هل حقا أنا مريضة بالوسواس؟
أرجو قراءة استشارتي برغم طولها والرد عليها أرجوكم
بدأت معاناتي بعد بلوغي في سن الثالثة عشر بدأت الالتزام في صلاتي لأني كنت أصلي ولكن غير ملتزمة وأصبحت مهتمة بأفعالي لأني محاسبة الآن على كل ما أفعله وفجأة في إحدى الصلوات ورد إلى ذهني خاطرة أو فكرة سيئة عن الذات الإلهية فانهرت بالبكاء وأكثرت من الاستغفار ووعدت الله أني لن أفعل ذلك أبداً وسأكفر عن ذلك بقية حياتي ولكن هذه الأفكار السيئة إلى أبعد الحدود لم تتوقف ولكن أخذت تنهال على رأسي بل أيضاً أفكار جنسية ازداد خوفي ودموعي وقررت أنه يجب أن أقوم بعباداتي على الوجه الأكمل حتى يغفر الله لي كل هذه الخطايا فبدأت وساوس الطهارة والوضوء والصلاة .
أصبحت أقضي في الحمام وقتاً طويلاً للاستنجاء وحتى أتأكد من طهارتي مما سبب لي بعد ذلك مشاكل صحية، أصبحت أعيد الوضوء العديد من المرات شكا ًفي أني نسيت أحد أركانه أو أشك في نقضه لمجرد سماع أي صوت حتى وإن لم يكن مني، أما الصلاة فأصبحت أصلي بصوت عال وأعيد الآيات كثيراً وأشك في عدد الركعات أو نسيان أحد الأركان فأعيد الصلاة العديد من المرات حتى فقدت خشوعي فيها بل أصبحت هما ثقيلاً أريد أن ينكشف عنى حيث عندما أقبل عليها تزداد ضربات قلبي وأشعر بالخوف الشديد
لاحظ أهلي هذه السلوكيات ولكني لم أستطع أن أخبرهم أن سبب ذلك وبداية المشكلة هي وسواس العقيدة والأفكار السيئة لأني أعلم أنهم سوف يظنون بي الكفر وسيغضبون علي جداً لم يرضوا عن وساوس الطهارة والصلاة وكانوا ينصحوني بالتوقف عنها في البداية ثم بعد ذلك ضاقوا مني وأخذوا يزجروني لتلك التصرفات وكانوا لا يعلمون سبب بكائي الحقيقي ولكن عندما ازدادت حالتي النفسية سوءا قرروا ذهابي للطبيب النفسي
ولكني أعيش في مدينة صغيرة أشبه بالقرية قليلاً لا يوجد بها سوى اثنان من الأطباء النفسيين والذين يذهبون للعلاج هم المدمنون والمصابون بأمراض خطيرة مثل الصرع ولكن لا يعتبرون أن الاكتئاب والوسواس أمراض تستحق الذهاب للطبيب وعندما ذهبت وجدت فعلاً أن كل المرضى من النوع الأول
ذهبت للطبيب ولكن كان معي والدي فلم أستطع أن أصارحه بمشكلتي الأساسية في وجود والدي وأخبرته فقط عن وساوس الطهارة والصلاة فتحدث إلي بأني يجب أن أعرض عن تلك الوساوس ولا أهتم بها وأعطاني دواء تقريبا (سيكوبرام وأنافرونيل) وللحق كنت أشعر بتحسن عندما أتحدث إلى الطبيب بالنسبة للوساوس التي أخبرته عنها وأشعر بالحماسة للتخلي عن تلك الوساوس ولكن بعد ذلك بيومين أعود مرة أخرى وربما تحدث انتكاسة وأعود أسوأ من ذي قبل
أما بالنسبة للدواء فكنت عندما أتناوله أشعر بالدوار والغثيان وأن قواي خائرة فعندها كنت لا أستجيب لهذه الوساوس لأني ليس لدي القوة لفعل شيء
لم أذهب للطبيب سوى ثلاث مرات تقريباً حيث رفض أهلي وظنوا أنه لا فائدة من ذلك لأني لا أتحسن كثيراً كما خشوا أن يعلم أحد بذهابي للطبيب ويظنوا بي الجنون ورفضوا شراء الدواء بعد ذلك شراء الدواء خوفاً من أن يكون له آثار جانبية مضرة، ولكن بعد ذلك ازدادت حالتي سوءاً جلب أهلي أحد الشيوخ الذي قام برقيتي بالرقية الشرعية وتحدث إلي قليلاً وأعطاني ماء مقروء عليه قرآن وطلب مني أن أغتسل به في يوم الجمعة ولكني لم أشعر بتحسن بعد كل ذلك ولكن أهلي كانوا مقتنعين أني تحسنت قليلاً
