مشكلة متداخلة
السلام عليكم، عنوان المشكلة أتركه لكم لأنها متشابكة ولا أعرف كيف أصفها في عنوان وسأحكي المواقف منذ الطفولة وأنتم تحللونها حسب خبرتكم وأنا حقيقة لا أبحث عن حلول لأني كبرت والزمن لا يرجع ولكن اعتبروها كنصيحة للأسر والناس وحالة تأخذون منها العبر.
مشكلتي الأولى وهي الخوف بدأت في سن ست سنوات تقريبا، أتذكر أني كنت مشاغبا لا أخاف وألعب مثل كل الأطفال إلى أن حصل لي موقف جعلني مرعوبا كنت أمشي لوحدي في وقت قيلولة والطرقات خالية وذهبت قريبا من الملعب الرياضي ولمحت شابا ينظر إلي فناداني وقال لي هل تريد الدخول للملعب ولأني طفل قبلت ثم أخذني لمرحاض الملعب وقال لي هل تريد التبول وأنا قلت نعم
ولا أتذكر سوى أن بنطلوني نزل والشاب يمسكني فبدأت أتخبط وأصرخ برعب شديد فتركني وهربت بأقصى سرعة ولم يفعل لي شيئا لكن قلبي كان يخفق بقوة وأنا أرتجف حتى اقتربت من البيت فوجدت أبي وكتمت الحادثة وخوفي ومن يومها صرت لا أذهب بعيدا وأخاف كثيرا وأرتعب لما ينظر إلي شخص أكبر مني فأحس أنه يريد مني شيئا سيئا مع أني لا أفهم ماذا يريد.
الموقف الثاني كنت ألعب مع ابن جيراننا وأخته وهي أكبر مني بسنة أو سنتين ولم أكن أعرف شيئا عن الجنس أو حتى كلام السوء وفجأة ذهبت البنت وجلست تتبول أمامنا وأنا لم أعرها اهتماما وواصلت اللعب وأعتقد أن أحد أولاد الجيران رآها وفوجئت بعدها بأولاد الجيران يلمزونني بالبنت ويحرجونني وأنا لا أفهم شيئا فقط أحسست أنه شيء خطير وسيء وصرت أخاف من هكذا مواقف وأصبحت لدي عقدة من الجلوس أو الوقوف مع بنت من هذه اللحظة وكان عمري تقريبا 7 سنوات.
في سن 9 سنوات كانت تأتيني رغبة شديدة في تقبيل زميلة لي رغم جهلي التام بأمور الجنس فقط أرغب في تقبيل خدها بقوة وللآن لا أفهم السبب وهذا أذكره لأنه شيء مهم أثر على حياتي مستقبلا.
واصلت دراستي وحياتي بنفس الرعب والتخوف من البنات وكنت حريصا تماما على عدم إبداء الاهتمام بأية بنت حتى لو أعجبتني وفي سن 15 بدأت ممارسة العادة السرية بدون قذف وكنت ألعب مع بنات خالتي منذ الصغر لعبا عاديا ولم أنظر لهن يوما أية نظرة خاطئة حتى بعد بلوغي
وفي سن 17 سنة كنا في عرس وبنت خالتي أصغر مني بأربع سنوات وملامح الأنوثة واضحة فيها لكن لم أنظر لها بأية نظرة تتعلق بالجنس وذات مرة كنا نائمين جميعا وهي بجانبي ونتفرج وفجأة انقلبت نحوي وانفتح قميصها عن صدرها كاملا وتركته هكذا لفترة رأيته لكن حرصت إلا أن أدير وجهي وحينها تغيرت نظرتي لها وكانت أول مرة في حياتي أرى صدر بنت فأصبحت بعدها أتابعها وأتحرى النظر لصدرها وأمارس العادة السرية لكن لم ألمسها وبسبب هذا الموقف أصبحت أشتهي البنات في سنها وأصغر منها لكن بدون أن ألمس فقط تخيل
