القلق والوسواس
السلام عليكم، أنا شاب عمري 23 سنة، أدرس في كلية الصيدلة المرحلة الخامسة، بحكم دراستي وقراءتي لكثير من الأمراض تعرضت لنوبة قلق وخوف من المرض، منذ 6 أشهر لدي وسواس مرضي حول هل أنا مريض، وهل لدي مرض خطير؟ فقمت بعمل جميع التحاليل المطلوبة وكانت سليمة، وبما أن والدي طبيب أكد لي أن ما أعاني منه هو نوبة قلق ووسواس.
ذهبت إلى الطبيب النفسي وقال إنها نوبة قلق ووسواس، وصرف لي علاج زولوفت، ودنكسيت وزانكس لكي أتمكن من النوم، لأن القلق كان يفقدني نومي، عند بدء العلاج زادت نوبة القلق، وأصبت بنوبة هلع، بعد عدت أيام تركت العلاج لأنه أصابي بخفة في الجسم والرأس، وبعد أسبوعين قررت أن لا أستسلم، وأن أواجه المرض ونوبات القلق، وفعلا استطعت ذلك من خلال الانشغال بالدراسة والأصدقاء، وحتى النوبات خفت بشكل كبير، وعندما تأتي أتجاهلها، وأقول لنفسي: أنت قوي، وأنت لست مريضا.
في الآونة الأخيرة رجعت نوبات القلق لأنني كنت أقرأ عن مرض الانفصام والأمراض العقلية، فصرف لي الدكتور دواء سيتالوبرام 20 ملغ مرة يوميا، في اليوم الثاني من أخذ الدواء استيقظت من النوم بنوبة هلع، ورجفة في اليد، وجفاف في الفم، وإسهال، وخوفي من الإصابة بالفصام، حتى أن الأفكار تأتي في رأسي أقول إنها هلاوس، وأنني سوف أجن، وحصل معي شيء غريب هو: أحس أنني لست الشخص القديم، أو أن الإحساس تغير، ولست كما كنت، حتى الخيال، واسترجاع الذاكرة تغير، فزاد عندي القلق والتوتر، وأصبحت أفكر أنني سوف أجن، أو أنني أصبت بالفصام، وأن هذا الإحساس أول مرة يحدث لي.
خفت الإصابة بالهلاوس، حتى أن الذكريات أصبحت تأتي على شكل كلام في بالي، وأي أغنية تبقى تتردد في بالي، أو أن أتذكر أصوات أصدقائي وكلماتهم، وأنا أخاف ألا يكون هذا مرض الفصام، فهل دواء ستيالوبرام يحدث هذا التغيير؟ لأنني قرأت في بعض المواقع الأمريكية أنه قد يعمل حالة ذهان، أو حالة اختلال آنية، رغم أنني ليس لدي أي ضلالات، ولا أي توهم، ومدرك للواقع بشكل كبير، عدا الإحساس الذي قلته لكم، بأنني لست الشخص السابق، مع العلم أنني شخص مجتهد ومرح، ولدي علاقات كثيرة مع الناس.
فما تشخيصكم لحالتي؟
شكرا لكم.
18/9/2018
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل / حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
السيتالوبرام الذي يسمى تجاريّاً (سبرام) من الأدوية الممتازة والسليمة والنقية جدّاً، وهو قليل الآثار الجانبية، كما أنه لا يتفاعل سلباً مع الأدوية الأخرى، وهو من إنتاج شركة لندبك الدنماركية، وحقيقة السبرام (السيتالوبرام) هو الدواء الذي تم اكتشافه بعد البروزاك مباشرة، وهو في الأسواق منذ عام 1990م، وهو يعالج القلق والاكتئاب والتوتر والوساوس القهرية.
بالنسبة للمدة التي يحتاجها السبرام للبدء في مفعوله والشعور بتأثيره، فمعظم الأدوية التي تنتمي إلى فصيلة السبرام والتي تعرف بـ (مضادات استرجاع السيروتونين الانتقائية) واختصارا عقاقير الم.ا.س.ا تبدأ فعاليتها بعد أسبوعين على مستوى المرسلات العصبية، وغالباً يبدأ الإنسان يحس بالتحسن في الأسبوع الثالث.
السبرام ربما ما يميزه عن بقية الأدوية أن مفعوله سريع، فغالباً ما يحس الناس ببداية التحسن في الأسبوع الثاني، لكن حتى نكون منصفين ولا نبني انطباعات سلبية حول هذه الأدوية دون دليل علمي، أقول: إن الفعالية الحقيقية والفائدة الإكلينيكية أو السريرية لهذه الأدوية يلاحظها الإنسان بعد أربعة إلى خمسة أسابيع من بداية التناول للدواء بالجرعة العلاجية، فيجب أن يكون هنالك صبر كي يتم البناء الكيميائي بالصورة الصحيحة.