خلال هذه الفترة كنت أحاول أن أتقرب إلى الله برغم كل ما يدور في ذهني من وساوس جعلت لي ورداً من القرآن وحفظت بعض الأذكار والأدعية التي أرددها خاصة قبل نومي وأخذت أدعوه كل يوم أن يغفر لي ويهديني
انتهت مرحلةً الدراسة الإعدادية وكنت متفوقة في دراستي رغم كل ذلك ثم بدأت الدراسة الثانوية وتعرفت إلى زميلة كانت متدينة إلى حد كبير وكانت تعاني من وساوس الطهارة والصلاة فقط وأخذت تنصحني كل يوم أن أقلع عنها كما فعلت وأخبرتني إن هناك الكثير مثلي على الإنترنت وأخذت أقرأ استشاراتهم والردود وشعرت بطمأنينة عندما وجدت الكثير مثلي ممن يعانون من تلك الوساوس وحتى وسواس العقيدة
أقلعت عن كثير من وساوس الطهارة والصلاة وعندما أتذكر أني كنت أفعل هذه الأشياء أظن أني كنت مجنونة فعلا حينها ولكن لم أستطع التخلي عن بعضها حتى الآن وأصبحت الصلاة أفضل بكثير، ولكن لم تنقطع وساوس العقيدة والوساوس الجنسية أصبحت تأتي من وقت لآخر ولكن ليس مثل البداية ولكني لم أعد أجهش بالبكاء عندما تأتي وأشعر بنفس الضيق الشديد الذي كنت أشعر به لا أعلم هل أصبحت أستحسنها وأرضى بها أم ماذا؟
لا أعلم هل هذه الأفكار نابعة مني من الأساس وليست وساوس وأنا أحاول أن أتظاهر بأنها وساوس كي أجمل نفسي أمام عينيي وظهر نفسي ضحية للوساوس وأنا كافرة بل أني أظن أني أكتب هذه الاستشارة من أجل التأكيد على أنها وساوس محاولة استعطاف الآخرين
وإذا كنت حقا ظالمة لنفسي وأن كل ذلك وساوس لماذا لا ترحل عني لماذا لا أشعر بخشوع في صلاتي ودعائي وعباداتي وكأني أؤديها فقط وأردد كلاماً فقط لماذا لا أشعر بحلاوة الإيمان والاطمئنان بذكر الله ولكني لا أفعل ذلك رياء فأنا أؤدي الصلاة حتى لو وحدي في المنزل ولكن لا أشعر بها
عندما كنت صغيرة كنت أخبر نفسي عندما أكبر سوف أتوقف عن ذلك وأعود إلى صوابي ولكن لم يتغير شيء وتمر سنوات عمري وأنا كما أنا وأخشى أن أموت وأنا هكذا ..أنا الآن في صراع مع نفسي ولا أستطيع الحكم عليها ولكن هل يمكن أن يغفر لي الله كل ما فعلته ففي القرآن إن التوبة لله تكون للذين يعملون السوء بجهالة والذين يستغفرون الله ثم يقلعون عن الذنب ولكني لا أقلع رغم أني أعلم بشاعة ما أفعله فهل لأني مؤمنة بتلك الوساوس أما أنا بمرور الوقت هذه الوساوس أذهبت ما كان في قلبي من إيمان ولو كان قليلا
ولقد قرأت أيضاً في القرآن أن الشيطان ليس له سلطان إلا على أوليائه ولا سلطان له على المؤمنين
هل هذا إقرار بأني كافرة وأني من الذين حقت عليهم الضلالة وإن لم أكن لماذا لا يستجيب الله لدعائي بالهداية والتخلص من كيد الشيطان
5/8/2018
رد المستشار
الابنة الفاضلة "سارة" أهلاً وسهلاً بك على مجانين وشكراً على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
لا أدري هل نشرنا المئات من الاستشارات المتعلقة بالوساوس القهرية الدينية مفصلة جعل المستشيرين أكثر قدرة على وصف كل ما يحدث لهم ؟ أنت بدأ معك الوسواس بالتجديف ... ثم أوقعك في فخ الاستغفار ومعاهدة الله عز وجل ألا تفعلي مرة أخرى ما لم تفعليه أصلاً أي مرة ... هكذا خدعك الوسواس بأن أقنعك بأنك مسؤولة بشكل أو بآخر .... ثم توحش الوسواس ... وتكرر مرات ومرات ....
