السلام عليكم
شخصي؛ أتقدم بجزيل الشكر وفائق الاحترام لسيادتكم على جهودكم المبذولة في هذا الموقع المتميز، وكفاءتكم في الرد على الشباب وتوجيهم إلى صواب السلوك.
أنا فتاة في التاسعة عشر من عمري طالبة بكلية من كليات القمة (طب الأسنان) أعيش حياة مرفهة وكريمة، الحمد لله، فأنا وحيدة والدي ووالدتي ولا يوجد لي أخوات وأملك أصدقاء لكن قليل منهم من أرتاح إليه.
أعتقد أن مشكلتي ليست بالدرجة الهامة لكي تشغل مساحة من تفكير سيادتكم وانشغالكم ولكنها بالنسبة لي قد تكون كبيرة وتسبب أزمة في حياتي وهي أنني أعاني من الفراغ والاكتئاب والحزن الدائم لا أجد ما يسعدني في هذه الحياة وأن كانت حياتي خالية من المشاكل ولكنها فارغة بمعنى الكلمة.... مع العلم أن أهلي يحبونني جدا ويلبون طلباتي من قبل أن أطلبها، ولكني لازلت أشعر أنني تائهة ولا أشعر بالسعادة أبدا، أشعر أن شيئا ينقصني ولا أجده!
دائما أتطلع إلى الحب، وأن أجد شريك حياتي ومن يرتاح إليه قلبي... هناك العديد ممن أقابلهم في طريقي سواء كان من الزمالة أو عن طريق النت.... ولكني لا أشعر بصدقهم وأخاف أن أسير وراء قلبي خلف الحب مع أني أتمنى ذلك... أتمنى أن أجد هذا الإنسان الذي يملأ فراغ حياتي، ويحسسني بأهميتي في تلك الحياة.
أرجو من سيادتكم عدم إهمال الرد على رسالتي، وإخباري بالحل المناسب لذلك وإن كنت في يوم من الأيام تعرفت على إنسان من سنة تقريبا وحاول لمدة 7 شهور أن يقنعني بحبه.... وأحببته فعلا بعد ذلك حبا لا يوصف ولكن للأسف فأنا أعرف نهاية هذا الحب لا يمكن أن يكون لي في يوم من الأيام.... وذلك لأن مستواه المادي والاجتماعي والعلمي أقل مني فهو خريج معهد، وأهلي يرفضون ذلك تماما.
عانيت الكثير من هذه المشكلة.... ولكني الآن أحاول أن أنساها... وأن أعيش حياتي طبيعية جدا،......، ولكني لا أقوى.... فمازلت أبحث عن الحب وأتمنى هذا الشخص، وليس في يدي أي حلول كي أشعر بالسعادة.
وأشعر بالفراغ والوحدة التي تكاد تقتلني... فأنا أنام في اليوم 14 ساعة، وأعيش حياتي كلها بالليل وحدي في غرفتي أنا والكمبيوتر والنت فقط لا أرى أي هدف ولا أمل كي أعيش له راودتني فكرة الانتحار منذ فترة ومن زمن ولكني أرجع عنها لأنها فكرة غير صائبة، ولن تؤدي إلا إلي غضب الله مني وهذا أمر لا أحتمله.
أرجو من سيادتكم سرعة الرد على رسالتي وإبلاغي بالخطوات التي أنهجها في هذه الحياة البائسة التي أحياها،
لكم مني جزيل الشكر وفائق الاحترام.
23/07/2004
وصلت هذه الاستشارة لمجانين بتاريخ 23/7/2004، وأرسلت بطريق الخطأ إلى كل من المستشار الدكتور محمد المهدي وهذه هي إجابته، والأستاذة أميرة بدران وقد ظهرت إجابتها على استشارات مجانين بتاريخ 23/08/2004، تحت عنوان: البحث عن مفقود
رد المستشار
الأخت العزيزة...........
حالتك هذه تحدث عنها عالم النفس "فيكتور فرانكل" صاحب نظرية "العلاج بإحياء المعنى Logo therapy". والفراغ الوجودي ليس مرضا بالمعنى الطبي ولكنها حالة من فقدان المعنى وفقدان الروح في الأشياء يجعل الحياة باهتة صامتة ويجعل الآخرين في هامش الوجود وفي هامش الوعي, وهذا يعطي إحساسا شديدا بالوحدة واللامعنى واللاجدوى واللاقيمة واللاهدف واللادافع, ويصبح الانتحار –كما ذكرت– أحد الخيارات المطروحة للخلاص من هذه الحياة الخاوية.
وبما أنك الابنة الوحيدة فليس لك أخوات تتواصلين معهن, وليست لديك مشكلات تثير التحدي وتستنهض الهمة, ويبدو أن علاقتك بوالديك غير مشبعة, وعلاقاتك بصديقاتك ليست حميمية بدرجة كافية, وعلاقة الحب التي ذكرتها كانت قصيرة ومليئة بالشكوك.
وهكذا تقفين وحدك في الحياة بلا "آخر" وبلا سند وبلا قضية تعيشين من أجلها وتتحمسين لها، والناس في حياتنا يعطون للأشياء معنى وروحا وقيمة لأننا نرى في عيونهم صدى لأقوالنا وأفعالنا ونعيش معهم وبهم مشاعرنا, ولهذا فإن علاقتنا بهم ليست من أجل سواد عيونهم وإنما هي ضرورة أساسية لحياتنا، كما أن وجود قضية نعيش لها ومن أجلها يبث الروح في خلايانا ويطرد الملل والكآبة من نفوسنا.
أنت في حاجة إلى تقوية علاقتك الرأسية بالله وعلاقتك الأفقية بالناس وأولهم والديك, وهذان المستويان من العلاقة يضفيان على كل شيء معان هائلة ويبعثان الروح في كل شيء حولنا.
تخلصي من كل الأفكار العبثية والعدمية والتشكيكية التي تلوث وعيك وتسفه معنى حياتك, وتذكري أنك جئت للحياة لتعمريها ولتضيفي إليها شيئا لا يضيفه سواك وأن لك وظيفة عظيمة تؤدينها في سنوات عمرك وأن كل شيء تقولينه أو تفعلينه يؤثر في الحياة بشكل من الأشكال, هكذا أراد الله لنا أن نكون, وكرمنا بهذه الوظيفة.