معرفة سبب المشكلة
السلام عليكم ورحمة الله، جزاكم الله خيرا، أنا سيدة كنت أعاني منذ صغري من ضعف الشخصية منذ الصف الأول الابتدائي لم أكن كبقية البنات ألعب وأضحك وأكون على طبيعتي كنت هادئة لا أتحرك من مكاني وكنت أخاف عندما يغلقون الباب كثيرا وكنت متعلقة بأمي كثيرا
وبقيت هكذا لا أكون على طبيعتي ولا أعبر عن مشاعري أو أفكاري ولَم يكن لدي شخصية واضحة وكنت أعجب بمن شخصيتها قوية وكنت مقلدة وكبرت وفشلت جدا دراسيا وأيضاً شخصيتي حساسة أفكر بكل صغيرة وكبيرة أفكر ماذا سأقول وكيف أقول وعند العودة من مجلس أو مناسبة أجلس أراجع كل الحوار الذي صدر مني ولا أحب أن يغضب مني أحد حتى لو على حساب نفسي وأكبت مشاعري وانفعالاتي وعندي رهاب اجتماعي ولا أعرف كيف بجب أن أتصرف في المناسبات الاجتماعية حتى زواجي كنت خجولة لم أعش اللحظة.
أهتم كثيرا للناس وماذا يقولون ولا أحب أغير نظرتهم لي بأني عاقلة وهادئة ولا أعمل مشاكل أجهل عن نفسي الكثير والمشكلة عندما كنت بالمدرسة لم يهتم أحد بانطوائيتي وشخصيتي بل كانت المديرة تنعتني بالهبلة الطويلة وكنت فاشلة بالرياضيات وكانت المعلمة تخرجنا أمام المدرسة وتذهب بِنَا إلى المديرة عندما لا ننجح بالمادة لنأكل بهدلة أمام المعلمات والطالبات ونحن في قريه نعرف بعض خرجت من المدرسة وكأني لم أدخلها لا تحصيل علمي وثقافي أواجه به الحياة فأنا لا أستطيع أن أجري عملية حسابية بسيطة حتى أني لا أستطيع أن أخرج السوق وأحاسب فأنا ضعيفة جدا بالحساب وهذا سبب لي عقدة كبيرة فالحياة من غير الحساب صعبة،
ولا لغة أستفيد منها أو شخصية قوية اجتماعية حتى لو أريد أن أتطوع لا أحسن فعل ذلك فليس لدي أفكار أو قدرة على التواصل وإتقان المهارات وحتى أبسط الأمور مثل جارتي بعثت لي ابنتها الصغيرة لعمل تسريحة لشعرها لم أستطع فعل ذلك وقامت بالسخرية مني وعندما تكون جمعة نساء لا أستطيع التحدث معهن أو عندي مناسبة لا أعرف كيف أدير الحوار وأن أنبسط بالعكس يصبح عبء علي وأريد الخلاص من ذلك والآن أنا تعودت في الغربة على الوحدة والبقاء لحالي لي أكثر من عشر سنين ولتاريخ العودة لأني تشعر بالراحة هنا رغم أن لدي اكتئاب ووسواس موت وهلع.
المشكلة أني وجدت نفسي وجها لوجه مع نفسي ومشاكلها وخاصة أني لم أحقق إنجاز أو تغيير ولا أستطيع الدفاع عن نفسي أخاف لدي جبن كبير وحتى لو عندي الشجاعة لا أعرف كيف أدافع عن نفسي وزاد عليها أنه أصلح لدي خفقان وخوف عندما تريد أن أعبر عن رأيي أو أدافع عن نفسي وأصبح لدي الأطفال وصار عندي تأنيب ضمير أني أم لا أستطيع أن أعطيهم شيء كيف أعلمهم الشجاعة والثقة وتربيهم وأنا فاقدة لذلك حتى السواقة يطالبوني بالتعلم ولا أستطيع ولا أحسن التنظيم ووضع خطة ومتشتتة ولا أركز وأنسى حتى أصبت بالإحراج.
عنوان البيت أو رقم التليفون أو أعياد ميلاد أبنائي لا أتذكرها والدتي لديها وسواس واكتئاب وخوف وكانت علاقتها بوالدي متوترة وأنا الكبيرة ومشكلتي أني أعيش المشكلة للآخرين كأني أنا صاحبت المشكلة والتأثر يكون كبيرا علي كأني إسفنجة أمتص مشاعرهم ومشكلاتهم حاولت تعلم لغة لم أستطع الاستيعاب أو أن أكمل فأنا فاقدة الرغبة والإرادة رغم أني أريد التغيير لكني محبطة وعندما أسمع مشكلة أو أحد يسمعني كلام جارح أو حتى بسيط أتعب وأنشغل بذلك عن شغل الَّبيت وحتى بالعبادة أبقى أفكر بها وتأخذ من أعصابي ولدي القولون أخذت سبرام لكن انتكست ووصف لي دواء آخر ولكني أعلم أن مشكلتي هي تغيير نظرتي لنفسي وأن أنجز وأنجح بأهداف أحققها وأن أكف عن النظرة السلبية لنفسي وأن أحب نفسي.