بالنسبة لسؤالك عن السيتالوبرام وما يحدثه من تغيرات مع بداية العلاج، فقد يسبب العصبية والتوتر والقلق ونوبات الهلع مع بدايات استخدامه، هذا يحدث لحوالي أربعين إلى خمسين بالمائة من الذين يتناولون السبرام، خاصة إذا بدأوا بجرعة 20 ملجم أو أكثر من ذلك، أما إذا كانت البداية بتناول 10 ملجم – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 20ملجم – فغالباً لا يلاحظ هذا الأثر الجانبي، وهذا الأثر الجانبي ربما يكون مرده للحركة الكيميائية التي تنشأ من تناول الدواء، ويكون هذا التأثير على مستوى ما يعرف بالموصلات العصبية، وهي حالة إن حدثت فعرضية جدّاً، وفي معظم الأحيان سوف تنتهي، وكما قلت أن البداية تكون بجرعة صغيرة، لجعل احتمال حدوث هذا التوتر والعصبية والقلق في بداية العلاج بنسبة قليلة جدا.
إذا حدث هذا التوتر فهنالك أدوية جيدة جدّاً يمكن تناولها، منها دواء يعرف (ديناكسيت)، يمكن مثلاً تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة إلى أربعة أسابيع، كما أن عقار (فلوناكسول) والذي يعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول) يعتبر من الأدوية الجيدة، وفي حدوث نوبات القلق المصاحبة لتناول السبرام، ويمكن تناوله –أي الفلوناكسول– بجرعة نصف مليجرام صباحاً ومساءً لمدة أسبوعين، ثم نصف مليجرام – أي حبة واحدة في الصباح – لمدة أسبوع أو أسبوعين، ثم يتم التوقف منه.
أما بالنسبة لسؤالك بخصوص ما قرأته في المواقع الأمريكية أن السبرام قد يتسبب في حدوث حالة ذهان، أو حالة اختلال إنية فهذا الأمر صحيح إلا أنه لا ينطبق على حالتك، لأنك لم تعطي تاريخا مرضيا لنوبات هوس أو اكتئاب سابقة، كما أنك كما ذكرت في رسالتك لا تعاني من أي ضلالات أو توهم ومدرك للواقع، وما تشعر به من أنك لست الشخص السابق، وأن الإحساس لديك تغير فهذا الأمر طبيعي حدوثه في حالات القلق والتوتر الشديد، ولا يعني بالضرورة أنك ستصاب باضطرابات الذهان كالفصام.
وأنصحك للتغلب على هذه الأعراض التي تنشأ بسبب القلق والتوتر الشديد، ويظهر فيها جانب الرهاب وكذلك جانب الهلع، أن تمارس تمارين الاسترخاء والتي ستساعدك على التخلص من هذا الشعور، وتوجد أشرطة وكتيبات كثيرة جداً توضح كيفية إجراء هذه التمارين، كما أن معظم العيادات النفسية مزودة بهذه الكتيبات، وكذلك يوجد الأخصائيين النفسانيين - وليس الأطباء النفسانيين - الذين يقومون بتدريب الناس على كيفية إجراء هذه التمارين، كما أن العلاج التأملي المعرفي مهم جداً، وهو أن تتذكر أن هذا مجرد قلق وتوتر ورهاب، فقل لنفسك: أنا لن أهتم بهذا، وحقِّر الفكرة، وقل: حتى وإن حدث لي فلن يحدث منه أي ضرر إن شاء الله، وقل لنفسك: أنا الآن عرفت طريقي وعرفت الطريق الذي أتخلص منه من هذه الحالات وذلك بتحقيرها وعدم التفكير فيها وأخذ تمارين التنفس. فهذه هي أفضل الطرق التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يتخلص من هذه النوبات. ولا شك أن ممارسة الرياضة أيضاً وخاصةً رياضة المشي أو الجري تعتبر عاملاً علاجياً فعالاً.
نصيحتي لك أن ترجع مرة أخرى لموضوع الدواء؛ فإذا كانت هذه الأعراض بالشدة والحدة فربما يكون من الأفضل أن تبدء بجرعة صغيرة من الدواء، وأنصحك باستعمال علاج سيرترالين 50 ملجم بدلا من السبرام لأن لها مفعولا مهدئا مع بداية العلاج، ابدأ بـ 25 ملجم في اليوم أي نصف حبة فقط لمدة أسبوع، ثم ارفعه تدريجيا اعتبارا من الأسبوع الثاني ليصبح حبة كاملة يوميا واستمر عليها لمدة ستة أشهر ثم ابدأ في إيقافها بالتدريج حتى تتجنب حدوث الأعراض الانسحابية.
أسأل الله لك التوفيق والشفاء والعفو والعافية.
وبالله التوفيق
ويتبع >>>>: سيبرام والقلق والهلع والفصام ! م