ليس بالعقار وحده يشفى المريض
ليس بالعقار وحده يشفى المريض متابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أشكركم على تفضلكم بالجواب الشافي على استشارتي وعلى وضعها في الصفحة الأولى لتكون الفائدة أعم فجزآكم الله خيراً.
كم أود أن أعلم الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي الذي تفضل مشكورا بدراسة حالتي عن رغبتي الأكيدة بالتخلص من المعاناة اليومية وإن لم نقل الساعية والناتجة عن جحيم الاكتئاب والقلق وما يتبعهما من وساوس أحالت حياتي؟ إلى جحيم حقيقي منذ حوالي 8 أعوام وحتى تاريخه
وبالنسبة لمراجعتي للأطباء النفسيين ففي البداية راجعت دكتورين وقد أبلغاني أنني سليم نفسيا ولا داعي لمراجعة أطباء نفسيين؟
في النهاية هداني الله لمراجعة أحد الأطباء المتخصصين بالتحليل النفسي جزاه الله عني كل خير والذي بدأ معي علاج معرفي استفدت منه كثيرا ولكن أعراض الاكتئاب والقلق كانت تعود لي عند أي مشكلة ومهما كانت صغيرة وقد استمر العلاج مع الدكتور عاهد ما يقارب العامين بلا فائدة ملموسة، ثم بعد نهاية عملي توقفت مراجعة الدكتور المذكور بسبب سفري إلى دولة أخرى، وذلك منذ حوالي العام ونيف والآن قررت وبعد تجربتي أن أوقف جميع الأدوية لسببين الأول :لأنه لا فائدة منها - والثاني نظرة الناس لك عند شراء دواء نفسي بدء بالصيدلي الذي يبيعك إياه والذي ينظر لك نظرة عطف ورحمة وكأنني أنا من أختار أن أصاب بالمرض؟؟
وانتهاء بالأهل والأصدقاء -لو علموا بذلك لا سمح الله- !!!؟؟ هذا بالإضافة إلى تكلفته العالية جدا ويجب الحصول على وصفة دكتور كل مرة تشتري فيها دواء.....إلخ
فأرجو منكم التفضل بتوجيهي إلى أحد الأطباء الجيدين في دولة قطر أو أحد المراكز الحكومية تحت مظلة التأمين الصحي لأقوم بمراجعتها ومتابعة علاجي بها لأنني جديد في قطر ولا أريد أن أعيد مراجعة دكتور يكلفني نفسيا وماديا ما لا قبل لي به يقول لي بعد أشهر :أذهب إلى البيت لا تشكو من شيء؟- وقد حصل
معي هذا أكثر من مرّة, بينما أحس بنار القلق والاكتئاب تكوي قلبي وتحرمني بهجة الحياة وتسلبني البسمة والنوم وتحيل حياتي جحيما حقيقيا معظم الأوقات، فلا أستطيع التعامل مع أصدقائي والمجتمع من حولي بصورة طبيعية بسبب القلق والاكتئاب، والتوتر الدائم والذي يحرمني من الحكم الصحيح على مجريات الحياة اليومية وأخيرا عدم تمكنني من النوم براحة ليلة واحدة بسبب الأفكار والتخيلات الوهمية والتي تموج موجا في رأسي هذا بالإضافة إلى التفكير بالانتحار الدائم والذي أدفعه دائما وأعوذ بالله منه وأحاول التخلص منه بلا فائدة حتى تحول إلى فكرة وسواسية تسلطية أخشى منها في لحظة ضعف؟
كما وأشكركم فقد استفدت من الروابط التالية ووجدتها تنطبق على حالتي إلى حد بعيد
الاكتئاب المتلصص والفشل المظلوم
نوبات الهلع.. وخلطة القلق والاكتئاب
القلق المزمن والبحث عن الطمأنينة
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب
عسر المزاج والاكتئاب
أشكركم على وقتكم وأسأل الله تعالى أن يجعل عملكم الصالح في ميزان أعمالكم يوم القيامة
وشكرا مرة أخرى
20/2/2019
رد المستشار
الأخ العزيز أهلاً وسهلاً بك ونشكرك على ثقتك بموقعنا مجانين، الحقيقة أن إفادتك في هذه المتابعة، أكثر إحباطا لنا من إفادتك الأولى، وما نحسه هو أنك لم تستوعب ما قلناه في الرد الأول عليك فقد قلنا بالحرف الواحد ما يلي: (فليس هناك اكتئابٌ عضوي فقط، واكتئابٌ نفسي فقط، لأن فصل هذين الأمرين مستحيل على المستوى العملي، وما نراه في أغلب الأحوال هو تفاعلٌ بين كل هذه العوامل مجتمعة، فهناك التهيئة البنيوية في تركيب المخ وكيميائه وهناك التهيئة النفسية في ظروف النشأة والتربية وما يعرض للمرء من أحداث في حياته وكيف يفسرها وكيف يتعامل معها) فكيف بعد ما قرأت هذا تقول أنك قررت وقف العلاج نهائيا لأنه لا فائدة منه ؟
اسمع يا أخي العزيز، إن وجود اكتئاب مزمن بهذا الشكل يعني حاجةً ماسةً لعلاج معرفي إضافة إلى العلاج المادي للاكتئاب، والعلاج المعرفي يقوم به متخصصون فيه، ولا أدري كيف يستطيع المحلل النفسي الذي درس وتخصص في نظرية سيجموند فرويد ومن تبعه أو خرج عليه (من أوسط عباءته إلى كمها مثلا!) من التحليليين وهم من يسمونهم بالفرويديين الجدد، لست أدري كيف يستطيع محللٌ نفسي القيام بعلاج معرفي، في حين أن العلاج المعرفي هو تطورٌ للنظرية السلوكية التي تنطلق من معطيات مختلفة تماما مع تلك التي ينطلق منها التحليليون، فمثلا يعنى التحليليون بما كان أثناء الطفولة، ويعتمدون في فهم مريضهم ومعالجته على ما كان أساسا، بينما يعنى السلوكيُّون والمعرفيون بهنا والآن أي ماذا تفعل الآن وكيف تفكر ولماذا، ولا يحتاجون لذكريات الطفولة إلا عندما تقتضي الضرورة ، المهم أن محللك النفسي ربما كان قد طور نفسه بشكل أو بآخر، لكنه على ما يبدو لم يكن موفقا معك لسبب أو لآخر.
