدَّقناها وتلقيناها بالقبول، عبر الأجيال، دون أن نكون شاهدين عليها، فكثيرٌ مما نؤمن به من الأمور الغيبية، التي لم نلمسها بعد، والتي صدَّقناها بقلوبنا دون أعيننا.
فكلٌ من يعيش على وجه البسيطة يرى أن دينه أو مذهبه هو الحق، وأن غيره على الباطل، ونتصارع ونتجاذب فكريًّا، ونحكم على هذا بدخول الجنة، وعلى ذاك بدخول النار، رغم أننا لا نعلم مصائرنا، فكلها غيبيات، ولا يوجد لدينا دليلٌ ملموس، ولا نملك سوى الاجتهاد من أجل الوصول إلى الحقيقة، في ظننا، بحسب عقولنا القاصرة، فأنا أؤمن أن هناك أشياء كثيرة لا نعلمها، وأن الحقيقة المطلقة عند الله وحده، وهو من سيفصل بيننا يوم القيامة فيما كنا فيه نختلف، وأن ما يسعنا عمله هو البحث عن الحقيقة، في ظل المعطيات المتاحة لنا، والعمل بمقتضاياتها، حتى يكشفها الله لنا يوم القيامة، بشكل ملموس.
ومن ثمَّ، شرعتُ في فترة شبابي، منذ أكثر من عشرين عامًا، في القراءة، في مقارنات الأديان، بتجرد، دونما تحيز، ودون أفكار مسبقة، ودون إملاءات من أحد، وخلصتُ إلى أن الإسلام هو الدين الأقرب إلى الحق، والقلب والعقل معًا، وازداد يقيني به، وكنتُ أظن أن هذا يكفي، وأن ما يسعني فعله هو الإيمان بالله، واختيار الدين الأقرب إلى الحق، وأداء واجباته، والامتناع عن نواهيه، ما استطعتُ إليه سبيلاً، حتى يكشف الله لنا الحقيقة بجلاء، يوم القيامة، وعندها سنصل إلى اليقين الجازم، وكنتُ أرى أن وجود بعض الشكوك أمرٌ طبيعيٌّ لا يتنافى مع الإيمان، فها هو سيدنا إبراهيم نفسه يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يريه كيف يحيي الموتى، لكي يطمئن قلبه، فما بالنا نحن.
وكنتُ أظن أنني طالما اجتهدتُ من أجل الوصول إلى الحق، بقدر استطاعتي، فهذا كافٍ لصحة إيماني. ولكنني صُدمتُ عندما قرأتُ فتاوى مفادها أن الشك يتنافى مع الإيمان، وأن من تلازمه بعض الشكوك ينفسخ عقد نكاحه، وأن هناك ما يسمى بـ «ردة بالشك»، وأصبحتُ أخشى على نفسي: ففي حال الزواج، أخشى أن يكون زواجي باطلاً، وفي حال الإرث، أخشى ألا أكون مستحقًا للميراث، بل أصبحتُ أخشى على صحة إيماني نفسه، وأخشى أن أدخل في دائرة مفرغة من الوساوس العقيدية، ولكن الأمور، بفضل الله، حتى الآن، لم تستفحل بعد، فيما يخص الوساوس العقيدية، لذا أرسل إلى حضراتكم هذه الاستشارة، لمعرفة رأيكم في حالتي.
*ختامًا: إذا كنتم ترون أن رسالتي هذه قد تؤثر على إخوة آخرين، فيمكنكم الرد عليها، دون نشرها، حتى لا أكون سببًا، في زعزعة إيمان إخوة آخرين أو إضلالهم، معاذ الله، عافانا الله وإياكم.
وشكرًا مقدمًا لحضراتكم.
10/4/2018
رد المستشار
الأخ الفاضل "محمد" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك ومتابعتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
لا يوجد ما يمثل خطرا على أحد ولا ما يشكل فتنة كما تظن، ولا علاقة لما أفتى به بعضهم بحالتك فأنت مريض وسواس قهري قبل وبعد الشك وغير الشك من أعراض الوسواس القهري المختلفة سواء المتعلقة بتحري التخلص من النجاسات أو النذور أو ما لم تذكره لنا بعد، والشك المقصود في تلك الفتاوى لابد أنه مستوى مختلف عن المستوى الذي يتعذب فيه مريض الوسواس القهري!
ما أوردته من تحليلات وتوقعات يتفق في أغلبه مع ما أصل مع مرضاي الموسوسين إليه وليس غريبا من موسوس متعمق مثلك، أنت تعبد الله ووساوسك لا تؤثر في سلوكك وربنا يحاسبنا على سلوكنا.... أما ما أرى واجبا أن أحذرك منه فهو العجب بوسوستك أو أفكارك الوسواسية الاجترارية.... فالمتعمق المتنطع أسوأ الموسوسين مآلا في خبرتي الشخصية... وليست الوسوسة في الأمور الغيبية ذكاء بأي حال من الأحوال يا "محمد".
وأخيرا أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.
ويتبع >>>>>: وساوس عقدية وخلافات فقهية م3