السؤال
عزيزي المستشار النفسي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بداية أشكركم على هذا الموقع الممتاز داعياً الله عز وجل أن يجزيكم عنا خير الجزاء وأود أن أعرض عليكم حالتي باختصار :
1- نشأت في عائلة محافظة تميزت هذه العائلة بقسوة الأب وتربية أبنائه تربية قلقة تحملهم المسؤولية واللوم دوماً مع اهتمامه أن ينشأ أطفاله نشأة دينية سليمة ولكن بأسلوب الإجبار بدل الحوار. ربما بسبب الظروف الصعبة التي مر بها والدنا واعتقاده أن هذا هو الأسلوب الأمثل فجزاه الله خيراً على كل حال.
2- حصلت على فرصة دراسية في بلد شقيق وهو العراق وفي تخصص دراسي أحبه وكنت أحلم بدراسته طوال حياتي وتعرضت لظروف صعبة أثناء فترة دراستي الجامعية بسبب خلاف مع أحد الأساتذة حيث طلب مني مبلغ من المال مقابل أن أنجح في مادته وعندما رفضت ذلك رسبت واضطررت إلى إعادة السنة الدراسية كاملة وهو النظام الذي كان متبعاً في جامعتي.
3- المهم عشت حوالي سنتين من الضغط النفسي الشديد خوفاً من ضياع مستقبلي بسبب جشع الأستاذ المذكور ومن هنا بدأت مشكلتي النفسية وأذكر أنني كنت قبلها من المتفوقين في دراستي لأتحول بعدها إلى طالب خائف غير قادر على التركيز وكل همه هو النجاح فقط وتحول التخصص الدراسي الذي أحبه إلى شبح وتحول حبي له إلى خوف منه ولم أصدق اليوم الذي تخرجت فيه من الجامعة وتخلصت من الخوف من ضياع مستقبلي بسبب وجود الأستاذ المذكور والذي كنت كغيري من الطلبة من ضحايا جشعه وطمعه.
4- تولد عن هذه المشكلة حالة نفسية مختصرها الخوف الشديد من المستقبل والقلق المرضي الدائم مع الاكتئاب وحيث أنني كنت أعاني بسبب أسلوب تربيتي من الخوف الاجتماعي فقد تضاعف هذا الخوف وكانت الأعراض التي تصيبني تتلخص في ضيق في التنفس مع تسارع بدقات القلب وعدم القدرة على التركيز وتحميل نفسي اللوم دائماً وعدم الثقة بالنفس والخوف الشديد من المستقبل والاكتئاب مع التفكير الدائم في عدم قيمة الحياة والانتحار ولكن الإيمان والخوف من الله كان دائماً رادعاً لي والحمد لله.
5- بصراحة استمر الحال معي هكذا حوالي 3 سنوات ثم بعد التخرج وجدت صعوبة في إيجاد فرصة عمل مما ضاعف معاناتي النفسية وكان ما يمنعني من مراجعة دكتور نفسي هو التكلفة العالية لهكذا علاج في الأردن وسوء حالة عائلتي المادية.
6- كانت أول خطوة اتخذتها بعد أن وجدت عملاً في بلد مجاور هي مراجعة طبيب نفسي في محاولة للتخلص من آلامي وقد بدأ العلاج معي بعقار Flouxetine وقد تدرج بالجرعة حتى وصلت إلى 80 ملغ وقد استفدت عليه لعدة أشهر حتى تدهورت حالتي مرة أخرى فتم تبديل العلاج إلى Clomipramine وقد تدرجت الجرعة حتى وصلت إلى 75 ملغ وقد استفدت لعدة أشهر ثم تدهورت حالتي مرة أخرى فرجع الدكتور لوصف Flouxetine وهكذا كانت استجابتي للعلاج لعدة أشهر ثم بعد أن تسوء حالتي يتم تبديله إلى Clomipramine
وهكذا لعدة مرات وقد أبلغني الدكتور أن هذا بسبب عدم وجود مشاكل عضوية عندي بل السبب هو من الشخصية القلقة التي تكونت خلال تربيتي بالإضافة إلى الظروف الصعبة التي مررت بها أثناء فترة دراستي وقد بدأت جلسات علاجية سلوكية استفدت منها كثيراً في فهم ذاتي وتغيير نظرتي للحياة لكن معاناتي النفسية بقيت كما هي وكانت أعراض القلق والاكتئاب تعود لي عند أول مشكلة أواجهها مهما كانت بسيطة. وقد استمر علاجي لمدة سنتين ونصف.