نسيت أن أذكر أيضا أني سقطت على ظهري في سن 15 سنة مما تسبب لي في انزلاق غضروفي لكن لم أعرف هذا كنت فقط أحس بألم وأسرتي لا يعرفون مثل هذه الأمور وتغيرت مشيتي بسبب الانزلاق وأصبح الألم ملازما لي في كامل ساقي اليسرى وبسبب نحافتي تطور الأمر حتى أصبحت أفقد التوازن وأصبح أبناء الجيران يضحكون علي وأهلي
وبسببهم أصبحت انطوائيا ملازما للبيت ولا أخرج إلا قليلا حتى لا أرى ولا أسمع السخرية وكنت أجهل تماما لماذا يحدث هذا لي ثم أصبحت أمي تعايرني أني امرأة لأني لا أخرج وأخي الصغير كان يقلدها فكنت أختبئ وأبكي إذا خرجت أعاني وإذا بقيت في البيت أعاني
ومرة في الثانوية - وهذه هي اللحظة التي غيرت حياتي تماما- قال لي زميل كان يكرهني بلا سبب ويتحرى احراجي: مالك تمشي كالمعوق فكأنه صدمني بحقيقة أريد إخفاءها ولما قالها بدأت أحس بالاختلاف وكنت أمشي وأميل لجهة اليسار كأني أسقط ولا أعرف ماذا يحصل فحاولت تعديل مشيتي وكنت كل مرة أحاول والناس يضحكون لأن شيئا غريبا يحصل معي وصدقوني أني بسبب هذا نسيت المشي الصحيح ولازمني الأمر في الجامعة وبعدها وكنت أسمع الكلام الموجع وأبكي في الخفاء وأحاول قدر المستطاع ألا أظهر حزني وخوفي وضعفي ولكني أفشل
وكان بعض الزملاء يتعمدون إحراجي فيتكلمون عن مشيتي حتى أحس أني سأسقط على الأرض وأحس الدم صعد لرأسي وكأن العالم حولي معتم مثل الذي سيصاب بإغماء وأمسك نفسي وأصبر وأسكت
وكنت أواصل العادة السرية لأني لما أحزن بشدة أرتاح بها وبقيت أيضا محروما من الحب والارتباط فكنت أتذكر البنت التي حاولت تقبيل خدها وأتذكر بنت خالتي فيحصل في قلبي الحنين وصرت أحب تأمل البنات فوق 10 سنوات وأتمنى لو أفعل شيئا لكني مع الوقت حاربت هذا الشعور رغم أنه تحصل عندي استثارة ونظر متواصل لكني أصبر ولا أفعل شيئا
أتمنى الزواج كأي شاب لكن لما أتذكر حالتي وخوفي كيف سأكون أبا وزوجا وأنا ضعيف الشخصية وفاشل ومعرض للسخرية
أتذكر موقفا رأيت رجلا أعرج يمشي أمام زوجته وابنته وابنته بالغة نظرت إليه ثم تبسمت بطريقة كأنها تسخر من أبيها فتخيلت نفسي مكانه
حاولت العلاج لكن ضيعت مالي وقال لي الأطباء أن حالتي لا تستدعي عملية إلا طبيب واحد قال لي لديك مشكلة لم يروها ولابد من استئصال الغضروف والفقرة وتركيب بديل عنها وفترة العلاج والنقاهة تحتاج لأكثر من سنتين لا يمكنك المشي ولا حمل شيء ولا حتى السجود فرفضت ورضيت بحالي هكذا لأني لا أستطيع تضييع سنين عمري أكثر على شيء لا أضمن نجاحه.
