كثرة القلق والتفكير وجلد الذات
السلام عليكم هذه أول مرة أشارك في الموقع وآمل أن أجد فيه ضالتي يا دكتوري العزيز أعتقد أن مشكلتي تكمن في كثرة القلق والتفكير والجلد المبالغ للذات وهذا مرهق جداً لي بدأت ألاحظ على نفسي أني أشعر بالهلع الشديد عندما يحدث شيء في البيت ولا أريد أن أطيل عليك فمنذ وعيت على الدنيا وبيتنا يعاني من مشاكل من كل الأنواع في صغري كانت مشاكل الوالدين بسبب خيانات أبي وبعدها مشاكل إخوتي الذكور المالية والحياتية والزوجية التي أنهكت عاتقنا بسبب عدم مسؤوليتهم
وكان هذا الشيء يشعرني بالحزن الشديد على والديّ خصوصاً أمي لكونها تتحمل ماهو فوق طاقتها أعتقد أني لا أعاني مشكلة شخصية مع أهلي لكني لا أشعر بالسعادة وسطهم لكني أتحمل وأكابر من أجل أمي أحب أن أعطيك نظرة بسيطة عن حياتي الشخصية أنا فأنا صيدلانية وأعمل حالياً في مشفى خاص لدي اهتمامات جميلة أستمتع بها كالقراءة والاطلاع والحياكة وقت الفراغ ولدي اهتمامات كثيرة في الروحانيات والتأمل وتنمية النفس وأجدها أثمرت معي جدا لم أصل للمثالية ولكن أفضل من قبل بكثير ولكن بمجرد أن تحصل مشكلة عائلية أصاب بإحباط ويأس شديدين
ربما مشاكلي الشخصية أستطيع التعامل معها ومواجهتها وهذا ما أقصد أن اهتمامي بتنمية الذات أثمر معي لكن لا أعرف لماذا عندما يحصل شيء في المنزل أصاب بالنكد والقلق والخوف والهلع ويستمر معي هذا الإحساس لأيام ربما عندما يسمعني أحد ما يقول أنت مبالغة وسأذكر مثال لحادثة حصلت منذ سنة ومازالت تؤثر بي حتى الآن فمنذ سنة كانت أختي التي تكبرني مباشرة ومتزوجة ولديها طفل تخبرني بأن زميلها بالعمل يتودد لها فحذرتها منه ولم تستمع لي وعرف زوجها بالأمر بطريقة ما وانتقلت المشكلة لبيتنا هذه القصة أصابتني بحزن وجزع رهيبين بل قمت بلوم نفسي بأني لم أتصرف معها بما هو أكثر من التنبيه قبل أن تحدث المشكلة لا أدري لماذا أنشغل بأحزان غيري أكثر من نفسي وأشعر بالهلع من قصص الخيانة والعادات والتقاليد والعيب إلخ إلخ توترني جدا مثل هذه الأمور وتزعجني ومنزلنا لا يتعامل بأريحية وعقل مع أي شيء وهذا أعتقد مصدر خوفي الدائم
أختي استمرت حياتها الزوجية لكن ليس كالسابق ولا أدري لماذا موضوعها يؤلمني وكأنه يخصني شخصياً وبالأمس شعرت بضيقة شديدة عندما عرف أخي الأصغر بالصدفة بقصة أختي فرجع لي الخوف والقلق والشعور الضائق قلت لنفسي متى سننتهي من هذا الأمر لماذا مازال يلاحقنا؟ لماذا أختي لم تستمع لي ووفرت عن نفسها وعننا كل هذا العناء النفسي؟ ومنذ أيام انتقلنا لمنزل جديد والسبب هو البعد عن مشاكل إخوتي الشباب وأذيتهم فنحن نتعرض لعنف لفظي وجسدي لم يعد يحتمل مما جعل أمي تقرر بالخروج من المنزل كنت سعيدة اليوم الأول بهذا القرار لكن لا أدري لماذا أنا محبطة جدا الآن.. مرة إحدى صديقاتي أخبرتني أن هذا الشعور المستمر بالخوف والهلق والضيقة هو ضعف إيمان بالله فأحزنني كلامها وشعرت فعلا أن علاقتي بالله يجب أن تكون أقوى وأجدني فعلا صرت أقرب من الله بقلبي ولكن في نفس الوقت أجد قلبي ضعيف ولا يتحمل أي شيء وسريع الانهيار والتفكير والقلق وجلد الذات أنهكني..
