أريد أن أهرب لكن إلى أين؟! وهل الهرب هو الحل؟؟ إذن ما الحل؟؟
السلام عليكم ورحمة الله، أطلب قراءة استشارتي هذه بتمعن، والصبر عليها لأنها ستطول، وأتمنى وجود بعض السرية، أنا قررت أن أحكي لسيادتكم واقعي وقصة حياتي والصعوبات التي أواجهها والتي تسببت بتدهور حالتي النفسية ودخولي في صراع طويل مع الوساوس والقلق والاكتئاب وغيره..
فتاة عادية عشرينية، موهوبة قليلا في الكتابة لكنّها وجراء ما مرت به وجراء ظروفها فقدت كامل الشغف في الموضوع...
أولا أنا طالبة مغتربة بدراسة الطب البشري في بلد مجاور، كنت أعيش منعمة وسعيدة سابقا لكن مشكلتي بدأت منذ حوالي 4 سنوات حيث أصيبت والدتي بالشلل نتيجة جلطة دماغية وهي كانت المعيل الأساسي للأسرة...
أيضا أثرت قليلا فيما يبدو على شخصيتها. والآن هي متضايقة تماما من حالتها الجديدة ولا تطيق حياتها أبدا.. تبكي أغلب الوقت تتحدث كثيرا وتلقي باللوم علينا ونحن لا نستطيع فعل أي شيء..
أنا وأخي ندرس في الخارج في الجامعة ووالدي يتكفل بها وبأختي التي بدورها تعاني من نوع من الإعاقة الذهنية الشديدة.. لا تستطيع القيام بأمورها الأساسية بمفردها أبدا لكي نتمكن من إنهاء دراستنا
نعود عندما ننهي اختباراتنا النهائية.. والتي كثيرا ما تتأخر جدا نعيش في بلد مستضيف للعمالة منذ صغرنا أما موطننا الأصلي فقد أنهكته الحرب ولم نزره منذ سنوات أقاربنا بالكاد يتواصلون معنا وهم مقصرون من ناحيتنا
وضعنا لا يحتمل بصراحة، الأيام التي أقضيها عند عودتي للبيت بعد انقضاء الامتحانات النهائية هي الأسوأ في حياتي، وضعنا يزداد سوء عاما بعد الآخر ووضع والدي الصحي الذي يعاني السمنة ومصاب بالسكري والذي تطور أيضا، ولم يعد يكفيه تناول حبوب تخفيض السكر والطبيب وصف الأنسولين.
الجديد أنه ذهب اليوم لكي يكشف فعملوا له تخطيطا للقلب وتبين أن لديه مشكلة وصفها الطبيب بكلمة "لغط" لعله يعني Murmur .. لا أعرف الصراحة المهم أن وضعه يزداد سوء وليس ثمة من يعتني به ولا بنظامه الغذائي يأكل كل شيء، دون حدود ولا يستمع لكلام أحد
ومؤخرا أصبح يدخن أيضا رغم نصائحنا ولكونه metabolic syndrome أصيب طبعا بارتفاع ضغط الدم للأسف
بالكاد لدينا المال حتى أنه لا يمتلك ما يكفي لشراء دواء باهظ وصفه الطبيب في آخر زيارة..
الإفلاس والضياع والبيت جوه غير مريح وليس بنظيف أبدًا بل قذر ويعج بالقوارض وفضلاتها وغيرها من الآفات، أمي لا تستطيع فعل شيء ولا الطبخ طبعا... دائمة التذمر
أنا أعاني وساوس عديدة تتعلق بالأمراض واكتئاب حاولت اللجوء لطبيب نفسي في بلد دراستي لكن التجربة كانت فاشلة جدا والدواء سبب لي مضاعفات مخيفة، وعندما كلمت الطبيب أكثر من مرة لم يجب، لذلك قررت ترك الدواء...
كنت أحب والدتي في الماضي كثيرا ومتعلقة بها جدا كانت كل شيء في حياتي تهتم بأموري تتحدث إلي تشجعني تحبني تقف في صفي توبخني إن أخطأت، الآن الوضع اختلف تماما لا أحد يهتم بي لا أحد يدقق في تفاصيلي أبي مشغول بعده أمور يثور على كثيرا ويفعل أمورا تضايقني لكنني أسكت مرغمة..
أجلس في بيتنا كقطعة أثاث تماما ليس لي أي داعي ولا أحد يتحدث إلي ولا أتحدث لأحد أشغل نفسي بالنت وغيره حتى يحين موعد سفري، أسافر لأكمل حياتي في الغربة وحيدة وأرى ما أرى هناك ولا أحد يعلم بمعاناتي... وهذه هي حياتي من الرمضاء إلى النار وطبعا ظرفنا لا يسمح بالخروجات والفسح كبقية الزملاء المحظوظين...
أحقد على بقية الزملاء المتنعمين بالغنى والأسر المستقرة المعافاة أشاهد الصور التي تبين ذلك في مواقع التواصل
إنهم مهما عانوا في الغربة فإنهم يرتاحون عندما يعودون إلى محل إقامتهم أما أنا فأصبحت أتمنى أن تطول الامتحانات وتطول حتى أنجو من هذا الجحيم...
لذلك أعزل نفسي عنهم وليس لدي أصدقاء في الجامعة لا أجد من يفهمني لا أجد من يتفهم اختلافي وظروفي أو حتى يتعاطف على نحو حقيقي معي فأنا الوحيدة في هذه التجربة.. اختلافنا هذا حاجز سميك يحول بيني وبينهم حاولت مرارا التلميح لهذا لكنهم لم يتفهموا...
