السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا سيدة متزوجة منذ 3 سنوات ومشكلتي أنا وزوجي أن الله لم يرزقنا بالأطفال حتى الآن، وقد ذهبنا لأكثر من طبيب وأجرينا كل الفحوصات المطلوبة، وكل الأطباء يقولون لنا إنهم لا يعرفون ما السبب وراء عدم حدوث حمل حتى الآن.
ويقومون بإعطائي هرمونات منشطة للحمل وأنتم تعلمون ما لها من آثار جانبية فظيعة، فزاد وزني كثيرا وأصبت بحالة من الكآبة المستمرة، فأشعر بانقباض في صدري بالإضافة إلى كلام الناس وسؤالهم لنا عن موضوع الأطفال وعدم الإنجاب وهو موضوع حساس.
وأصبحت أكره أن أتحدث في هذا الموضوع مع أحد خاصة أهل زوجي وهو يقوم بتهدئتي ويقول لي أن الموضوع ليس نهاية الدنيا وأنه رزق من عند الله، وأنا يا سيدي والله لا أعترض على قضاء الله والحمد لله على كل حال ولكنني أشعر بأنني ناقصة شئ في حياتي، وأتمنى أن يكون لي طفل صغير وأدعو الله أن يرزقني الأطفال فعندما أرى طفلا مع أمه وأبيه أتمنى من الله أن يرزقني أنا وزوجي
ونتيجة لهذه المشاعر المتضاربة أصبت بحالة من الاكتئاب وسرعة في ضربات القلب وقلق ووصف لي الطبيب مهدئا ومضادا للاكتئاب ولكني مازلت أشعر بنفس الأعراض أشعر أن عمري يجري وأن اليوم مثل الغد ولا رغبة لي في الذهاب لعملي ولا حتى الخروج من المنزل أصلا وأفكر كثيرا في الموت والقبر وأصبحت سريعة الغضب، وأشعر وكأن الدم سينفجر من مخي ولا أستطيع السيطرة على مشاعري وتغلبني دموعي في الكثير من المواقف
فهل هناك دواء معين تنصحني به قد يساعدني على تجاوز هذه المرحلة من حياتي وكيف يمكن لي تقبل حقيقة أنني قد لا يكون عندي طفل في يوم من الأيام؟
جزاكم الله خيرا عنا إن شاء الله وجعله في ميزان حسناتكم.
09/10/2004
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا على حسن دعائك لنا ولك مثله إن شاء الله.
تسألين عن دواء يذهب كربك, ويحقق حاجتك, ويعينك على أمرك وطبعا ما خلق الله داء إلا خلق له الدواء ودواؤك يا أختي الانطراح على باب الكريم الرزاق صاحب الأمر من قبل ومن بعد, ألحي في الدعاء وتخيري أوقات الإجابة وأسباب الإجابة, تقربي لله بالطاعات, واحرصي ألا ينظر لجمع إلا تكوني معهم, وأنا لا آتي بجديد فأنت بدأت رسالتك بقولك" الله لم يرزقنا" وإذا عرفنا من يملك حاجتنا في الدنيا كيف يكون عملنا؟ إلا ننطلق للوصول إليه وهذا أول ما ينبغي لك فعله, استغلي فراغك بالتقرب إلى الله سبحانه بالفروض والنوافل والدعاء والصدقات ونفذي تصورك لكلمة الانطراح على بابه, لا تتركيه أبدا عسى الله أن يمن عليك بحاجتك في الدنيا والآخرة, وهذا هو الحل العملي والأكيد لمشكلتك والتي عانى منها غيرك ثم نسوها بعدما غمرهم كرم رب العالمين.
تزوجت من ثلاث سنوات وهي فترة ليست بالطويلة فما لي أراك شديدة اليأس من فرج ورحمة رب العالمين؟ وأنا أعرف كيف يتحول كلام الناس إلى خناجر تجعل الدقيقة كأنها عام ولكن السبب في ذلك هو الانتباه لهذا الكلام, فما رأيك بأن ننشغل بما ينفعنا ولا نلتفت لكل كلمة؟؟
لم يسرد لنا التاريخ عن فترة انشغال الناس بأنفسهم عن غيرهم إلا عن المسلمين الذي جاء الدين ليعلمهم أن المسلم من سلم الناس شر يده ولسانه, وهذه إشارة ضمنية أن الناس لا تفعل هذا في العادة, فلا حل معهم إلا تجاهلهم, اهتمامك بما يقولون هو السبب في ألمك وليس ما يقولون, إذن تجاهليهم وعيشي في رحاب الله ومع كرمه عليك.
سبب معاناتك الحقيقية فكرة غير منطقية أو لا عقلانية تقول لك بأن لا سبيل لسعادتك ولا معنى لحياتك إلا بإنجابك, وهذا غير صحيح, ولذا يجب أن تغيري طريقة تفكيرك كي تسعدي فعقلك هو مصدر الرضي والغضب, والدليل على هذا عدم انتفاعك بما كتبه لك الطبيب من مهدئات فهي وان قللت انفعالاتك ولكنها لن تجلب لك السعادة ولا الراحة, وكل ما تصفينه من مظاهر هي أعراض للاكتئاب ولكنه ما يعرف بالاكتئاب المعرفي والذي ينتج عن إتباع طريقة غير صحيحة في التفكير والتخلص منه لا يتحقق إلا بتعديل هذه الأفكار.