وأنا أعرف نقاط ضعفي وقوتي يكمن أنا ما أحب شخصيتي وظهوري أمام الناس بأني المسكينة الضعيفة الشخصية مجرد أن أكتب ارتحت فطالما كبت كل ذلك ولم أخبر أحد إلا حديثا أصبحت أبحث عن حل أريد ثورة من داخلي على الخوف والجبن وأنا أعبر بكل شيء ولكني أحيانا أخاف أن أفعل ما يغضب ربي وحتى انعزلت حتى لا أغتاب فكلما فعلت ذنبا أتعب وأجلد نفسي وكلما صليت ولَم أخشع أتعصب وأحس بأني غير قادرة حتى على الأمور الدينية أن أنجح فيها
وكم أرغب أن أكون منظمة وأن أستغل الوقت فذهاب الوقت هكذا يوترني من غير أن أتغير والوقت يمشي ولا أعلم من أين أبدا
شكرًا لسعة صدركم
13/10/2018
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله أختي "ردينة" وأهلا بك على موقع مجانين للصحة النفسية.
صبرنا على مشاكلنا كبير كما يبدو، فشكواك وطلبك للحلّ بعد بلوغك الأربعين سنة دليل على هذا، ربما لاعتقادنا أن مجرّد الصبر وترك الأوضاع للزمن كفيل بالتغيير. مرّت طفولتك كلّها دون توجيه ودون إكسابك مهارات من أهلك، لكن ما يدعو للأمل حقا هو قولك في الأخير (إلا حديثا أصبحت أبحث عن حل، أريد ثورة من داخلي على الخوف والجبن) هذا مؤشّر جيد جدا وقد سئمتِ نفسك بنسختها القديمة.
لنضع بعض النقاط حول ما يمكن تسميته من أحوال شخصيتك. ما تخبرين عنه في هذه العبارات (أفكر بكل صغيرة وكبيرة أفكر ماذا سأقول وكيف أقول وعند العودة من مجلس أو مناسبة اجلس أراجع كل الحوار الذي صدر مني ولا أحب أن يغضب مني احد حتى لو على حساب نفسي واكبت مشاعري وانفعالاتي) هذه كلّها علامات على تقدير ذات منخفض جدا مع قلق الأداء الاجتماعي (له علاقة برهابك الاجتماعي) فأنت تشعرين داخلك أن مشاعرك ومواقفك وآراءك لا يجب أن تكون مستقلّة مصادمة لرغبات وانتظارات من حولك من الناس ولا يحق لك التعبير عن مشاعرك أو بالأحرى تشعرين أن مشاعرك أتفه من مشاعر الناس وهم أحق بتعاطفك معهم، وليس هم من يجب أن يتعاطفوا معك. قلق الأداء، أي كيف سيكون أدائي أمام الناس وكيف سأتحدث وهل سأفعل شيئا خاطئا غير لائق في ذلك المجمع، أو هل فعلتُه حقا في المجمع البارحة، أو مع فلان أو فلانة، بل أكثر من ذلك، تتساءلين عن معايير الفعل الصحيح اجتماعيا وكيف يكون إقدامك على فعل شيئا أو قوله صحيحا أو خاطئا، لا تعرفين كيف تقيّمين الخطأ، وتنظرين في أعين الناس وتترقّبين ردود أفعالهم التي غالبا تفسّرينها على خلفية قلقك وخجلك وتخوّفك فتكون كل حركة ونظرة وضحكة دليلا على أنك أخطأت التصرّف.. ذلك الشك والتردد والمساءلة الدائمة مؤذية ومحطمة للنفسية.
وما تحكين عن خفقان القلب (وربما رعشة وجفاف الحلق) عندما تريدين التعبير عن رأيك له علاقة بالرهاب الاجتماعي، جهازك العصبي اللاإرادي يرسل رسالة خطر وشيك (وهي رسالة خاطئة طبعا) لكنها حقيقية، وهذا لأنه تريدين الإقدام على شيء لطالما أحجمت عليه في حياتك كلها، وهذا شبيه بمن يريد أن يقفز من مكان عال في بركة سباحة، لكن إن فعلها وفعلها سيألف ولا بد.. وهذه هي المهارات التي يتعلّمها الإنسان منذ طفولته رغم كل الصعوبات والمشاكل التي تقف أمام تعبيره عن رأيه، وهذا ما فاتك، وللأسف قد وضعت نفسك في قوقعة ومارست "احترازات الأمان" طول عمرك، كلما أردت تكسير سلبيتك وسلوكاتك الخاطئة شعرت بالخطر والخوف وتراجعت وصرت تتجنبين كل ما يزعج نفسيتك ويتعبك وبهذا عمّقت الحالة.
