والدي والمرض
أرجو أن يكون المجيب: وائل أبو هندي
أريد أن أعرف عن حالة غريبة بدأت تثير قلقنا. ولا أدري إن كانت قد مرت عليكم من قبل. وهذه الحالة تخص والدي.
فنحن عائلة متماسكة ومترابطة، إلى درجة أننا نتصارح في كل شيء، وننفس عن بعضنا البعض فكل واحد منا يحكي عن مشاكله للآخر ليجد العون عند المستمع. ومن ذلك والدي الذي لا يتوانى في سرد ما مر به من معاناة نفسية نظرا للظروف الاجتماعية الصعبة التي عايشها.
وفي حقيقة الأمر كانت أزمة نفسية جدا صعبة، ويمر بمراحل نفسية جدا عويصة ولكنه كان يقول بأنه كان يقاومها بكل ما أوتي من قوة، ونحن نلاحظ ذلك فعلا. ففي المدة الأخيرة بدأ يكثر من قراءة القرآن والأذكار وحريص على ممارسة الرياضة بانتظام، إضافة إلى قراءة الجرائد، ونفسيته مما نراه ونعاينه في تحسن مستمر، أما ما عدا هذا فهو متزن في كلامه على الرغم من أنه غضوب، مثقف، يقرأ كثيرا، يتابع السياسة بشكل كبير وأحاديثه عادة تكون في هذا الجانب. ولا يتعاطى أي شكل من أشكال الأدوية ما عدا دواء البروستات يسمى بروستاكس prostax والذي نصحه الطبيب بتناوله مدى الحياة
ولكن المشكلة التي بدأت تثير قلقنا كعائلة وهي أننا وبالصدفة اكتشفنا أنه يتحدث لوحده في دورة المياه وبالذات في دورة المياه وهنا كان مكمن غرابتنا. فأنا لم أصادفه يفعل ذلك في مكان آخر. لا أقول حديثا متواصلا وإنما يكون صامتا وفجأة ينطق كلمة أو كلمتين بصوت مرتفع قليلا وكأنهما انفجرتا من الفراغ.
مع العلم أنه يعاني من البروستات وفي ما أعتقد حتى من القولون وهو كثير التردد على دورات المياه حتى أنه يخشى السفر بسبب هذه المشكلة. وهو يطيل المكوث في المرحاض بشكل مبالغ فيه. فأحيانا يصل إلى مدة 45 دقيقة وأكثر من ذلك وتقريبا في كل مرة يريد أن يقضي فيها حاجته. من دون أن يجد لذلك علاجاً نافعا، وهذا الأمر يتعايش معه الوالد منذ مدة طويلة جدا على الأقل من فترة طفولتي ولكن أنا متأكد من أن هذا المرض يعاني منه حتى قبل هذا الزمن،
ولكن كما قلت سابقا مكمن القلق يكمن في التحدث الذي لم نسجله عليه إلا مدة سنتين أو ثلاث سنوات الأخيرة. وها هي الأخت قد قالت لي بأنها سمعته يقول في المرة من المرات: جدي، جدتي وكأنه يعلمها لتلميذ.. ثم تذكرت بأنه كان يقرأ كتابا خاصا بمرحلة الابتدائية فيه هاتين الكلمتين... كما سمعته غير ذي مرة وهو يتمتم بغضب وكأنه يعاتب شخصا آخر.. وأحيانا يقول كلاما غير مفهوم.
مع العلم بأنني في أحد المرات لَمَّحت له بما يفعل إلا أنه غضب وبشدة، فحولت الموضوع بسرعة إلى موضوع آخر ثم بعد ذلك لم نعاود فتح هذا الحديث خشية أن يغضب مرة أخرى.
نحن قلقون على والدنا. فهل الأمر مؤشر على مرض معين؟ هل هو مؤشر على مرض الزهايمر، خاصة وأن ذاكرته لم تعد كما كانت في السابق ولكن ليس بالشكل المخيف خاصة وأنه يشكو من ضعف الذاكرة حتى وهو في عز شبابه، فهو لا يتذكر كل ما يقرأه جيدا،.
ولو كان الأمر كذلك فماذا نفعل، فأنا لا أستطيع أن أقول له بأنه يعاني من مشكلة وهي تحتاج إلى علاج أو تدخل. فذلك من شأنه أن يزيد الطين بلة.. في رأيكم هل والدي يتكلم بوعي ساعة قضاء الحاجة. فأنا أشعر والله أعلم أنه لا يفعل ذلك بوعي كامل في ما يشبه الغفوة. أو كمن كان نائماً.