لماذا ألوم نفسي بسبب أخطاء الآخرين؟ بصراحة تعبت من التفكير والقلق وعدم إمكانية توصلي لسلام داخلي مريح أتمنى لو باستطاعتي رمي عقلي أعتذر عن طول رسالتي ولكن أريد حلاً لجزعي وخوفي وكثرة القلق والتفكير والمزاجية الحادة التي تصيبني ولا أستطيع التحكم بها
كيف لي أن أتعامل مع كل شيء وأكون قوية وسليمة من الداخل..
تحياتي
26/5/2019
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بك معنا، لم أشعر أنك أطلت عزيزتي ولكن إياك أن تتخلصي من عقلك فهو من أجل النعم وتأتي بعده القدرة أو الإرادة.
لنبدأ بتصحيح الأفكار غير المنطقية، شعورك بالحزن والهم طبيعي عند العيش وسط مشكلات متعددة لا تملكين زمامها، تنعكس عليك آثارها السلبية بدرجة ما نتيجة التفكير الجمعي المنتشر في ثقافتنا، فأنت قلقة من سلوك شقيقتك لأن من المتوقع أن يقال جميع فتيات هذه الأسرة كذا وكذا وسلوكها قد يدفع إخوتك للتضييق عليك دون ذنب، لست هلعة بلا سبب.
جزى الله صديقتك عنك خير الجزاء بنصحك بالتقرب من الله فهو ملجأنا جميعا ولكن الحزن والقلق ليس دليل ضعف إيمان بل هو أمر نثاب عليه كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام بأن المؤمن ما أصابه من هم ولا حزن ولا حتى الشوكة يشاكها إلا كان له أجر عليها. احمدي الله أن نصيبك من الهموم والمشكلات هو مشاهدتها فقط دون أن تكوني طرفا بها.
توقفي عن لوم نفسك على مشكلة شقيقتك فهي مسؤولة عن نفسها وسلوكها بحكم أنها أكثر منك خبرة بطبائع الرجال. لا تظني نفسك مسؤولة عن سعادة أحد سوى نفسك ولا حتى والدتك جزيت خيرا على برها، نعم للتعاطف مع المتألمين لكن لا للشعور بالمسؤولية عن معاناتهم، كل إنسان مسؤول عن نفسه.
شعورك بالتوتر قائم على تركيزك على الخبرات السيئة في أسرتك، أعيدي توجيه تفكيرك للناحية الإيجابية، فمثلا رغم جميع ما مروا به ما زالت الحياة مستمرة، فهم يعيشون حياتهم وفق أهوائهم وأنت تقلقين عليهم.
ركزي على نعم الله عليك مثل عقلك، وعملك، وهواياتك. تذكري أن القلق لا يحل المشكلات ولا يمنع حدوثها إلا من باب حساب تبعات سلوكك الشخصي، فهل قلقك على أسرتك يسر أمورهم أم أزعجك.
واعلمي أن المشكلات باختلاف أنواعها جزء من الحياة لا يمكن تجنبها جميعها ولكن ينبغي الانشغال في إيجاد الحلول المناسبة لها، لاحظي قلت المناسبة وليس الأفضل فليس الأفضل متاحا دائما والأفضل يختلف من شخص لآخر.
ويتبع >>>>>: أبي صعب المراس م