تعيشين لتحقيق هدف واحد وهو الإنجاب وهو هدف كما تعلمين ويقر الأطباء بأنه ليس بيدك, فما العمل؟؟ ما فائدة تضييع باقي الحياة إذا لم يتحقق هذا الهدف؟؟ ليس صحيحا أن ينطلق الإنسان في حياته لتحقيق هدف محدود فعدم تحقيقه وحتى تحقيقه يترك الإنسان في حالة من الضياع والفراغ تسمى فقدان الهدف, وانظري حولك لمن أنجب: إنه مشغول بألف قضية وفي آخرها يأتي أولاده, انظري كيف يتحدث الأهل عن مسئوليات أولادهم وأنها عبء, اسمعي لوالد مراهق يتمنى لو لم ينجبه كي تتذكري بأن ليس الإنجاب سبب السعادة ولا معيار النجاح في الحياة, وتذكري قول عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) صدق الله العظيم (التغابن:14)، وستردين ولكنه من قال: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.......) صدق الله العظيم، (الكهف:أول الآية 46)، وأرد عليك أنظري قال زينة ولم يقل أساس وما ضرنا لو عشنا بدون زينة!!!.
وأقول أكملي القراءة لتصلي إلى(........ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ) صدق الله العظيم، (الكهف: من الآية 46)
فما رأيك هل من المنطق أن نبدل ما هو باقي عند الله بقليل من الزينة. أختي في الله ليس إنجابك أو عدمه هو سبب معاناتك ولكن الأهمية التي تعطينها للموضوع هي السبب فانظري.
أوقفي ما تتناولينه من منشطات إذا لم تكن ضرورية واستشيري من يخاف الله من الأطباء في قرارك هذا, فهذه المنشطات لها أضرار جانبية طويلة المدى, بالإضافة لما لها بالفعل من أثر على تقلب مزاجك, واشغلي وقتك بما لا يترك لك مساحة للتفكير بأمور قد تكون أو لا تكون, ولا تجمدي مشاعر الحنان والعطاء في داخلك بل ابذليها لكل الأطفال من حولك من أقارب وجيران ومحتاجين في دور الأيتام وحتى على قارعة الطريق, لعل الله يكرمك بإحسانك إليهم, وانشغال الإنسان بنفسه فقط يقتل طاقاته.
جددي حياتك وابحثي عن أهداف قديمة وأحلام لم تجدي وقت في الماضي لتحقيقها, واحمدي الله على نعمة الزوج الصالح الذي أعطاك إياه والذي يعينك على أمرك, فلا نضيع ما معنا بالفعل للوصول إلى ما قد نصل أو لا نصل إليه.
تقولين كيف تتقبلين فكرة احتمالية عدم إنجابك في يوم من الأيام, والسبيل إلى ذلك التفكر في الهدف من خلقك أنت في الأساس, ألم يقل رب العالمين: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) صدق الله العظيم، (الذريات:56)، إذن انشغلي بتحقيق الهدف من خلقك كي لا يضيع وجودك سدى, وألم يقل رب العاليمن أنه جعل الإنسان خليفة في الأرض؟؟ ودور من ضمن أدوارنا هو المحافظة على الاستمرارية ولكنه ليس كل الأدوار ولا أهمها, وإذا فاتك تحقيق شيء يعوضه غيرك، انصرفي إلى تحقيق شيء في الحياة لا يستطيعه غيرك, كوني منارة يهتدي بها الناس, كوني ملاذا لكل وحيد وضعيف, تميزي ولا تضيعي حياتك, ويأتي الرزق متى شاء الله إن شاء الله, قد أكون تأخرت في الرد عليك ولكن يعلم الله أني ذكرتك كثيرا في دعائي أسأل الله أن ينفعني وإياك به, كما أسأل من يقرأ كلماتنا أن يدعو لك ولجميع المسلمين بأن لا يفتتنا الله ولا يجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا. تواصلي معنا يا أختي فلست وحدك.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخت العزيزة السائلة أهلا وسهلا بك على مجانين، وشكرا جزيلا على ثقتك، كما أرجو أن تتقبلي اعتذاري عن مجانين، كلها لتأخرنا في الرد عليك، ليس لدي بعد ما تفضلت به مجيبتك الدكتورة حنان طقش، غير الإشارة إلى دعاءٍ من القرآن الكريم أرشدني إلى نصحك به الأستاذ يحي صلاح سكرتير الموقع من سورة نوح، إذ يقول رب العزة على لسان نوح عليه السلام : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) صدق الله العظيم (نوح 10-12)، كما أشير عليك بحاجتك إلى معاينة وربما علاج من طبيب نفسي لأن كثيرا من أعراض الاكتئاب والقلق الجسدية تبدو في كلماتك، لا سيما وأن ثلاث سنواتٍ من الزواج دون حدوث حمل ليست أمدا بعيدا ولا رقما قياسيا لتكتئبي وتتساءلي عن قيمة الحياة بهذا الشكل، ما يزال باب الأمل مفتوحا يا أختي على مستوى البشر، فما بالك بباب الأمل في الله، أعتذر لك مرةً أخرى عن التأخير وفي انتظار تطورات طيبة وأنباء سارة.