كيف يمكن أن نساعده من دون أن نشعره بذلك؟؟.
مع العلم بأن عمر والدي 70 سنة ومتقاعد.
1/10/2018
رد المستشار
الأخ الفاضل "محمد" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع....
مبدئيا إذا أردنا أن نكون منضبطين في مناجزتنا لمشكلة والدك الحالية فإنه كمسن يحتاج تقييماً كاملا من الناحية النفسية والمعرفية والوجدانية.... هكذا يجب أن يكون التدخل الطبي في كبار السن خاصة لاستبعاد حالات الاكتئاب وحالات السبه Dementia ومنها ألزهايمر وغير ذلك من الأسباب العضوية للتغيرات الحاصلة في والدك.
أما أن تطلب منا التصرف على أساس (أنا لا أستطيع أن أقول له بأنه يعاني من مشكلة وهي تحتاج إلى علاج أو تدخل).... فهذا معناه أننا قد نرجئ ما هو أولى هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى أنت تبدأ كلامك عن والدك بقولك (ومن ذلك والدي الذي لا يتوانى في سرد ما مر به من معاناة نفسية نظرا للظروف الاجتماعية الصعبة التي عايشها). يعني هو أحيانا يتكلم معكم عن الماضي ؟ أم أنت تتحدث عن حاضر ولو منذ مدة ؟
ثم تستكمل (وفي حقيقة الأمر كانت أزمة نفسية جدا صعبة، ويمر بمراحل نفسية جدا عويصة ولكنه كان يقول بأنه كان يقاومها بكل ما أوتي من قوة، ونحن نلاحظ ذلك فعلا.).... أنت تتكلم عن اكتئاب أو بدايات اعتلال مزاج لسبب اعتلال جسدي ما !
ثم يأتي قولك (مع العلم أنه يعاني من البروستات وفي ما أعتقد حتى من القولون وهو كثير التردد على دورات المياه حتى أنه يخشى السفر بسبب هذه المشكلة.)... هذا ربما يوحي بوجود قلق رهابي ما..... ثم تقول (وهو يطيل المكوث في المرحاض بشكل مبالغ فيه. فأحيانا يصل إلى مدة 45 دقيقة وأكثر من ذلك وتقريبا في كل مرة يريد أن يقضي فيها حاجته.) هل هو التعايش مع اضطراب القولون المزمن أم مع الوسواس؟...؟
كل هذا تتعايشون أنتم أيضًا معه لكن المشكلة التي أرقتكم هي (أنه يتحدث لوحده في دورة المياه وبالذات في دورة المياه وهنا كان مكمن غرابتنا. فأنا لم أصادفه يفعل ذلك في مكان آخر. لا أقول حديثا متواصلا وإنما يكون صامتا وفجأة ينطق كلمة أو كلمتين بصوت مرتفع قليلا وكأنهما انفجرتا من الفراغ.) مبدئيا لا أظن ارتباط هذا الحديث المرتفع بوجوده في دورة المياه -إن كان فعليا لا يحدث في غيرها- إلا بسبب اعتياده التفكير في مشكلاته في دورة المياه (بما أنه من المطيلين دائما في الحمام).. وربما ظهور هذا العرض في الفترة الأخيرة راجعا إلى أن معاناته أصبحت أشد واستغراقه في أحلام اليقظة أصبح أكثر.
من الممكن جدا ألا يكون كلامه مع نفسه إلا علامة على فيض معاناته، كما من الممكن أن يكون علامة على اكتئابه، وكذا على بداية تدهور قدراته المعرفية، وأما سؤالك : (كيف يمكن أن نساعده من دون أن نشعره بذلك)؟ فلا أظن هذا ممكنا إلا إذا صح الاحتمال الأول وتكون المساعدة بأن تشجعوه على مزيد من البوح بمعاناته فقد وضحت لنا أنكم كأسرة معتادين على الفضفضة لبعضكم بعضا.
أما نصيحتي فهو أن يعرض على طبيب باطني من المختصين بطب المسنين ومن الممكن إقناعه بذلك استنادا إلى أهمية الفحص للاطمئنان وليس ضروريا أن تخبروه هو بتلك الأعراض التي يتضايق من ذكرها، ولكن من المهم أن تكون قد أبلغت الطبيب مسبقا بكل شيء وبحاجته إلى فحص للذاكرة والقدرات المعرفية...
نسأل الله أن يجعل أمره كله سهلا ودائما أهلا وسهلا بك على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.