قلق الفتاة المؤمنة .. م1
الاكتئاب
الدكتور محمد المهدي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....
أنا صاحبة استشارات، قلق الفتاة المؤمنة، وقلق الفتاة المؤمنة م ... وقلق الفتاة المؤمنة .. م1
ولكن هذه المرة الموضوع ليس متعلق بالقلق أو الخوف المزمن، بل هو بالاكتئاب،
يبدو يا سيدي أن الإنسان لا يكتشف ما به إلا بعد أن يغرق، تذكر يا سيدي قصتي وخطيبي، والحمد لله لقد تزوجنا منذ شهرين،
والمقالة التي نزلت في باب مجانين تحت التمرين تتحدث عني وأختي هي التي كتبتها،
المهم كان ذلك من باب العلم بالشيء.. سيدي أنا أشعر أنني إنسانة محطمة لا تقوى على الشعور بالسعادة، منذ شهرين وأنا تعيسة، لست أدري لماذا، زوجي أغرقني بالعاطفة والحب، ولكن أي تعليق من قبله علي أو كلمة عابرة تجرحني بشدة وتصيبني باكتئاب لا ألبث أن أخرج منه حتى أعود إليه بسرعة لأي كلمة، وبهذا تعرف أن حياتي أصبحت جحيما لا يطاق، وإن تحملني زوجي الآن فلن يقوى على تحملي أكثر من ذلك، ربما تسألني كيف عرفت أنه اكتئاب،أجيب حضرتك ،لأن ببساطة ما أشعر به هو ما يلي :
1) مزاج اكتئابي معظم الوقت.
2) انخفاض كبير في الاهتمامات أو الإحساس بالمتعة في ممارسة الأنشطة المختلفة.
3) انخفاض واضح في الوزن.
4) زيادة في النوم. لدرجة تفاجئ زوجي وتجعله يظنني كسولة ورعناء ولا أتابع أمور المنزل كما يجب على أي زوجة ولكنني والله أتعب كثيرا وبسرعة وألهث .....
5) أو خمول حركي مع الإحساس ببطء الإيقاع.
6) التعب وفقد الطاقة.
7) الإحساس بعدم القيمة، ولوم النفس والإحساس بالذنب. أشعر أنني ولا شيء.... ولا شيء في هذه الدنيا، ولن أكون شيء...
8) ضعف القدرة على التفكير وضعف التركيز والتردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات. وهذا ما يضايق زوجي دائما وهو أنني لا اتخذ قرارات سريعة في أمور تافهة لا تستحق التفكير......
9) التفكير في الموت كثيرا، كل يوم تقريبا،وتمنيه والرغبة الشديدة به والشعور بأنه الحل الوحيد لكل مشاكلي، ولم أخطط له بسبب خوفي من الله تعالى، سيدي، كل ذلك أثر على حياتي وجعلني نكدية طوال الوقت، وأبكي دائما، وبدأت الخلافات تدب بيننا .....
إنه يقول لي: أنا مصدوم لم أتوقعك هكذا، يقصد بشأن المنزل والمزاج النكدي، والبكاء لأتفه الأمور، حتى أنه يقول لي أنني أضخم الأمور كثيرا وأجعل من الحبة قبة.... أشعر أنه لا يجد فيَّ ولا مزية واحدة... وأن هذا يجعلني حزينة، لقد كنت أتمنى أن أكون زوجة تسعد زوجها وتجعله فخورا بها.... حتى أنني لا أشعر أنني أريد أطفالا، بل بالعكس أنا أرفض ومن داخلي وبشدة أن يكون لي أطفال....
