السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
عناية الأستاذ الدكتور/ وائل أبو هندي أنا صاحبة مشكلة هل يوجد حب عن طريق النت؟
بداية أشكر لك ردك على رسالتي، أما قصتي فهي كالتالي، تعرفت على هذا الشاب من سنة تقريباً، وأود أن أوضح بأني في منتصف
العقد الثاني من العمر، من عائلة متفتحة بعض الشيء.
كان جل حديثنا مواضيع عامة، ولا أخفي عليك فقد كذبت عليه في بعض الأوقات مثل ما يقولون كذبات بيضا مش أكثر أما من ناحيتي وناحية شخصيتي فلم أكذب عليه بشيء بل كنت صريحة وصادقة جدا، كنت إذا دخلت على النت ووجدته لا أبدأ الحديث معه إذا لم يبدأ هو، ومع مرور الوقت أصبحت كل ما دخلت على النت أجده، أحيانا كثيرة كان يتكلم وأكتفي أنا بالصمت وذلك حين كان يقول الشعر، ولا أخفي عليك فأنا أحب الشعر كثيرا لهذا كنت دائما أرد عليه "لا تعليق" مع العلم بأني أستطيع الرد عليه ببيت من قصيدة مناسبة لما قاله، ولكني كنت أجد ذلك مخجلا وليس لائقا، أعجبتني طريقة تحدثه.
بعد فترة طويلة سألت والدتي إذا كان بالإمكان مقابلته في مكان عام أنا مع عائلتي وهو مع عائلته كأصدقاء، فبدأت معي بموشح عن تقاليدنا وعاداتنا والإسلام، وأنه من العيب فعل ذلك، وبعدها بفترة طلب مني مقابلته فأخبرته برأي ماما في ذلك وألغى الفكرة، أحب أن أخبرك يا دكتور بأني قد أخبرت والدتي عن هذا الشاب من بداية تعرفي عليه، فأي شاب أتعرف عليه عن طريق النت أخبرها عنه، وأيضا أخواتي يعرفن قصتي معه، فنحن صريحين مع بعضنا البعض.
ثم بعد فترة طلب مني محادثته عن طريق الهاتف ورفضت لأن مبدأ التليفون ممنوع عندنا في البيت، فأخبرته وحاول إقناعي بذلك بأنه سوف يقول كلمة واحدة لا أكثر، ولم تنفع كل جهوده فقال لي بأني قاسية، بلا مشاعر هنا بدأت أراجع نفسي فعلا، هل أنا قاسية فعلا وبلا مشاعر.
ووجدت يا دكتور بأني حتى هذه اللحظة لم يعجبني أي شاب، لا أنكر عليك ذلك لقد خفت من نفسي، ومرت علي فترة وأنا دائمة التفكير في الأمر، بعدها انقطعت علاقتي بهذا الشاب لمدة شهرين وذلك من أجل التليفون، فلم يرضى بأن نستمر كأصدقاء ما لم نتكلم بالتليفون، عندها تحطم قلبي لا أعلم لماذا، ولكني صدمت صدمة رهيبة، كتبت بها رسالة له بأنه الرجل الحلم ولكني لم أرسل هذه الرسالة له بل احتفظت بها فقد كنت أحتاج أن أفرغ ما بداخلي، واحتراما لرغبته بقطع هذه العلاقة لم أرسلها.
بعد فترة شهرين أرسل لي رسالة بها جملتين لا أكثر "لماذا لم أحذفه من المسنجر حتى هذا الوقت، وأن حذفي له كان شي طبيعي، ولماذا وضعت رقم جوالي على المسنجر حتى يراه بالخطأ وأكلمه" هنا ثار جنوني فأرسلت له الرسالة التي كتبتها ورددت عليه ودافعت عن نفسي، هنا رجع لي مرة أخرى لا أخفي عليك يا دكتور بأني خفت بأنه يريد الرجوع للانتقام مني وتحطيمي لأنه كان يقول لي بأنه لم يطلب ويلح على أحد مثل ما ألح علي حتى أكلمه بالتليفون، ولي حتى الآن معه فترة شهرين نتراسل بالإيميل ولم أقابله على المسنجر أكثر من ثلاث مرات، ورجع وطلب مني محادثته بالتليفون ولكني رفضت مرة ثانية.