هذه المرة قررت أن تحسني عباداتك ... ومن قبلها أن تحسني التهيؤ للعبادة بالتطهر (قررت أنه يجب أن أقوم بعباداتي على الوجه الأكمل حتى يغفر الله لي كل هذه الخطايا) وبالتالي اجتمعت عليك الوسوسة أفكاراً وأفعالاً وتكراراً في الاستنجاء وفي الوضوء ثم في الصلاة ... كأنها الرمال المتحركة يا "سارة" إذن ... ولابد تودي بك إلى استثقال العبادات كلها يا ابنتي.
أسرتك كأغلب الأسر المصرية متواضعة الحظ من المعرفة والثقافة النفسية، فإن هم اضطروا للاستعانة بالطب النفسي فإنهم يريدون أن يكون ذلك العون الذي يقدمه الطبيب أو المعالج النفساني خاطفاً قدر الإمكان أو فلا داعي له خاصة إذا كان المريض أنثى... وهذا للأسف لا يصلح أبداً لحالات الوسواس التي تحتاج في مجتمعاتنا مزيجاً من العلاج السلوكي المعرفي والعلاج العقاري .... ولا يصح أن تكون جرعات العلاج عالية فتحدث ما تشتكين منه أنت ...
وهو عادة ما يضطر له الطبيب للتعامل مع أهل مريض متعجلين، لكن الصحيح هو أن يكون استخدام العقاقير موجها لمساعدة المريض على تطبيق خطوات الع.س.م وهذا ما لا يحتاج جرعات تسبب الدوار والغثيان وخوار القوى... فلا تزيد الآثار الجانبية في الأيام الأولى عن قليل من الغثيان وقلة الشهية وربما بعض التوتر... ويستمر العلاج ما لا يقل عن سنة نصفها الأول يتم فيه إنجاز كل شيء وتعليم المريض عما وسوس به وما لم يوسوس، ونصف السنة الثاني يكون لإنجاز مهمتين أساسيتين هما الإنقاص التدريجي للعقار بالتوازي مع زيادة التعرض وتكراره ومع تدريبات منع الانتكاس.
في خضم هذا كله وبالرغم منه يسر الله لك صديقتك المشار إليها فأفادتك جداً حين وجهتك إلى الاستفادة من المنشور على الإنترنت... وساعدك ذلك في التحسين النوعي لحياتك مع وساوس العبادات ... لكن ظل وسواس العقيدة ناشطاً يقبض صدرك وينغص عليك مشاعرك من وقت لآخر، حتى دخلت إلى مرحلة التشكك في حقيقة الوسواس (لا أعلم هل هذه الأفكار نابعة مني من الأساس وليست وساوس) .... والحقيقة أن هذه التساؤلات تعن للغالبية من المرضى كثيراً بعد قدر ما من التحسن ... فيقول الوسواس مثلاً لمن تحسن مع المعالج (أنت تطبق كلام معالجك وهو يتعامل معك على أنك مريض وسواس بينما الحقيقة غير ذلك)....
المشكلة أن من بين أعراض الوسواس أنه يستطيع تشكيك الإنسان في معلوماته الداخلية ويستطيع أن يلبس عليه مشاعره... فحين يحاول المسكين استبطان مشاعره تجاه الأفكار التشكيكية أو الكفرية أو الكفرجنسية على سبيل المثال يقع في حيرة كبيرة تدور حول هل أنا رافض لهذا أم أنا مستجلب له ؟ أو لماذا ابتسمت عندما حصل السب ..إلخ.
الوساوس الدينية التي هي من فعل الشيطان فقط ليست بهذا الشكل ولا العمق ولا القدرة على الاستمرار بهذا الشكل خاصة وأنها تحدث لكل بني آدم ويتلافاها ببساطة ... أما من لديهم استعداد أو تهيئة بنيوية للوسواس القهري فأمرهم مختلف من نواحٍ عديدة طبية ومعرفية لا يد لهم فيها ... ولا علاقة لهذا بما تستشهدين به من آيات القرآن الكريم..... فمثلا الذين يعملون السوء يختلفون عن الذين يوسوسون بالسوء (أو يجدون في وعيهم أفكار السوء)... كيف تغفلين أن لا يد لك فيما يخطر لك من خواطر ؟
إن لم يكن الع.س.م متاحاً قريباً من مكان معيشتك فنصيحتي هي أن تسعي إليه أو على الأقل تابعي ردود مستشارينا على استشارات الوسواس القهري وعلاج الوسواس واقرئي مقالات الع.س.م ...ومقالات طيف الوسواس القهري.... وتستطيعين استخدام جرعات صغيرة من العقاقير التي وصفت لك من قبل على أن تأخذي نصف الجرعة التي كانت وصفت لك وذلك على الأكثر...
ثم تابعي معنا وأهلاً وسهلاً بك دائماً على موقع مجانين فبالتطورات تابعين .
ويتبع >>>>>>: هل حقا أنا مريضة بالوسواس ؟ بلى جدا ! م