ذكرت فقط الأشياء المهمة حتى أعطيكم ملخصا ولم أذكر كل شيء وأتمنى من الأسر ألا يسخروا من أولادهم وأن يهتموا بهم ويفتحوا لهم قلوبهم ويعلموهم الصراحة وإخبارهم عن أي شيء أخافهم وأن يهتموا بهم لما يرون تغييرا فيهم بسبب مرض مجهول ولا يلوموا الطفل وكأنه هو السبب
أنا ليس لي ذنب أني سقطت على ظهري فحصل انزياح في الغضاريف وسبب اعوجاجا في العمود الفقري وعظم الحوض وأثرت على مشيتي فلماذا يسخر الناس مني؟
لماذا واصلوا سخريتهم حتى زادت حالتي سوءا وتغير جسمي وأصبحت سخرية أكثر من قبل؟ لماذا لا يترك الناس بعضهم في حالهم؟ كل الناس سخروا مني بلا استثناء إما بتصريح مباشر أو بشكل غير مباشر او بالابتسام أو النظر وكلها إشارات أفهمها وأحسها
لو نشأت أعرج كنت سأتقبل حالتي ويتقبلها الناس لكن حصول شيء مفاجئ في سن المراهقة قلب حياتي كلها رأسا على عقب، أتمنى أن تنصحوا الآباء أن يهتموا بأولادهم وكل ما حصل معي بسبب الناس والأهل والزملاء ولا أستطيع حتى الزواج بسبب ما أعانيه
شهوتي كانت بسبب انطوائي وانطوائي بسبب السخرية وأحيانا أسامحهم وأحيانا لا أسامحهم على ما أنا فيه من حزن ومعاناة
أيها الآباء
اهتموا بأولادكم أرجوكم
5/6/2019
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله. وأهلا بك على موقع مجانين وأعتذر عن التأخير في الرد على رسالتك.
قد آسفني ما قلتَ (بمعناها القديم والمتداول الآن: أغضبني وأحزنني) خصوصا تلك السطور الأخيرة (فلماذا يسخر الناس مني؟....
لماذا واصلوا سخريتهم حتى زادت حالتي سوءا وتغير جسمي وأصبحت سخرية أكثر من قبل؟ لماذا لا يترك الناس بعضهم في حالهم؟ أتمنى أن تنصحوا الآباء أن يهتموا بأولادهم وكل ما حصل معي بسبب الناس والأهل والزملاء ولا أستطيع حتى الزواج بسبب ما أعانيه
شهوتي كانت بسبب انطوائي وانطوائي بسبب السخرية وأحيانا أسامحهم وأحيانا لا أسامحهم على ما أنا فيه من حزن ومعاناة، أيها الآباء اهتموا بأولادكم أرجوكم)
نعم لو فعل الآباء مجهودات أكبر لكان حالك أفضل، لكنهم هم أيضا (كما أنتَ الآن) يخضعون لظروف ووعي وثقافة مجتمعية تضعهم في ركن معيّن لا يكادون يتزحزحون عنه، فلا يُلام الآباء كل حين، لكنهم لا يُبرّؤون أيضا كلّ حين! فما فعلتُه أمّك هنا (ثم أصبحت أمي تعيرني أني امرأة لأني لا أخرج وأخي الصغير كان يقلدها) كارثة وظلم وتدمير لنفسيتك، معتقدة أنّها لو سخرتْ منك لرفعت معنوياتك وأعطتك العزم لتتغير! مساكين نحن لا نزال نرتع في الجهل والظلمات.
وللمجتمع نصيب كبير جدا من هذه المعاناة، التنمر والسخرية دليل على أخلاق دنيئة وتربية فاسدة، وعقد نفسية متراكمة، فالساخر يصنع ثقته بالسخرية من الناس حتى يشعر أنه أعلى منهم، طريقة ألفها في أسرته في مجتمعه.. والكل ينهش في الآخر حتى يعيش!
لكن المهم الآن هو وضعك، ما حصل لك كان سيحصل لأي أحد ويستمر في حياته، إلا أنّ سماتَك الانطوائية وخوفك الاجتماعيّ وغياب التواصل والأمان العاطفي والتقبل في بيتك وأسرتك والتوجيه والاحتواء (بتقبل أخطائك وسماع مشاعرك) فهذا يخفف الكثير، وقد يخبرك أبوك أو أمك بتجاربه الحياتية وقصصه مع التنمّر واحتقار المجتمع، ويكون هذا كافيا لإعادة الثقة لك..