وأخيرا طلب بأن يحضر إلى البيت حتى يقابلني أو يراني وأنا خارجة من العمل أو من شباك منزلي، وطبعا لن أرضى ذلك ولكن يا دكتور بعد أن أخبرت بعض الأشخاص المقربين مني جدا بقصته، قالوا لي اتركي هذه المثالية فلا مانع من الزواج عن طريق النت، فهناك الكثير من الزيجات التي تمت عن طريق النت ومستمرة حتى الآن قالوا لي: دعيه يأتي واشترطي عليه القدوم كصديق فإن أعجبك وأعجبته استمرت العلاقة مع بعض وإلا انسحبي بالتدريج.
دكتور بالنسبة لهذا الشاب فأنا حين قلت لك بأنه يريد أن بتقدم لي، أردت بذلك إثبات جديته وأنه غير لعوب، فأنا مدركة بأنه من الممكن بعد.
الزواج أن يتم معايرتي بطريقة الزواج وأن لا تكون هناك أي ثقة فيما بعد، أما بالنسبة لحيرتي لأن الكثيرين قد قالوا لي اتركي المثالية الزيادة عن اللزوم أنت في عام 2003 حيث انه من الممكن حدوث أي شي لم يكن قد خطر ببال الأولين حتى، فأنا مقتنعة بأن الزواج يجب أن يكون على شاكلة جدتي وجدي أي من الباب ودون معرفة سابقة.
أما بالنسبة لمشاعري فهذا الشيء الوحيد الذي أعتقد أنه ليس باستطاعتي التحكم به، أحيانا أشعر وكأني قد ألبست مشاعري كاتما للبوح دكتور/ وائل هذا الشاب لم ير صورتي ولم يسمع صوتي حتى الآن وأنا أيضا لم أره ولم أسمع صوته، ولكن صدقني دكتور لو طلبت مني أن أصفه لك لوصفته فهو في خيالي، ومثل ما قلت لك الرجل الحلم.
أعتذر للإطالة ولكن ثقتي في سعة صدركم ما دفعتني للكتابة إليكم بكل هذه التفاصيل، وطبعا ثقتي فيكم
وجزاكم الله خير الجزاء.
30/08/2003
رد المستشار
الأخت السائلة العزيزة أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك الغالية في صفحتنا استشارات مجانين والحقيقة أن رسالتك تعبر ُ بأسلوبٍ رائعٍ عن معاناتك الشعورية والمعرفية (الفكرية)، في صراعها مع تقاليد المجتمع المغلق الجامد وذلك في عام 2003 كما تقولين، ولكن تعالي نفكرُ سويا في الأمر فما تسمينه أو يسميه من قمت باستشارتهم بالمثالية الزائدة ليس كذلك في الحقيقة وسوف أقول لك لماذا، ولكن دعيني أحلل معك بعض ما أستطيع استنباطه عن سلوك ذلك الرجل الذي أحببته عن طريق الإنترنت معك من خلال قصتك معه كما أوردتها في إفادتك.