(رغم أني لدي اكتئاب ووسواس موت وهلع) أعتقد أنّك لم تعالجي هذا كله وإن فعلت ربما اقتصرت على الدواء فقط ؟ ! وأرى أن الوسواس له علاقة بطريقة تعاملك مع مشاكل الناس وانتقاداتهم لك، تحضر الأفكار الوسواسية بخصوص ما قيل لك والمواقف وتجترينها مع مشاعرها السلبية، وذلك التعاطف المرضيّ الذي تتعاملين به مع المشاكل راجع أيضا إلى إحساسك أنك خادمة للناس وهمومهم وأنه "لا بد أنّ هناك شيئا يمكن أن تفعليه من أجلهم وإلا كنت لئيمة غير إنسانية !"
عدم استيعابك للحساب أو اللغة يجب أن تدققي فيه أهو بسبب خلل معرفي أو ناتج عن الاكتئاب والوسواس، وهل تخطئين في الحساب عندما تكونين وحدك وتقومين بعمليات حسابية كالتي في المبايعة، أو أنّ الأمر مقتصر على تلك الرهبة والارتباك أمام الناس والوسوسة بخصوص نتيجة الحساب.. إن كانت الثانية فهي تدل على شيء غير أنك ضعيفة في الحساب.
أما مشكلتك الأخرى وهي لا تقل أهمية عن باقي المشاكل، بل هي جزء منها وهي قولك: (ولكني أحيانا أخاف أن أفعل ما يغضب ربي وحتى انعزلت حتى لا أغتاب فكلما فعلت ذنبا أتعب وأجلد نفسي وكلما صليت ولَم أخشع أتعصب وأحس بأني غير قادرة حتى على الأمور الدينية) نمطُ أو أسلوب التديّن الذي تتحدثين عنه هنا متأثر بتصوراتك وشخصيتك، وهو نوع من "الدّروشة" يأخذ طابعَ خشية من غضب الله وارتكاب الحرام، لدرجة أنّك انعزلت لتجنّب الغيبة التي لا يمكننا الجزم فيها فعلا أهي غيبة أو مجرد وسواس مبالغا فيه أو هي من استثناءات الغيبة المعروفة، وهي ستّة أنواع، وحتى لو كانت فلا يمكن الانعزال بسبب ذنب واحد وترك مجال الحسنات كلها ! وأيضا كماليتك وقلق الأداء عندك يدفعك لتأنيب ضميرك إن لم تخشعي في الصلاة كما تتصورين أنت الخشوع، لتتهمي نفسك بعدها أنّك ضعيفة الإيمان مهترئة الديانة.
وتتجاهلين أنك إن كنت مكتئبة موسوسة فلن تركزي وبالتالي لن تشعري بالخشوع فضلا على أنّ الخشوع الذي تسمعين في المواعظ الدينية هو ليس حالة مستمرة بل مجرد حالات تأتي للإنسان حسب نفسيته ونمط عيشه وما يتعرض له من مصائب وتقلبات، والغالب أن الناس تصلي مع بعض من الشرود والطمأنينة فقط، وليس هناك بكاء وقشعريرة ولا إحساس بلذة عارمة كما يصوّرون لنا.
وتأملي أنّك اعتزلت دون أن تعتبري اعتزالك شيئا مخالفا للدين ولا تساءلت هل هو شيء يجوز فعله ! وفي الحقيقة اعتزالك كان مريحا لحالتك النفسية ومناسبا لها وليس لدينك أو الشرع الذي تحتكمين إليه، وإلا فهناك محرمات قد تفعلينها باعتزالك أيضا تضيعين بها واجبا عليك أو تفعلين فيها حراما ولن يدفعك هذا لمخالطة الناس بسهولة مبررة ذلك كما بررت بالغيبة، لهذا فإنّ نظرتك للدّين هنا تُشكل عائقا كبيرا جدا في تغيير سلوكاتك وأفكارك المغلوطة، لأنها لم تعد مجرد تصرفات خاصة بك بل اتخذت طابعا الدين والورع والتقوى والحرص، وهذه خدعة نفسية خطيرة، فكلما أردت أن تغيري فكرة أو تصرفا ستشعرين بأنك تحاربين الله وتتخلّين عن دينك.
لذا من الضروريّ أن تستعيني بمختص بارع وأن تتفقهي في دينك بشكل تبحثين فيه عن الرخص وليس عن التشديد (لأن هذا ما ستفعلينه بنفسيتك الحالية حتى تكوني أكثر تدينا كما تتصورين) ولن تتمكني من هذه الثورة لوحدك بل تحتاجين مختصا نفسيا ليضع لك برنامجا ضد وسواسك وهلعك ويعرّفك بحيلك النفسية التي تختبئين وراءها باسم الدين أو الفضيلة والأخلاق، على أن تستمري بمتابعة أدويتك عند طبيبك النفساني
وأتمنى لك الشفاء وثورة لا انقلاب عليها.