أنا أستيقظ متعبة خالية من الحيوية...... أنسى كثيرا، حتى أنني في اليومين الأخيرين أصبحت أنسى الجزء الأول من الجملة التي يقولها لي....... عندما يصل إلى الجزء الثاني..... أشعر يا سيدي أنني مشتتة، أريد أن ألملم جوانب الموضوع،
فاكتئابي ليس وليد هذه الفترة التي أعيشها الآن، بل أنني أعاني منه منذ أن كنت في 13 من عمري بسبب أوضاعي الأسرية المتردية، فقدت الأمان والحنان بكل معانيه.. لم يكن أمامي سوى أم تصرخ وتحيك المكائد وأب ينهر ويتذمر... فشل على الصعيد الدراسي ولست أعني الرسوب بل علامات متدنية، حزن طوال اليوم، تحطيم............................الخ
ولم أرى أي قدوة أمامي، كأم وزوجة، لا أشعر أنني أتعامل بشكل صحيح مع زوجي وكل شيء تعلمته لأنني أنا بحثت عن هذه المعرفة، لكن أنا لست زوجة جيدة، ولا أعرف كيف تكون الزوجة الجيدة، ولست طالبة جيدة ولست شيء، أنني كتلة من الأمور السيئة التي حطت على زوجي وأكثر ما يؤلمني هو أنه لن يستمر في حبي وهو لا يستطع فهمي، لأنه يشعر أنه يقدم كل ما يقدر عليه،
ولا يسمع إلا عبارات :"أشعر أنني تسرعت في الزواج"، "أنا لا أشعر معك بالأمان ولكنني فقط أحس بالحنان"، "أنا نادمة على الزواج"، "أريد الطلاق"،
ولا أكون أحمله هو المسئولية، فانا أشعر أنني أخطأت بالزواج كموضوع بحد ذاته وليس الزواج منه ... ربما هو لا يعرف كيف يتعامل مع الأنثى، أو ربما أنا التي لا تحتمل أي شيء.... أنا كل دقيقة أشعر أنني منزعجة من شيء، وربما شيء يزعجني الآن لا يزعجني بعد قليل ،مما جعله يشعر أنني مزاجية ولست صادقة في مشاعري، وبرأيه أن من يزعجه أمر يبقى دائما يزعجه، وربما أحيانا يزعجني هذا الأمر لكن لا أقول ،لأنه ليس هناك ضرورة للكلام.....
ويأتي موضوع آخر وهو موضوع الغيرة، أنا لم أكن كذلك يوما لأنه لم يجعلني أشعر بالحاجة لذلك، ولكن وبعد فترة من خطبتنا، ذهبت إلى مكان عمله وعرفني على فتاة معه وبعد خروجنا، قال لي: بالله أليست جميلة، أنا تفاجأت جدا وتألمت جدا، حتى مرة قال لي عن فتاة أعرفها أنها أجمل مني ... وهو من النوع الذي يمدح جمال الفتيات، وعندما أتضايق يحلف لي أنه كان يمزح معي وأنه لم يعني أن فلانة أجمل مني وأنها كانت كلمة عابرة ولا يعنيها، ولكن ذلك جرحني بشدة، واشتعلت الغيرة في قلبي بشكل جنوني وبدأت أشعر أنه لا يحبني وأنني أفقده، وأنه نادم على زواجه بي ....
تحدثنا في الموضوع وطلبت منه أن لا يكرر ذلك ، ولكنه قال أن هذا شيء لا يضايق ورغم ذلك لم يعد يقول مثل هذه الأشياء إلا أنه غير مقتنع ..... ورغم ذلك أعترف بأنه قال لي مرة: أنت أجمل منهن كلهن وأنا إذا قلت عن فتاة أنها جميلة فذلك من باب العلم بالشيء......
والآن هو يحب أن نذهب مع زميلات العمل إلي مطعم للتنزه طبعا بجلسة جماعية مع شباب وبنات، لأن زميلات العمل جاءوا من مدينة أخرى إلى هنا للعمل لمدة أسبوع فهو يقول انه واجب اجتماعي أن نخرج معهم يوم الجمعة..... أنا لا أريد ذلك، وأنا أكره ذلك، فهن أولا غير محتشمات بل على العكس، الجلسة يحصل فيها الكثير من المزاح والضحك.... رغم انه ملتزم ولا يسمح بتجاوز الحدود، لكن أنا أرى انه لا ضرورة لذلك وهو يرى عكس هذا...