إذن قرارك بإيقاف العلاج هو قرار غير صائب، بل إن في إفادتك ما يستدعي ما هو أسرع وأمضى في علاج الاكتئاب كما تستطيع أن تفهم من إحالاتنا التالية على مجانين :
الحواجز المانعة للشفاء من الاكتئاب
هل مضادات الاكتئاب عقاقير فعالة؟
متى يعالج الاكتئاب بالصدمات الكهربية
نعم يا أخي العزيز فوجود أفكار تسلطية انتحارية هو أمرٌ لا يجب السكوت عليه، وكلماتك واضحة جدا في بيان مدى خطورة ذلك حين تقول : (هذا بالإضافة إلى التفكير بالانتحار الدائم والذي أدفعه دائما وأعوذ بالله منه وأحاول التخلص منه بلا فائدة حتى تحول إلى فكرة وسواسية تسلطية أخشي منها في لحظة ضعف ؟)
وأما تصحيح مفاهيمك فيما يتعلق بالعلاج بالصدمات الكهربية فيمكنك فيه الرجوع إلى الرابط التالي :
العلاج بالصدمات الكهربية إنما يدمر المخ
كما نرى أهمية كبيرة لك في مطالعة الردين السابقين على صفحة الاستشارات تحت عنوان :
متى يكونُ الطبيب النفسي بلا فائدة
المكافحة الشخصية للاكتئاب كثيرا ما تخدع !
باختصار شديد أقول لك : أولا : وجود أفكار وتخيلات انتحارية في مريض مكتئب يجعل اللجوء إلى العلاج بالصدمات الكهربية أمرا لا مفر منه
ثانيا : وجود اكتئاب مزمن لفترة طويلة مع عدم الاستجابة للعقاقير الدوائية ومحاولات العلاج النفسي يجعل اللجوء للعلاج الكهربي أيضًا هو أفضل الخيارات المتاحة
ثالثا : وجود الاكتئاب مختلطا مع القلق وكلاهما مزمن يجعل الحاجة لاستخدام كل أسلحة الطب النفسي لازمة، وليس معنى أننا سنضطر إلى استخدام العلاج الكهربي أن العلاج سينتهي بهذا الشكل، لأن دور العلاج الكهربي هنا هو تسريع الاستجابة العلاجية من أجل القضاء على الرغبة في الانتحار، إضافة إلى تحسين الاستجابة للعقار الذي لا يجب أن توقفه، وكل ذلك يجب أن يتم في إطار برنامج علاج متكامل يشمل العلاج المعرفي أيضًا.
أعرف أنني قد قسوت عليك في كلماتي، وأؤكد لك أن المبررات التي قدمتها لإيقاف العلاج هي مبررات واهية، لأن ترك العلاج وما قد ينجم عنه أسوأ بالتأكيد من نظرة الناس لك على أنك مريض نفسي، وأزيد قسوة عليك حين أقول لك أن مسألة أن المريض النفسي يختار المرض، ليست مسألة بالسطحية التي تظنها، بل إن هناك من كبار المعالجين النفسيين من يصلون إلى تلك النتيجة، أي أن المرض (خاصة النفسي) اختيارٌ يختاره المريض للتأقلم مع واقع أسوأ من المرض، (وهو اختيار غير واع طبعا) هذه واحدة من النظريات، فكفاك إلقاء للَّوم على الآخرين، وقل كما قال سيد الخلق عليه الصلاة والسلام "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتذكر قول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) صدق الله العظيم (الزمر:53)
وأما أن أدلك على طبيب معين في قطر، فإن مستشفى حمد فيها جهابذة منهم د. محمد عبد العليم ومنهم د. مأمون المبيض، وأعتقد أنك إذا سألت ستجد من يدلك على أيهما، وفقك الله وتابعنا بأخبارك.