إن من الواضح يا عزيزتي أن ذلك الرجل تدرج معك مبتدءًا بنفش ريشه الرومانسي من خلال الأشعار وما هو في حكمها، ثم طلب منك أن يقابلك فلما لم يفلح في إثنائك عن التزامك بتقاليد مجتمعك وتعاليم دينك، طلب أن يحادثك تليفونيا ليسمع صوتك ولكي يقول كلمةً واحدةً كما ادعى، وعندما رفضت ذلك، قررَ أن يبحثَ عن أخرى (وهذا هو الغالب، كما يتضح من قوله لك كما قلت لنا في إفادتك "كان يقول لي بأنه لم يطلب ويلح على أحد مثل ما ألح علي حتى أكلمه بالتليفون")،
وأما إذا اعتبرناه لم يقطع العلاقة بك لأنه انصرف عنك إلى أخرى أو ربما أخريات، فإنه يكونُ قد قرر تعليمك الأدب (أدب التعرف على دنجوانٍ مثله)، وهو في الحالتين إنما يتكشف لنا تمرسه وخبرته بكيف يتعامل مع الفتيات، واحذري هنا أن يسعدك هذا الوصف لأنه كما سأبين لك فيما يلي يعرف كيف يتعامل مع فتاةٍ يستميلها ليأخذ منها ما يمكنه، لا أن يكونَ مسئولاً عنها وربما بشرط ألا يكون مسئولاً عنها! لماذا؟
لأنه يا عزيزتي ذلك الدنجوان (الذي لم تستعص عليه واحدةٌ من قبل) لكي لا تخدعي نفسك، هذا الدنجوان مواطنٌ من نفس البلد الذي تعيشين فيه ويعرف التقاليد التي تحكمك وطبيعة المجتمع الجامد الذي أنتما عضوان فيه، كان يعرفُ وما يزال مدى المخاطر والإساءات التي قد تتعرضين لها إذا قابلته كما طلب، لكن الأمر هنا يتعلق بمن يريد أن يأخذ كل ما تصل إليه يداه دون أن يتحمل المسؤولية، فهل هكذا تريدين أبًا لأبنائك؟
وأما إلحاحه في أن يحادثك في الهاتف، فلم يكن أيضًا إلا محاولةً للتحايل على رفضك وطمعا في إلانة إصرارك، ولا أستطيع استبعاد احتمال أن يكونَ فخا ينصبه لك، فهو مهما تحاورتما عبر مرسال الهوتميل (الميسنجر) لا يستطيع أن يثبت عليك أنك أنت ولا يملك دليلاً على أنك أقمت علاقةً إليكترونية معه، لكن الحديث في الهاتف أمرٌ مختلف تماما، ويستطيع تهديدك وابتزازك بمجرد كلمةٍ أو كلمتين تقولينهما له وهو يسجل الصوت!
ثم أنه عندما لم يفلح معك على أغلب الظن بدأ الآن يسعى لاحتمالين أولهما: الاستمرار في محاولة إلانة رفضك ربما عندما ترينه فيتمكن منك الشيطان أكثر، وثانيهما: أن يرى إن كانت تلك العصية عليه جديرةً أصلاً بأن يستمرَّ معها أم لا؟
إن ما أريدك أن تعرفيه وأن تكوني متأكدةً منه هو أنك لا تعرفين ذلك الشخص لا شكلاً ولا خلقًا ولا دينا، ومهما قلت لي من كلماتٍ مثل (وأنا أيضا لم أره ولم أسمع صوته، ولكن صدقني دكتور لو طلبت مني أن أصفه لك لوصفته فهو في خيالي، ومثل ما قلت لك الرجل الحلم) فأنت يا صغيرتي بالفعل صدقت في تسميتك لرجل ما هو من تحادثت معه على الإنترنت وهو بالفعل كما وصفته الرجل الحلم لكن هذا الرجل الـ "ما" ليس هو من يطلب منك أن تفاعلي ما تخالفين به ربك وأهلك ونفسك ومجتمعك كله، إن من أطلقت عليه ذلك الاسم يصلح زوجا مسئولاً ويصلح أبًا مسئولاً ويصلح كل ما تتمنين كأنثى من الدنيا، لكنه ليس هو الذي يطلب منك أن تكسري حياءك دون أدنى التزام.
أنا أعرف كم قسوت عليك وكم قسوت عليه لكنني كمستشارٍ نفساني تأتمنينه على أسرار مشاعرك لا أستطيع أن أغشك مثلها، فمشاعرنا كلنا تخوننا كثيرًا وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالوجود الافتراضي والكائنات التي نرسمها بأخيلتنا ونحن نعيش على الإنترنت.
في النهاية أرجو أن تتابعي معي كل قراراتك ونواياك، وأن تعرفي أنني بقدر رفضي لأن تلوثي مثاليتك الجميلة حتى ولو صرنا في عام 3002 وليس فقط عام 2003، بنفس القدر أنا أرفض قولك (فأنا مقتنعة بأن الزواج يجب أن يكون على شاكلة جدتي وجدي أي من الباب ودون معرفة سابقة)، فهذا أيضًا خطأ ولكن التعارف يجبُ أن يتم في إطار عامٍ واجتماعي أو أسري، في إطار تعامل البشر كبشر مع بعضهم البعض، وليس أبدًا من خلال لا الإنترنت ولا الهاتف، وأنا في انتظار متابعتك ودمت سالمةً لمستشارك.
ويتبع>>>>>>>>> : هل يوجد حب عن طريق النت ؟ : مشاركة