ما هو الصحيح؟؟، أنا أخاف أن ذهبت هذه المرة أن يصبح الموضوع عادي ويتكرر، ولا أريد ذل، لأنني أصلا رافضة الفكرة..... وهو شرح لي أن هؤلاء زملاء عمل وعندما يأتي أحدهم إلى مدينة أخرى فإن الشركة ترسل ميل توصية به وبان لا يتركوه وحده، وأنا أخبرته عندما يكون شاب فهذا واجبك وعندما تكون فتاة فهذا واجب الفتيات.... ليس هناك داع ولن يلومك أحد.... وهو يعيد ما شرحه سابقا وفي النهاية قال لي أنت لم تقدمي ولا دليل واحد على كلامك ليقنعني، فقلت له: يكفي أن نستفيد من تجارب الآخرين ونعرف أن الانفتاح في العلاقات يؤدي إلى نتائج غير محمودة..
لم يقتنع بذلك وقال لي:أنا لا أناقشك لأنك أصلا لا تمتلكين أساسيات النقاش؟؟......
ما رأيك دكتور، ما هي الحجة التي يريدها ليقتنع بها،هو طبعا خريج شريعة وقال لي أن هذا الوضع ليس حرام.......
سيدي أنا أشعر أنني بحاجة لمقابلتك شخصيا..... أشعر أن حياتي الجديدة تنهار وهي لم تبدأ بعد....
ربما تسمح لي الظروف بالقدوم إلى مصر، وأرغب بالعلاج عند حضرتك لأنني أثق بك...... لكن هل من الممكن أن أعرف كم تبلغ تكاليف العلاج؟؟..... أنا بحاجة جدا لأن تعالجني كإنسانة وابنة لك وليس كحالة...
إنني كلما جلست مع نفسي تألمت لأنني أشعر أنني بدون أب أو أم أو أخ وحتى زوجي بدأ ينفر مني..... وهو يشعر في كل كلمة مني أنني القي عليه اللوم في تعاستنا....
ونهاية كلامه كانت:أنه لم يعد يحتمل هذا الوضع وأن همومه مغرقته...... وأنه يجب وضع حد بأن أتغير أو نفترق......
ماذا أفعل، ماهو ذنبي كي لا أعيش حياة أسرية سليمة وكي أصبح كئيبة.....
الحمد لله على كل حال..... أنتظر منك ردا بفارغ الصبر وأتمنى أن لا تتأخر علي يا سيدي....
أعذرني على إرسالها في غير وقتها لكنني فعلا بحاجة لحل سريع، وقلبك كبير ولابد سيسامحني...
وجزاك الله خيرا
22/9/2004
رد المستشار
الأخت العزيزة / "منى" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أقول لك: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
وبقدر ما سعدت كثيرا لخبر إتمامك للزواج رغم الظروف السابقة التي عايشتها في رسائلك إلا أنني أرى شبح الماضي يطاردك ويكاد يعصف بحياتك الزوجية,
فالعلاقة المضطربة في بيت العائلة خاصة مع والدك ووالدتك والتي اتسمت بانعدام الثقة وانعدام الأمان قد أثرت فيك إلى حد كبير وكانت بمثابة ميراث مسموم يجعلك تشكين وتخافين وتقلقين من كل شئ وجعلتك تعيشين حالة من انعدام الثقة ليس فقط في الناس ولكن أيضا في نفسك, وهذا قد رسب حالة من القلق المزمن.
والآن وبعد إتمام الزواج بشخص يحبك ويرعاك كما ذكرت من قبل, فإنك لم تستطيعي التخلص من الميراث القديم فحملته معك إلى بيت الزوجية لينغص عليك حياتك الجديدة ويحرمك من فرصة فتح صفحة بيضاء ناصعة تخطين فيها أنت وزوجك الحبيب خطوط المستقبل المشرق.
وهذا الفشل الجديد جعلك تشعرين بأعراض اكتئاب إضافية تشل من عزيمتك وتجعل صورتك أمام زوجك صورة الزوجة "النكدية" والحزينة والغيورة والشكاكة طول الوقت.