7- ثم فقدت عملي مرة أخرى ورجعت للبطالة ولمدة تقارب العام ورجعت حالتي النفسية للتدهور مرة أخرى ورجعت لبلدي وراجعت دكتور نفسي جديد فوصف لي علاجا جديدا وهو Fluvoxamine 50 ملغ ثم 100 ملغ تم رفعها لـ 200 ملغ غير أنني وجدت عملاً في دولة قطر ولما علمت أن هذا العلاج لا يباع إلا بوصفة طبية ولتكلفة العلاج العالية والتي لا قبل لي بها قررت شخصياً أن أقلل الجرعة إلى 50 ملغ لأستعمل كمية العلاج التي عند أطول فترة ممكنة وقد استمريت هكذا ما يقارب الثلاثة أشهر وحالتي النفسية غير مستقرة أبداً وعادت لي الأعراض القديمة نفسها مثل القلق والاكتئاب وخاصة اليأس من الحياة الرغبة بالانتحار والآن أريد نصيحتكم (فأرجو تزويدي بمعلومات عن عقار الـ Fluvoxamine هل هو آمن وهل أوقف العلاج به) بصراحة أنا خائف أن تتدهور حالتي النفسية إذا أوقفت العلاج سيما وأن الكمية التي عندي شارفت على النفاذ ؟
أرجو أن تساعدوني بالنصيحة علماً أنني قرأت جميع المشاكل المشابهة لحالتي في موقعكم وأرجو أن تعطوني جواباً شافياً عن النقطة السابعة وجزاكم الله خيراً .
ملاحظات
أرجو الاهتمام بالجواب على العقار الذي أتناوله وهو Fluvoxamine
20/12/2018
رد المستشار
الأخ العزيز السائل أهلاً وسهلاً بك وشكراً على ثقتك في صفحة استشارات مجانين، الحقيقة أن إفادتك تشير منذ بدايتها إلى بعض الخلل في المفاهيم والتوجهات النفسية تحتاج بجد إلى تصحيح، فأنت بداية من الذين يلقون باللوم على الآخرين، وقد تكون محقاً تماماً في ذكرك لما لحقك من إساءة على أيدي الآخرين أحياناً بحسن نية كما في حالة أسرتك، وأحيانا بغير ذلك كما في حالة الأستاذ الجامعي الجشع لا كثر الله من أمثاله.
لكن كل هذا لا يكفي سبباً لتعلق عليه حالتك المرضية، فليست التربية الصارمة ولا التعرض للظلم أثناء الدراسة، ولا العجز عن إيجاد فرصة العمل في الوقت المناسب (رغم تأثير كل هذه العوامل السلبي الذي لا نجادل فيه)، ليست كل هذه العوامل التي يتعرض لأمثالها بشكل أو بآخر كثيرون من جيلك كافية لإحداث ذلك الخلل في الطريقة التي تفكر بها في حياتك وتتعامل بها مع الأحداث اليومية من حولك.