لا أريد أن أرى أهلي هكذا يضعفون أكثر شيئا فشيئا وتزداد مشاكلهم ويسوء وضعهم تدريجيا أكثر فأكثر..
الأمر ليس كله أنني متضايقة من أجل نفسي وأفكر بها بنسبة 100% الواقع أنني أفكر بها بنسبة 30% والباقي ما هو إلا حزن وحسرة وألم على أهلي وخوفي من حدوث المزيد من المصائب وأنا بعيدة عن والدي ولا يتمكن من فعل شيء...
بقي لدي 3 سنوات لكي أتخرج وأنا أدرس من أجل نفسي فقط..
أشعر بالضياع لا أعرف كيف أعبر عن شعوري هذا مزيج من إحباط وضيق وضياع يلازمني طوال الوقت.. والدتي كانت تفهمني سابقا أما والدي لا نتفاهم. ولا يفهم ما أريده من كلامي..
كانت لدي طموحات عالية في الكلية منها أن أحصل على المعادلة الأمريكية ووأحاول اغتنام فرصة للسفر لكي أعيد بناء حياة صحية وأطوي الماضي.. وأنا جادة تماما بشأن هذا الطموح كما أنه في المتناول لحد ما وليس حلما بعيدا لكن ظروفنا هذه تحبطني وتسبب لي الاكتئاب
واقعي هذا متعب و متعب جدا
تقدم إليّ شاب خريج من كلية مناسبة وقد تحدث إلى صديقة لي فهو لا يعرفني شخصيا، كما أنه ليس من نفس جنسيتي ولا يعرف أهلي.أخبرته مبدئيا عن طريق رسالة أن الموضوع صعب ولن نتفق لاختلاف الثقافات والجنسيات..
هل أصبر لأنال ما أستحق وأحقق طموحاتي؟؟ أم أدفن نفسي باكرا في علاقة قد تنتهي بزواج سريع وأنا غير مقتنعة تماما فقط أريد الهرب من البيت؟؟ وبقية الزميلات يتنعمن بحريتهن إلى جانب كل الميزات التي أحقد عليهن بسببها؟!
ليس لدي الخبرة الكافية في الحياة لأقرر ولا أعلم ما هو الصحيح وما هو الخطأ وما القرار الأنسب كما أنني لا أجرؤ على مفاتحة أهلي بالموضوع خوفًا من العواقب..
أشعر بقلة الثقة بالنفس والإحراج الشديد بين زملائي نتيجة وضعنا ووضع بيتنا وأشعر بالدونية بينهم، الله شاهد على كلامي أنني تقريبا أبكي كل يوم تأسفا وألما، ومنذ زمن طويل..
ما الحل يا ترى لكل مشاكلنا؟
وشكرا جزيلا مجانين
7/10/2018
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالنجاح.
نجاح مسيرة الإنسان في الحياة والوصول إلى أحلامه يتحكم فيه عامل واحد لا غير وهو تفويضه لاتخاذ القرار المصيري في مختلف مراحل الحياة. لا يمكن لإنسان آخر أو مجموعة بشرية مهما كانت اتخاذ القرار الصحيح الذي يحقق للإنسان طموحه. طموحك الآن هي إنهاء دراستك الجامعية والعمل في مهنة الطب وبعد ذلك بناء كيان خاص بك وبيئة اجتماعية تلبي احتياجاتك وتسد الناقصة منها. أما الزواج أو أي قرار آخر للهروب من ظروفك البيئية الصعبة فهو لا يساعدك الآن ولن يساعدك في المستقبل.
رسالتك مشحونة بعواطف سلبية وانتقاد الآخرين ومن يتفحصها يصعب عليه العثور على شبكة اجتماعية تساندك سواء في الجامعة أو البيت. ما يجب أن تحرصي عليه هو التقرب للآخرين وتضعين جانباً أزماتك النفسية. الانتماء بحد ذاته عملية دفاعية نفسية ناضجة.
لا أستطيع الحكم على حالتك النفسية وبالذات الوجدانية منها لشحة المعلومات، ولا يمكن استبعاد إصابتك باضطراب وجداني. رغم ذلك لم تكن استجابتك للعقاقير جيدة ومع وجود عوامل بيئية صعبة فمن الأفضل الدخول في علاج كلامي. ليس هناك ما يمنعك الاستفسار عن معالج نفسي في الجامعة والحديث معه. هذه الخدمات متوفرة ويمكن الاستفسار عنها عن طريق اتحاد الطلبة.
ظروفك العائلية صعبة جداً ولا تستطيعين تغييرها ومسؤوليتك الأولى والأخيرة هي تجاه ذاتك وهذا ما يفضله جميع الآباء والأمهات في مختلف الثقافات.
عليك الانتباه إلى نظام حياتك اليومي والعناية بصحتك وطعامك ورفع نشاطك البدني. يجب أن يصاحب ذلك الانتباه إلى الأفكار السلبية ومشاعر الذنب التي تبعدك عن الواقع والتواصل مع الآخرين.
ظروفك صعبة وقاهرة ولكن تعليمك هو الأمل من أجل ذاتك وعائلتك.
رعاك الله.
ويتبع>>>> : أريد أن أهرب لكن إلى أين ؟ م