وحين يصل الإكتئاب إلى هذه الحدة, وخاصة في مثل هذه الظروف فإنه يحتاج لعلاج دوائي ونفسي حاسم وعاجل حتى لا يتحول إلى اكتئاب مزمن من ناحية وحتى لا يهدد حياتك الزوجية وهى مازالت بعد في بدايتها.
وإلى أن تجدي الفرصة للعلاج الطبي المتخصص أرجو أن تكوني منتبهة لآثار الماضي على تفكيرك ومشاعرك, وهذه البصيرة تعمل كسياج يحول دون انتشار عدوى الماضي إلى الحاضر, وتذكري دائما أن زوجك ليس له ذنب فيما حدث لك من قبل وأن من حقه أن يشعر بالسعادة والطمأنينة كأي شاب خاصة وأنه في بداية حياته الزوجية.
واعلمي أن فشلك الزواجى –لو حدث لا قدر الله– معناه عودتك إلى بيتك القديم وإلى الحياة المضطربة التي عانيت كثيرا منها كما ذكرت , ويعنى أيضا ضياع الفرصة الذهبية التي تعيشينها الآن وتسمح لك ببداية جديدة تتخلصين فيها شيئا فشيئا من ميراثك السابق.
وبخصوص خروج زوجك في رحلات ترفيهية مع زميلات وزملاء العمل فإن الأمر هنا ربما لا يحل بفتوى شرعية – خاصة أن زوجك خريج شريعة كما قلت - لأنه ربما يبرر حل هذا الفعل بأنه يقابلهن في أماكن عامة ووسط مجموعة من الزملاء والزميلات تحت مظلة العمل والمجاملات المهنية والاجتماعية.
وربما أيضا لا يحل الموضوع بالنقاش أو الجدال اللفظي, وإنما يحل بمزيد من الحب بينكما حين يشعر زوجك أن جلوسه في البيت معك أكثر إمتاعا له من الخروج في صحبة أخريات تحت أي مسمى,
فحل المشاكل بين الزوجين يعتمد إلى حد كبير على الرصيد الوجداني بينهما ولا يعتمد على الدليل والإقناع اللفظي وحدهما, فأنت حين تغمرين زوجك بمشاعرك الفياضة الصافية الخالية من أي شك ثم تطلبين منه الكف عن هذه الرحلات المختلطة التي تؤرق ضميرك وتشعل نار غيرتك فإنه في هذه الحالة يكون أقرب إلى الاستجابة خاصة إذا وجد فيك تعويضا عما يجده في هذه الرحلات من مرح وانطلاق يهفو لهما كل شاب مثله, فأعطه في الحلال ما يبحث عنه في غير ذلك.
وبخصوص تفكيرك في العلاج في مصر فنحن نرحب بك في بلدك وبين أهلك وإخوتك ولن تشكل مصروفات العلاج أية مشكلة لأنها ستكون موازية لما هو قائم في سوريا وربما أقل (حوالي ستون جنيها مصريا في الجلسة).
وأخيرا لقد هالني قرارك أو أمنيتك بعدم الإنجاب, وأخشى أن يكون ذلك خطرا آخر يهدد حياتك الزوجية خاصة إذا كان زوجك محبا للأطفال وتواقا لأن يكون أبا. راجعي هذا الموقف جيدا, وأتمنى أن يكون مجرد عارض طارئ من أعراض الإكتئاب يزول بزواله.
تضرعي إلى الله بالدعاء وداومي على الصلاة وفعل الخيرات لكي تتخلص نفسك وتتطهر مما علق بها من آثار الماضي.
في حالة عدم قدرتك على الذهاب لطبيب نفسي لأي سبب أقترح عليك تناول العلاج التالي بشرط عدم وجود حمل:
Cipralex 10 mg tablet قرص صباحا يوميا لمدة 6 شهور
Xanax 0. 25 mg قرص مساءا يوميا لمدة شهر