وأنا أقول بعدم كفاية هذا التفسير للأسباب التي أدت إلى معاناتك، بنفس الدرجة التي أقول بها أنك لا يكفيك اعتمادك على العقاقير لتحل لك المشكلة، فهذا ما نبهك إليه طبيبك النفسي بعد أن أعطى أكرمه الله حسب نيته كل شركة دواء حقها، رغم أنه كان من المفترض أن يبدأ معك العلاج العقاري والنفسي (المعرفي السلوكي) في نفس الوقت، إلا أن ذلك لم يحدث كما بينت في إفادتك إلا بعد محاولات كثيرة، وكان من الأولى أن يلحظ لو أنه استمع جيداً لحكايتك أنك ستحتاج إلى العلاج المعرفي ربما منذ البداية، فليس هناك اكتئابٌ عضوي فقط، واكتئابٌ نفسي فقط، لأن فصل هذين الأمرين مستحيل على المستوى العملي،
وما نراه في أغلب الأحوال هو تفاعلٌ بين كل هذه العوامل مجتمعة، فهناك التهيئة البنيوية في تركيب المخ وكيميائه وهناك التهيئة النفسية في ظروف النشأة والتربية وما يعرض للمرء من أحداث في حياته وكيف يفسرها وكيف يتعامل معها، وهناك إضافة إلى كل ذلك ما قد نجده في بعض الحالات ونسميه بالقشة التي قصمت ظهر البعير، لكننا أحياناً لا نستطيع استنباط القشة من التاريخ الشخصي للمريض مثلما هو الأمر في حالتك.
من المهم بعد ذلك أن أحيلك إلى عدد من الروابط التي ستجد فيها كثيراً من المعلومات عن حالتك على مجانين:
القلق المزمن والبحث عن الطمأنينة
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب
عسر المزاج والاكتئاب
علاج الاكتئاب المعرفي : فتح الكلام
وكذلك إلى مقال : العلاج المعرفي، لكي تعرف أن المطلوب من العلاج المعرفي السلوكي هو أكثر من مجرد مساعدة المريض على فهم نفسه وتغيير نظرته للحياة، لأن المطلوب بعد ذلك هو أن تتغير سلوكياته تبعا لذلك، ومعنى استمرار علاجك السلوكي كما سميته لسنتين ونصف دون أن تتغير من ناحية استعدادك للسقوط في براثن القلق والاكتئاب عند أي مشكلة أو كما قلت في إفادتك: (لكن معاناتي النفسية بقيت كما هي وكانت أعراض القلق والاكتئاب تعود لي عند أول مشكلة أواجهها مهما كانت بسيطة.) معنى ذلك هو أنك لم تكن تتعاون بالشكل الكافي مع معالجك النفسي، وأنا أقول لك ذلك لأن واحدة من أهم معوقات الشفاء الكامل لدى المرضى الذين نعرفهم هي اعتقادهم الخاطئ بأن الدواء النفسي يجب أن يحل المشاكل دون تعب، وحقيقة الأمر أن التعب لازم للتغير، فإذا كنت لم تتعب فكيف تريد أن تصبح أقوى في مواجهة مشكلات الحياة التي لن تنتهي !
نصل بعد ذلك إلى سؤالك الأساسي الذي كررت التركيز عليه وهو ما يتعلق بعقَّار الفلوفوكسامين، وهذا العقار يا أخي هو أحد عقَّاقير الم.ا.س.ا والتي تستطيع أن تجد تفاصيل كثيرة عنها على الموقع عبر هذا الارتباط
ونقول لك بعد ذلك أن مشكلتك يا أخي لا يصح أن تختزل في قولك (أرجو تزويدي بمعلومات عن عقار الـ Fluvoxamine هل هو آمن وهل أوقف العلاج به بصراحة أنا خائف أن تتدهور حالتي النفسية إذا أوقفت العلاج سيما وأن الكمية التي عندي شارفت على النفاذ ؟)، لأن ما تحتاج إليه هو العلاج التكاملي أي العقَّاري والسلوكي والمعرفي وربما التحليلي والأسري إذا استدعت الضرورة، ولكن ليس بالعقَّار وحده يشفى المريض، وأهلاً وسهلاً بك فتابعنا بالتطورات.
ويتبع >>>>>>: ليس بالعقار وحده يشفى المريض م