طبعا لا يمكن فصل حالتك النفسية عن حالتك الجسدية (ما حصل لك بسبب الانزلاق الغضروفي الذي لم يعالج مع الأسف) فهذه الحالات يجب أن تتابع نفسيا حتى لا يتدمّر أصحابها بسببها. هذا قد فات
الآن ينبغي أن تتعلم طرقا وأساليب جديدة للتعامل مع الحياة ومع نفسك (ولن تستطيع ذلك إلا بمساعدة مختص!) ما حصل لك أن ضخمت بعض التجارب الحياتية وجعلتها مبررا ولو بشكل غير واع لمشاكلك.. خوفك وثقتك المنخفضة وصورتك الذاتية هي ما تجعلك خائفا من العلاقات الاجتماعية عموما والعلاقات مع النساء خصوصا... تمركُزك حول مشيتك وشكلك أدى إلى تفسير كل حركة أو ابتسامة من الناس على أنّها سخرية منك (كل الناس سخروا مني بلا استثناء إما بتصريح مباشر أو بشكل غير مباشر أو بالابتسام أو النظر وكلها إشارات أفهمها وأحسها) وحتى موقف كهذا (أتذكر موقفا رأيت رجلا أعرج يمشي أمام زوجته وابنته وابنته بالغة نظرت إليه ثم تبسمت بطريقة كأنها تسخر من أبيها فتخيلت نفسي مكانه) فسرته على أنها سخرية، السخرية صارت كابوسك اليومي الذي يسكن أركانك وعقلك، بنت تسخر من أبيها الأعرج شيء مستبعد جدا، لا لأن ذلك مستحيل بين أب/أم و ابن/بنت، السبب أبسط من ذلك، لأنه عرفه هكذا وألفه ولن يقع في باله حتى أن يسخر منه... ربما قال كلمة قبلها فضحكت منها، وربما هي ابتسامة حب وارتياح..
لذا احذر من السلبية اتجاه نفسك واتجاه الناس، فهذا لن يضرك إلا أنت، وسيجعلك تنطوي أكثر وأكثر وتضيّع عليك فرص تطوير ذاتك (حتى لو كنت تعاني من إعاقة) وهذا زاد من هشاشتك الاجتماعية والاقتصادية..
لو كنت تستطيع أن تحضر عند مختص (وأعلم أن الحصة باهظة الثمن) لكن ابحث لعلك تجد من يعمل مع جمعية أو صديقا أو coach (على ألا يكون سطحيا ومتفائلا أكثر من الممكن المتاح) حتى يعمل على تطوير ذاتك ويكون (معك) نظرة إيجابية حيوية ويفتح عينك على ما يُمكن أن تفعله.. وانسى تقييم نفسك بالزواج وحب النساء لك... فهذا وإن كان مهما إلا أنه لا يعني لك شيئا في هذه الآونة ! وقد تتفاجأ أنّ عدم بناء علاقة جادة مع امرأة راجع لا إلى إعاقتك كما تتخيل (وطالما تزوج أمثالك من نساء ورجال) بل إلى شخصيتك المتّسمة بالضعف (الذي يرجعُ كثير منه إلى شكلك ومشيتك) وإلى قلة ذات اليد ومكانتك الاجتماعية، هي دائرة خبيثة، تؤدي بك إلى أوّلها، الإعاقة والانطواء يؤدي إلى الفشل وتضييع الفرص، وهذا يؤدي بدوره إلى مزيد من الانطواء والإعاقة (النفسية والجسدية)!
من الضروري جدا أن تعيد اكتشاف نفسك من جديد، اكتشف ما تستطيع أن تُبدع فيه، اصبر على مكاره النفس والمواقف المحرجة، واعتبر نفسك ذا حقّ في الاختلاط في المجتمع والأخذ منه ومن مؤسساته كما يفعل الناس، في السير في الطرقات، زُر الجمعيات لتعلم الرسم على الزجاج والترزّق منه، تعلم شيئا تميل له نفسك وتُبدع فيه، وانسَ كما قلتُ لك نظرة النساء لك فإنها لا تُهم، ما يهم حاليا هي أن تستعيد حبك لذاتك وحبك للحياة وصدقني هذا أكبر من أن تستعيد حب امرأة لك، فما من تعاسة ودمار وسوداوية أكبر من أن تفقد نفسك وتكرهها..
فحاول وأعنّا على نفسك باقتحام المخاطر والصبر على ما ستلقاه، وقل لنفسه لن أختبئ فلم أعد طفلا فأنا على مشارف الأربعين، فإما "ربحة أو ذبحة" كما يُقال عندنا.. والمغامرة والمحاولة تستحق.
وتمنياتي لك بالتوفيق يا صديقي "محمد".